الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    البطولة: اتحاد طنجة المنقوص عدديا ينتصر على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاصيل الكاملة لقضية اغتصاب الخادمة التي جرّت رئيسي جماعتين ووالدهما وراء القضبان
القضية تورط فيها عدلان وطبيب والمحكمة أدانت المتهمين ب40 سنة سجنا
نشر في المساء يوم 02 - 03 - 2015

أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، الأسبوع المنصرم، أحكامها في أشهر قضية اغتصاب، كانت جريدة «المساء» سباقة إلى كشف خيوطها وانفردت بإثارة تفاصيلها الأولى، التي هزت مشاعر الرأي العام بجهة الغرب الشراردة بني احسن، حينما قررت لبنى احميمن، الخادمة الضحية، كسر حاجز الخوف، وفضح ما تعرضت له من اعتداءات جسدية وجنسية، خلال لقائها بالجريدة بمدينة القنيطرة، على هامش زيارتها لمركز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف.
بداية القصة
تقول لبنى، بعد أن قبلت فتح قلبها ل«المساء»، والبوح بما يخالجها من آلام ومآسي، «اشتغلت، تحت وخز الفاقة والحاجة، كخادمة عند أحد أعيان الدوار الذي أقطنه، لأعيل أسرتي الفقيرة، كنت حينها حريصة على أن أنال رضا أهل البيت، سيما أن صاحبه كان فقيها وإماما لمسجد المنطقة، ولم أكن أتصور أبدا أن ألقى منه هذا الجزاء».
سكتت الفتاة برهة، ثم واصلت حديثها، «في إحدى ليالي أكتوبر من عام 2008، كنت غارقة في نوم عميق بعد يوم عمل مضن، قبل أن أتفاجأ بغريب يقتحم علي غرفتي، حاولت إنارة المكان، لكن يدا خشنة أمسكت بي، ومنعتني من تبديد الظلام، إذ ذاك أدركت أنه مشغلي الحاج، لم أفهم في بداية الأمر سر مجيئه إلي في هذا الوقت المتأخر من الليل، حاولت معرفة الجواب، لكنه سرعان ما انقض علي، وشرع في نزع ملابسي بالقوة، ورغم صرخاتي وتوسلاتي وبكائي الشديد، فإنه لم يأبه لذلك، ووضع يده على فمي لإجباري على السكوت، وواصل إشباع غريزته بكل عنف، قبل أن ينصرف إلى حال سبيله، بعدما افتض بكارتي، واعدا إياي بالزواج، رغم رفضي له، لطمس معالم جريمته».الاحتجاز لمنع تسرب خبر الاغتصاب
أصيبت الخادمة بصدمة شديدة جراء هذا الاعتداء، وتملكها خوف شديد من ما تحمله لها الأيام القادمة، كانت تنتظر فرصة مغادرة منزل مشغلها لتبوح لأسرتها بما وقع لها، لكن المتهم صد جميع الأبواب في وجهها، وظل يترصد تحركاتها، ولم يتركها لحظة تغيب عن مراقبته، في وضع أشبه بالاحتجاز أو الاعتقال، قبل أن يعاود فعلته، حسب ما جاء على لسانها، يبتغي مضاجعتها، فكان له ما أراد، مستعملا الأساليب الوحشية نفسها، والتي وصلت إلى حد التهديد بالقتل. وكان هذا الاعتداء الجنسي الأخير من نوعه، بعدما شاع الخبر بين أبنائه، اثنان منهم يوجدان على رأس مجلسين جماعيين، وشرع بطن الخادمة في الانتفاخ، رغم أنها لم تنتبه هي نفسها لهذا الأمر، لصغر سنها، وجهلها التام بأعراض الحمل وعلاماته.
