افتتاح القمة الكورية الإفريقية الأولى بسيول بمشاركة المغرب    الجامعة الوطنية للصحة تدعو رئيس الحكومة للتفاعل الإيجابي مع قرارات المجلس الوزاري    المغرب.. مبيعات السيارات الجديدة تناهز 65 ألف وحدة متم ماي    تفاصيل مكالمة هاتفية بين بوريطة وبلينكن    مبابي في ريال مدريد    توقيف 18 شخصا بتهمة ترويج أجهزة إلكترونية ممنوعة بفاس والنواحي    الفنان نورالدين بدري يطلق أغنية «haute gamme » بطريقة شعبية    أميمة بن الزوين تطلق «ها الغدر بدا» وتحتفي بالموروث المغربي الأصيل    صفرو تحتفي بالذكرى المئوية لمهرجان حب الملوك    صادرات الفوسفاط تتجاوز 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    بعدما قتلت 10 أشخاص بالناظور.. كحول فاسدة تنهي حياة 3 أفراد بالقنيطرة    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    مغاربة الخارج يبعثون 85 مليارا إضافيا من يناير إلى أبريل بالمقارنة مع العام الماضي    "CDG" يحقق ناتجا صافيا بقيمة 98 مليون درهم    لجنة الاستئناف تبعثر حسابات الهبوط للقسم الثاني    "لبؤات الأطلس" يفزن على الكونغو الديموقراطية    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    المندوبية السامية للتخطيط…نمو الطلب الداخلي بنسبة 3,3 في المئة سنة 2023    ندوة دولية بالرباط تقارب ذاكرة جزر القمر    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    البام يخلف كريمين بجزئيات بنسليمان و"الحصان" يحافظ على مقعد سيدي سليمان    الأغلبية تبارك ضخ 14 مليارا في الميزانية والمعارضة تنادي بتعديل قانون مالية 2024    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    النفط يواصل تراجعه بسبب مخاوف من زيادة المعروض    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    منصة "إكس" تسمح رسمياً بنشر محتويات إباحية    الرقص على الجراح    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    الأمثال العامية بتطوان... (615)    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل السلطة الفلسطينية هدف إسرائيلي بعد المصالحة
نشر في التجديد يوم 01 - 05 - 2014

يظل التنفيذ هو الاختبار الأكبر لنجاح اتفاق منظمة التحرير الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة يوم الأربعاء الماضي على المصالحة الوطنية.
وعلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال الأسابيع القليلة المقبلة أن يثبت قدرته على مقاومة الضغوط الإسرائيلية والأميركية التي تستهدف إجهاض هذا الاتفاق والتي أجهضت اتفاقات المصالحة السابقة.
وعليه أن يثبت قدرته كذلك على تجنب السقوط في فخ أي مناورات أميركية جديدة لاستئناف المفاوضات بمرجعياتها وشروطها السابقة على غرار الفخ الذي وقع فيه في مؤتمر أنابوليس عام 2007 ثم الفخ الذي نصبه له وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليستانف المفاوضات قبل تسعة أشهر.
فتجربة ما يزيد على عشرين عاما من استجابة منظمة التحرير للإملاءات الإسرائيلية – الأميركية في ما سمي "عملية السلام" أثبتت أنها كانت استجابة مجانية لم تكافأ المنظمة عليها لا أميركيا ولا إسرائيليا.
إن توقيع اتفاق غزة على تنفيذ اتفاق القاهرة عام 2011 وإعلان الدوحة العام التالي الموقعين للمصالحة بين المنظمة وحماس يضع في حال الالتزام بتطبيقه نهاية حاسمة لأي حديث فلسطيني عن احتمال حل السلطة الفلسطينية ويحول حلها إلى هدف إسرائيلي تهدد دولة الاحتلال به لإجهاض المصالحة في مهدها.
فالاتفاق على تأليف حكومة موحدة للسلطة الفلسطينية وإجراء انتخابات لمجلسها التشريعي ورئاستها هو بالتأكيد اتفاق على تعزيزها يستبعد أي حل لها من الجانب الفلسطيني جرى التلويح به مؤخرا كواحد من الردود على فشل المفاوضات الثنائية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي برعاية أميركية، ليظل حلها مشروعا تهدد دولة الاحتلال بوضعه موضع التنفيذ في حال قررت أن هذه السلطة لم تعد تخدم أغراضها وأهدافها.
ويتضح من ردود فعل دولة الاحتلال وراعيها الأميركي على توقيع اتفاق غزة لإنهاء الانقسام والتمهيد لتأليف "حكومة موحدة" وإقامة "نظام سياسي واحد" وإنشاء "قيادة واحدة" ووضع "برنامج وطني" متفق عليه أن دولة الاحتلال تجد في هذا الاتفاق ذريعة لحل السلطة أو في الأقل لشلها بالعقوبات والحصار.
لذا قرر المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال الخميس الماضي "عدم إسقاط السلطة الفلسطينية" واكتفى بوقف المفاوضات مع قيادتها وفرض المزيد من العقوبات عليها علها تكفي لاجهاض اتفاق غزة قبل البدء في تنفيذه.
