فتحت أهم المواقع التراثية بالدارالبيضاء أبوابها للزوار، من 15 إلى 17 أبريل الجاري، في إطار فعاليات الدورة الثالثة ل "أيام تراث الدارالبيضاء" بريد المغرب (خاص) وذلك تحت إشراف اليونسكو (المغرب)، وجمعية الدارالبيضاء الذاكرة، والمجلس الجهوي للسياحة والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة"، والمعهد الفرنسي بالدارالبيضاء، بشراكة مع حوالي 20 مؤسسة وطنية ودولية. وذكر المنظمون في ندوة صحفية، نظمت أخيرا، بالدارالبيضاء، أن هذه التظاهرة تهدف من خلال أبواب مفتوحة على المعالم التاريخية بالدارالبيضاء، إلى التعريف بالموروث التاريخي للمدينة، وإبراز غنى التراث المعماري للعاصمة الاقتصادية، ونشر الوعي بضرورة الحفاظ عليه، خصوصا في أوساط الشباب، الذين لا يعرفون الشيء الكثير عن تاريخ هذه المدينة. وأكد المنظمون أن الدارالبيضاء تعد فضاء حرا لبنايات تعتبر حاليا مرجعا مهما لتاريخ الفن وتتيح للزائر فرصة اكتشافها، مشيرين إلى أنهم أصدروا دليلا مجانيا بالمناسبة، لحوالي 20 موقعا تاريخيا، تشمل المؤسسات الإدارية الكبرى، والمنازل القديمة، وقاعات السينما، والفنادق العتيقة، إضافة إلى أماكن التعبد، والعديد من المواقع، التي يتمركز معظمها بساحة محمد الخامس، وشارع محمد الخامس، والحبوس. وأوضح المنظمون، أنهم يسعون كل سنة إلى تنظيم رحلة عبر الزمن، لأجمل المعالم والمواقع، التي يستكشف من خلالها البيضاويون جمال مدينتهم، من خلال عشرين معلمة تاريخية، من بينها بريد المغرب، والمحكمة، والولاية، وفندق المدينة، وبنك المغرب، وقنصلية فرنسا، ومدرسة الفنون الجميلة، والكنيسة القديمة "القلب المقدس"، والقنصلية الإيطالية، وفندق "ترانس أتلنتيك"، وسينما "ريالطو"، وكنيسة "نوتر دام دو لورد"، و"فيلا الفنون"، التي تأسست سنة 1934، وتحمل طابع "الآر ديكو"، الذي تميز به المهندس المعماري الإسباني دييجو خيمينيس، ورممتها حديثا مؤسسة "أونا"، وكل المباني العمومية لساحة محمد الخامس، التي كانت تسمى في السابق ساحة فرنسا، وهي الساحة، التي نزلت بها القوات الفرنسية أول مرة، سنة 1907، ووضعت بها الخيام والعتاد العسكري، لتصبح النواة الأولى للمدينة الحديثة. وتعد ساحة محمد الخامس، التي ظلت شاهدة على التطور العمراني والاقتصادي، الذي شهدته المدينة، مع بداية القرن الماضي، قبلة لسكان المدينة، الذين يحجون إليها، خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع، من أجل الترويح عن النفس، حيث توجد في الجهة المقابلة للساحة، النافورة الشهيرة، حديقة الجامعة العربية التي أصبحت جزء من الإرث الحضاري للمدينة. وتحيط بالساحة مجموعة من البنايات، التي أحدثت ما بين سنتي 1919 و1937، في عهد الحماية مثل كنيسة "القلب المقدس"، التي بنيت سنة 1930 وتحمل طابع "الآر ديكو"، وهي من تصميم المهندس المعماري الفرنسي بول تورنان (1881-1952)، و"قصر العدالة"، الذي شيد سنة 1922، تحت إشراف المهندس الفرنسي ألبير لابارد (1883-1978)، ذلك المهندس، الذي وضع أيضا، تصميم "حديقة الجامعة العربية" سنة 1917، ومبنى "القنصلية الفرنسية"، سنة 1916، ويضم تمثال الماريشال ليوطي الشهير في ساحته. كما تحيط بالساحة ذاتها "المدرسة العليا للفنون الجميلة"، التي وضع تصميمها سنة 1919 المهندس الفرنسي بيير بوسكي (1885-1954)، و"مركز البريد"، الذي وضع تصميمه سنة 1920 المهندس الفرنسي أدريان لافورج (1871-1952)، ومبنى "الحامية العسكرية"، الذي تأسس سنة 1925، تحت إشراف المهندس الفرنسي ماريوس بوير (1885-1947)، الذي وضع أيضا تصميم مبنى "قصر المدينة" سنة 1927. والمبنى الجديد ل"بنك المغرب"، الذي تأسس سنة 1937، تحت إشراف المهندس الفرنسي إدمونوند بريان (1885-1973). أما شارع محمد الخامس، الذي كان يسمى شارع المحطة سابقا، فيضم بدوره العديد من المعالم التاريخية، مثل فندق "لينكولن" والسوق المركزي "مارشي سنترال"، ومبنى غرفة التجارة والصناعة، ومبنى مجموعة "ماروك سوار" والعديد من القاعات السينمائية والمطاعم والعمارات التاريخية. وتهدف هذه التظاهرة، التي تنظم أيضا، في إطار تخليد المغرب لليوم العالمي للمعالم والمآثر التاريخية، الذي قررته اليونسكو منذ 1983، إلى إبراز غنى التراث البيضاوي الذي يمثل، إرثا ثقافيا وحضاريا غنيا، ساهم فيه العديد من المهندسين المعماريين الأوروبيين، الذين برعوا في وضع تصاميمه، التي ظلت تقاوم الزمن على مدى عقود، كما تساهم في التعريف به ونشر الوعي للمحافظة عليه وإنقاذه، من الزحف الإسمنتي الذي بات يهدد معظم المباني التاريخية.
