البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    بتنسيق مع ديستي.. أمن الناظور ينهي نشاط مروج للكوكايين ومتورط في حادثة سير مميتة    محاولة سرقة ساعة فاخرة في فرنسا يملكها أحد أفراد العائلة المالكة في قطر    إدارة الدفاع الوطني تحذر من ثغرات أمنية خطيرة في متصفح للأنترنيت    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    أخنوش : السياسة بالنسبة إلينا هي العمل والجدية والوفاء بالالتزامات المقدمة للمواطنين    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    الملك محمد السادس يواسي أسرة الفنان محمد الشوبي: ممثل مقتدر خلّد اسمه بتشخيص متقن لأدوار متنوعة    انتحار مراهق يهز حي حومة الشوك بطنجة صباح اليوم السبت    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    تير شتيغن يعود لحراسة مرمى برشلونة بعد غياب 7 أشهر بسبب الإصابة    دار الطالب بأولاد حمدان تحتضن بطولة مؤسسات الرعاية الاجتماعية    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    يونس مجاهد يكتب: حرية الصحافة المزعومة    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيد الله : الإصلاحات الدستورية يجب أن تكون في منأى عن المزايدات
أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة: لم نستدع العدالة والتنمية حتى لا نتبادل معه القبل بالمؤتمر ونتصارع في مكان آخر
نشر في المساء يوم 09 - 03 - 2009

قال محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، إن حزبه لا يتفق مع حزب الاتحاد الاشتراكي في توقيت طرح التعديلات الدستورية، وإن موضوع تعديل الدستور محطة مفصلية ويجب أن يكون في منأى عن المزايدات السياسوية، واستبعد أي تقارب في الوقت الحالي مع حزب العدالة والتنمية، لكنه ترك الباب مفتوحا، مؤكدا أن حزبه «لا يستبق المستقبل». وبخصوص الانتخابات الجماعية المقبلة، قال بيد الله، في حوار خص به يوميتي«المساء» و«لوسوار» ينشر اليوم باللغتين العربية والفرنسية، إن حزب الأصالة والمعاصرة يغطي جميع الدوائر، مضيفا أن الحزب سيتمكن، عبر الأحزاب الخمسة المندمجة، من تغطية كل الدوائر الانتخابية في الانتخابات الجماعية. وفي ما يلي نص الحوار:
- حظيت باستقبال من قبل الملك محمد السادس بعد انتخابك على رأس حزب الأصالة والمعاصرة، كيف جاء هذا اللقاء؟
< لقد كان لي أولا شرف تلقي مكالمة هاتفية من جلالة الملك، هنأني فيها أمير المؤمنين، فالتسمت من جنابه تمتيعي بشرف المثول بين يديه، فاستجاب لطلبي، وكان لي شرف الاستقبال الملكي كجميع المغاربة، وهذا زاد من شعوري بثقل المسؤولية على رأس حزب الأصالة والمعاصرة، وكان الاستقبال كذلك تشجيعا على النظر إلى السياسة بنفس جديد.
- هل يمكن أن نعتبر هذا الاستقبال بمثابة تأسيس لعرف جديد؟
< المسألة مثلها مثل الشعر، لماذا تريدني أن أعطيه تفسيرا واحدا؟ خذوه من حيثما شئتم، فهذا الاستقبال الملكي السامي حصل في ظروف متميزة لإضافة جديدة في المشهد السياسي المغربي، في ظرف زمني حابل بتغيرات متسارعة وصعبة، والعالم يتحول من حولنا. مع الإشارة إلى أنني من طلب مقابلة جلالته، وهو ما نقل عني مباشرة بعد الاستقبال وكذلك ما تضمنه بلاغ الاجتماع الأول للمكتب الوطني الأول للحزب، وأعتقد أنه لا يحمل أي دلالات للامتياز كما ذهبت إلى ذلك بعض القراءات، خصوصا وأن الجناب الشريف قد استقبل في مناسبات مماثلة كلا من السيدين مصطفى المنصوري وعبد الواحد الراضي.
