توقفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عند تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال المقابلة مع صحافيين جزائريين من وسائل إعلام عامة والتي بُثَّت مساء أول أمس السبت على التلفزيون الجزائري، لا سيما وصفه الوضع السياسي في فرنسا بأنه "ضوضاء" و"فوضى"، مع الحرص على عزله عن علاقته بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اعتبر الرئيس الجزائري أنه "مرجعيته الوحيدة" لحل الخلافات بين البلدين.
وأوضحت صحيفة لوفيغارو أنه في باريس، كان هناك شعور معين بالرضا في كواليس الدبلوماسية عقب تصريحات الرئيس الجزائري: "تم تمرير جميع الرسائل للتعبير عن أننا مستعدون للحوار مع بعضنا البعض. الآن، سنحاول تحقيق ذلك. كل شيء ما يزال هشا جدا، لكنه كان أخف قليلا مما كان عليه قبل عشرة أيام".
وسجلت الصحيفة، أنه في باريس، يُفهم أن الفريق المكلف "بإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح" قد تحدّد بالفعل، وهم الرئيسان ووزيرا خارجيتهما، مبينة أنه منذ بداية العام، اقترح رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان- نويل بارو، مرتين على السلطات الجزائرية زيارة الجزائر "لمعالجة جميع القضايا"، فلم تنجح المحاولة الأولى، لكن الثانية لقيت ترحيبا إيجابيا.
وسط ذلك، التقى وزير الخارجية الفرنسي بنظيره الجزائري على هامش قمة مجموعة العشرين في روما، كما حضر جان- نويل بارو حفل الإفطار في مسجد باريس الكبير، بناءً على دعوة من عميده، شمس الدين حفيظ، الذي أصبح اليوم بمثابة سفير غير رسمي منذ سحب الجزائر سفيرها من باريس في يوليوز الماضي، تقول الصحيفة الفرنسية، موضّحة أن حضور الوزير الفرنسي قوبل ب"تقدير خاص" في الجزائر.
من الجانب الجزائري، جاءت الإشارة الأهم من خلال التسارع المفاجئ في قضية الكاتب الفرنسي- الجزائري، بوعلام صنصال، المحتجز في الجزائر منذ 16 نونبر الماضي، والذي مثل أمام محكمة جنائية يوم الخميس 20 مارس الجاري.
واعتبرت لوفيغارو أن كل من يعرف كيفية عمل النظام الجزائري يتوقع نهاية إيجابية: إدانة -حتى لا تفقد الحكومة الجزائرية ماء وجهها- يليها عفو، حتى لا يظل هذا الملف عائقا أمام استئناف الحوار بين الجزائروباريس.
وأشارت الصحيفة إلى تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس الماضي بأنه يثق في "بصيرة" عبد المجيد تبون "ليدرك أن كل هذا ليس جديا، وأننا نتعامل مع كاتب عظيم، وهو مريض أيضا".
في باريس، تُتابع صحيفة لوفيغارو، يُعلّقون الآمال في أن "الخطوط تتحرك لصالح أولئك الذين يدعون إلى التهدئة"، دون إنكار الصعوبات. فما تزال "المسائل العالقة" كما يُطلق عليها، قائمة. "بمجرد أن نبدأ الحديث مجددًا، سيتعين علينا معالجة القضايا الصعبة: مسألة الهجرة، ملف الذاكرة، النزاعات الاقتصادية". ومن بين التحديات الكبرى، مسألة إعادة طرح قائمة المواطنين الجزائريين غير النظاميين في فرنسا، الذين ترغب باريس في ترحيلهم إلى الجزائر، توضّح الصحيفة الفرنسية.
كما أن الرفض النهائي للقضاء الفرنسي تسليم الوزير الجزائري الأسبق، عبد السلام بوشوارب، المقيم في فرنسا منذ عام 2019، أثار استياء وزارة الخارجية الجزائرية، التي نددت ب"المماطلات والمراوغات غير المبررة وغير المفهومة من الجانب الفرنسي".
داخل دوائر السلطة الجزائرية، تقول صحيفة لوفيغارو، يتم التقليل من حدة الأزمة بسخرية: "الغضب قد مر، والجميع أدرك مصالحه. ربما الوضع ليس بالسوء الذي تصفه القنوات التلفزيونية الفرنسية!".
ونقلت لوفيغارو عن مصدر دبلوماسي وهو يبتسم: "هل سمعتم ما قاله الرئيس؟ لقد مررنا بلحظات من رياح السيروكو ولحظات من البرودة. هكذا هي العلاقات".