بايتاس يتحدث عن زيادة عامة في الأجور "مطروحة للنقاش مع النقابات" في الحوار الاجتماعي    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    بورصة الدار البيضاء تستهل التداولات بأداء إيجابي    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    أرباح اتصالات المغرب ترتفع إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    لابورتا: تشافي باقي مدرب للبارصا وما غاديش بحالو    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة        استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ندوة وطنية لجمعية قدماء مدرسة النهضة بسلا حول القضية الفلسطينية تكريما للمجاهد أبي بكر القادري
القضية الفلسطينية حركت القوى التحررية في العالم والمغرب ساند دائما الكفاح من أجل تحرير فلسطين
نشر في العلم يوم 22 - 06 - 2010

احتفت جمعية قدماء مدرسة النهضة بسلا مساء الجمعة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالمجاهد أبي بكر القادري أحد القادة البارزين في النضال السياسي، رائد من رواد الحركة الوطنية والموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال.
المحتفى به تحدث وكتب الكثيرون عنه، عضو مجلس رئاسة حزب الاستقلال، انتخب بالاجماع كاتباً عاماً للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني سنة 1970، كان ولايزال في كتاباته محققا ومؤرخاً ومحللا سياسيا واجتماعيا، وداعية متنوراً وكاتباً للترجمة الذاتية للآخرين، لم يدرس ابي بكر القادري في كلية أو جامعة قواعد ومناهج الكتابة التاريخية فهو كاتب بالفطرة...
ولعل صفة «المجاهد» التي يقرنها الكل باسمه اكبر دليل على دفاعه المستمر عن حق أبناء وطنه في حياة كريمة، فهو مجاهد من أجل اقرار المبادىء والمثل العليا التي تستمد جذورها من الإسلام والعروبة والمسلم الغيور على وطنه، وهو الذي جمع خلال نضاله وكفاحه بين تحرير المغرب من قبضة الاستعمار والنضال من أجل استكمال وحدته الترابية، وبين الدفاع عن حق الفلسطينيين في إرساء دولتهم بعاصمتها القدس والدفاع عن كل القضايا العربية والاسلامية العادلة..
وبالنظر لما تحتله القضية الفلسطينية في نفوس المغاربة ولارتباطها العضوي بالقضية الوطنية الكبرى يحضر المجاهد ابو بكر القادري بكامل رمزيته ومرجعيته التاريخية ليجدد التأكيد على ضرورة النضال، فكراً وممارسة وتأليفاً وعملا، وهذا ما وقفت عنده الندوة الوطنية حول القضية الفلسطينية التي نظمتها كما سبقت الاشارة إلى ذلك جمعية قدماء النهضة بسلا تحت عنوان «فلسطين في قلوب كل المغاربة: قضية وطنية تكريماً للمجاهد أبي بكر القادري وتوزعت محاورها حول مواضيع «فلسطين والمنظمات العربية والاسلامية»، و«فلسطين والتحولات الجيو استراتيجية» و«أبو بكر القادري»، والقضية الفلسطينية: المسار السياسي لابي بكر القادري من أجل دعم القضية الفلسطينية؛ ودور أبي بكر القادري في الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني بالإضافة إلى شهادات في حق المحتفى به..
شارك في الندوة الوطنية الاساتذة: محمد العربي المساري ومحمد اليازغي ومولاي اسماعيل العلوي وواصف منصور وأمينة اوشلح ونادية الرقا و عبد الوهاب المريني، في ما أدار محاورها الاستاذ مصطفى الزباخ.
وما ميز هذا الحدث الفكري حضور شخصيات وازنة من السلك الدبلوماسي ومجالات السياسة والثقافة والأدب، ناهيك عن زمرة من تلامذة وطلاب المجاهد أبي بكر القادري الذي ختم هذا اللقاء بكلمة مؤثرة نوردها في هذه المتابعة:
رجل الوحدة والنضال المستمر
قالت أمينة أوشلح رئيسة جمعية قدماء مدرسة النهضة في افتتاح الندوة إن مدرسة النهضة بسلا لم تكن مجرد مؤسسة تربوية بل كانت مشتلا من مشاتل الوطنية ومستنبتا للأطر المغربية، أسسها أبو بكر القادري وارتبط بها حوالي نصف قرن، واعتبرها بمنزلة الابن والأخ والوالد والصديق منذ افتتاحها بالزاوية القادرية بزناتة في سلا إلى أن غادرها مكرها كما يقول.