- أنتم أول شخص من الصحراء يترأس حزبا سياسيا في المغرب، هل لديك تفسير معين لهذا؟
< لا أظن أن اختياري تأسس على صحراويتي، فربما مساري المتواضع في بلادي والدفاع عن مقدساتها وقيمها يمكنني من أن أكون كجميع المغاربة من طنجة أو تطوان أو غيرهما على رأس حزب سياسي، وأظن أن هذا السؤال ينم عن خفايا، لا أريد أن أقول إن البعض ينظر إلى الصحراويين ك«عبيد الخدمة»، وأنا لم أكن أبدا عبدا للخدمة.
ويجب على الرأي العام أن يقطع مع هذا النمط من التعليقات التي ترى أت ما يصل إليه الصحراويون من مستويات للمسؤولية هو استثناء أو سابقة.
- لكن، هل يعني اختيارك تكسيرا للقاعدة التي دأبت عليها بقية الأحزاب، وهي أن الفاسيين أو الرباطيين هم الذين كانوا دائما يقودونها؟
< لا أعتقد أن كل الأحزاب السياسية المغربية تنحدر قياداتها السياسية من المجالات المدنية التي تحدثت عنها، إضافة إلى أننا حزب جديد له خصوصيات مهمة جدا، كونه أشخاص من مشارب مختلفة ومناطق وتجارب مختلفة، وأنا من هؤلاء الأشخاص، وأظن أن الاستحقاق يلعب لدينا دورا طلائعيا فيما يتعلق بتحمل المسؤولية، فهذا تكليف كبير جدا ومسؤولية ثقيلة وصعبة وأتت في وقت صعب جدا، لا أظن فقط على الصعيد المغربي بل المغاربي والعالمي، وأظن أن اختياري إذا كان يحمل إشارة إلى منطقة سكنت كل المغاربة جميعا، فهو ينم أيضا عن أشياء أخرى من الصعب علي أن أقولها.
- هل كان اختيارك على رأس الحزب مفاجأة لك؟
< نعم، بالنسبة إلي، كان مفاجأة لأنني كنت أريد أن أخلد إلى الراحة لأكمل ما تبقى من عمري في الجامعة، فكانت هناك عدة شخصيات من مشارب مختلفة وفيها شباب، وكان يمكن أن يكون أي أحد آخر، فهناك كفاءات كبيرة جدا في الحزب لدى أصحابها تجربة تماثل تجربتي تقريبا، وهي كفاءات تعطيهم نفس الحقوق.
- هناك من يقول إن اختيارك جاء بناء على اختيار توافقي؟
< كل شيء ممكن» ولا تزكوا أنفسكم».
- تحدثتم في الوثيقة السياسية عن الإصلاحات الدستورية، ماذا تعنون بهذه الإصلاحات؟ هل المؤسسة التشريعية أم مؤسسة الوزارة الأولى أم إعادة النظر في صلاحيات الملك؟
< طبعا، نحن طرحنا موضوع الدستور، ولكن أريد أن أثير انتباهكم إلى أن هذا الموضوع نعتبره محطة مفصلية، وبالتالي يجب أن يكون في منأى عن المزايدات السياسوية، وألا تستعمل كمطية للهروب إلى الأمام كلما كانت هناك بعض الأزمات. هذه ملاحظة منهجية. يجب كذلك أن يكون هناك اتفاق بين جميع الشركاء، وبالتالي نحن نقول إن المغرب عرف تغيرات مهمة جدا، على صعيد حقوق الإنسان والجهوية والمرأة والطفل، ويمكن أن تكون لنا رؤية في التعديلات الدستورية تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات، وأظن أن هناك دولا لديها دساتير انتقالية، ربما أذكر هنا إسبانيا أو جنوب إفريقيا، وبالتالي نحن نطرح التعديلات الدستورية في هذا الإطار، في ما يتعلق بمؤسسة الوزير الأول فهي مؤسسة قوية قائمة بذاتها، ويجب أن أقول إن الوزير الأول يشتغل مع الأغلبية الحكومية بكل ما أوتي من قوة وبما يخوله له القانون.
