1. الرئيسية 2. تقارير التعليم العالي في المغرب مهدد ب"البلوكاج".. "فيتو" المالية يُفجر غضب الأساتذة الباحثين والنقابة تعلن رفضها لمشروع القانون الجديد الصحيفة - خولة اجعيفري الخميس 25 شتنبر 2025 - 9:00 جددت النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي "رفضها القاطع" لمشروع القانون 59/24 المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي، معتبرة أنه يُهدد الجامعة العمومية في وجودها ويكرس هيمنة القطاع الخاص ويعمّق التفاوتات المجالية والاجتماعية، كما طالبت بسحبه فورا من أجل التعديل والتشاور، وذلك تزامنا ومحاولة الوزير عز الدين ميداوي امتصاص الغضب بتأكيده أن المشروع "يوجد لدى الأمانة العامة للحكومة وتم تعديل كثير من مقتضياته"، متعهدا بتمكين النقابة من نسخة رسمية وفتح حوار موسع ينتهي بمحضر مشترك للتعديلات. وهذا الموقف جاء في بلاغ رسمي للنقابة، عقب الاجتماع الذي دعا إليه الوزير بمقر الوزارة بالرباط هذا الأسبوع، والذي امتد لأكثر من ست ساعات من النقاش حيث أوضحت النقابة أنها عبّرت خلال اللقاء عن امتعاضها واستغرابها من "إقصاء الفاعلين والمتدخلين في عملية البناء المشترك لمشروع قانون مصيري، قبل وضعه في المسار التشريعي"، معتبرة أن الصيغة المتداولة "لا تنسجم مع قيم الجامعة واستقلاليتها، وتنذر بهيمنة كاسحة للقطاع الخاص، وتهدد الجامعة العمومية في وظائفها الأساسية". النقابة شددت في بلاغها الذي تتوفر عليه "الصحيفة" على ضرورة سحب المشروع في صيغته الحالية من أجل إعادة صياغته بشكل تشاركي يضمن توافقاً مجتمعيا واسعا، داعية في الآن نفسه إلى توسيع دائرة التشاور بشأن الإصلاح البيداغوجي، عبر الهياكل الجامعية المختصة، بما يسهم في تجويد التكوين وضمان جودته مع التعجيل بالبت في القضايا الملحة المرتبطة بالملف المطلبي الوطني للأساتذة الباحثين. من جانبه، أكد الوزير عز الدين ميداوي أن المشروع الذي أثار الجدل يوجد لدى الأمانة العامة للحكومة وأن النسخة التي يتم تداولها اليوم جرى تعديل عدد كبير من مقتضياتها مشيرا إلى أنه سيمكن المكتب الوطني للنقابة من نسخة رسمية للاطلاع عليها كما التزم بفتح حوار تفصيلي حول كافة مواده يتم تتويجه بمحضر مشترك يتضمن التعديلات المتوافق بشأنها بين الوزارة والنقابة وذلك لتجاوز ما شاب منهجية إعداد المشروع من قصور، وللاستجابة للاحتجاجات والانتقادات التي أثارتها مقتضياته داخل الوسط الجامعي. في هذا السياق، طالب المكتب الوطني للنقابة ب"الإسراع بالإفراج عن النسخة الرسمية المعدلة من المشروع للتداول العمومي، وفتح النقاش الموسع مع مختلف الشركاء، على قاعدة صون كرامة الأستاذ الباحث وضمان استقلالية الجامعة وترسيخ الحرية الأكاديمية". أما بخصوص الإصلاح البيداغوجي، فقد تم الاتفاق على تحيين وتجويد دفتر الضوابط البيداغوجية داخل الهياكل الجامعية المختصة، في إطار خيار التشاركية، مع فتح منصة الاعتماد لمدة كافية أمام الأساتذة الباحثين لاستكمال بناء مشاريع التكوينات البيداغوجية وفق المعايير الأكاديمية، بعيداً عن أي ضغط أو تسريع، وذلك استناداً إلى مقتضيات الضوابط البيداغوجية 2025. وفيما يخص ملف الدكتوراه الفرنسية، أوضحت الوزارة الوصية أن وزارة المالية ما تزال تضع "الفيتو" في وجه هذا الملف، بينما اعتبرت النقابة أنه لا يعدو أن يكون "قضية رد اعتبار للأساتذة الباحثين". وبالنسبة لملف الأقدمية العامة، سجلت النقابة أنه لا يزال قيد النقاش داخل الوزارة، مع التفكير في صياغة حلول منصفة لهذه الفئة، وهو الأمر ذاته بالنسبة لملف حاملي دكتوراه الدولة، الذي أحيل إلى مقترحات المكتب الوطني ورؤيته في هذا الصدد. إلى ذلك، ثمن المكتب الوطني للنقابة ما وصفه ب"التفاعل الجاد والمسؤول" للوزير مع مقترحاتها، معبرا عن ارتياحه لحرص الوزارة على تبني مقاربة تشاركية في معالجة قضايا المنظومة الجامعية كما سجل أن الوزارة وافقت مبدئيا على المطلب المتعلق بمنح الأساتذة الباحثين سنوات اعتبارية أسوة بنظرائهم في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بعد اقتناعها بعدالة هذا الملف، وذلك عقب المرافعة القوية التي قدمها المكتب الوطني في هذا الموضوع. كما أكدت النقابة أن الوزارة شرعت في تسوية ملفات ترقيات الأساتذة الباحثين لسنة 2023 حيث وصلت معظمها إلى مرحلة التأشير المالي بينما اعتبرت أن مباشرة ترقيات 2024 تبقى رهينة بتعديل المادة التاسعة من النظام الأساسي التي أثارت إشكالات كبيرة على مستوى التنزيل. وفي هذا السياق، نبهت النقابة إلى "استحالة تطبيق هذه المادة، وأنها ستظل عائقا أمام تطور المسار المهني للأستاذ الباحث" معلنة الاتفاق مع الوزارة على عقد اجتماعات مشتركة لإعادة النظر في نظام الترقية ومعاييره، بما يضمن العدالة والإنصاف. ويظهر أن اللقاء الطويل بين الوزير والنقابة أعاد فتح قنوات الحوار حول واحد من أكثر الملفات حساسية في المشهد الجامعي، لكنه في الآن نفسه يعكس حجم التوتر المرتبط بمشروع القانون 59/24، الذي تراه النقابة تهديدا مباشرا لمستقبل الجامعة العمومية، في مقابل تطمينات الوزارة التي تسعى إلى تمرير المشروع بعد تعديله ومناقشته مع الشركاء الاجتماعيين، في انتظار ما ستسفر عنه جولات الحوار المقبلة.