كرة القدم المغربية .. من شغف الملاعب إلى قوة ناعمة واقتصاد مزدهر    طنجة.. توقيف أزيد من 20 مرشحًا للهجرة غير النظامية بمحطة القطار    أمن طنجة يوقف ثلاثة قاصرين بعد تداول فيديو يوثق تراشقًا بالحجارة قرب مدرسة    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    المغرب يستعد لإطلاق رحلات جوية مباشرة بين الدار البيضاء وسانت بطرسبورغ    ادحلي تستقبل الوزير المستشار بالسفارة الصينية لبحث سبل تعزيز التعاون البرلماني بين المغرب والصين    بني كرفط.. الدرك الملكي يحجز طناً و400 كيلوغرام من "الكيف" الخام بإقليم العرائش    نادي نهضة بركان يحط الرحال بالقاهرة    السعدي يحفّز الحوار الاجتماعي القطاعي    بورصة البيضاء ترتفع بنسبة 1,31 بالمائة    الصحف الشيلية تحتفي بإنجاز المغرب    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة.. "الأشبال" يدخلون التاريخ كأول منتخب عربي يتأهل إلى النهائي منذ 44 سنة    كأس العالم 2026.. بيع أكثر من مليون تذكرة خلال مرحلة البيع المسبق لحاملي بطاقات "فيزا"    أمن طنجة يوقف مبحوثًا عنه في حالة تلبس بسرقة دراجة نارية باستعمال العنف والسلاح الأبيض    الدريوش تعطي انطلاقة أشغال الورشة الدولية حول: "الأسماك السطحية الصغيرة في ظل الإكراهات المناخية والصيد المفرط.."    مربّو الدجاج بالمغرب يتهمون لوبيات القطاع بالاحتكار ويحمّلون الحكومة مسؤولية فشل الإصلاح    "هيومن رايتس ووتش" تطالب السلطات بالاستجابة لمطالب شباب "جيل زد" والتحقيق في الوفيات والانتهاكات    المندوبية السامية للتخطيط: تحسن سنوي في ثقة الأسر المغربية    محمد وهبي: سنواجه الأرجنتين بنفس الحماس لانتزاع كأس العالم    المؤتمر الاستثنائي الاتحادي العام 1975 مؤتمر متوهج عبر امتداد الزمن    في صلب النقاش المفتوح بخصوص الورقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. شعار المؤتمر …. الاختيار الموفق    جيل زد في المغرب: بين الكرامة وخطر الهجرة    جيل 2022 فتح الباب .. جيل 2025 يعبر بثقة من مونديال قطر إلى كأس العالم U20... المغرب يصنع مدرسة جديدة للأمل    قطاع التعليم بين حركية الإصلاحات وثبات الأزمة    تهم اقليم الحسيمة ومناطق اخرى .. نشرة انذارية تحذر من امطار رعدية قوية    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    قطاع غزة يتسلم جثامين من إسرائيل    لوكورنو ينجو من تصويت بحجب الثقة    "جنان الجامع" يحترق في تارودانت    توقعات بإنتاج 310 آلاف طن من التفاح بجهة درعة-تافيلالت خلال 2025    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    مجموعة "سافران" الفرنسية تثمن بيئة الاستثمار في المغرب وتوسع أنشطتها بالنواصر    رفع التصنيف السيادي للمغرب محطة مفصلية للاقتصاد الوطني    نتانياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة    إجراءات ‬جديدة ‬لتسهيل ‬دخول ‬المغاربة ‬إلى ‬مصر ‬دون ‬تأشيرة    الرباط تحتفي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتجدد المطالب بإسقاط التطبيع    فرحة عارمة بمدن المملكة بعد تأهل المنتخب الوطني لنهائي مونديال الشيلي    الأمم المتحدة.. المغرب يجدد تأكيد دعمه "الثابت والدائم" لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى    طقس حار نسبيا بأقاليم الجنوب مع سحب غير مستقرة وأمطار متفرقة اليوم الخميس    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    هلال: الصحراء المغربية قطب للتنمية .. وركيزة للأمن والاستقرار في إفريقيا    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“الأرشيفيون” بين ضوابط القانون وأخلاقيات المهنة
نشر في العمق المغربي يوم 20 - 02 - 2020