وأضافت أن المحتفى به عانق القضية الوطنية منذ صباه وقضى زهرة شبابه مدافعا عن حق أبناء وطنه في حياة كريمة، مجددا أسلحته باستمرار ليدافع عن آرائه: نضالا وفكرا وممارسة وكتابة، منطلقا من هويته ليلامس القضايا التي تشغله ويؤمن بها.
وذكرت أوشلح أن المجاهد أبا بكر القادري كان دائما رجل الوحدة، شجاعا وصريحا في نقد بعض المبادرات غير الوحدوية، متمهلا أمام ديبلوماسيته المحكنة من أجلنفقاذ الوحدة وتقويتها لتحقيق المكتسبات الوطنية التي شرع في التأسيس لها منذ الاستقلال (الوحدة الترابية والاستقلالية واستكمال التحرير، وعدم الانحياز لغير الحق والمشروعية) بالإضافة إلى حماية التنوع والتعدد للهوية المغربية الأصيلة.
وأوضحت أنه أمام شساعة القضايا الحيوية التي انخرط فيها أبو بكر القادري ارتأت الجمعية الاحتفاء به من خلال مساهمته اليقظة في الالتحام بنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وسعيه الحثيث لمناصرة الشعب الفلسطيني لتحقيق الاستقلال.
فلسطين والمنظمات العربية والإسلامية
وتمحور عرض الأستاذ محمد العربي المساري حول موضوع فلسطين والمنظمات العربية والإسلامية، واستهل العرض بذكر مهام ديبلوماسية للمجاهد أبي بكر القادري تتعلق بالصحراء المغربية في فترة كان المغرب يحشد التأكيد لمسعاه الرامي إلى تحرير صحرائه من قبضة الاستعمار الإسباني، وكيف أنه دون سابق تدبير وجد القادري نفسه في أسمرة عاصمة ايرتيريا التي كانت تكافح أيضا من أجل التخلص من احتلال هيلاسيلاسي.
وذكّر المساري بتحركات المجاهد أبي بكر القادري في القارة الإفريقية من أجل القضية الفلسطينية حيث حمل رسائل تتعلق بعواقب هزيمة 1967 إلى ثمانية أقطار استقبل فيها من لدن رؤسائها وقادتها، وتتضمن شرحا للظروف الناتجة عن الاجتياح الإسرائيلي لكامل الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء فضلا عن القدس الشرقية.
وأضاف أن المجلس التنفيذي لمؤتمر العالم الإسلامي الذي يوجد مقره في كراتشي حين قرروا عقد اجتماع استثنائي لممثلي العالم الإسلامي حول ظروف هزيمة 1967 ومتطلبات الساعة، شمل الحسن الثاني رحمه الله المبادرة، وقرر المساهمة في إنجاح الجولة التي كلف بها من المغرب المجاهد أبو بكر القادري في ثمانية أقطار من إفريقيا الغربية ناطقة بالفرنسية، ولكنها ذات أغلبية مسلمة راجحة.
وأبرز أن من بين أهداف الجولة الإقناع بتشكيل لجان شعبية في تلك الأقطار لمناصرة القضية الفلسطينية، خصوصا أن الرأي العام فيها استنكر بقوة الاعتداء الإسرائيلي وأيد حق الشعب الفلسطيني في التحرر، وحق البلدان العربية التي احتلت أراضيها في استرجاع ما اغتصب منها.
وقال المساري إن القضية الفلسطينية استطاعت أن تظهر قدرتها على تأليب القوى التحررية في العالم تجسدت في كتابين للمحتفى به الأستاذ أبو بكر القادري هما: «المغرب والقضية الفلسطينية» و«مذكرات إفريقية وآسيوية»، مضيفا أن قضية فلسطين هي في الجوهر قضية تحرر وطني، تأدلجت في صور متعددة، فأصبحت كل فئة تنظر إليها من خلال منظارها الخاص، وكذا توظيفها في الحسابات السياسية القطرية في دول الجوار.
ونبه إلى أنه في غمرة هذا التحول في هذه القضية تعددت الفلسطينيات وهمشت فلسطين التي قامت من أجلها فتح، وباسمها تمثلت في منظمة تحرير فلسطين، تلك الفلسطين - كما وصفها المساري - التي أبت أن تبقى مكتبا في مقر الجامعة العربية.
