هلال.. المبادرة الملكية الأطلسية مقاربة متبصرة لحشد إمكانات جديدة للتعاون والتنمية المشتركة    نزاع الصحراء المغربية في مرآة البحث التاريخي موضوع كتاب جديد يعزز قضية الوحدة الترابية الوطنية    الأمم المتحدة تتبنى قرارا يدعم طلب العضوية الكاملة لفلسطين    المغرب يعلن حزمة جديدة من مشاريع الترميم والإعمار في المدينة المقدسة    وزارة الحج والعمرة السعودية تعلن عدم السماح بدخول المشاعر المقدسة لغير حاملي بطاقة "نسك"    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    نائب البكوري يعترف بالنصب ويتخلص من علبة أسراره بإسبانيا بتكسير هاتفه الشخصي    المالكي: لا ينبغي التسرع في إصدار الأحكام بشأن إصلاح التعليم    حصيلة "كوفيد-19" خلال أسبوع: 26 إصابة جديدة دون وفيات إضافية    مزور: الاتفاقية مع شركة (أوراكل) تعزز مكانة المغرب باعتباره قطبا للتكنولوجيات الرقمية    البحرية الملكية تعترض مهاجرين سريين جنوب غرب طانطان    شاب ثلاثيني يضع حدا لحياته بضواحي الحسيمة    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بعد أن أفرغت الحكومة 55 اجتماعا تنسيقيا ومحضر الاتفاق الموقع بين الوزارة والنقابات من محتواها    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    الأمن يوقف 5 أشخاص متلبسين بتنفيذ عملية للهجرة السرية بضواحي الجديدة (صور)    نقابة "البيجيدي": آن الأوان لإيقاف التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    العثماني يلتقي إسماعيل هنية في قطر    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا تجاوز 1.3 مليون سائح خلال أبريل الماضي    تنديد حقوقي بالحكم الصادر بحق الحيرش ومطالب بإطلاق سراحه واحترام حرية التعبير        غوتيريش يحذر من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية"    بيع كتب ألفت عبر "تشات جي بي تي"… ظاهرة في "أمازون" تتيح تحقيق أرباح عالية    تأشيرة الخليج الموحدة تدخل حيز التنفيذ مطلع 2025    2900 مظاهرة بالمغرب دعما لفلسطين    الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية تستقبل شبيبة حزب مؤتمر التقدميين النيجيري    قرار جديد من القضاء المصري في قضية اعتداء الشحات على الشيبي    نقابة تنبه لوجود شبهات فساد بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    أخنوش يرد بقوة على تقرير مجلس الشامي: الحكومة تبدع الحلول ولا تكتفي فقط بالتشخيص    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    تصفيات المونديال.. المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 سنة يواجه نظيره الجزائري    أخصائية التغذية ل"رسالة24″… أسباب عديدة يمكن أن تؤدي لتسمم الغذائي    السلة: الوداد في صدام قوي أمام المغرب الفاسي    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب والجزائر ضمن تصفيات مونديال الفتيات    أزْهَر المُعْجم على يَد أبي العزْم!    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    المدرب المخضرم بيليغريني يحسم الجدل حول مستقبل المغربي الزلزولي    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    معرض تلاميذي يحاكي أعمال رواد مغاربة    المعرض الدولي للأركان في دورته الثالثة يفتتح فعالياته وسط موجة غلاء زيته واحتكار المنتوج    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    أيوب الكعبي يواصل تألقه في دوري المؤتمر الأوروبي    ارتفاع أسعار النفط بفضل بيانات صينية قوية وصراع الشرق الأوسط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هل باتت إمدادات القمح بالعالم مهددة؟    تقرير إخباري l أمريكا تُقرر رفع الرسوم الجمركية على واردات "الفوسفاط المغربي" بسبب استفادته من امتيازات حكومية    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العسري: قراءة في "محضر الاتفاق"..أو محضر الاستسلام ورفع نقابات التعليم للراية البيضاء!