شكل إصدار القانون رقم 69.99 المنظم للأرشيف (30 نونبر 2007) (2) حدثا بارزا في تاريخ التشريع الوطني، ليس فقط لأنه أول قانون منظم للشأن الأرشيفي منذ الاستقلال، ولكن لأنه أطلق العنان، لبناء صرح قانوني ومؤسساتي لأرشيف المغرب، بعد سنوات من التهميش والإقصاء والإبهام، صرح تشكلت لبناته الأساسية من “المرسوم رقم 2.08.543″ القاضي بتحديد أعضاء المجلس الإداري لأرشيف المغرب (21 ماي 2007)، و”المرسوم رقم 2.14.267” القاضي بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط، وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي (4 نونبر 2015) و “المرسوم رقم 2.17.384” القاضي بإحداث المجلس الوطني للأرشيف (8 غشت 2017)، وإحداث المؤسسة الحاضنة للأرشيف (مؤسسة أرشيف المغرب)(3)، دون إغفال “الدليل المرجعي لتدبير الأرشيف العمومي” (2017)(4)، وفي ظل هذا الزخم التشريعي، يمكن توجيه البوصلة، نحو الموظفين أو المستخدمين، الذين تسري عليهم مقتضيات وأحكام القانون الأرشيفي (الأرشيفيون)، في إطار “مسؤولية” تجعلهم وجها لوجه أمام ثنائية “القانون” و”الأخلاق”، فمن جهة، تكون تصرفاتهم خاضعة أساسا لمقتضيات القانون الأرشيفي والقانون الجنائي (في حالة إفشاء السر المهني)، وخاضعة في نفس الآن لما يفرضه “ميثاق أخلاقيات المهنة” من قواعد وضوابط أخلاقية، وعليه، سنحاول من خلال هذا المقال، وضع الأرشيفيين بين “ضوابط القانون” و”قواعد الأخلاق”.
أولا- الأرشيفيون و ضوابط القانون :
حرصا منه على الحفاظ على سلامة الأرصدة الأرشيفية وما تحمله من معطيات وخصوصيات، فقد ألزم المشرع الأرشيفي الموظفين أو المستخدمين المكلفين بجمع الأرشيف أو بالمحافظة عليها، بكتمان السر المهني، الذي تم حصره في الوثائق التي لا يمكن قانونا، وضعها رهن إشارة العموم، بمعنى آخر، أن الموظفين أو المستخدمين المكلفين بجمع الأرشيف أو بالمحافظة عليها، توضع تحت تصرفهم مجموعة من الوثائق الحاملة لمعطيات، قد تكون ذات طابع سري أو مرتبطة بالحياة الخاصة …، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، وتحت أي ظرف من الظروف، أن يتم استغلالها لأغراض خاصة أو الكشف عنها للعموم، إذا كان القانون لايسمح بذلك، وهو ما أكدته المادة 13 من القانون المنظم للأرشيف التي نصت على ما يلي :
“يلزم كل موظف أو مستخدم مكلف بجمع الأرشيف أو بالمحافظة عليها، بكتمان السر المهني، في ما يتعلق بكل وثيقة لايمكن قانونا، وضعها رهن إشارة العموم”.
وإذا كانت المادة المذكورة قد ربطت “كثمان السر المهني” بالوثائق التي لايمكن “قانونا” وضعها رهن إشارة العموم، فهذا يفرض على الأرشيفيين التقيد بمقتضيات القانون الأرشيفي، حتى يكونوا على بينة وعلم مسبق بالضوابط التي تتحكم في عمليات “الحق في الاطلاع”، خاصة فيما يتعلق بطبيعة الوثائق الأرشيفية والآجال القانونية التي تتيح وضعها رهن تصرف الجمهور، وفي هذا الإطار نحيل على المواد التالية:
-المادة 15 : نصت على ما يلي : “يمكن لكل شخص راغب في الاطلاع، دون مراعاة أي أجل، على بعض الوثائق التي توضع عادة رهن إشارة الجمهور أو على الوثائق التي يرخص قانون خاص بالاطلاع عليها “، وهي ترتبط بالوثائق التي عادة ما توضع تحت تصرف العموم، أو تلك التي يرخص قانون بالاطلاع الفوري عليها (اللوائح الانتخابية، مشاريع القوانين، نصوص تشريعية وتنظيمية، ميزانيات الجماعات الترابية …)، وفي هذا الإطار نشير إلى القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات (5)، الذي تضمن مقتضيات، تلزم المؤسسات العمومية والهيئات المعنية، بنشر الحد الأدنى من المعلومات التي في حوزتها – بشكل استباقي- بواسطة جميع وسائل النشر المتاحة خاصة الالكترونية ، بما فيها البوابات الوطنية للبيانات العمومية (المادة 10).