واستحضر بالمناسبة ما كتبه المرحوم المهدي بنونة الذي توجه في 1947 إلى نيويورك لفتح مكتب هناك باسم حزب الإصلاح الوطني، حيث ساقه القدر إلى أن يكون شاهدا على المداولات التي جرت في خريف نفس السنة، في شأن قرار تقسيم الأرض الفلسطينية، الذي صدر في 29 نونبر 1947، وكيف انفرد رؤساء الوفود في قاعة مغلقة انصرف منها بنونة كملاحظ وكذلك الوفد الفلسطينيني، وكان أن اتخذ القرار في غيبة عن أصحاب القضية وعلى حسابهم.
وأوضح أن التاريخ يسجل مساندة الشعب المغربي للشعب الفلسطيني منذ العشرينيات، وأنه حين صدر قرار التقسيم أصدر المجلس الأعلى لحزب الاستقلال في 20 دجنبر 1947 بلاغا بتوقيع أمينه العام الزعيم أحمد بلافريج تضمن نقطتين، أولاهما: «رفض إنشاء الدولة اليهودية بمقتضى قرار التقسيم» وثانيتهما التصريح بأن حزب الاستقلال «ليوجه نداءه الحار إلى جميع المواطنين يحذرهم من الاستفزازات التي صارت بعض الأوساط المغرضة والمتسترة جبنا وخداعا تقوم بها ضد اليهود، فيجب عليهم (أي المواطنين) ألا يستجيبوا لدعاة الفتنة وأن يحافظوا على الهدوء والسكينة، وأن موقف - الحزب - ضد الصهيونية لا يقتضي العداء لليهود المواطنين الذين يتمتعون بالجنسية المغربية وتشملهم رعاية جلالة الملك، إن هؤلاء مغاربة لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أما الصهيونية فهي فكرة استعمارية تسلطية تريد الاستيلاء على ما في يد الغير ظلما وعدوانا».
وخلص إلى ما جاء في البندين الثامن والتاسع من البنود المؤسسة للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني حيث ينص ثامن هذه البنود على العمل على تحقيق المساندة الكاملة الفعلية من الشعب المغربي للشعب العربي الفلسطيني في معركته التحررية ضد العدوان الصهيوني إلى أن تتحرر أرض فلسطين المقدسة من الاحتلال الاستعماري الصهيوني، ويسترجع شعب فلسطين لسيادته الكاملة على أرض أجداده» فيما جاء في البند التاسع للجمعية أنها «تتجنب كل تدخل في الشؤون الداخلية لشعب فلسطين، وكل ما من شأنه أن يعتبر أو يؤول كتدخل في شؤونه الخاصة»
رمز العمل السياسي الملتزم والصادق.
واستهل الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي عرضه في الندوة باسترجاع محطات مضيئة من حياته الدراسية، قاد الحضور للانخراط معه فيها، وقال إنه في منتصف الاربعينيات وهو طفل لم يتعد 6 سنوات حرص والده رحمة الله عليه كي يحضر تدشين مدرسة السوق بسلا والتي مثلت سنة 1946 النواة الأولى لمدرسة النهضة ترمي إلى إنشاء جمعية كانت رغبتهم مزج قضيتي نضال الشعب الفلسطيني والشعب الفيتنامي بحثا عن استمالة الرأي العام التقدمي العربي وإبراز فكرة أن نضال الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار الصهيوني ونضال الشعب الفيتنامي ضد الامبريالية الأمريكية هما نضالان توأمان.
وقال إن هذه المبادرة لم يكتب لها النجاح، إلا بفضل مجموعة ثانية بادرت إلى إعطاء الانطلاقة للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني» مضيفا أن السيد محمد الخصاصي سفير المغرب حاليا بسوريا اتصل به لكي يلتحق بالجمعية بصفته الشخصية والحزبية، وذالك - حسب مولاي اسماعيل العلوي - ما حصل فكان له شرف العمل في مكتبها تحت رئاسة السيد أبي بكر القادري.
وأخبر العلوي أن ما ميز قيادة المحتفى به للجمعية هو حرصه القوي على عدم الانفراد بالقرار من جهة، ومن جهة أخرى على تكريس فكرة عدم التدخل في الشؤون الفلسطينية بأي شكل من الأشكال ومساندة كل قرار فلسطيني يتخذ من قبل الهيئات القيادية التي أفرزها تطور نضال الشعب الفلسطيني نفسه، وأن القادري كان صارما في تثبيت هذا المبدأ بأسلوبه المتميز الذي يجسد المقولة «يد من حديد في قفازه خملي».