تحكي لبنى، وهي تحمل بين يديها طفلتها التي لم تطفئ بعد شمعة الثمانية أشهر من عمرها، «كانت البداية، ترحيلي إلى مدينة الدار البيضاء، للاستقرار لدى سيدة هناك، ومحاولة تزويجي لشخص أجهله بالمرة، لكنني رفضت رفضا قاطعا، فظللت أعيش مجبرة على هذا المنفى، حيث كانت هناك محاولات عديدة لإجهاضي عبر تعنيفي، وضربي بالقوة على مستوى البطن، وسبي وشتمي، ومع ذلك بقيت صامدة في وجه مخططاتهم، وما هي إلا أيام، حتى تم إرجاعي إلى مدينة جرف الملحة إقليم سيدي قاسم، بعدما علم أبي بخبر اغتصابي واختطافي، حيث أشعر وكيل الملك بابتدائية وزان بهذه الواقعة، وقام درك عين دريج بالتحقيق في الموضوع، دون أن يسفر ذلك عن اعتقال الجناة».
عدم اعتقال المتورطين في الأفعال المذكورة أعلاه، تقول الخادمة، فتح الباب على مصراعيه لتكون ضحية جرائم أخرى أكثر بشاعة، بينها احتجازها مجددا بمنزل آخر، وتعرضها للنصب والاحتيال، وفق ما صرحت به، بعد إجبارها، وهي حامل، على وضع بصمتها على عقد زواج، أشرف عدلان على إنجازه في الثانية صباحا من أحد الأيام، دون أن تدري أنها أصبحت في عهدة شاب يعمل بمقهى ابن الحاج المتهم.
بعد مرور أربعة أيام فقط، اشتد بلبنى المخاض، فحملت على سيارة الجماعة إلى مصحة جرف الملحة، ومنها إلى المستشفى الإقليمي بسيدي قاسم، لكنها وضعت مولودتها قبل الوصول، حيث تم إرجاعها إلى مكان الاحتجاز، وتُنتزع منها رضيعتها، بمبرر مباشرة إجراءات إدخالها في دفتر الحالة المدنية، والحال، تؤكد المشتكية، أن الأمر كان مجرد خدعة، حيث تم بيع طفلتها إلى امرأة أخرى، سبق وأن تم استدعاؤها من طرف الدرك الملكي، وهو ما جعلها تنتفض بقوة، وتخرج عن صمتها، لمقاومة الظلم الذي قالت إنه سلط عليها، وأفقدها حلاوة الحياة والعيش الكريم، فكانت أن طرقت جميع الأبواب، وحررت العديد من الشكايات، لاقت تجاوبا من لدن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومركز النجدة بالقنيطرة، في انتظار أن تنضاف إلى اللائحة هيئات مدنية أخرى لها الاهتمام نفسه.
تأسيس لجنة مشتركة لدعم الخادمة
بعد انتشار خبر الاغتصاب في أوساط الرأي العام الوطني، وتداول مختلف وسائل الإعلام لتفاصيله، بادرت العديد من الهيئات والفعاليات الحقوقية والنسائية إلى تأسيس لجنة مشتركة لدعم ومتابعة ملف الخادمة الضحية، تضم جمعية اتحاد العمل النسائي، ومركز النجدة لمساعدة النساء والأطفال ضحايا العنف، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، جمعية «ماتقيش ولادي»، جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والذين أعلنوا جميعهم، في بلاغ أصدروه بالمناسبة، عن التزامهم المبدئي بالعمل على أن تأخذ هذه القضية مجراها الطبيعي وفق ما يقتضيه ضمان التطبيق السليم للقانون، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير العملية والقانونية الكفيلة بالدفاع عن الحقوق العادلة والمشروعة للخادمة، موجهين الدعوة إلى كل الهيئات والإطارات المناضلة لدعم ملف الضحية عبر تعزيز لجنة الدعم والمتابعة.