– المادة 16 : “مع مراعاة أحكام المادة 15، يمكن للجمهور أن يطلع بكل حرية على الأرشيف العامة، عند انصرام أجل ثلاثين سنة من تاريخ إنتاجها، باستثناء الحالات المنصوص عليها في المادة 17″، التي نصت على ما يلي : ” يرفع أجل الثلاثين سنة الذي يمكن عند انتهائه، الاطلاع بكل حرية على الأرشيف العامة إلى :
1.مائة سنة :
أ) ابتداء من تاريخ ولادة المعني بالأمر، فيما يتعلق بالوثائق المشتملة على معلومات فردية ذات طابع طبي وبملفات المستخدمين.
ب) فيما يتعلق بالأصول والفهارس لدى الموثقين والعدول وسجلات الحالة المدنية وسجلات مصلحة التسجيل.
2.ستين سنة : ابتداء من تاريخ العقد، فيما يتعلق بالوثائق التي قد يمس الاطلاع عليها بما يلي :
أ) أسرار الدفاع الوطني، استمرارية سياسة المغرب الخارجية، أمن الدولة أو السلامة العامة أو سلامة الأشخاص، المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلقة بها، سريرة الحياة الخاصة.
ب) ابتداء من تاريخ الإحصاء أو البحث المتعلق بالوثائق التي تم جمعها في إطار الأبحاث الإحصائية للمرافق العامة والمشتملة على معلومات فردية لها علاقة بالحياة الشخصية والعائلية، وبصفة عامة بالأفعال والتصرفات الخاصة.
لكن واستثناء من أحكام المادتين 16 و17، يمكن أن تسمح “أرشيف المغرب” لأغراض البحث العلمي، بالاطلاع على الأرشيف العامة، وهذا يقتضي توفر شرطين إثنين، أولهما: موافقة الإدارة الأصلية، وثانيهما: ألا يمس ذلك، بأسرار الدفاع الوطني أو أمن الدولة أو الحياة الخاصة. (المادة 18).
استقراء لهذه المقتضيات، يمكن أن نميز بين ثلاثة مستويات من الإتاحة، ويتعلق الأمر بالإتاحة بدون أجل، أو الاتاحة بعد مرور ثلاثين سنة، أو الإتاحة بعد مرور ستين سنة أو الاتاحة بعد مرور مائة سنة، وهذه المستويات، تقتضي تدبيرا فعالا للأرصدة الأرشيفية تنظيما ومعالجة وحفظا، مع الحرص على “التحيين” المستمر، بشكل يسمح ليس فقط بإتاحة هذه الأرصدة للجمهور، بعد استيفاء الآجال القانونية، ولكن أيضا، بتمكين الأرشيفيين من قاعدة بيانات، تحميهم من الوقوع في منزلق “إفشاء السر المهني”، وفي هذا الصدد، فكل موظف أو مستخدم، خالف أحكام المادة 13 المشار إليها أعلاه، تسري عليه العقوبة المنصوص عليها في المادة 446 من القانون الجنائي (المادة 36) (6).
وعلاقة “الأرشيفي” بالضوابط القانونية، تتجاوز مستوى “إفشاء السر المهني”، إذ يمكن أن تسري عليه مقتضيات المادتين 35 و37 ، في حالة إذا ما أتى إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادتين، من قبيل “الإتلاف” أو”الاختلاس” أو “السرقة” أو “التسبب في الإضرار”، وفي هذا الإطار، يمكن أن تسري عليه عقوبات حبسية من ثلاث سنوات إلى ست سنوات (المادة 35)، ومن سنتين إلى عشر سنوات (المادة 37)، وهي عقوبات حبسية صارمة، تفرض التقيد بالضوابط القانونية التي تؤطر مهنة “الأرشفة”، وهنا لامناص من التوضيح، أن “الأرشيفي” وهو يمارس مهامه الاعتيادية، يتواجد وجها لوجه أمام القانون المنظم للأرشيف من جهة، والقانون الجنائي من جهة ثانية، إذا ما وقع في مكيدة “إفشاء السر المهني”، كما يتواجد أمام قوانين أخرى ذات صلة بتدبير المعلومة ومعالجتها، ونخص بالذكر، القانون رقم 53.05 (المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية)، والقانون رقم 09.08 (المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي)، والقانون رقم 31.13 (المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات)، وبين هذا وذاك، يتواجد “الأرشيفي” المنتمي إلى “أرشيف المغرب” أمام “نظام أساسي خاص بأرشيف المغرب”(7)، يفرض على المستخدم(ة) مجموعة من العقوبات التأديبية، في حالة إخلاله بالالتزامات التي تقتضيها طبيعة المهنة، ومنها تلك المتعلقة بإفشاء السر المهني.
