البرلمان البرتغالي يناقش مقترح الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء    قراءة في مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي الجزء الثالث والأخير: مشروع يخلط بين رؤى متنافرة    لليوم الثالث على التوالي.. "جيل Z" يخرج إلى الشوارع ويغير "طكتيك" الاحتجاج            تراجع طفيف لأثمان الإنتاج الصناعي    اقتراع سوريا يستبعد "مؤيدي الأسد"    الأردن يحرك ملفات الإخوان المسلمين    ترامب يلتقي نتانياهو بشأن "حرب غزة" .. ضغوط متزايدة وتوافقات مفقودة    محمد وهبي: المنتخب المغربي أحسن استغلال نقاط ضعف نظيره الإسباني    "البرازيل U20" تتعادل مع المكسيك    طقس الاثنين.. جو حار مع زخات رعدية في بعض المناطق    الصين تهدف تحقيق نمو يزيد عن 5 في المائة في صناعة البتروكيماويات خلال 2025-2026        زخات رعدية قوية مرتقبة بأوسرد ووادي الذهب            رؤساء جمعيات آباء وأمهات التلاميذ يتدارسون بالجديدة مشاكل المنظومة التربوية وبنية المؤسسات التعليمية    تقرير: "جنوى" الإيطالي مهتم بزياش    إلياس فيفا يتوج في مدينة البيضاء    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    القاهرة تكرم الراحلة نعيمة سميح    قمع مفرط في احتجاجات جيل Z بالمغرب.. بين انزلاقات فردية ومسؤولية مؤسساتية    التضليل الإلكتروني بمؤامرة جزائرية لخلط الأوراق: مشاهد قديمة تُقدَّم كأحداث راهنة بالمغرب    البطولة: الوداد الرياضي يعود لسكة الانتصارات من بوابة نهضة الزمامرة    المغرب: الإعلامي والأديب سعيد الجديدي في ذمة الله    احتجاجات شباب جيل "Z" تتسع في البيضاء والسلطات تتصدى بقوة للمحتجين في مدن أكادير وطنجة وتطوان    احتجاجات جيل الشباب بالمغرب: ما بين الحاجة إلى الإصلاح وتحدي ضبط الشارع    وزارة الخارجية الأمريكية تبرز مؤهلات المغرب ك"قطب استراتيجي" للأعمال والصناعة    شفشاون.. الوجهة المفضلة للسياح الصينيين في المغرب    تتويج فائزين في مسابقة حفظ القرآن    مؤتمر "عالم الصيادلة" يتنقد تجاهل الحكومة وإقصاء الصيدلي من المشاركة في بلورة السياسة الصحية    ‬محاولات ‬الاقتراب ‬من ‬جيل ‬z ‬‮..‬ زورو ‬يقود ‬الربيع ‬الدائم‮!‬    "البيجيدي" يحمل الحكومة مسؤولية احتجاجات شباب "z" ويدعو للتعامل معها بأفق استيعابي ومقاربة حكيمة        تقرير: طنجة المتوسط يجعل إفريقيا فاعلا رئيسيا في التجارة البحرية العالمية    ترامب يلمح إلى "شيء لافت" في محادثات الشرق الأوسط قبل لقاء نتنياهو    حرف "زيد " من الحياة عند الإغريق إلى هوية جيل يتبلور في المغرب    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد    السينما تلتقي بالموسيقى في برنامج فني إبداعي في مهرجان الدوحة السينمائي        عابد والحداد وبلمو في ليلة شعرية استثنائية بين دار الشعر والمعهد الحر بتطوان    إصابة كارفخال تزيد متاعب الميرنغي عقب الهزيم أمام أتلتيكو    ما هي العقوبات التي أعيد فرضها على إيران؟    طقس الأحد.. رياح قوية وتطاير غبار بعدد من مناطق المملكة    الموت يغيّب الإعلامي سعيد الجديدي    المغرب ومنظمة الطيران المدني الدولي يوقعان اتفاقا لتطوير تعاونهما        مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التربية القرآنية والنبوية
نشر في العلم يوم 01 - 04 - 2011


القرآن الكريم كتاب هداية وتربية
قال الله تعالى: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم» [سورة الإسراء]، وقال: «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمومنين، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا» [سورة الإسراء].