بداية التحقيق في القضية
رغم الشكاية، التي سبق، أن وضعها والد لبنى لدى مصالح الدرك، إلا أن التحقيقات لم تتسم بالجدية المطلوبة، إلا عندما شرعت الهيئات، التي تبنت ملف الضحية، في مراسلة الدوائر المسؤولة، لحثها على اتخاذ المتعين في هذه القضية التي أخذت بعدا دوليا، بعدما تناولت عدة قنوات فضائية أجنبية هذه القصة، وتماطل الجهات المعنية، في البداية، في استدعاء المشتكى بهم. قبل أن يتخذ الملف منحا آخر، بعدما أمر نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، شهر ماي 2010، الضابطة القضائية، بفتح تحقيق بخصوص الشكاية التي تقدمت بها الخادمة لبنى احميمن، ضد مجموعة من الأشخاص تتهمهم بالاغتصاب والاختطاف والاحتجاز والتعنيف وتزوير وثائق عقد الزواج، والاستماع إلى كافة الأطراف، للكشف عن الملابسات الحقيقية لهذا الملف.
المختبر الجيني للدرك يدخل على الخط
دخل المختبر الجيني التابع للقيادة العامة للدرك الملكي في الرباط على خط التحقيق في ملف الخادمة التي تتهم أشخاصا نافذين بإقليم وزان نافذين بالتورط في ما تعرضت له من اعتداءات، حيث، أخضع، خلال الأسبوع الأول من شهر نونبر 2010، كل من الضحية، البالغة من العمر 27 سنة، والقاطنة بدوار «البغال السفلى» جماعة «سيدي بوصبر» وزان، وطفلتها آية، المزدادة بطريقة غير شرعية، وكذا مشغلها الذي تتهمه باغتصابها، إضافة إلى الشاب الذي تقول إنها وجدت نفسها فجأة زوجة له بعد التحايل عليها قصد طمس معالم الجريمة، لإجراءات تحليل الحمض النووي للتأكد من نسب المولودة، والتي كانت نتائجه عنصرا حاسما في تكييف المتابعات بالنسبة لجميع أطراف هذه القضية، بعدما أثبتت نسب المولودة للأب البيولوجي بنسب 99,99 في المائة، والذي لم يكن سوى والد رئيسي الجماعتين الشقيقين.
وضع المتهمين تحت المراقبة القضائية
نظرا لضرورات البحث والتحري، وضمانا لحضور جميع المتهمين أجبرت قاضي التحقيق على إصدار أمر بوضع كل من المشتكى به الرئيسي وابنيه، المتابعين في الملف، تحت المراقبة القضائية لمدة شهرين قابلة للتجديد لضمان حضورهم، وحرمان رئيس جماعة جرف الملحة من مغادرة التراب الوطني، على اعتبار أنه مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.
اعتقال المشتبه فيهم..
سادت تخوفات كبيرة في أوساط العديد من النشطاء في مختلف الجمعيات الحقوقية والنسائية بخصوص الضغوطات والتدخلات التي يمكن أن تنزل بكل ثقلها في الملف الذي بات يعرف بقضية الخادمة لبنى احميمن، خاصة بعدما قرر قاضي التحقيق باستئنافية القنيطرة، عند انتهائه من الاستنطاق الابتدائي، فبراير 2011، إيقاف جميع المتهمين ووضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالقنيطرة، ويتعلق الأمر برئيسي الجماعتين الشقيقين «ع ع ص» و»ع إ ص»، والعضوين في حزب التقدم والاشتراكية، وكذا والدهما «ع ك ص»، إضافة إلى شخص رابع يدعى «ع إ س»، الذي كان يعمل نادلا بمقهى يملكها باقي المتهمين، والمعروف في هذه القضية باسم الزوج الوهمي.
محاولة اختطاف فاشلة للضحية
بعد اعتقال الأظناء، قالت الضحية، إنها تعرضت لعملية اختطاف فاشلة، واتهمت في هذا الإطار، مقربيْن من عائلة المشتبه فيهم، بعدما حل أحدهما بمنزلها للضغط عليها لمرافقته إلى مدينة جرف الملحة، وإرغامها على التراجع عن أقوالها وتصريحاتها، التي سبق وأن أدلت بها سواء أمام الضابطة القضائية خلال مرحلة البحث التمهيدي، أو أمام قاضي التحقيق في إطار الاستنطاق الابتدائي.