ثانيا – الأرشيفيون والقواعد الأخلاقية :
موازاة مع ما تمت الإشارة إليه من ضوابط قانونية على رأسها “القانون المنظم للأرشيف” ومرسومه التطبيقي، يتأطر عمل “الأرشيفيين” عبر العالم، بميثاق أخلاقيات المهنة (اعتمد من قبل المجلس الدولي للأرشيف في دورته الثالثة عشر المنعقدة ببيكين بالصين، بتاريخ 6 شتنبر 1996) (8)، وهو عبارة عن مدونة أخلاقية، تهدف كما ورد في ديباجتها، إلى “توفير قواعد رفيعة المستوى لمهنة الأرشفة، وتحسيس المهنيين الجدد بهذه القواعد، وأن تذكر الأرشيفيين المحنكين بمسؤولياتهم المهنية، وأن تخلق لدى العموم، الثقة في هذه المهنة “، واستقراء لمواد هذا الميثاق الذي يعد إطارا أخلاقيا لممارسة المهنة، يجد “الأرشيفيون” أنفسهم وجها لوجه، أمام جملة من القواعد الأخلاقية، نوجزها على النحو التالي :
– المحافظة على وحدة أرصدة الأرشيف، بما يضمن أن تشكل شهادة دائمة وموثوقة على الماضي (المادة 1).
– معالجة الوثائق وانتقائها، والإبقاء عيها في محيطها التاريخي والقانوني والإداري، واحترام مصدرها، والمحافظة على العلاقات الأصلية الموجودة بينها مع إبرازها (المادة 2).
– صيانة أصالة الوثائق خلال عمليات المعالجة والحفظ والاستغلال (المادة 3).
– تأمين الاطلاع على الوثائق باستمرار، والتوصل إلى فهمها (المادة 4).
– السهر على معالجة الوثائق، وتبرير الطرق المتبعة في ذلك (المادة 5).
– تيسير الولوج إلى الوثائق الأرشيفية، لأكبر عدد ممكن من المستعملين، وتقديم الخدمات لهم بدون أي انحياز(المادة 6).
– السعي، في إطار التشريع الجاري به العمل، إلى تحقيق التوازن السليم بين “الحق في المعرفة” واحترام “الحياة الخاصة”(المادة 7).
– خدمة مصالح الجميع، وتجنب استغلال الموقع، للحصول على امتيازات للنفس أو للغير (المادة 8).
– السعي إلى بلوغ أرقى المستويات المهنية، عن طريق تجديد المعلومات الأرشيفية بصفة منتظمة ودائمة، وتقاسم الخبرات ونتائج البحوث (المادة 9).
– التعاون مع الزملاء ومع أعضاء المهن المجاورة، من أجل ضمان حفظ التراث الوثائقي واستغلاله عالميا (المادة 10).
وهذه القواعد العامة، وإن كانت لا تكتسي طابع “الإلزام”، فهي بمثابة خارطة طريق أخلاقية، توجه السلوكات وتضبط الممارسات، وتحقق “الشفافية”، بشكل يضمن الابتعاد عن كل التصرفات غير المسؤولة، التي قد تشكل قوة دافعة لانتهاك حرمة المهنة وخصوصياتها، والتطاول على الضوابط القانونية المنظمة لها، وبما أن التشريع الجاري لايستوعب مختلف الجوانب المرتبطة بمهنة الأرشيفيين، واعتبارا لخصوصيات “الوثائق” التي توضع بين أيديهم بمناسبة ممارسة مهامهم الأرشيفية، والتي قد تكون حاملة لمعطيات أمنية أو مرتبطة بالحياة الخاصة …إلخ، لا مناص للأرشيفيين، من التقيد بالأخلاقيات التي تؤطر عملهم، خاصة فيما يتعلق بكتمان السر المهني والموضوعية والحياد والمحافظة على الأرصدة الأرشيفية، وهي أخلاقيات، تقتضي التقيد بما ورد في ميثاق أخلاقيات المهنة من قواعد أخلاقية.