- في هذا الإطار، تقدم حزب الاتحاد الاشتراكي بمشروع للتعديلات الدستورية يتحدث فيها عن تقليص صلاحيات الملك، هل أنتم تشاطرونه هذه الرؤية؟
< كنا نظن أننا قطعنا أشواطا في ما يتعلق بالنقاش حول الدسترة، كمشكلة السلط، وفصلها أو توازنها عندما انتهينا من النقاش حول شرعية المؤسسات كنا نظن أن هذا النقاش قد انتهى، وأننا بصدد نظرة أخرى إلى دساتير مختلفة تأخذ بعين الاعتبار المساحات الأخرى التي تمس، مثلا، مشكل البيئة ومشكلة الطفل ومشكلة المرأة، أما في ما يتعلق بالمؤسسة الملكية فنحن نعتبر أنها كانت الصخرة الصلبة التي تكسرت عليها أطماع الاستعماريين وأنها كانت مكونا أساسيا للأمة المغربية، وأن إمارة المؤمنين التي أصبحت الآن جهازا تحديثيا أصبحت مؤسسة حداثية مهمة جدا، وفي السنوات الأخيرة كنا نظن أننا تخطينا هذه الإشكالية. وطبعا، نحن لا نتفق مع الإخوة في الاتحاد الاشتراكي في توقيت طرح التعديلات الدستورية، ولا في المضامين التي تعطى للتعديلات الدستورية، ولا في الشعار الذي اختزلت فيه وهو «الملكية البرلمانية»، بمبرر بسيط هو أننا نعيش اليوم في فضاء سياسي محكوم بتأويل برلماني وليس رئاسيا، حيث لدينا وزير أول متحزبا والسلطة التنفيذية مدارة برأسية الملك-الوزير الأول، كما أن الحكومة لا بد لها بعد التعيين الملكي وقبل ممارسة صلاحيتها من عملية «التنصيب البرلماني»، وهي قواعد تمثل جوهر البرلمانية وهي الموجودة في كل التجارب البرلمانية المقارنة.
وفي المقابل، نحن ندعو إلى جيل جديد من الإصلاحات الدستورية لا يكون أسير منطق توزيع السلط الذي ورثناه عن دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية، بل ينفتح على المضامين الجديدة للدساتير، من قبيل إعادة رسم علاقة المركز بالجهات، وتدعم فيه الحقوق والحريات وتتسع الضمانات الدستورية لحمايتها، ولنا في توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة معين للأفكار القابلة للترسيم الدستوري.
- قلتم إن مؤسسة إمارة المؤمنين أصبحت جهازا تحديثيا، ما رأيكم في بعض الأصوات التي تطالب بالمزيد من إحداثها وإنشاء جهاز مواز لها من العلماء؟
< إذا كان التحديث هو الانفتاح على القيم الكونية التي تكون قاسما مشتركا للإنسانية، فهذا إيجابي، فالمؤسسة الملكية مؤسسة تحديثية متقدمة جدا ومواطنة، لأنها وجدت من ينابيع أصولنا حلولا مهمة جدا، في ما يتعلق، مثلا، بالمرأة أو بالأمازيغية أو بحقوق الإنسان أو بالمشهد السمعي البصري أو بالأقاليم الجنوبية، وبالتالي فهي تساير التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع وتكون دائما في الطليعة.
فكل هذه الأوراش انطلقت فيها المؤسسة الملكية من القاعدة الدستورية للفصل 19 إلى جانب قضايا أخرى تدخل فيها الملك بصفته الدستورية العصرية، كمرور مدونة الأسرة وفق صيغة قانون والتعديل الذي طرأ على قانون الجنسية.
