1. الرئيسية 2. تقارير في رسالة إلى غوتيريش.. "البوليساريو" تقترح على المغرب "تقاسم فاتورة السلام" والتفاوض على "إقامة علاقات استراتيجية وذات منفعة متبادلة" الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 - 10:11 في خضم النقاش الجاري داخل أروقة مجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار الأمريكي الجديد بشأن الصحراء، أصدرت جبهة "البوليساريو" بيانا أعلنت فيه تقديم نص مقترح للأمين العام للأمم المتحدة، واصفة هذا الخطاب بأنه "مبادرة حسن نية" و"استجابة لقرارات مجلس الأمن"، في محاولة لإعادة طرح خيار "استفتاء تقرير المصير" الذي تشبثت به الجبهة لعقود. وأوضح البيان، الصادر عن ما تسميه الجبهة الانفصالية "ممثلها" لدى الأممالمتحدة بنيويورك، أن المبادرة تهدف إلى تحميل جميع الأطراف المعنية بالنزاع "مسؤولية متقاسمة في إنهاء الصراع بما يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي". واعتبرت الجبهة أنها أنها قدمت "مقترحا موسعا"، إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 10 أبريل 2007، والذي أحاط مجلس الأمن علماً به في قراره 1754 (2007) والقرارات اللاحقة، مع الإشارة إلى أن المقترح يهدف إلى "تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير من خلال استفتاء تحت إشراف الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي، والتعبير عن استعداد الدولة الصحراوية للتفاوض مع المملكة المغربية على إقامة علاقات استراتيجية وذات منفعة متبادلة بين البلدين". وأعلنت الوثيقة، التي قالت "البوليساريو" إنها تحمل مضامين رسالة زعيمها إبراهيم غالي، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن الجبهة مستعدة لتقاسم "فاتورة السلام" مع "الطرف الآخر"، إذا "توفرت لديه الإرادة السياسية لفعل الشيء نفسه، بهدف التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم يضمن للشعب الصحراوي تقرير مصيره ويستعيد السلم والاستقرار الإقليميين بما يتوافق مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة وأهداف ومبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي"، على حد تعبيرها. وتعكس عبارة "تقاسم فاتورة السلام" حسب رؤية البوليساريو، استعدادها لتحمل جزء من أعباء التسوية السياسية، مقابل التزام الطرف المغربي والجهات الإقليمية والدولية المعنية بخطوات مقابلة تؤدي إلى ما تعتبره الجبهة "سلاما عادلا ودائما لا يقوم على الإقصاء أو الهيمنة" بحسب ماجاء في نص بيانها. وتسعى الجبهة الانفصالية عبر هذا الخطاب الرمزي إلى تقديم نفسها كفاعل منفتح على الحوار، في وقت تميل فيه التوجهات داخل مجلس الأمن إلى دعم خيار الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب منذ عام 2007 باعتباره حلا توافقيا يحظى باعتراف متزايد من القوى الدولية الكبرى. وأشار بيان البوليساريو كذلك إلى استعداد الجبهة للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المملكة المغربية "دون شروط مسبقة"، مع الدعوة إلى العودة إلى طاولة التفاوض وفق ما سماه مبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وميثاق الأممالمتحدة، وهو خطاب يتناقض، مع توجهات مجلس الأمن ومسودة القرار الأمريكي رقم 2756 التي اعتبرت أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تشكل الأساس الواقعي الوحيد للتسوية. ويؤشر استخدام البوليساريو لعبارة "تقاسم فاتورة السلام" رغبة الجبهة الانفصالية في الظهور بمظهر القوة الراغبة في السلام، ومخاولة رمزية لاعادة تموضع الخطاب لكن دون التخلي عن مطلب الاستفتاء في شكله التقليدي المتجاوز، كما أن البيان يأتي في لحظة دبلوماسية حساسة، تحاول فيها القيادة الانفصالية كسر العزلة المتزايدة، بفعل تراجع دعم بعض القوى التقليدية، وتنامي الاعتراف الدولي بالموقف المغربي. جدير بالذكر أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وزعت على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي مسودة مشروع قرار جديد حول الصحراء، تؤكد فيه للمرة الأولى أن مقترح الحكم الذاتي المغربي لعام 2007 يمثل "الأساس الأكثر جدية وموثوقية وواقعية" للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم للنزاع، داعية إلى اعتماد هذا المقترح كإطار وحيد لاستئناف المفاوضات بين جميع الأطراف المعنية. وأوضحت المسودة أن مشروع القرار يدعو إلى دعم جهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا، في دفع العملية السياسية قدمًا من خلال المشاورات بين المبعوث الشخصي والمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، والبناء على التقدم المحرز حتى الآن. كما اعتبرت المسودة أن "الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر جدوى"، مؤكدة دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا الموقف، وداعية جميع الأطراف إلى الانخراط في مناقشاته دون تأخير كإطار وحيد للتفاوض للوصول إلى حل مقبول للطرفين. وتضمنت مسودة المشروع الأمريكية تمديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو" إلى يناير من العام المقبل 2026، مع دعوة الأطراف إلى المشاركة في مفاوضات دون شروط مسبقة على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول يضمن حكمًا ذاتيًا حقيقيًا داخل الدولة المغربية. كما طلبت المسودة من الأمين العام تقديم إحاطات منتظمة لمجلس الأمن خلال فترة الولاية، بما في ذلك تقديم إحاطة أولى خلال ستة أسابيع من تجديد الولاية، وأخرى قبل انتهاء فترة الولاية، مع تقديم توصيات بشأن مستقبل بعثة "المينورسو" وفق نتائج المفاوضات. وفي سياق متصل، أعلن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، أن فريقه يعمل على إنجاز اتفاق سلام بين الجزائر والمغرب في الفترة المقبلة، مؤكدا في مقابلة تلفزيونية على قناة "سي بي إس" الأمريكية، أن المفاوضات قد تصل إلى اتفاق خلال 60 يومًا، في حين شدد مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية على تأييد ترامب لسيادة المغرب على إقليم الصحراء، مع الإشارة إلى فتح قنصلية أمريكية قريبًا لدعم هذا الموقف. وتؤكد هذه التطورات أن ملف الصحراء يشهد في هذه المرحلة تصعيدا دبلوماسيا متوازيا، حيث تحاول جبهة البوليساريو إعادة تموضع نفسها عبر مقاربة رمزية، بينما تسعى الولاياتالمتحدة وحلفاؤها إلى تقديم الدعم الدولي المكثف لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره الحل الواقعي الوحيد، مع استمرار جهود الوساطة لحلحلة النزاع وإرساء تسوية سياسية نهائية بين جميع الأطراف المعنية.