الملك محمد السادس يهنئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمناسبة اليوم الوطني لبلاده    إيران وإسرائيل وجهان لعملة واحدة        تقرير بريطاني: إيران تسلح البوليساريو لزعزعة الاستقرار في شمال إفريقيا        بعد تداول فيديو على مواقع التواصل.. أمن أكادير يُفكك عصابة لسرقة الدراجات النارية        بعد تألقها في موازين.. المغربية فريال زياري تستعد لتصوير عمل فني جديد    حملة تحسيسية تحذر سكان سوس ماسة من السباحة في السدود    الإلحاق بالخارج والحق في معاش التقاعد: أي علاقة؟    برلماني من "الأحرار" مدان في قضية غسل أموال يقاضي الغلوسي بسبب تحريكه لملفات فساد    الخارجية تباشر أكبر حركة تغيير قنصلي شملت 22منصبا من أصل 60    للمرة الثالثة.. حزب الاستقلال بالحسيمة يكتسح ويهيمن على الانتخابات الجزئية الأخيرة.    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من 600 مدني خلال محاولات الحصول على المساعدات الإنسانية بغزة    البحرية الملكية تشارك في تمرين عسكري لمواجهة التهديدات البحرية والهجرة غير النظامية (صور)    مشروع قانون جديد يعيد تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعزز استقلاليته وفعاليته    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب بالإفراج الفوري عن المدونة سعيدة العلمي    طقس الجمعة: أجواء حارة بعدد من الجهات    لليوم الثاني على التوالي .. اضطرابات في رحلات لارام من وإلى فرنسا    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    طوطو وصناعة المعنى على منصة موازين    الجديدة : ديوان شعري نسائي جديد "لآلئ على بريق التجلي"    مجلس النواب يراسل الحكومة بسبب غياب الوزراء ويرفض مخاطبة نائبة ب"لالة"    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    تراجع أسعار النفط في ظل انحسار التوتر في الشرق الأوسط وتوقعات بزيادة الإمدادات    إحصائيات مذهلة وأداء استثنائي.. حكيمي يفرض نفسه في سباق الكرة الذهبية    بنك المغرب: ارتفاع الإنتاج والمبيعات الصناعية في ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    حريق المنار بالجديدة يوقظ بمطلب ثكنات إضافية للوقاية المدنية للإنقاذ العاجل        المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم تمثيلية عادلة في إنتظار التنزيل التشريعي    نهاية درامية للملاكم شافيز جونيور.. خسارة نزال واعتقال وترحيل مرتقب    مونديال الأندية: إينزاغي يؤكد ثقته بالهلال أمام فلوميننسي "المنظّم"    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    عميد نادي الزمالك المصري "شيكابالا" يضع حدا لمسيرته في الملاعب    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر    سبعة مغاربة بربع نهائي الموندياليتو        إسبانيول يبادر إلى "تحصين الهلالي"    لقجع يؤكد طموحات الكرة المغربية    تحركات احتجاجية تعلن الاستياء في أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء    إقليم السمارة يكرم التلاميذ المتفوقين    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    شح الدعم يؤجل أعرق مهرجان شعري    أسر الطلبة العائدين من أوكرانيا تترقب "اللقاء المؤجل" مع وزارة الصحة    توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    المواد الطاقية تقود انخفاض أسعار واردات المملكة خلال الفصل الأول من 2025    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    دعم 379 مشروعا في قطاع النشر والكتاب بأزيد من 10,9 مليون درهم برسم سنة 2025    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل دسترة الحياة، ضد تدعيش الفضاء العمومي،

الدستور ينص على حرية المعتقد.... أو على الأقل يضمن حرية ممارسة العقائد... معنى ذلك أنه لا يمكن منع مواطن مسلم من الصلاة مثلا ولا من الصيام، ولا يعني إجبار من لا يريد الصلاة، سواء كان مسلما أو غير مسلم، من أداءها، وطبعا لا يمكن إجبار المواطن، المسلم أو غيره، على الصيام،...
طبعا، سيردون عليك، أنه ما من أحد يجبر الآخر على الصوم، لكن من عليه الإفطار فليفعل ذلك مستترا، مختبئاً في بيته... مع أن الأصل في الأشياء هو الحرية والإباحة، وممارسة عادات الحياة في صورتها المألوفة، فالمفروض أن الذي يتناول وجبة غذاءه خارج منزله أن توفر له الظروف في رمضان ليستمر في ذلك بشكل عادي، والذي يدخن سجارته في السيارة، عليه أن يكون مطمئناً وهو يفعل ذلك كما ألف فعله من قبل....