أما بخصوص دعوات إنشاء جهاز مواز لها من العلماء، فأعتقد أنه يجب أن نميز بين شيئين:
الأول: يكمن في كون جلالة الملك يحمل لقب أمير المؤمنين ولكنه ليس لقبا شرفيا ولا حاملا لدلالات رمزية، إنه يخول له وظيفة الإشراف على الحقل الديني وضمان الأمن الروحي للمغاربة، وهي وظيفة تم استحضارها بشكل كبير في أعقاب الأحداث الأليمة بالدار البيضاء في 16 ماي.
الثاني: أن أية سياسة عمومية لا بد لها من جانب تدبيري، لذا فإن الهيكلة الدينية الجديدة قد ردت الاعتبار إلى العلماء ووظيفتهم المتجددة في المجتمع، سواء عبر آلية المجلس الأعلى العلمي أو المجالس الجهوية وكذلك رابطة العلماء. وبالتالي، فإن مثل هذه الدعوات التي وجدت صدى لها في سؤالك ليس هناك مبرر عملي وموضوعي لطرحها.
- إذا طلبنا منكم أن تشرحوا للمواطن البسيط مشروكم السياسي بشكل واضح، ما هو؟
< أولا نحن في بداية المشوار، فقد قمنا بتشخيص متأن ودقيق للواقع المغربي، وانطلقنا في هذا التشخيص من تقريرين مهمين، هما تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وتقرير الخمسينية، فأعضاء حزب الأصالة والمعاصرة لم يوح إليهم شيء، وليسوا مكلفين بوظيفة مملاة عليهم من أي كان، ولم يتقمصوا قميصا من خارج بلادهم بل انطلقوا من تشخيص قامت به ثلة من أبناء هذا الوطن، ورأوا أنه بالإمكان أن يكون هناك مغرب ممكن إذا تمكن بعض المسؤولين السياسيين من التحكم في التغيير. وبالطبع، مشروعنا هو مشروع مخضرم شيئا ما، ينهل من أصالتنا ومن النموذج المغربي، ولكنه ينفتح على العالم بكل مكوناته التي نتشارك فيها مع العالم والتي يقبلها طبعا قاموسنا وواقعنا المغربي، إضافة إلى أن بلورة هذا المشروع كانت محط اهتمام فرق العمل المنبثقة من المكتب الوطني، لذا أحدثنا من بينها لجن للسياسات العمومية وأخرى للبرامج والأفكار.
لكن ما هي الإضافة النوعية لحزب الأصالة والمعاصرة؟
أولا، نحن نتمنى أن يكون لنا مكان في تسيير الشأن العام في المغرب كي نثبت ما نريد أن نثبته وفي هذا الإطار، نحن نريد أن تكون هناك حكامة جيدة، أن ينتهي الفقر في بعض الجيوب التي لا زال موجودا بها، أن ينتهي التهميش، أن نتمكن من خلق الخيرات في الجهات، وأن تتمكن أجيال الجهات من الاشتغال في الشأن المحلي والشأن الوطني كل في مكانه، وأن يكون هناك تخليق للحياة السياسية، وأن تكون هناك جهوية موسعة لكي تتمكن الأجيال المختلفة من الاشتغال في الشأن المحلي وتدبير شؤونها بنفسها، وهو طبعا برنامج طويل الأمد.
- لكن هذا تقوله جميع الأحزاب أو جلها..
< (مقاطعا) نحن أثبتنا في الانتخابات الجزئية الأخيرة أننا نفعل ما نقوله، فقد تقدمنا في بعض الأماكن، مثل آسفي ومراكش، وقمنا بحملة انتخابية نظيفة، لم نستعمل فيها المال ولا السلطة ولا الجاه. دعونا ننظر إلى المستقبل وسترون أننا سنفعل ما نقوله ونقول ما نفعله. طبعا، ليست لدينا طبعا عصا سحرية لتخليق الحياة السياسية، وهذه إشكالية تتعلق بالنسيج السوسيو ثقافي كما تعرفون، فهناك ثقافات متأصلة لا يمكن أن تستأصل بكلمة واحدة.