نشر في تيزبريس يوم 19 - 01 - 2022

الاتفاق المرحلي بين وزارة التربية الوطنية… والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية… اتفاق الخنوع والرضا بالفتات…
التزام الوزارة بدعم النقابات الخمس… والمقابل… السلم الاجتماعي داخل القطاع …
بالحضور الفعلي لرئيس الحكومة… تم توقيع ما سمي ب "محضر اتفاق مرحلي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، وهو الاتفاق الذي لم يأت بجديد، اللهم رفع النقابات للراية البيضاء، ورضاها بفتات الفتات، وتخليها عن الملفات الكبرى، وإغماض عينها عن السياسة التعليمية الهادفة لضرب المدرسة التعليمية .
قد يعتبر البعض أن موقفي هذا فيه تحامل على النقابات وتجني عليها، وتبخيس لعملها، والنظر فقط للنصف الفارغ من الكأس، ولتبيان خطأ هذه المؤاخذات، هيا بنا نقوم بقراءة سريعة للصفحات الخمس للمحضر ولبعض التفاصيل التي تضمنتها بعض الأسطر، وفي التفاصيل تكمن الشياطين كما يقال.
1– هو اتفاق الاستسلام ورفع الراية البيضاء:
وأنت تقرأ الصفحة الأولى من محضر الاتفاق، وفي ديباجته حيث يؤكد الطرفان -الوزارة والنقابات- على رغبة الطرفين في "الانخراط في مجهود الإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية"، تسأل نفسك عن أي إصلاح يتحدث الطرفان؟؟ هل هو الإصلاح تراه الوزارة الملتزم ب "توصيات النموذج التنموي" أم هو الإصلاح الحقيقي الذي تراه النقابات والتي ترفض أو على الأقل لها ملاحظات جوهرية على هذا النموذج. ثم فجأة وفي هذه الصفحة -الصفحة الأولى- التي خصصت للديباجة تقرأ هذه الجملة "الالتزام المتبادل بحق المتمدرس في تعليم منتظم" فتصاب بالصدمة، وتعيد قراءة الجملة بعد أن تفرك عينيك "الالتزام المتبادل بحق المتمدرس في تعليم منتظم" وتسأل نفسك: هل يقصدون بهذا الالتزام، وبالتعليم المنتظم، القطع مع الإضرابات والاحتجاجات والوقفات في قطاع التعليم، التي تجعل من التعليم "غير منتظم"؟؟ تكذب نفسك، وتقول ربما فهمي خاطئ، وتمضي في قراءة المحضر، ثم تتوقف مجددا في الصفحة الثانية أمام هذه الجملة "… تحصين الحوار القطاعي وضبط مداخله وترصيد مكتسباته و ضمان استمراريته طبقا لمبدأ استمرارية المرفق العام". يا رب ما هذا "استمرارية المرفق العام" الجملة لها معنى واحد، لا للإضراب، لا للوقفات، لا للمسيرات، لا لأي شكل احتجاجي قد يضرب "مبدأ استمرارية المرفق العام"، وتم تعزيز هذه الفقرة، بجملة سابقة تؤكد "احترام الطرفين لالتزاماتهما"، فهل التزمت النقابات فعلا بالتخلي عن سلاحها الوحيد وهو الاحتجاج؟؟ ومع وضوح هذه الفقرات تشبثت ببصيص من الأمل، الأمل بأن تكون قراءتي و فهمي لهذه الفقرات فهما خاطئا، و تفسيرا خارج السياق، تشبثت بأملي هذا إلى أن وصلت إلى الصفحة الخامسة من المحضر، وهي الصفحة ما قبل الأخيرة -الصفحة الأخيرة خصصت لتوقيعات الأطراف-، لأقرأ الفقرة التالية التي ضمن عنوان "الغايات" تقول الفقرة "العمل على صياغة مشروع ميثاق اجتماعي خاص بقطاع التربية الوطنية، يستمد مقوماته من الميثاق الاجتماعي المركزي بما يتناسب مع خصوصية مهنة التعليم ويحقق السلم الاجتماعي داخل القطاع "….أصدم من جديد وأعيد قراءة الفقرة وعيني مركزة على هذه الجملة" يحقق السلم الاجتماعي داخل القطاع"!!!! الآن لم يعد هناك مجال للشك، فالاتفاق يهدف حقيقة للقطع مع الإضرابات والاحتجاجات داخل القطاع وتحقيق "السلم الاجتماعي داخل القطاع".
