عاد الشاب المغربي يونس بطاحي إلى وطنه يوم الأحد الماضي بعد تجربة استثنائية في "أسطول الصمود العالمي" لكسر الحصار عن غزة، وذلك بعدما حالت مجموعة من العراقيل التقنية والبيروقراطية دون استكمال رحلته. في حوار حصري خص به "الأيام 24"، كشف بطاحي أن السفينة الأولى التي كانت تقل الوفد المغربي لم تتمكن من الاستمرار بعد انسحاب القبطان لأسباب شخصية أثناء توقفها بميناء بورتو باولو في جزيرة صقلية، في حين منعت التعقيدات البيروقراطية في تونس السفينة الثانية من الإبحار، إضافة إلى إخفاق الفريق في إيجاد قبطان تونسي بديل، كما أشار إلى أن ستة مغاربة آخرين بقوا عالقين في بورتو باولو بسبب أعطال تقنية في السفينة، ومن المحتمل أن يضطروا للعودة إلى أرض الوطن.
ورغم عودته إلى المغرب بمعية مشاركين آخرين، واصل بقية الوفد المغربي رحلته نحو غزة، على متن سفن جديدة، من بينها السفينة الماليزية فاميليا نو سانتانا، التي سيبحر عليها المهندس المغربي عبد الرحيم الشيخي للالتحاق بسفينة دير ياسين التي يبحر على متنها كل من عزيز غالي وأيوب حبراوي والتي توجد حاليا بالمياه الإقليمية اليونانية.
وتحدث بطاحي في الحوار عن شعوره بالمسؤولية تجاه المستضعفين، وما واجهه الأسطول من تحضيرات مكثفة، عراقيل بيروقراطية وقانونية، أعطال تقنية، ومحاكاة للتعامل مع الاعتراضات المحتملة، في تجربة فريدة جمعت متطوعين من 44 جنسية.
وفي هذا الحوار، يلمح بطاحي إلى الرسائل الإنسانية والسياسية القوية التي يحملها الأسطول، مع إبقاء القارئ على أهبة الانتظار لاكتشاف تفاصيل مثيرة عن صمود الشباب المدني في مواجهة الصعوبات وكسر قيود الحصار عن قطاع غزة.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
1. بداية، من هو يونس بطاحي الإنسان قبل أن يكون ناشطا شارك في أسطول الصمود؟ وما الذي دفعك شخصيا لاتخاذ قرار المشاركة؟
* يونس بطاحي قبل أن يكون مشاركا في أسطول الصمود هو شاب بسيط في عشريناته، مقاول وباحث في سلك الدكتوراه، ويناضل من موقعه كعضو سكرتارية مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، قرر ألا يقف مكتوف الأيدي أمام هول المجازر اليومية والتي تبث على المباشر بحصيلة من مئات الشهداء. هو مجرد شاب مغربي صرخ في كل الساحات المغربية ضد تدنيس تاريخ بلده المشرف بالتعاون مع الإرهابيين المدعومين من النظام الاستعماري الذي احتل أرضنا ذات يوم.
2. كيف استقبلت عائلتك قرارك الإبحار نحو غزة في مهمة محفوفة بالمخاطر؟
* بكل صراحة كانت عائلتي متخوفة جدا من مشاركتي في الأسطول والتي ترى فيه مواجهة لمتوحشين لا عقل لهم ولا أخلاق، لكنهم أدركوا بوعي أن تربيتهم لي هي التي جعلتني لا أتردد في المشاركة ونصرة المستضعفين.
3. ما هو الشعور الذي رافقك وأنت تعلم أنك متجه نحو منطقة محاصرة منذ أكثر من 17 عاما؟
* الشعور الذي رافقني هو شعور بالتقصير إزاء المضطهدين في غزة والذين يعيشون كابوسا يوميا، التقصير يأتي من كون هذه المبادرة العالمية أتت متأخرة جدا وفي نفس الوقت شعور بالمسؤولية في المساهمة كما ساهم أجدادنا وأسلافنا في دحر المحتل و طرده.