هذا يتناقض مع ما قام به الحزب في بعض الجهات، من خلال ترشيح بعض الأعيان بها والذين ليست لديهم هذه المواصفات، ما رأيكم؟
< عندما تنظر نظرة فاحصة إلى جميع الأحزاب المغربية ترى أن لديها نفس تكوين المكونات والتركيبات الاجتماعية، فيها الناس العاديون والأطر والأعيان، فنحن لم نأت بسكان السويد أو النرويج، بل تعاملنا مع التربة التي تكوّنا فيها، ولكن ربما عندما يدخل هؤلاء كلهم تحت قبة الأصالة والمعاصرة سيرون أن لدينا خطابا مغايرا وقالباً يمكن أن يدخل فيه الشخص ويخرج من الجهة الأخرى وقد تكيف مع الخطاب السياسي. صحيح، طبعا، أننا لا يمكن أن نتحرك في بلادنا دون أن يكون لنا حضور وسط جميع شرائح المجتمع، فنحن نعيش في مجتمع به فسيفساء من قبائل شتى، ليس فقط في الصحراء، بل في جميع الجهات، وبالتالي نحن لم نأت لفئة دون أخرى، فنحن نعيش في النسيج المغربي، ولا نخلق نسيجا خاصا بنا.
- لوحظ في المؤتمر غياب كلي للشعارات التي دأبت مؤتمرات الأحزاب الأخرى على ترديدها، واللافتات التي تعكس شعارات الحزب، هل كانت في ذلك رسالة سياسية؟
< هذا كان مقصودا، فقد كنا نريد مؤتمرا خفيفا بشعارات تثير الانتباه لربما نحتت في مكاتب مكيفة.
- لكن ما تعليقكم على شعارات لمؤتمرين يعبرون فيها عن تأييدهم لحركة حماس الفلسطينية؟
< هذا يعني أن الشعب المغربي يواكب الأحداث بدقة.
لكن ألا يظهر هذا، مثلا، وجود عناصر في الحزب لديها تعاطف مع المد الإسلامي؟
هذه تصرفات عفوية، ويجب أن نتعامل معها على هذا الأساس، ولكل واحد أن يفسرها من زاويته، وهذا يظهر أن المؤتمرين كانوا يعيشون الأحداث الدولية بصفة آنية، ولو كانت هناك أحداث أخرى لربما كانت ستنعكس هي أيضا في المؤتمر.
- أسستم تقاربا مع التجمع الوطني للأحرار، والمؤتمرون جاؤوا من هذا الحزب ومن الحزب الدستوري وغيره، ألا يزعجكم هذا لأنه يعني أنكم تبحثون عن عناصر من الحلفاء الذين تتقاربون معهم سياسيا؟
< أولا، نحن سنتحالف مع من يتقارب معنا في البرامج والأهداف، نريد أن يكون المشهد الحزبي في المغرب مقروءا بدقة من قبل المواطن المغربي، حتى لا يبقى يردد قولة «أولاد عبد الواحد كلهم واحد»، فيما يتعلق بالتحالفات المستقبلية وبالأخص في الانتخابات المحلية، فالشأن المحلي هو شأن محلي، ليست فيه برامج وطنية، وسنشترك في تحالفات مع من يتقاسم معنا في البرامج والقيم محليا، أما حزب التجمع الوطني للأحرار فهذا حزب لديه فريق مهم في البرلمان ولدينا معه آلية مشتركة في العمل البرلماني ربما هي أول آلية تم اعتمادها في بلادنا، متمثلة في فريق «التجمع والمعاصرة»، وهي تركيبة مضافة للمشهد السياسي على صعيد البرلمان، وأظن أننا نعطي إشارات للمستقبل من أجل تجميع الجهود، فهي خطوة إلى الأمام فيما يتعلق بمجلسي البرلمان، ودلت التجربة القصيرة أنها كانت ذات فعالية على مستوى العمل البرلماني لا من حيث الأسئلة الشفوية أو الكتابية، ومراقبة العمل الحكومي بصفة عامة.
