لم يشعل حريق الكرمل في فلسطينالمحتلة النيران في الأشجار والبيوت فقط، بل زاد من تأجيج نيران الحسرة والغضب والحزن في قلوب ذوي ضحايا «أسطول الحرية» التسعة، الذين قتلهم الجنود الإسرائيليون في قلب المياه الدولية فجر الاثنين 31 ماي 2010، عندما كانوا في طريقهم إلى غزة، على متن سفن «أسطول الحرية»، لكسر الحصار المضروب على أهلها حاملين المساعدات الإنسانية إلى أهلها المسجونين في الهواء الطلق منذ أكثر من 3 سنوات. لا اعتذار ولا تعويض شكلي! خلال مؤتمر صحفي عقده ذوو الشهداء يوم الثلاثاء، وجهوا طلباتهم مقابل دماء شهدائهم إلى كل من رئيس الوزراء التركي وإسرائيل، تعقيبا على الاجتماعات التي عقدت مؤخرا بين ممثلين من الجانبين التركي والإسرائيلي واحتمال تحسين العلاقات في حال تقديم إسرائيل اعتذارها ودفع التعويضات إلى عائلات الشهداء. وقد تناقلت وسائل الإعلام، مؤخرا، احتمال قيام إسرائيل بمحاولة تحسين العلاقات بينها وبين تركيا، بعد أن أرسلت الأخيرة طائرتين للمساعدة على إخماد الحريق الهائل الذي اندلع في غابات الكرمل في فلسطينالمحتلة، متسببا في وفاة 41 إسرائيليا، مما يعني احتمال قبول إسرائيل الاعتذار ودفع التعويضات لذوي الضحايا . وأكد كل ذوي الشهداء، الذين كانوا حاضرين، أن كسر الحصار عن غزة هو طلب ليس قابلا للمساومة ولا للنقاش، وأن دماء الشهداء لن تذهب سدى إلا بتنفيذ هذا الطلب. وقد استهل أحمد دوغان، والد الشهيد فرقان دوغان ذي ال19 ربيعا، حديثه قائلا: «لا نقبل بأي اعتذار أو تعويضات شكلية، ورفع الحصار عن غزة نهائيا هو أهم طلب لدينا، لقد فقد ابني حياته في طريقه لتحقيق هذا الهدف، ولا يمكننا التخلي عن هذا الطلب، كما أن إسرائيل يجب أن تعترف علنا وتقبل بأنها ارتكبت جريمة نكراء شنيعة في حق أبرياء عزل». أما عن التعويضات، فقال: «قبول التعويضات مقابل دماء شهدائنا هو خطأ فادح بالطبع، ظفر شهيد من شهدائنا لا يقدر بثمن، لكن وبما أن التعويضات هي جزء من العقوبات في الجرائم والجنايات، فلن نقبل إلا بتعويضات تثقل كاهل الإسرائيليين وتجعلهم يعانون الأمرين عند دفعها، ليعرفوا حجم جريمتهم الهمجية. نحن لسنا بحاجة إلى تلك النقود، لكننا قطعا نريدهم أن يشعروا بالحسرة والمرارة لما ارتكبوه في حق شهدائنا» . وأشار إلى انطلاقه في القريب العاجل إلى أمريكا، لإقامة دعوى ضد قاتلي ابنه الذي كان يحمل الجنسيتين التركية والأمريكية عندما فقد حياته. أين كانت الطائرات عندما كانت «مرمرة» تحت النيران؟ تساءلت داريا كيليتشار، زوجة الصحفي التركي الشهيد جودت كيليتشلار، عن سبب عدم إرسال طائرات لنجدة ركاب» مرمرة «والأسطول عندما كانوا تحت مرمى النيران، وتابعت قائلة: «أنا ممتنة لوزير الخارجية ورئيس الوزراء التركي لما قاما به، لقد أظهرا مواقف إنسانية نشكرهما عليها، لكن هذا ليس كافيا مع الأسف، يجب أن يتم رفع الحصار عن غزة، وهذا وحده كفيل بإخماد النيران المستعرة داخلنا». كما أكدت أن محاكمة ومعاقبة كل من شارك في ارتكاب جريمة قتل الأبرياء، ومنهم زوجها، هو شرط لا يمكن التخلي عنه. واختلفت تشيدام طوبشو أوغلو، التي كانت مشاركة في الأسطول على متن سفينة «مافي مرمرة»، والتي لفظ زوجها أنفاسه الأخيرة بين يديها، مع داريا في ما يخص الطائرات، لكنها ضمت صوتها إلى الآخرين بشأن رفع الحصار عن غزة، وقالت: «قلوبنا تشتعل مثلما تشتعل غابات الكرمل الآن، لكن تلك الطائرات أرسلت إلى فلسطين، تلك الأراضي والأشجار فلسطينية !! ومع ذلك، أقول، ليت تلك الطائرات أرسلت إلينا ونحن نتعرض للهجوم، لربما كانت قد خففت من مصابنا، ولكن مع الأسف تركونا وحدنا وقتها نواجه آلة القتل الإسرائيلية». وأضاف حسن يلدز، أخو الشهيد فخري يلدز: «لقد ذهب أخي إلى غزة وكله أمل في أن يتمكن من صنع حديقة صغيرة للألعاب لأطفال غزة، وأنا أريد رؤية تلك الحديقة». أسطول جديد في 31 مايو 2011 وجه رئيس مؤسسة الإغاثة والحقوق الإنسانية IHH بولنت يلدرم، تساؤلات إلى الحكومة التركية عن سبب عدم رفع دعوى تركية ضد مرتكبي جريمة «أسطول الحرية» قائلا: «أين تقارير الطب الشرعي والشرطة الجنائية؟ لماذا لم نتوصل بها إلى حد الآن؟ إذا كانوا ينتظرون صدور تقرير لجنة تحقيق الأممالمتحدة، يمكن أن نتفهم الوضع، لكن إذا كان السبب غير هذا فنحن نطالب بتفسير لما يحدث؟ لقد أقامت عدة دول أجنبية دعاواها الرسمية بهذا الشأن، كما أن بعض الإسرائيليين أعلنوا صراحة أن النظام الصهيوني قاتل، فلماذا لا تقوم دول أخرى بنفس الخطوة؟ لماذا لا يقوم القادة العرب باتخاذ قرارات صارمة ضد الدولة العبرية ؟». كما أعلن أنه إذا لم يتم رفع الحصار عن غزة قريبا، فإن التحضيرات جارية لأسطول سفن جديد، سينطلق بتاريخ 31 ماي المقبل، في ذكرى مجزرة المياه الدولية التي راح ضحيتها 9 متضامنين أتراك، قتلوا على يد قوات الكوماندوز الإسرائيلي، مؤكدا أن العديد من الجهات تعترف بأن المياه الإقليمية لغزة هي ملك لفلسطين والفلسطينيين. يشار إلى أن سفينة «مافي مرمرة» ستعود إلى إسطنبول، إلى نفس الميناء الذي انطلقت منه للمشاركة في «أسطول الحرية»، يوم 26 من الشهر الجاري، ويتوقع إقامة استقبال حاشد تاريخي لها.