ولكن ما الثمن الذي حصلت عليه النقابات للاتفاق على هذا الأمر؟؟ وللتوقيع على مثل هذا الكلام الخطير؟؟ وللالتزام بهذه الالتزامات المكبلة؟؟ الثمن ستجده بارزا في الصفحة الثانية من هذا المحضر في الفقرة التي تقول "التزام الوزارة بدعم النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية لتضطلع بمهماتها الاجتماعية والتربوية والنقابية"!!! إذن الثمن هو هذا الدعم… و ما أدراك ما يتضمنه هذا الدعم؟؟ خاصة وأن هذا الدعم سيرمي لمساعدة النقابات للقيام بمهماتها الاجتماعية؟؟؟ وعليك أن تدرك ما ترمي إليه هذه المهام الاجتماعية… إضافة لمهماتها التربوية والنقابية… إذن هو الدعم مقابل السلم الاجتماعي.
2– النقابات تتخلى عن أدوارها النضالية:
جميعنا يعلم أن أهم دور تلعبه النقابات هو الدور النضالي، الكفاحي، الاحتجاجي، للدفاع عن الحقوق وتحقيق المكتسبات. لكنك وأنت تقرأ هذا المحضر ستفاجأ بتخلي النقابات الخمس عن هذا الدور، عن دورها الرئيسي والأساسي، الدور الذي تتميز به كل نقابات العالم، الدور الاحتجاجي. ولنتأكد من تخلي النقابات الخمس عن دورها النضالي، يكفي أن نعود للصفحة الثانية من المحضر ونقرأ الفقرة التالية "… تأخذ بعين الاعتبار الدور التأطيري والتفاوضي الذي تقوم به النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية" وهكذا فهذه النقابات وبالتزامها هذا توافق على أن تحصر دورها في "التأطير والتفاوض"! ولا يقف التنازل عند هذا الحد بل إن هذه النقابات تمضي بعيدا في التزاماتها، التزامات تكبل أيديها، وتمنعها من أهم وأخطر أسلحتها، سلاح الإضراب والاحتجاج، ولننتقل للصفحة الخامسة، وبالضبط لفقرة التزامات "النقابات التعليمية" حيث تلتزم ب:
–"الانخراط في مشروع اصلاح منظومة التربية والتكوين" ونفس السؤال يطرح: الإصلاح وفق أي منظور؟؟ أهو منظور الوزارة ومنظور الحكومة ومنظور النموذج التنموي الجديد؟؟ أم منظور المعارضة الحقيقية ومنظور النقابات التقدمية؟؟
–"التعبئة الإيجابية للتواصل البناء مع الشغيلة التعليمية" هههه كم هو مضحك هذا الوصف للتعبئة، وصفها بالإيجابية، هذا يعني أن هناك تعبئة "سلبية"… ولن تكون سوى التعبئة التي نفهمها ويفهمها كل النقابيون… التعبئة للمعارك النضالية، فبعد هذا الاتفاق ستصبح هذه التعبئة تعبئة سلبية وجب تركها والابتعاد عنها، أو على الأقل تركها .