- بالنسبة إلى انتخابات 2009 الجماعية، هل لديكم أي تصور للتحالف مع التجمع أو الحركة الشعبية؟
< في الوقت الحالي ليس لدينا أي تصور، لكن مبدئيا لدينا استعداد للخوض في هذه القضايا، ولكن إلى حد الآن لم نحدد طبيعة ولا مكان هذا الأمر. كان لنا نقاش طويل مع الإخوة في التجمع، ومع الإخوة في الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، قبل اندماج الأحزاب الخمس، ومجال النقاش لا يزال مفتوحا.
- ماذا عن تغطية الحزب للدوائر الانتخابية في الانتخابات المحلية المقبلة؟
< أظن أننا، الآن نغطي أغلب الدوائر، إذا انطلقنا من الأحزاب الخمسة المندمجة وتواجدنا فيها، وأعتقد أننا سنتمكن من تغطية جل الدوائر الانتخابية في الانتخابات الجماعية.
- اتجاه الاندماج الذي يسير فيه حزبكم، هل لا زال مفتوحا وهل تعملون بذلك على تكوين قطبية سياسية في المغرب، علما بأن هذا كان دائما مطلبا للمؤسسة الملكية؟
< أظن أننا الآن انتهينا من عملية الاندماج بدمج خمسة أحزاب حاليا، ولا نفكر في امتصاص أي كان، نريد فقط أن نتمكن بمعية شركائنا من عقلنة المشهد السياسي وخلق تقاطبات سياسية في المستقبل.
- في الوثيقة السياسية تحدثتم عن الفصل بين الدين والسياسة وعدم استغلال المقدس في العمل السياسي، والمقدس في المغرب هو الملكية والإسلام والوحدة الترابية، لكن الإسلاميين يقولون إنكم توظفون اسم الملك في الصراع السياسي، عبر ترويج أن الحزب هو حزب صديق الملك، ما ردكم؟
< يجب أن نخرج من مرحلة استغلال المقدسات، والسياسيون يجب أن يخرجوا الآن من استغلال المقدسات الوطنية، الملك للجميع والإسلام للجميع، هذه هي أعمدة مشروعنا السياسي المستقبلي.
- هل يمكن أن نعرف لماذا لم توجهوا الدعوة إلى حزب العدالة والتنمية لحضور المؤتمر؟
< أولا، أريد أن أقول إننا منذ سنة كنا تحت راجمات قوية لم نجد لها تفسيرا، فقد سمونا «وليدات الهمة»، وسمونا الاستئصاليين واللقطاء، ولم نجب، لأننا نقول «ادع بالتي هي أحسن»، ولكن كذلك نقول «ولا تصعر خدك للناس»، فكوننا لم نستدع البعض لا يعني أي رسالة عدوانية، بل يحمل رسالة توضيح المشهد السياسي المغربي للمواطن الذي رأى دائما الساسة يتبادلون القبل ويتصارعون في أماكن أخرى، فنحن نريد أن يكون المشهد السياسي واضحا بدون عدائية، نحن شركاء مع الجميع في العمل في الميدان السياسي، ولكن هناك طبعا مساحات فاصلة يجب أن تقرأ بسهولة. وبالمناسبة ليست العدالة والتنمية هي التي لم تستدع بل مجموعة من الأحزاب تختلف مواقعها ومرجعياتها.
- نستشف من هذا الكلام استبعاد أي تحالف أو تقارب مع حزب العدالة والتنمية؟
< سنتحالف مع من يتقاسم معنا مبادئنا وبرامجنا والقيم التي ندافع عنها، والتحالف سيكون محليا.
