شهدت أشغال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف مواجهة سياسية واضحة، بعدما حاولت الجزائروجنوب إفريقيا وتنزانيا استغلال النقاش الحقوقي لتمرير مواقف مناوئة للمغرب تمس وحدته الترابية. فقد تعمدت الوفود الثلاثة التنسيق في خطاباتها، حيث رددت مزاعم مرتبطة بقضية الصحراء المغربية، في محاولة للضغط على المفوضية السامية لحقوق الإنسان ودفعها نحو إرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى الأقاليم الجنوبية. لكن هذه الادعاءات، التي وصفت بالمكرورة والمبنية على خلفيات سياسية، سرعان ما اصطدمت بالواقع الميداني الذي تعكسه التقارير الدولية والزيارات الميدانية لوفود أممية ودبلوماسية إلى مدينتي العيون والداخلة. هذه الزيارات كشفت عن دينامية تنموية متسارعة في المنطقة، إلى جانب استقرار حقوقي ومؤسساتي ينسف خطاب الخصوم. الدكتور دداي بيبوط، الباحث في التاريخ المعاصر والحديث، اعتبر أن تصريحات الجزائروجنوب إفريقيا وتنزانيا تعكس رغبة واضحة في عرقلة جهود المغرب الساعية إلى طي ملف الصحراء نهائيا في إطار الشرعية الدولية. وأوضح أن استمرار هذه الدول في دعم تنظيم انفصالي مسلح فوق التراب الجزائري يعد خرقا لمبادئ الأممالمتحدة، بل ويهدد الأمن والسلم الإقليميين. كما نبه إلى المفارقة التي تقع فيها جنوب إفريقيا، التي تتجاهل الانتهاكات الواسعة داخل الجزائر وفي مخيمات تندوف، رغم أن تاريخها القريب ارتبط بمناهضة التمييز والاحتلال. أما بخصوص تنزانيا، فقد أشار بيبوط إلى أنها تعاني بدورها من سجل حقوقي مثقل بالانتهاكات، مثل الاختفاء القسري والاعتداء على السكان الأصليين، ما يفقدها المصداقية في مطالبتها بتقصي الحقائق في الصحراء المغربية. وفي السياق نفسه، شدد عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة "أفريكا ووتش"، على أن الجزائر اعتادت توظيف المنابر الدولية للتشويش على المغرب من خلال إثارة ملف الصحراء، رغم أن تقارير الأممالمتحدة ومجلس الأمن نفسها تشيد بالتطورات الإيجابية في الأقاليم الجنوبية. وأضاف أن الدعوات المتكررة لإرسال لجان تقصي الحقائق لا تنطبق على الحالة المغربية، لأن المنطقة تشهد احتراما واسعا للحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك حرية التعبير والمشاركة السياسية. الكاين ذكر أيضا بأن المغرب أبان عن التزام جاد بالمنظومة الأممية لحقوق الإنسان، من خلال المصادقة على الاتفاقيات الأساسية والتعاون مع آليات الأممالمتحدة، في حين لا تزال الجزائر بعيدة عن هذا المستوى من التفاعل. كما ان المغرب يواصل وفق توجيهات ملكية واضحة، نهج الإصلاحات السياسية والقانونية وترسيخ الديمقراطية، مع الحرص على تعزيز التنمية في مختلف ربوع المملكة، وخاصة في أقاليمها الجنوبية، التي باتت تشكل نموذجا قاريا في الاستقرار والتحديث.