في لحظة مفاجئة قلبت الأضواء عليها، تحولت روعة بيوتي، المؤثرة المغربية التي يتابعها آلاف الأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي، من نجمة رقمية تتلألأ في عالم المحتوى الرقمي إلى محور جدل واسع يشغل الرأي العام المغربي. القصة بدأت بسلسلة فيديوهات قصيرة نشرتها روعة على حساباتها الرسمية، وثقت فيها الضجيج والاضطراب الناتجين عن ورش بناء مجاور لمنزلها، مرفقة بتعليقات حول التأثيرات البيئية والصحية المحتملة لهذه الأعمال. الفيديوهات لم تمر مرور الكرام، إذ اجتذبت آلاف المشاهدات والتفاعلات، وأطلقت نقاشا حول حق الساكنة في بيئة هادئة والحفاظ على المعايير البيئية. لكن رد فعل الشركة العقارية كان حاسما. فقد رفعت الأخيرة شكاية قضائية ضد روعة، مشيرة إلى أن الفيديوهات تضمنت تصويرا لموقع العمل دون إذن مسبق، واستخدام ألفاظ اعتبرت مهينة بحق العمال خلال البث المباشر، ما اعتبر تعديا على كرامة الموظفين وسمعة المؤسسة. وأكدت الشركة أن القضية ليست مجرد نزاع تجاري، بل تتعلق أساسا بحماية حقوق الإنسان واحترام خصوصية أماكن العمل. و مع تصاعد القضية، وجدت روعة نفسها فجأة في قلب عاصفة إعلامية. أصبح اسمها يتردد في كل زاوية رقمية، وأصبح النقاش حول حرية التعبير والمسؤولية الرقمية حاضرًا في كل وسائل الإعلام. كانت القضية موضوعا للنقاش بين الصحافة التقليدية والمنصات الرقمية، حيث تبادل الخبراء والمتابعون آراءهم حول حدود التعبير الرقمي وحقوق الأفراد والمؤسسات. وأصدرت المحكمة المغربية حكمها ضد المؤثرة الرقمية، قضى بسجنها، ودفع تعويض مدني قدره 20 مليون سنتيم، بالإضافة إلى غرامة مالية واعتذار رسمي للشركة المتضررة. وتتباين المعطيات المتداولة بشأن طبيعة العقوبة السالبة للحرية بين من يتحدث عن أربعة أشهر نافذة، ومن يشير إلى ثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ؛ بينما يظل المؤكد هو التعويض المالي الكبير والغرامة والاعتذار كجزء من منطوق الحكم. هذا الحكم أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الجمهور بين من اعتبر العقوبة مشددة وغير مبررة، وبين من رأى فيها رسالة واضحة حول ضرورة احترام كرامة العمال وخصوصية المؤسسات، حتى في ظل الانتقادات البيئية أو الاجتماعية. وتوضح تفاصيل الحكم أن القضية ركزت على انتهاك الخصوصية والقذف بحق العمال، وليس مجرد محتوى الفيديوهات أو الانتقادات البيئية التي نشرتها روعة. وهو ما يضفي على الحكم بعدا إجرائيا وقانونيا، ويؤكد أن حرية التعبير الرقمية ليست مطلقة، بل تخضع لضوابط قانونية وأخلاقية صارمة، خاصة عند المساس بالآخرين أو بالمؤسسات. وبينما يستمر الجدل، تبقى القضية مثالا صارخا على الصراع بين الشهرة الرقمية، والحقوق القانونية للأفراد والمؤسسات، ودور المنصات الاجتماعية في تعزيز النقاش العام ومسؤولية المستخدمين عن محتواهم، لتطرح تساؤلات مهمة حول حدود التعبير الرقمي في المغرب وفي العالم العربي بشكل أوسع.