وأضافت الخادمة، أن رجال الدرك الملكي، تدخلوا في الوقت المناسب، وأفشلوا مخطط اختطافها، فيما لاذ من يقفون وراء هذه العملية بالفرار إلى وجهة مجهولة، مشيرة، إلى أنها حررت آنذاك شكاية في الموضوع، حيث استمع المحققون لإفاداتها في محاضر رسمية.
ودفعت هذه المستجدات الخطيرة، ممثلي العديد من الجمعيات الحقوقية إلى عقد لقاء طارئ مع نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في القنيطرة، كما أجروا اجتماعا مع القاضي المكلف بالتحقيق في ملابسات هذه القضية، هذا الأخير، أكد للحقوقيين أنه سيتعامل مع الملف وفق ما ينص عليه القانون، وأن القضاء مستقل، ولا يمكن لأي أحد كيفما كان نوعه أن يؤثر على مساره القانوني.
المحامية نزهة العلوي، مديرة مركز النجدة لمساعدة النساء ضحايا العنف، وصفت محاولة الاختطاف هذه، بالسلوك الشنيع الشبيه بالممارسات التي تقوم بها العصابات الإجرامية، ودعت كل من المجتمع المدني والعدالة إلى ضرورة التحرك العاجل لإيقاف المتورطين، وصد محاولات باقي الجهات التي تسعى نحو الضغط للتأثير على القضاء، وقالت، إن الملف، سيعرف تطورات أخطر، إذا وقع التمادي في نهج مثل هذه الأساليب غير المشروعة، التي تسيء إلى دولة الحق والقانون، طالما أن هناك من يتحدى سلطة القضاء.
قلق حقوقي بعد الإفراج عن المتهمين
تلقت الحركات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني، خاصة اللجنة السداسية المتبنية لهذا الملف، خبر الإفراج المؤقت عن المتهمين باستياء عميق، خاصة، عندما أحجمت النيابة العامة لدى استئنافية القنيطرة، وهي التي طالما طمأنت الحركات المذكورة بسهرها الشديد على تطبيق القانون في هذا الملف ولا شيء غير القانون، عن استئناف قرار قاضي التحقيق بالغرفة الثانية، بل الأكثر من هذا، حسب مصادر حقوقية، فإنها لم تعد ترى مانعا من تمتيع المتهمين أعلاه بالسراح المؤقت، وهي نفسها التي التمست إيداعهم السجن بعد دراسة معمقة لملف الطفلة الخادمة دامت قرابة الشهرين. وتساءلت نجية أديب، رئيسة جمعية «ما تقيش ولادي»، وسفيرة اتحاد سفراء الطفولة العرب بالمغرب، في تصريح سابق ل»المساء»، عن طبيعة الضمانات التي لم تكن متوفرة عند اتخاذ قرار إيداع المتهمين في السجن لتصبح بعدها بحوالي أسبوعين تقريبا متوفرة، معتبرة، أن مثل هذه القرارات الصادمة التي تمنح السراح لمتهمين بارتكاب أفعال خطيرة تشجع على التمادي في الإجرام. هذا في الوقت الذي وصف فيه خالد كوي، الناشط الحقوقي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، قرار منح السراح المؤقت بالمؤشر غير الإيجابي، والذي يؤكد حينها الريبة التي انتابت الحقوقيين من أن يتم الإخلال بشروط المحاكمة العادلة في هذا الملف، سيما، يضيف المتحدث، أن طرفي هذا القضية لا يوجدان في الكفة نفسها، بحكم النفوذ السياسي والمالي الذي يتمتع به أحدهما.