وألمح إلى أن هذا الأسلوب في الجمعية مكن كل أطياف الرأي العام المغربي المساند بصدق للنضال الشعبي الفلسطيني أن يتعايش داخل الجمعية، معربا عن كون الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني نموذج فريد من نوعه في البلدان العربية استطاعت أن تفرض وجودها رغم مناورات داخل المشهد السياسي الوطني ولم يكن ذلك ممكنا - برأي المحاضر - لولا حنكة وتبصر المجاهد أبي بكر القادري رمز العمل السياسي الملتزم والصادق.
الحرص على دعم فلسطين سياسيا وماديا وإعلاميا
واستحضر الأستاذ محمد اليازغي مكانة القدس في نفوس المغاربة، ووقف عند أبرز المحطات التي أثرت في القضية الفلسطينية خصوصا بعد فرض الانتداب البريطاني في المنطقة ووعد بلفور الذي كان يسعى أن يكون لليهود مأوى وليس وطناً!! بالإضافة إلى فاجعة هدم حي المغاربة في 1967 .
وأوضح أن المغاربة كانوا على اتصال دائم بفلسطين خصوصا الطلاب الذين درسوا في نابلس في عشرينيات القرن الماضي.
وأبرز أن المغاربة انخرطوا في هذه القضية انطلاقا من حرصهم على التضامن مع الفلسطينيين، تمثلت في الحملة الأولى التي قادها المرحوم الحاج أحمد بلافريج سنة 1927، وشارك فيها مختلف مكونات المجتمع المغربي، وقابلتها تضامن الحركة الوطنية في الشرق مع الحركة الوطنية المغربية ضد الاستعمار الفرنسي الذي أصدر سنة 1930 الظهير البربري الذي حاول تقسيم المغرب عرقيا، وهذا ما حرك - برأي الأستاذ اليازغي - منظمات عربية نددت بالظهير البربري...
وألمح إلى صراعات دول الجوار حول فلسطين ما أدى إلى تأزم القضية وأدخلها مرحلة خطيرة، وأن المنعطف القوي تمثل في بروز فصائل تحرير فلسطين، وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة المرحوم ياسر عرفات.
وقال الاستاذ اليازغي إن احداث منظمة التحرير الفلسطينية دفع إلى مبادرة تأسيس الجمعية المغربية لمساعدة الكفاح الفلسطيني، والتي انتخب فيها بالاجماع المجاهد أبو بكر القادري كاتبا عاما لها سنة 1970 ، وأن ماميز هذا التنظيم وجود تيارات سياسية وفكرية ونقابية ذات مرجعيات مختلفة، وأن القضية استطاعت أن توحد بين مكونات المجتمع المغربي.
كما ذكر بالمناسبة بالبنود المؤسسة للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني منها ماينص على تجنب كل تدخل في الشؤون الداخلية لشعب فلسطين وكل ما من شأنه أن يعتبر أو يؤول كتدخل في شؤونه الخاصة،، موضحا أن الجمعية تحرص على الدعم السياسي والإعلامي والمادي للقضية الفلسطينية..
محطات تاريخية في مسار القضية الفلسطينية
كلمة الأستاذ واصف منصور كانت مناسبة لاسترجاع المحطات التاريخية للقضية الفلسطينية منذ نهاية القرن 19 إلى اليوم.
وحرص منصور في كلمته التي استعرض فيها مراحل تطور القضية والصراعات التي أثرت في تعقيدها إلى تعزيز حديثه بتواريخ وأعلام وأماكن طبعت القضية، وبمواقف وتجاذب تيارات مختلفة، ومحاولات لتوظيف القضية في الحسابات السياسية القطرية خاصة في دول الجوار...
وقال إن القضية الفلسطينية مرت بثلاث مراحل، أولها في نهاية القرن 19 وبداية ق 20 وظهور ما يسمى بالمسألة اليهودية، وموقف الشعوب العربية من هذه المسألة، وظهور الحركة الصهيونية على يد مفكرين غير يهود سعوا لاستنزاف خيرات فلسطين وقيام كيان غريب فيها وذاك منذ وعد بلفور المشؤوم والذي شجع هجرة اليهود إلى فلسطين.