وعليه، وتأسيسا على ما سبق، يمكن الإقرار أن “مهنة الأرشفة” تتجاوز حدود تدابير الحفظ أو التدبير أو المعالجة، من منطلق أن الوثائق الأرشيفية التي تكون تحت تصرف “الأٍرشيفي” بحكم طبيعة المهنة التي يمارسها، هي وثائق حاملة كما تمت الإشارة إلى ذلك سلفا، لمعطيات بعضها يقتضي السرية والكتمان، إما لارتباطه بالأمن الداخلي أو الخارجي للدولة، أو لملامسته للحياة الخاصة للأفراد، والتي تحميها القوانين ذات الصلة، وهذا يفرض التزام “الحياد” و “كثمان السر المهني ” فيما يتعلق بالوثائق التي لا يمكن قانونيا، وضعها تحت تصرف الجمهور، تحت طائلة الخضوع لمقتضيات القانون الجنائي، كما يفرض التقيد بمقتضيات القانون المنظم للأرشيف، فيما يتعلق بالحرص على عدم اقتراف أية جريمة ماسة بالأرشيف (سرقة، اختلاس، اتلاف، إلحاق الضرر ..)، ونرى في هذا الإطار، أن “ميثاق أخلاقيات المهنة” من شأنه أن يملأ ما قد يتخلل المساحة التشريعية الأرشيفية من ثغرات، لكن، فسواء تعلق الأمر بالقانون أو بالأخلاق، فتحقيق مقاصدهما، لا بد أن يمر عبر المواكبة القانونية والمهنية المستدامة لمختلف الأرشيفيين عبر التراب الوطني، عبر إخضاعهم لدورات تكوينية دورية، من شأنها الارتقاء بكفاياتهم القانونية والمهنية والأخلاقية، وهي فرصة سانحة، للدعوة إلى الاعتراف الرسمي بمهنة “الأرشيفي”، لاعتبارات ثلاثة : أولها: طبيعة المكاسب القانونية والمؤسساتية (الأرشيفية) التي تحققت منذ سنة 2007، ثانيها: حجم القوانين التي تلامس مهنة الأرشيف، ثانيها: رهان الدولة على الأرشيف، كمؤشر من مؤشرات الحداثة، وقبل الختم، نؤكد أن “الأرشيفيين” بالقدر ما يحاصرون بالقانون وأخلاقيات المهنة، بالقدر، ما ينبغي الارتقاء بأوضاعهم المادية والمهنية، لسببين اثنين: أولهما: طبيعة المخاطر المهنية المرتبطة بممارسة المهنة (أمراض تنفسية، جلدية ..)، وثانيهما: دورهم في حفظ الذاكرة الجماعية وحماية المشترك التراثي والتاريخي والهوياتي ..، ونختم بالقول، أن “الأرشيفي” ليس فقط مستخدما أو موظفا، يقوم بمهمة إدارية مرتبطة بتدبير الأرشيف، بل هو “جندي خفاء” يشتغل في الظل بعيدا عن العيون، ويساهم بصمت، في بناء “الذاكرة الجماعية” وحفظ “الهوية المشتركة”، وهي مهمة حالها، يبدو كحال “الجندي” المرابط في الحدود دفاعا عن الوطن، ولا يمكن قطعا، تصورها، إلا داخل “نطاق القانون” و”رحاب الأخلاق”..
هوامش:
(1) يراد بكلمة “أرشيفي”(ربائدي) حسب ما ورد في ميثاق أخلاقيات المهنة (الديباجة)كل “شخص مسؤول عن ضبط ومراقبة الأرشيف، والتكفل به ومعالجته، وحفظه وصيانته وتدبيره”.
(2) القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.167 في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نونبر 2007)، الصادر بالجريدة الرسمية عدد : 5586 – 02 ذو الحجة 1428 (13 دجنبر 2007.
(3) مؤسسة عمومية أحدثت بموجب المادة 26 من القانون المنظم للأرشيف، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، صنفت سنة 2012 ضمن قائمة المؤسسات العمومية ذات الطابع الاستراتيجي، أعطيت انطلاقتها الرسمية أواخر شهر ماي 2011، وعين مديرا لها، الأستاذ الجامعي والباحث في التاريخ “جامع بيضا”.
(4) دليل أعدته “مؤسسة أرشيف المغرب” سنة 2017، وهو بمثابة خارطة طريق مفاهيمية وقانونية وتدبيرية وتوجيهية، من شأنها ضمان التأطير الناجع لعمل الأرشيفيين.
(5) الجريدة الرسمية عدد : 6655 – 23 جمادى الآخرة 1439 (12 مارس 2018).
(6) نصت المادة 446 من القانون الجنائي على ما يلي : “الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات، وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا افشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.”.
(7) نظام أساسي يتعلق بأرشيف المغرب، يتكون من 65 مادة، مؤشر عليه من قبل وزير الثقافة (بن سالم حميش) و وزير الاقتصاد والمالية (صلاح الدين مزوار) بتاريخ 17 نونبر 2011.
(8) قامت “مؤسسة أرشيف المغرب” بترجمتها ونشرها بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف (30 نونبر 2014).
جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.