بعد طول انتظار..الشروع في محاكمة المتهمين
بعد الانتهاء من التحقيق في هذه القضية، الذي استمر لفترة طويلة أدخلت اليأس في نفوس جميع المتعاطفين مع الخادمة الضحية وطفلتها آية، تقرر، أخيرا، إحالة جميع المتهمين لمحاكمتهم، في مارس 2014، بعدما ظل الملف يراوح مكانه لما يقارب خمس سنوات قبل أن يجد طريقه إلى قاعة الجلسات للشروع في محاكمة الأظناء، الذين وجه لهم الوكيل العام للملك تهما تتعلق بالاغتصاب الناتج عنه افتضاض والمشاركة في التوصل بغير حق إلى تسلم شهادة عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة والمشاركة في التزوير في محرر رسمي واستغلال النفوذ وتسليم شهادة إدارية لشخص يعلم أنه لا حق له فيها والمشاركة في استعمالها، كل حسب المنسوب إليهم.
استئنافية القنيطرة تصدر أحكامها في الملف
وزعت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، 40 سنة سجنا نافذا، على أربعة متهمين، حيث أدانت كلا من عبد العزيز الصادق، رئيس جماعة سيدي بوصبر، وعدلين ونادل بمقهى ب 10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، هذا في الوقت الذي أدين فيه عبد الكريم الصادق، وهو والد رئيس الجماعة، ب 8 سنوات سجنا نافذا، وب 3 أشهر سجنا موقوفة التنفيذ في حق طبيب يعمل بسيدي قاسم، بينما برأت، عبد الإله الصادق، رئيس جماعة جرف الملحة، الملقب ب»الميريكاني»، من التهم الموجه إليه.
شهادة الخادمة الضحية
«الأحكام في مجملها تبدو منصفة إلى حد ما، لكنها لا يمكن بتاتا أن تمحو تلك المعاناة الخطيرة، التي تعرضت لها لما يزيد على 7 سنوات، وإن كنت أطرح أكثر من علامة استفهام حول حكم البراءة الذي استفاد منه ابن الجاني، رئيس جماعة جرف الملحة، الذي أحمله كامل المسؤولية فيما تعرضت له من اعتداءات بعد اغتصابي من طرف والده، ومع ذلك لم تتم متابعته.
أنا الآن أعيش ظروفا جد صعبة رفقة طفلتي الصغيرة، التي لا زالت إلى حد الآن تجهل والدها، أناشد جميع الهيئات والمنظمات الحقوقية والنسائية التي آزرتني في محنتي، وهي مشكورة على كل ذلك، أن تواصل دعم قضيتي إلى آخر رمق، وحتى أسترجع كرامتي أولا، وأن أسجل ابنتي في الحالة المدنية، لأنها بدون وثائق هوية، خاصة وأنها مقلبة على الدراسة.
شهادة المحامي طارق السباعي
الأحكام الصادرة في هذه القضية تستحق الإشادة، وهي تضاهي الحكم الصادر عن القاضي البريطاني «ديفيد بين»، الذي استشهدت به في مرافعتي، الذي حكم على نجل ابنة الملك السعودي الراحل عبد الله، بعد تورطه في حادث راحت ضحيته خادمة، بالسجن مدى الحياة لمدة لا تقل عن 20 عاماً. وقال للأمير، أثناء النطق بالحكم، «من النادر أن يقف أمير في قفص الاتهام بتهمة القتل، لكن، لا أحد في هذا البلد فوق القانون»، فمثل هذه الأحكام هي التي من شأنها أن ترسخ الركائز الأساسية لدولة الحق والقانون، وتؤكد استقلالية جهاز القضاء.
فهنيئا لنا بنموذج الهيئة القضائية التي أنصفت الخادمة لبنى حميمين، ورفضت الانحناء لجبروت المال والنفوذ، رغم أن الملف في بدايته عرف تعثرا لمدة خمس سنوات، بسبب تدخلات ومحاولات لإقبار الملف من طرف جهات نعلمها جيدا، لقد كانوا يعتقدون أنهم قادرون على قهر خادمة وتركيعها والدوس على حقوقها بالحجز والتهديد والترهيب، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها، بفعل يقظة المجتمع المدني وإيمان هيئة الدفاع بعدالة القضية واستقلالية القضاء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.