وتربية النفس الإنسانية وتزكيتها ضرورة حيوية. وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هوالمربي الأعظم، ولذلك كان هو مصدرالتزكية الروحية، فخلقه هوالقرآن الكريم. قال الله سبحانه:{هوالذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [سورة الجمعة] . فالتزكية الروحية من وظائف النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
وتتجلى قيمة التربية الإسلامية التي تبدأ من التربية الروحية والتربية العقلية ثم تتدرج بصا حبها في مدارج المعرفة والا رتقاء الروحي والسمو الخلقي، في ثمارها الفردية والأسرية والا جتماعية والحضارية .
حيث إن قلب الإنسان هو مناط الا ستقامة والصلاح في حالة التزكية ، أوالا نحراف والفساد في حالة التدسية. قال الله تعالى: «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» [سورة الشمس] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [رواه الشيخان].
فصلاح قلوب الأفراد منبع الخيرات الفردية والا جتماعية، إذ بصلا حها يسعد المجتمع ويرشد، ولا سبيل إلى هذا الصلاح إلا بالتربية .
ومصادرالتربية في الإسلام هي القرآن الكريم، والسنة النبوية ، والقدوة المحمدية ، وما يستمد من هذه المصادر من مواعظ وإرشادات ، والطرق التربوية المستنبطة من سيرة خيرالخلق صلى الله عليه وسلم فهو المعلم الأعظم ، والمربي الأكرم . وقد قال صلى الله عليه وسلم:«إنما بعثت معلما» [رواه ابن ما جة] . وقال:«إ نما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» [متفق عليه] .
وهوالقدوة الحسنة والأسوة المثلى للمؤمنين، وللعلماء المربين، الذين يجدون في سيرته الفيحاء وسنته الغراء طرقا تربوية حكيمة يسلكونها وهم يسعون إلى تربية الأجيال عبرالعصور.
فتفسيرالقرآن الكريم، وذكرما فيه من قصص الأولين، وشرح السنة النبوية وبيان مكنوناتها التربوية ،وتدريس السيرة العطرة واستخراج دروسها التي تبني شخصية المسلم، والوعظ والإرشاد ...كل ذلك من السبل المتاحة للعالم الرباني لتربية المسلمين تربية إيما نية يرضاها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى الممارسة التعبدية ولا سيما قراءة القرآن المجيد، والإكثارمن ذكر الله تعالى، والصلاة، والصوم.
وهذا يؤكد ما للتربية الإسلا مية المتكاملة من أدوارتصحيحية وتقويمية، بنائية وتحريرية، إذاقام بها العلماء الربانيون، وتجاوب معها الجمهورالمتعطش للمعرفة والأخلاق الحميدة.
قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في كتاب «رياضة النفس وتهذيب الأخلاق ومعالجة أمراض القلب » من موسوعته«إحياء علوم الدين»:
«فالخلق الحسن صفة سيد المرسلين وأفضل أعمال الصديقين وهو على التحقيق شطرالدين وثمرة مجاهدة المتقين ورياضة المتعبدين، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة
والمهلكات الدامغة والمخازي الفا ضحة والرذائل الواضحة والخبائث المبعدة عن جواررب العالمين المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين، وهي الأبواب المفتوحة إلى نارالله تعالى الموقدة التي تطلع على الأفئدة كما أن الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان وجوار الرحمان، والأخلاق الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس إلا أنه مرض يفوت حياة الأبد. وأين منه المرض الذي لا يفوت إلا حياة الجسد؟ ومهما اشتدت عناية الأطباء بضبط قوانين العلاج للأبدان وليس في مرضها إلا فوت الحياة الفانية. فالعناية بضبط قوانين العلا ج لأمراض القلوب وفي مرضها فوت حياة باقية أولى. وهذا النوع من الطب واجب تعلمه على كل ذي لب إذ لا يخلو قلب من القلوب عن أسقام لوأهملت تراكمت وترادفت العلل وتظاهرت فيحتاج العبد إلى تأنق في معرفة عللها وأسبابها ثم إلى تشميرفي علا جها وإصلا حها.فمعالجتها هو المراد بقوله تعالى «قد أفلح من زكا ها» [سورة الشمس] ،وإهمالها هوالمراد بقوله «وقد خاب من دساها» [سورة الشمس].
