فساد يستنزف المليارات وتمركز للصادرات يعمق الفوارق… صرخات تحت قبة البرلمان

شهدت جلسة مجلس المستشارين ليوم الثلاثاء 20 ماي 2025، نقاشاً حاداً حول قضايا ذات طابع استراتيجي تمسّ صميم الاقتصاد الوطني، من خلال مداخلتين قويتين لكل من المستشارين السالك الموساوي وأبو بكر أعبيد، ركّزتا على آفتين مترابطتين: استفحال الفساد وغياب العدالة المجالية في توزيع الصادرات.
السالك الموساوي: الفساد يكلف المغرب 40 مليار درهم سنوياً… والمطلوب إعلان «حالة طوارئ مؤسساتية»
في تعقيبه الموجه إلى السيدة الوزيرة، كشف المستشار السالك الموساوي عن حجم الكارثة الاقتصادية التي يسببها الفساد في المغرب، مشيراً إلى أن كلفته السنوية تتجاوز 40 مليار درهم، ما يعادل 2 إلى 3 نقاط من الناتج الداخلي الخام.
وأكد أن هذا النزيف المالي يقوض أسس المنافسة الشريفة، ويدمر الثقة في المؤسسات، ويعيق جذب الاستثمارات الأجنبية، مضيفاً:
«الفساد أصبح ثقافة شبه مؤسساتية تنخر مختلف القطاعات، ولعل الفضيحة الأخيرة بإحدى الجامعات خير دليل.»
وتابع الموساوي أن المغرب لم يحقق تقدماً يُذكر في مؤشرات مكافحة الفساد، مستشهداً بحصوله على 38 نقطة فقط في مؤشر إدراك الفساد لسنة 2024، وتراجعه إلى المرتبة 97 عالمياً.
ودعا المستشار إلى إعلان حالة طوارئ مؤسساتية لمحاربة الفساد، وتقديم تقرير شامل أمام البرلمان حول مآل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، إضافة إلى تفعيل آليات المحاسبة وتقوية استقلالية الهيئات الرقابية، ووضع برامج تكوينية لترسيخ ثقافة الشفافية والنزاهة.
أبو بكر أعبيد: 85% من صادرات المغرب متركزة في جهتين فقط
من جانبه، ندّد المستشار أبو بكر أعبيد بالاختلال الكبير في توزيع صادرات المنتوجات الوطنية، مؤكداً أن جهتي طنجة تطوان الحسيمة والدار البيضاء سطات تستحوذان على حوالي 85% من مجموع الصادرات المغربية.
وقال أعبيد: «هذا التمركز يشكل استنزافاً مستداماً لثروات باقي الجهات ويعمق الفوارق المجالية، في تجاهل صارخ لمبادئ العدالة المجالية التي يؤسس لها النموذج التنموي الجديد.»
وطالب المستشار بإطلاق خطة طوارئ وطنية لدعم المناطق المهمشة تصديرياً، تشمل تحفيزات ضريبية، بنيات تحتية حديثة، تمويلات ميسّرة، وتخصيص حصص إلزامية من برامج دعم التصدير لفائدة الجهات الأقل حظاً.
وختم أعبيد تعقيبه بتحذير واضح «لا يمكن لوطن أن ينهض بجناح واحد، ولا لاقتصاد أن يزدهر بالاعتماد على جهتين فقط. التنمية إما أن تكون شاملة أو لا تكون!»