- هل تعتبرونه خصما أم عدوا؟
< هناك فرق بين الخصم والعدو، وهو طبعا خصم سياسي.
- هل هناك شروط معينة لأي تقارب في المستقبل مع هذا الحزب؟
< نحن شروطنا هي أن نتقاسم نفس البرامج ونفس الأهداف وأن تقاسم نفس القيم، وإلى حد الآن هذا غير حاصل.
وبخصوص حزب الاتحاد الاشتراكي؟
الاتحاد الاشتراكي من أعرق الأحزاب في المملكة ونكن له احتراما كبيرا جدا، ولدينا فيه أصدقاء، ولكننا لم نفهم بعض التصرفات في بداية مشوارنا، غير أنه طبعا حزب نحترمه ونحترم الترسبات التي أسهم فيها وأصبحت قاسما مشتركا بين المغاربة.
- هل تشاطرون موقف الاتحاد الاشتراكي في قضية الاقتطاع من أجور المضربين، الذي اعتبروه مسا بحق دستوري؟
< في الحكومة السابقة تمت مباشرة اقتطاعات من طرف الإخوة في الاتحاد الاشتراكي، (الحبيب) المالكي اقتطع في وزارة التعليم، وأنا اقتطعت في وزارة الصحة، وبالتالي يجب أن تكون الأمور واضحة، هنا ك حرية الشغل وهناك الحق في الإضراب، ولكن الذي قام بالإضراب يجب أن يتحمل مسؤوليته، لكن ما لا أفهمه هي المزايدات التي تصدر عن بعض الأحزاب كلما دنت الانتخابات.
بعد المؤتمر، دخل الحزب مرحلته العادية منذ إنشائه، هل سيتخلص الحزب في مرحلة الشيخ بيد الله من كاريزما الهمة التي ارتبطت به منذ ميلاده، أي اختزال الحزب في شخص واحد؟
< هذا الحزب هو حزب نحتته شخصيات عدة، من بينها الصديق فؤاد عالي الهمة، الذي لديه طبعا مسار خاص غني جدا، وكان منتخبا محليا وبرلمانيا وقطع أشواطا كبيرة في العمل السياسي، وهو قيمة مضافة إلى الحزب، ولكن الحزب سيرتبط ويحكم عليه من خلال برامجه وتعامله مع الشأن المحلي والقضايا الكبرى، وقدرته على جلب نخب جديدة تتعامل مع السياسة بشكل جديد.
- ما رأيكم في الأداء الحكومي؟
< هذه الحكومة هي حكومة متميزة لأنه لأول مرة في العهد الجديد ينصب الوزير الأول من الحزب الذي فاز بالمرتبة الأولى في الانتخابات، فهذه إذن دفعة جديدة في اتجاه الديمقراطية، والحكومة الحالية فيها مكونات كثيرة من الحكومة السابقة، ومن بينها حزب الأصالة والمعاصرة الذي يشرف، من خلال السيد أحمد اخشيشن، على حقيبة مهمة هي التعليم الذي يعيش الآن زمن الإصلاح والتغيير.
كما أن الحكومة تعاملت بفعالية مع جميع القضايا التي حصلت في البلاد، واشتغلت بذكاء كبير وبتدبير فعال كذلك في مرحلة حرجة تمثلت في الأزمة العالمية، تذكروا المرحلة التي كان فيها ثمن البترول يتصاعد يوميا تقريبا، وكانت أثمان المواد الأولية ترتفع باستمرار. تعاملت الحكومة بذكاء مع هذه الأحداث وحاصرتها ولم تقع أي اضطرابات اجتماعية والحمد لله، ونتمنى أن تستمر في هذا المنحى، لضمان استمرار أكثر البرامج والأوراش التي تباشرها. ومازالت الحكومة مستمرة في هذه الأوراش رغم الصعوبات التي يعرفها العالم حاليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.