القرآن الكريم والكتاتيب القرآنية
القرآن الكريم منبع التربية الإسلامية القويمة، ولذلك اعتنى علماؤنا با ستنباط دقائقه التربوية، ومواعظه وحكمه الربانية، وإرشاداته وإشاراته التهذيبية، من أجل بناء الشخصية المسلمة المتزنة الصالحة المصلحة ، حتى برزفي هذا المضمار علماء النفس والتربية المسلمون بنظريا تهم الوجيهة المتوازنة.
وكانت عناية علماء المسلمين بالقرآن الكريم ولا تزال حفظا وتحفيظا، وأداء وتجويدا، ومدارسة وتعليما، من سبل غرس القيم الإسلا مية العظيمة في النفوس، وتربية الناشئة والكهول عليها من خلال المواعظ والدروس.
وعناية المغاربة بالكتاتيب القرآنية التي تحتضن الصبيان ليتعلموا فيها القرآن ومبا دئ اللغة العربية، جلية عبرتاريخ المغرب. فمن العلماء الذين وضعواقواعد تعليم القرآن المجيد ببلا دنا محمد سحنون في «أدب المعلمين» وأبوالحسن علي بن خلف القابسي في «الرسالة المفصلة لأحوال المعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين» وابن الحاج العبدري في «المدخل» وأبو علي اليوسي في كتاب «الفانون» وعبد الرحمان بن عبد القادر الفاسي في «الأقنوم في مبادئ العلوم» ومحمد المساري في «سراج طلا ب العلوم» وأبوعبد الله بن مسعود بن أحمد بن محمد الطرنباطي في «أقصى المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام» وأحمد بن أبي جمعة المغراوي في «جامع مختصرفي أحكام المعلمين والمتعلمين».
وكان مفتشوالكتاتيب القرآنية يحرصون على المحافظة على ضوابط علم القراءات، وحسن التحفيظ والحفظ، والتجويد والكتا بة والرسم والضبط، بالإضافة إلى الجوالشرعي الأخلاقي العالي الذي يجب أن يتم فيه تعلم القرآن العظيم وتعليمه، وكذلك الا هتمام بالمتخرجين في هذه الكتاتيب القرآنية وهم حملة القرآن، والمراحل التعليمية التي يمرون بها. وقد قامت الكتاتيب القرآنية في فترة مقاومة الا ستعماربترسيخ حفظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية وهو ما كان يحاربه المستعمربكل ما أوتي من حيل وكيد وقوة وبطش . لكن التعليم القرآني في هذه الكتاتيب نجح في تحصين الشخصية الإسلا مية المغربية ضد مقوضات الغزو التخريبي والإفساد المتزيي بزي المدنية. وذلك عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [رواه البخاري في صحيحه] ، وقوله صلى الله عليه وسلم «أشراف أمتي حملة القرآن» [رواه الطبري في الكبير]، وقوله صلى الله عليه وسلم «أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن» [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان] . واستمردورالكتا تيب القرآنية في تخريج الأخيارحفظة القرآن الكريم الأبرارعلى أحسن وجه. وليس يقدر هذا الدورالتربوي حق قدره إلا من أدرك مدى خطورة ما كان يسعى إليه المستعمرالذي عارض الكتا تيب القرآنية وحاربها. لهذا كان دورالقائمين عليها من مقرئين ومدررين ومفتشين بالغ الأهمية للحفاظ عليها ودعمها وإبقاء شعلتها النورانية وقادة نفا عة، يتخرج في نورها العلماء العاملون، والوطنيون المجاهدون الذين قاوموا
الا ستعمارومخططاته الماكرة التخريبية، وفي ذلك تشجيع لحفظة القرآن الكريم، وتمهيد السبيل الصحيح لتلقين الأطفال كتاب الله العزيز بمنهجية سليمة. وقد قيل:
لولا المعلمون الصبيان لا نقرضت رواية القرآن
واندرست رسوم كل علم فهي لدين الله أي رسم
فا المسيد أو الكتاب القرآني وسيلة مثلى لتهذيب الأطفال وبناء شخصياتهم بناء متكاملا فاضلا، مثلما هو فضاء لحفظ القرآن المجيد وتعلم مبادئ اللغة العربية. وكل هذا من العناية البالغة بكتاب الله العزيز، وتنشئة النشء على حفظه وتجويده والعمل به واحترامه والتخلق بآدابه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.