عند حلول شهر رمضان، يثارالنقاش حول العلنية من عدمها في الإفطار، لا يثار حول حق الإفطار من عدمه، لأن ذلك محسوم لصالح الحرية الفردية، بمعنى أن منطق الجدال مع أو ضد هؤلاء الذين يحللون ويحرمون يصطدم بقوة الاعتقاد في الحرية الفردية المتأصلة في الانسان، فيسحبون النقاش إلى مضمار العلنية: ليس لك حق الافطار في الفضاء العام لأنه مملوك بقوة غير مفهومة للذين يصومون في شهر رمضان.... ملكيتهم لهذا الفضاء لا تستند إلا إلى منطق القوة البدائي، فهم أغلبية والآخرون أقلية.... والحكم هنا للأغلبية.... يتذرعون باحتمال زعزعة عقيدتهم، باستفزاز مشاعرهم، وهي ذات المشاعر والعقائد التي لا تستفزها مظاهر البؤس العامة في هذا الفضاء الذي يتبجحون بتملكه، ولا تستفزها ممارسات الاستبداد والقهر والظلم الذي يعيشونه...
هم ليسوا على حق، ويعرفون ذلك بشكل صريح وواضح... إذ لا يمكن للتاريخ أن يعود إلى الوراء، فمظاهر تحديثه، رغم كل العوائق المحافظة، بادية للعيان.... سلوك المحافظة الظاهر، وهذا النكوص الفكري الذي يتجلى في ما يطغى من حوارات في الفضاء العام، ورغم حدته التي تشبه في الكثير من الاحيان حشرجة الموت، تبطن خطا تصاعديا للحداثة مقترن بقوة الدفع الذي تمنحها له العلوم والاختراعات التكنولوجية الكبيرة، وهذه الثورة العارمة لتقنيات التواصل والميديا... كل هذا جعل النقاش حول هذه العلنية ينتصر سنة بعد سنة لفائدة حرية ممارسة الحياة بشكل عام، والعقائد بشكل خاص...
كان لا بد لمظاهر المحافظة هذه أن تجد لها سندا في قطبين أساسيين في المجتمع....
في الدولة أولا، وهو ما تجلى في هذه المقاومة العنيدة ضد مطالب إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، وتجلى أيضاً في إشاعة خلق فرق المطاوعة في إدارة الشرطة بالمغرب، والتي أوكل لها مهمة تعقب المفطرين، إشاعة كذبتها الإدارة العامة للأمن الوطني، لأنها لا تستقيم لا قانونيا ولا دستوريا، فمنطق هذين الأخيرين، القانون والدستور، يفيد ضرورة إنشاء فرقة أمنية لحماية المواطنين الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي في الفضاء العام، ومنها ما يتعلق بأكلهم وشربهم وتدخينهم، ضد عنف أغلبية تحتاج إلى تمرين ثقافي واجتماعي لقبول الآخر المختلف معها وعنها... وهي رغم كونها إشاعة، إلا أنه لا يستبعد أن يكون وراءها جهات رسمية، ترى في وأد هذا النقاش عبر الضرب بيد من حديد وتخويف المواطنين طريقا لتجنب صداع الرأس، والابتعاد عن سجال سيكون محكوما عليها الحسم فيه بما ينص عليه الدستور، وهو أمر سيحرجها، ظرفياً، أمام حلفاءها من المتأسلمين الذين لا زالوا يؤدون أدوارهم الاطفائية بنجاح....
القطب الثاني هو قطب المثقفين، الذي فضل الاستقالة من النقاش العمومي بشكل عام، ونقاش الحريات الفردية بشكل خاص، فاستكانوا إلى الصمت، وفي بعض الأحيان إلى تبريرات لا علمية وتفتقد إلى المنطق السليم، وذلك بالتنظير لمشاعر الأغلبية، واحترام التقاليد وما إلى ذلك من تبريرات واهية لا تزيدهم سوى بؤسا وعزلة عن هذا المجتمع الذي يتبجحون بكونهم روحه ووعيه الجمعي.... هذا مع تسجيل ضربهم لطقس الصوم عرض الحائط، وممارسة حياتهم بشكل عادي، خارج الطقوس الدينية، لكن بخضوع للقمع اليومي المتجلي في عدم استفادتهم من ممارسة حياتهم في الفضاء العمومي....
لعل الوقت كفيل بتراكم شجاعة مجتمعية قادرة على فرض ممارسة حياتية دستورية وعادية في هذا البلد....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.