4. كيف كانت التحضيرات داخل الأسطول قبل الانطلاق؟ وهل كان هناك تدريب خاص على التعامل مع المخاطر المحتملة؟
* لقد جرت التحضيرات على قدم و ساق رغم ما شابها من تعثرات، لكنها طبيعية، كوننا نتحدث عن أسطول مدني ضخم نظمه أشخاص عاديون من 44 جنسية وكل وفد يتكون من عشرات المتطوعين وكانت هناك تداريب صارمة في مجالات عدة منها ما هو قانوني ونفسي وتداريب تهم بروتوكول التعامل مع اعتراض السفن. لقد كانت التداريب نظرية وتطبيقية شملت محاكاة لعملية الاعتراض لتجنب ارتكاب أي اخطاء تعطي فرصة لإسرائيل واستباق السيناريوهات المحتملة.
5. ما أبرز الصعوبات والعراقيل التي واجهوتموها؟
* واجهنا عراقيل بيروقراطية قاسية، فسفن عديدة منعت من مغادرة الميناء لتعقيدات قانونية وتقنية. منها سفن أتت من إسبانيا وبقيت في تونس. كما أن سفينة مغربية اسمها "المقصود الله" والتي كنت ضمنها، باءت كل محاولات إبحارها بالإخفاق بينما حالت الأعطاب التقنية دون استكمال سفينة "علاء الدين" التي تضم مغاربة لرحلتها.
6. ما الذي يحمله الأسطول؟ هل من مساعدات إنسانية وطبية لسكان غزة؟
* يحمل الأسطول مساعدات غذائية وأدوية بكميات رمزية والهدف الأساسي هو كسر الحصار المفروض على أهل غزة بريا وبحريا وجويا وتأمين خط مساعدات مستدام نحو غزة.
7. حدثنا عن المشاركين والمشاركين بالأسطول وخاصة عن الوفد المغربي؟
* هناك قصص في الكواليس تستحق أن تحكى عن مشاركين استقالوا من وظائف أحلامهم من أجل الالتحاق بالأسطول أو وحيد والديه الذي ودعهم وأتى مع نظرائه من مختلف الأديان والثقافات والإيديولوجيات ومن القارات الخمس إلى تونس.. تونس إرادة الشعوب وقبلة كل محبي فلسطين ووجهة يحلم بفجر الحرية وتفكك الصهيونية. أما المشاركون المغاربة فهم عبارة عن نشطاء ومناضلين، أطباء، مهندسين ميكانيكيين وبحارة من أعمار مختلفة وساد في صفهم جو جميل ولحظات تظل راسخة في أذهاننا طبعها التعاون المتبادل بين الصغار والكبار و المعنويات المرتفعة لكل المتطوعين الذين تركوا أعمالهم وأسرهم من أجل غزة.
يونس بطاحي المشارك المغربي ضمن أسطول الصمود العالمي لفك الحصار عن قطاع غزة
8. ما الرسالة التي يوجهها أسطول الصمود للمجتمع الدولي في ظل استمرار الحصار على غزة؟
* الرسالة التي يوجهها أسطول الصمود للمجتمع الدولي هي أن هذه المبادرة هي رد فعل شعبي مدني تجاه صمت الحكومات وتواطؤها، ولو قامت الحكومات والأنظمة بالضغط الكافي لما اضطر شباب مدنيون للمغامرة بحياتهم والقيام بما يفترض أن يقوم به من تملص من مسؤوليته.
9. بصفتك مغربيا، كيف ترى ارتباط المشاركة في هذه المبادرة مع موقف المغرب التاريخي من القضية الفلسطينية؟
* للمغاربة تاريخ طويل ومشرف في علاقتهم مع فلسطينوالقدس تحديدا، روابط و محطات تاريخية منذ تحرير القدس من الصليبيين وتخصيص صلاح الدين الأيوبي حارة لهم في القدس إلى مشاركة المغاربة في العمل المقاوم بجميع أنواعه منذ نكبة 1948، وهذه المشاركة المغربية هي امتداد طبيعي لكل ما سبق من روابط مهما حاول بعض المتصهينين نفي ذلك أو طي صفحات هذا التاريخ المشرق.