وأضاف أن هذه المرحلة هيأت الظروف لإقامة دولة إسرائيل خصوصا تزامن ذلك مع طرق مسألة تقسيم فلسطين سنة 1947 في الأمم المتحدة بين أصحاب الأرض ومن يملكون 5% منها فكان قرار التقسيم برأي منصور بين دولة عربية وأخرى عبرية وفرض التقسيم بالقوة بفعل الضغوط الأمريكية على دول أخرى صوتت لصالح إسرائيل.
ووقف منصور عند المرحلة الثانية التي قال إنها شهدت الصراع العربي حين قررت الجامعة العربية في 15 ماي 1948 إدخال جنود عربية الى فلسطين ، وما كلف هذا القرار من صراعات عربية عربية.. ثم عرج إلى مرحلة تأسيس حركة فتح في 01 يناير 1965 والتي كانت محطة بارزة في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وما تلى هذه المرحلة من انهزام الدول العربية في حرب 1967...
وأوضح أن سنة 1987 التي يؤرخ فيها لانتفاضة أطفال الحجارة حركت القضية الفلسطينية وأخرجتها الى العلن من جديد إلا أن حرب الخليج الأولى أوقفت المساعدات التي كانت تقدم للانتفاضة.
المرحلة الثالثة برأي واصف منصور تمثلت في الصراع الإقليمي بعد وصول الثورة الفلسطينية وإسقاط الخيار العسكري من قبل الدول العربية...
وعدد المواقف والقرارات العربية التي حالت دون تطور إيجابي للقضية، منبها إلى دور التنظيمات المدنية في المساندة والدعم منها الجمعية المغربية لمساعدة الكفاح الفلسطيني التي أسست لتكون مع الفلسطينيين الى حين تحرير وطنهم من قبضة الاحتلال الصهيوني..
ذاكرة جماعية في الوطنية والمقاومة
وفي شهادة للسيدة نادية الحاج إبراهيم الرقا، فلسطينية من قدماء مدرسة النهضة للمحتفى به ذكرت أن الأستاذ الرقا سافر في نهاية صيف 1957 قاصدا المغرب في بعثة تعليمية لبنانية تلبية لطلب من المغفور له محمد الخامس ، وتم تعيينه في مدرسة النهضة في سلا لتدريس مادة الرياضيات بالعربية، وقالت إن علاقة مصطفى الرقا بالسيد القادري كان فيها الكثير من التقدير المتبادل والحميمية، وليس أدل على هذا الصفاء والحب والاحترام المتبادل برأي نادية الحاج إبراهيم من استعمال السيد أبي بكر القادري كلمة عزيزة على القلب عندما ينعته بالوفي.
وأبرزت أن المجاهد أبا بكر القادري بالإضافة الى كونه رائدا من رواد الحركة الوطنية الأشاوس واسما مرجعيا في المشهد السياسي وذاكرة جماعية في الوطنية والمقاومة هو مبدع ومخطط استراتيجي خاصة بالمقاومة الثقافية أمام مستعمر مسلح بأحدث الأسلحة الثقافية والتقنيات، مشيرة الى المبادئ الأساسية التي رفعها حزب الاستقلال وفي مقدمتها الإسلام والعربية، وذاك ما وصف بالموقف الشجاع أمام ما يملكه المستعمر من أساتذة وكتب ومعدات وما يوجد بين يدي الحزب من أساتذة ونقص كبير في الكتب العربية.
وأخبرت بأن أبا بكر القادري أراد أن يضع من مدرسة النهضة حصناً من حصون الوطنية مسلحاً بالدين الحنيف ولغة القرآن الكريم. واستحضرت بالمناسبة استجابة المغاربة لدعوة المغفور له محمد الخامس الذي أوعز بخلق التعليم الحر المعرب على شاكلة التعليم الفرنسي ببرامجه ومواده ومستوياته، حيث أرسلوا أبناءهم إلى مدارس النهضة في سلا ومكناس وفاس، ومدارس محمد الخامس في الرباط، وكان طلاب هذه المدارس من خيرة العائلات المغربية، ولا أدل على نجاح المحتفى به في تحقيق أهدافه كما أوردت الرقا ميلاد جمعية قدماء النهضة التي من خلالها نقف عند إنجازات الأستاذ القادري التي لا تحصى...
وخلصت الى التذكير بالعلاقات التي كانت بين رجالات المغرب في الحركة الوطنية مع نظيرتيها في لبنان وسوريا وفلسطين منذ الثلاثينيات.
ونقلت بعض الصور لذاكرة مشرقة عن أهل فلسطين قبل أن يتم طردهم من ديارهم مستدلة بكتاب دومنيك فيدال comment israel expulsa les palistiniens.