⁃ "ضبط مكونات الملفات المطلبية ومستويات طرح كل منها" الوزارة تعطي درسا للنقابات وتطلب منها ضبط ملفاتها المطلبية، والتمييز بين الملفات الإقليمية والجهوية والمركزية!!! بل والتمييز بين الملفات الممكن طرحها وبين الملفات المرجو السكوت عنها وإغماض العين عليها.
3– تمخض الجبل فولد فأرا:
أكل هذا من أجل هذا؟؟ كل هذه التنازلات من أجل تحقيق ماذا؟؟ وأنت تدقق في النقط التي تم الاتفاق عليها، ستصاب بالذهول من حجم التنازلات التي قدمت من أجل الفتات، بل من أحل فتات الفتات، والملاحظات التالية تثبت هذا/
– نجاح الوزارة في تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وتفتيت المفتت، حيث قسمت أسرة التعليم إلى فئات، كل فئة تنظر لمصالحها ومطالبها ومكاسبها هي وحدها، وفي هذا إضعاف لجسم ظل صامدا لعقود
– من بين حوالي 30 ملفا مطلبيا -العديد من النقابات تقول أن هناك 26 ملفا- لم يتم الاتفاق إلا على ستة 6 ملفات، وفي الحقيقة لم تستجب الوزارة فعليا إلا لثلاثة ملفات هي (الأطر الإدارية، المتصرفون التربويون/ المستشارون في التوجيه والتخطيط التربوي/ أساتذة التعليم الابتدائي والإعداد المكلفون بالتدريس خارج سلكهم الأصلي)
– نقل الملفات الأخرى للنظام الأساسي لموظفي الوزارة المبشر به منذ سنوات (موظفو الوزارة الحاصلون على شهادة الدكتوراه/ المساعدون الإداريون والمساعدون التقنيون)…
4– وماذا عن الملفين الساخنين: ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ومذكرة اجتياز مباراة التعليم؟؟:
بخصوص الملف الحارق، الملف الذي يشعل ساحة التعليم منذ بضع سنوات، الملف الذي تجمع جميع النقابات -على الأقل علنيا- على أن لا حل له إلا بالإدماج الفعلي لأصحابه، والملف هو ملف "الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد"، خوفي وتخوفي أن يتم طمس هذا الملف والقفز عليه ضمن اتفاق ما، اتفاق لا يصل لحد مطلب الإدماج، فعن هذا الملف نقرأ في الصفحة الرابعة من المحضر "8 – أطر هيئة التدريس والدعم غير الخاضعين للنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية: مواصلة الحوار من أجل ابتكار حلول جديدة و بإشراك المعنيين بالأمر…" وما أفزعني كثيرا في هذه الفقرة هي هذه الجملة "إشراك المعنيين بالأمر" فما المقصود بالمعنيين بالأمر؟؟ ألم يكن من الأنسب قول "ممثلي هؤلاء الأطر" فقول ممثلي هو اعتراف بتنسيقية هؤلاء الأساتذة، التنسيقية باعتبارها الممثلة الشرعية، وباعتبارها صاحبة الشرعية النضالية كذلك في إبراز والدفاع والنضال من أجل هذا الملف، أما قول "المعنيين بالأمر" فهو قد يحمل في طياته التفاف خطير على التنسيقية وعلى عضواتها وأعضائها، فالمرجو الانتباه جيدا لهذا الأمر.
أما الحديث عن "ابتكار حلول جديدة" فهو تهرب من الحل الذي يراه أصحاب الملف ومعهم النقابات حلا وحيدا وأوحدا، وهو حل الإدماج، و لم لا إدماجهم في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية وبالتالي تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكب، خطأ التوظيف بالتعاقد؟؟؟
وأخيرا، هذه قراءتي الأولية والسريعة لهذا الاتفاق وهي قراءة أتمنى من كل قلبي أن تكون خاطئة، حتى لا يموت ذلك الأمل الذي يكبر فينا، أمل النضال النقابي…
جمال العسري، عضو المكتب السياسي بالحزب الاشتراكي الموحد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.