10. هل تشعرون أن الرأي العام العالمي بات أكثر التفاتا إلى معاناة الغزيين مع استمرار الحرب؟
* هذه المبادرة الشعبية العالمية مهمة في زيادة الضغط السياسي على الإحتلال المجرم الذي يرتكب الفظائع يوميا و ما وقع في إيطاليا مؤخرا من إضراب عام شل كل القطاعات و دفع بالحكومة إلى تخصيص سفينة حربية لمرافقة الأسطول، هو خير مثال على حجم التأثير الذي نتحدث عنه.
11. ما هي أكثر السيناريوهات التي يستعد الاسطول لمواجهتها في عرض البحر، خصوصا أمام تهديدات البحرية الإسرائيلية؟
* أثناء التداريب طرحت ثلاث سيناريوهات منها (وهو المرجح) اعتراض السفن عسكريا وقد صورنا جميعنا فيديوهات تنشر تلك اللحظة تكون رسالة لسلطات وشعوب بلداننا، ثم سيناريو العرقلة البيروقراطية، وهو ما عانينا منه في السفينة المغربية "المقصود الله" حيث لم تستطع للأسف اللحاق بالأسطول وسيناريو الوصول لغزة الذي رغم أن احتماله ضئيل وعدم واقعي، لكننا أعددنا له كذلك في كيفية التعامل معه، خاصة أول سفينة شاركت لكسر الحصار 2008 بقيادة الناشطة غريتا برلين نجحت في الوصول وأفلحت في استدامة خط مساعدات بحري مدني نحو غزة واللافت في القصة أنه شارك في تلك السفينة الصغيرة 44 جنسية بينما اليوم شارك في الأسطول 44 وفد من كل القارات.
12. هل هناك خطط بديلة لدى المنظمين في حال منع الأسطول من الوصول إلى سواحل غزة؟
* الخطط البديلة هو تنظيم المزيد والمزيد من الأساطيل الشعبية حتى كسر الحصار.
13. ما هي رسالة الوفد المغربي في حال تم اعتراضه بالقوة أو اعتقاله؟
* رسالتنا كوفد ورسالة المتبقين في البحر هو أن هذا الكيان المارق الذي له وقعت معه السلطات المغربية اتفاق تطبيع لن يتوانى في استهداف المغاربة المشاركين في الأسطول، وبالتالي فعلى من يعنيه الأمر أن يوقف اتفاق التطبيع مع الإرهابيين الذي سبق لهم أن أطلقوا عيارا ناريا في اتجاه السفير المغربي في فلسطين ولم يكن هناك أي رد فعل محترم.
14. ما الذي تريد أن تقوله اليوم لأطفال غزة الذين ينتظرون هذا الأسطول؟
* رسالتنا لأطفال غزة هو أنن يسامحونا كثيرا لأننا تأخرنا كثيرا ولن يكون هذا هو الأسطول الأخير، بل ستكون هناك أساطيل شعبية يقودها أحرار العالم إلى حين كسر الحصار و إيقاف حرب الإبادة و التجويع الهمجية.
15. ما آخر تطورات أسطول الصمود وما هي الأخبار الجديدة حول مسار الرحلة؟ حاليا، يشهد الأسطول تحركات متواصلة رغم العراقيل السابقة. فقد تم اقتناء سفينة ماليزية جديدة باسم "فاميليا نو سانتانا" ليواصل المتطوعون مهمتهم، حيث سيبحر عليها المهندس عبد الرحيم الشيخي للالتحاق بسفينة دير ياسين التي يبحر على متنها كل من عزيز غالي وأيوب حبراوي في المياه الإقليمية اليونانية.
في المقابل، لا يزال ستة مغاربة عالقين في ميناء بورتو باولو بسبب أعطال تقنية في سفينتهم، ومن المحتمل أن يضطروا للعودة إلى المغرب، فيما واصل بقية الوفد رحلته نحو غزة. هذه التحركات تعكس الإصرار الكبير لدى المشاركين على استكمال المهمة الإنسانية رغم الصعوبات اللوجيستية والسياسية، وتؤكد أن الأسطول يواصل العمل على كسر الحصار وتوصيل المساعدات إلى المحتاجين.