مرددة القول: «نعم طردنا من بلادنا ولم نبع لا الأرض ولا العرض»...
حفظ الذاكرة الحضارية للمجتمع العربي الاسلامي
وفي شهادة ثانية في حق المحتفى به قدمها الأستاذ عبد الوهاب المريني باسم المكتب التنفيذي لجمعية قدماء النهضة تمحورت حول أبي بكرالقادري المحقق والمؤرخ والمحلل الاجتماعي والداعية المتنور وكاتب الترجمة الذاتية للغير...
واستهل المريني كلمته بالقول إن الكتابة عند الأستاذ القادري ليست سبيلا للشهرة حيث نال منها الكثير دون سعي منه، وليست حرفة أو مهنة للتكسب، وقد تجاوزت كتاباته الثلاثين عنوانا بالاضافة إلى المقالات والمداخلات في المجلات والمنابر العلمية والأكاديمية موزعة ومقسمة على محاور مختلفة ومتنوعة هدفها هو حفظ الذاكرة الحضارية للمجتمع العربي الاسلامي بشكل عام والمغربي بشكل خاص والسلاوي بشكل أخص أحيانا يجمع بينها قاسم مشترك : الانسان في صيرورته الفكرية ووظائفه وأدواره المختلفة.
وبيَّن المريني أن القادري عاش وكبر في عوالم السياسة والتعليم والادارة التعليمية، وهجر هذه العوالم بعد إدراكه أنه أعطى لها ما يجب إعطاؤه، وترك وراءه ماضيه الزاخر بالعمل مِلكا للآخرين يقرؤونه ويحللونه ويحكمون عليه، واعتكف منفتحا ومتفتحاً في غير إنزواء أو انطواء في محراب بناه من الأقلام والأوراق والكلمات وجعل الكتابة قربانه لخدمة الفكر الانساني، مساهما في إحياء ذكرى شخصيات عربية ومغربية وسلاويه أخرج بعضها من ظلام النسيان إلى دائرة الضوء، وبوأها مكانتها في متحف تاريخ الفكر الانساني، وجعل اسماءها تلمع وتتألق في رفوف المكتبات وأروقة الخزانات الخزانات.
ومن بين السمات المتعددة التي يتميز بها المحتفى به، قال المريني إنه لم يدرس في كلية أو جامعة قواعد ومنهجية الكتابة الأدبية والتاريخية، بل هو كاتب بالفطرة والسليقه، الكتابة عنده عطاء إنساني تلقائي فيها كثير من الموضوعية وبعض الذاتية التي لا يخلو منها قلم كاتب موهوب، يكتب عن التاريخ والانسان، مبرزا أنها ذاتية متخلقة ليس فيها غرور أو تكبر أو تحامل على الغير، وتحترم الآخر وتكرمه...
في كلمة صادقة للمجاهد أبي بكر القادري : سيظل أبناء هذا الوطن أوفياء له
الحمد لله وحده،
أبنائي وبناتي، إخواني وأخواتي
في الواقع إنني خجول أن أقف أمامكم لأشكركم على الالتفاتة التي تعبر عن حب صادق، طاهر تعبر أن المغرب بلد وفي، بلد أبناؤه وبناته لهم ارتباط عميق به وتعلق صادق بوطنهم العربي.
لقد سررت أيما سرور، وأحمد الله أن أرى - في حياتي - أبنائي وبناتي الذين تربوا على يدي مبادئ الفضيلة والطهر والوفاء والتمسك بالعقيدة والوطنية...
إني لأسعد اليوم وأنا أرى هذه الثمار اليانعة تقدم لي باقة من الأزهار، صادقة في تعبيرها متعلقة بمقدسات وقيم هذا الوطن..
لا أود أن أطيل عليكم وأنا متعب، رغم أن التعب لن يقلل من رغبتي للتعبير عن مدى سعادتي في هذه الجلسة التي أؤكد أنها تدل على الصدق والنبل، وأن أبناء هذا الوطن سيظلون أوفياء له...
شكراً جزيلا لكم...
إنني لا أود أن أترك كلمتي دون أن أتحدث عن القضية الفلسطينية، قضية تحرير وإنقاذ القدس من براثن الاستعمار الاسرائيلي، كنا ولازلنا نعتبر القضية الفلسطينية مقدسة وسنبقى دائما أوفياء للقدس الشريف ولفلسطين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.