كشف عبد الله البقالي عضو اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، اليوم الجمعة، بعض الكواليس المرتبطة بقضية عدم تجديد بطاقة الصحافة المهنية الخاصة بالصحافي حميد المهداوي، ثم فضيحة الفيديو المسرب للجنة التأديب والأخلاقيات باللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، التي حرّكت المياه الراكدة وأحدثت زلزالا في الوسط الصحفي والحقوقي والسياسي بالمغرب.
شهادة البقالي في هذا الملف الذي هزّ مختلف أطياف الرأي العام الوطني ومازالت تداعياته المزلزلة تتصدر واجهة النقاش بالمغرب؛ بدأها من أصل المشكل؛ أي قرار اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، الذي قضى بعدم منح المهداوي بطاقة الصحافة، بدعوى عدم استيفائه الشروط القانونية اللازمة، وعلى رأسها إثبات أن دخله الأساسي ناتج عن ممارسة مهنة الصحافة وفق ما ينص عليه القانون المغربي، موضحا في شريط فيديو بثه على قناته ب"يوتيوب"، أنه عندما وضع مدير نشر "بديل" طلب تجديد بطاقة الصحافة على المنصة الإلكترونية المحدثة لهذا الغرض، وقع تأخير في الرد عليه، مما دفعه إلى الاستفسار عن السبب، لكنه لم يتلق جوابا مقنعا، فبادر إلى التواصل مع البقالي بصفته رئيس لجنة البطاقة المهنية. وبعد مراجعة ملفه تم التوصل إلى أنه يستوفي جميع الشروط المطلوبة، "وبالتالي لم يكن هنالك أي مبرر للتأخير"، يقول البقالي وهو يسرد وقائع الأحداث بتسلسل، مضيفا: "استفسرتُ بهذا الخصوص، لكن لم أتلق أي جواب، فقررتُ بعد ذلك تحمل مسؤوليتي كرئيس لجنة منح البطاقة المهنية بأن طلبتُ من الطاقم التقني للمجلس تحويل الملف إليّ والتأشير على موافقتي عليه، لينتقل الطلب إثر ذلك من مرحلة "قيد المعالجة" إلى "الموافقة"، وعندما انتقلتْ زوجة المهداوي إلى مقر المجلس لسحب البطاقة الجاهزة لم تحصل عليها، لأنه أعيد إلى مرحلة "قيد المعالجة" على واجهة المنصة الإلكترونية".
وأكد البقالي أنم لم تتم استشارته بخصوص قرار إلغاء الموافقة على منح المهداوي بطاقة الصحافة، وهو ما كان موضوع احتجاج من طرفه لدى رئاسة اللجنة المؤقتة، التي أبلغته أن "ملف الزميل لا يستوفي الشروط"، لكن، يشدد المتحدث: "لم أقتنع طبعا بهذا الرد ولم أكن راضيا عليه، لأنني تأكدت بنفسي أن ملف المهداوي متكامل ولم يختلف عن ملفات السنوات الفارطة ولا عن باقي ملفات الزملاء في موقع "بديل" نفسه، وبالتالي طرحتُ الإشكال باحتجاج، فما كان من رئاسة اللجنة إلا نقل الخلاف من لجنة بطاقة الصحافة إلى الجمعية العمومية، فتم إدارجه في اجتماع قيل فيه إن الخلل الحاصل يكمن في أن من بين الشروط المطلوبة أن يكون الدخل الرئيسي للصحافي من مجال الصحافة وليس "يوتيوب".
خلال نفس الاجتماع، يحكي القيادي النقابي ذاته، أنه أبدى شبه موافقة على الدفع المقدّم من لدن اللجنة بشأن وضعية المهداوي، لكن شريطة اعتماده كقاعدة عامة تطبق على جميع الحالات المشابهة، غير أنه كان هو العضو الوحيد الذي دافع عن أحقية المعني بالأمر بالحصول على البطاقة، والمثير في الأمر أن هناك من بين الأعضاء الذين لم يدلوا بأي وجهة نظر، لكن اللجنة المؤقتة كان لها رأي آخر وهو الإصرار على رفض الطلب"، بعد ذلك، يتابع البقالي: "أصررتُ على موقفي وأنا في الاجتماع، وطلبت تدوينه في المحضر، واعتبرت أن القرار تشتم منه رائحة استهداف حميد المهداوي، ثم أعلنت انسحابي من الجلسة".
بالموازاة مع ذلك، يوضح البقالي، كانت هناك مسطرتين جاريتين في حق المهداوي، وخلال جلسة التأديب الخاصة بإحداها والتي حضرها بمعيته النقيب عبد الرحيم الجامعي، قررت اللجنة بطلان متابعته مع إصدار توصية بحذف الفيديو موضوع المتابعة من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، فعبّر دفاعه عن ارتياحه لهذا القرار، ليقوم المعني بالأمر، وهو مازال ماثل أمام اللجنة، بتنفيذ مضمون القرار كما هو، أي إزالة الفيديو من قناته.
بعد معالجة هذه النازلة، تواترت الشكايات ضد المهداوي بشكل مريب، يكشف البقالي، فتم إحالة شكاية ثانية على اللجنة تتعلق بتصريح أدلى به عقب خروجه من المحكمة (في إشارة إلى عبارة "سلكوط" تلفظ بها المهداوي)، قُبلت الشكاية في إطار الإحالة الذاتية، ولمّا حان موعد جلسة التأديب، يضيف المتحدث في شهادته المصيرية هاته: "قاطعتُ الاجتماع انسجاما مع موقفي السابق المتمثل في شكوكي بوجود استهداف للزميل المهداوي، ثم لأنني قدّرت أن العبارة موضوع الإحالة لا تستوجب التأديب، لأن وظيفتنا داخل اللجنة هي معالجة ما ينتجه الصحافي في ارتباط بعمله الصحافي وليس متابعة ما يقوله الأخير خارج وظيفته، وبالتالي فطبيعة المتابعة لم تكن في رأيي صائبة".
وفي حديثه عن بعض تفاصيل الفيديو الفضيحة الذي يعود تاريخه إلى أبريل الفائت، شدد البقالي على أن ما حدث "لم يكن سليما وغير مقبول أخلاقيا"، ولم يفته تقديم اعتذار بالنيابة عن أبطاله إلى المحامين والقضاء على ما تضمنه من إساءة في إطار اجتماع حميمي، وأبرز أن لجنة التأديب اتخذت قرارا بالسحب الفوري لبطاقة الصحافة من المهداوي وهو في الأصل لا يتوفر عليها استنادا إلى القرار المتخذ في حقه سلفا، بل الأكثر من ذلك، يشير المتحدث، تقرر اللجوء إلى مسطرة تأديبية استثنائية في حق المشتكى به لهذا الغرض، مما يبين وجود ارتباك ويشي بأن هناك استهداف غير بريء للزميل المذكور، على حد وصف البقالي، الذي لفت إلى أنه قاطع المشاركة في هذه المهازل التي لم تكن الحاجة إليها مطلوبة، "لأن ما بني على باطل لا يمكن أن يكون إلا باطلا"، مثلما جاء على لسانه في شريط فيديو باح فيه ببعض الأسرار المتعلقة بهذا الملف والتي قد يكون لها ما بعدها.