وبالرغم من تأكيد الرئيس عباس بعد توقيع اتفاق غزة على عدم وجود "تناقض بتاتا بين المصالحة والمفاوضات مع إسرائيل"، كون المفاوضات هي من صلاحية منظمة التحرير وليس من صلاحية حكومة السلطة وعلى هذا الأساس وافقت "حماس" المعارضة للمفاوضات في السابق وتوافق الآن على المشاركة في هذه الحكومة، يكرر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وأركان حكومته تخيير عباس بين "صنع السلام مع إسرائيل" وبين "المصالحة مع حماس" بحجة أنه "لا يمكن تحقيق الأمرين، بل أحدهما فقط".
وتصريحات نتنياهو هذه تشير إلى أنه قد وجد في اتفاق غزة ذريعة لعدم الاستمرار في المفاوضات تغطي على مسؤوليته عن فشل جولة المفاوضات التي استؤنفت في تموز/يوليو الماضي ومن المقرر انتهاؤها يوم الثلاثاء المقبل.
وقد انتبه أستاذ العلوم السياسية بجامعة بن غوريون العبرية يورام ميتال لهذه الفرصة الإعلامية التي أتاحها اتفاق غزة لنتنياهو كي يتخلص من المسؤولية عن فشل المفاوضات بقوله لصحيفة "بزنس ويك" أمس الجمعة إن "اتفاق الوحدة الفلسطيني وفر لحكومة نتنياهو فرصة للخروج من محادثات السلام وخدم المتشددين الإسرائيليين في الائتلاف (الحاكم) المعارضين للمفاوضات ، واستفاد نتنياهو من ذلك" لتعلن حكومته الانسحاب من مفاوضات لم تكن قائمة.
لقد كان نتنياهو وحكومته يتذرعون بالانقسام الفلسطيني للطعن في شرعية تمثيل عباس للمجموع الفلسطيني وللتشكيك في قدرته على تطبيق أي اتفاق يتم التوصل إليه معه ليتنصلوا من مسؤوليتهم عن إفشال المفاوضات معه، وهم الآن للسبب ذاته يتذرعون بإتفاق المصالحة للطعن في صدقية كونه "شريكا" في التفاوض على تسوية سلمية.
وقد أعلنت الولايات المتحدة عن "خيبة أملها" و"قلقها" من توقيع اتفاق غزة وطالبت المتحدثة باسم وزارة خارجيتها جنيفر بساكي باعتراف أي حكومة وحدة فلسطينية جديدة بدولة الاحتلال كشرط مسبق للاعتراف الأميركي بها، بالرغم من معرفة بساكي وحكومتها بأن حكومة سلطة الحكم الذاتي المحدود ليست معنية بذلك بل منظمة التحرير هي المعنية باعتراف كهذا أقدمت المنظمة عليه فعلا قبل ما يزيد على عقدين من الزمن.
إن تصريح بساكي أنه "من الصعب التفكير كيف ستتمكن إسرائيل من التفاوض مع حكومة لا تؤمن بحقها في الوجود"، في إشارة إلى الحكومة الفلسطينية المرتقبة بعد المصالحة، فيه الكثير من الخلط المتعمد الذي يتجاهل أن هذه سوف تكون حكومة "كفاءات" لا حكومة "فصائل"، وأن منظمة التحرير لا حكومتها هي التي تتفاوض مع الاحتلال، وأن حكومة الاحتلال لا اتفاق غزة هي التي أفشلت جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري طوال الشهور التسعة الماضية، وأن هذه الجهود وصلت إلى طريق مسدود بوجود حكومة في رام الله تعترف بما وصفته بساكي "حق" دولة الاحتلال "في الوجود"، وأن أغلبية أحزاب الائتلاف الحاكم في دولة الاحتلال لا تعترف بوجود احتلال ولا بوجود أرض فلسطينية محتلة ولا بدولة فلسطين ولا بحق الشعب الفلسطيني حتى في الوجود فوق أرضه المحتلة ناهيك عن حقه في السيادة عليها.
وموقف نتنياهو مشفوعا بالموقف الأميركي إنما يؤكد مجددا بأن الانقسام الفلسطيني كان وما يزال هدفا لدولة الاحتلال والولايات المتحدة وأن إجهاض اتفاق غزة قبل أو بعد البدء في تطبيقه سوف يكون في رأس جدول الأعمال الأميركي – الإسرائيلي خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو ما يستدعي إجماعا فلسطينيا على الإسراع في تطبيقه وإنجاحه ورص كل الصفوف الوطنية لإفشال جهودهما المتوقعة لإجهاضة.
فمستشار نتنياهو دوري غولد يقول إنه "ما زال ممكنا إحياء عملية" السلام "إذا انسحب عباس من الاتفاق مع حماس". ورئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض تسيبي ليفني تقول "نحن لم نغلق الباب" أمام استئناف المفاوضات في نهاية المطاف مؤكدة أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها حكومتها على السلطة الفلسطينية بعد الاتفاق لم تستهدف التسبب في انهيار السلطة. وقد أكد نتنياهو نفسه أن عباس ما زال يملك "الفرصة لعكس اتجاهه" ب"التخلي عن هذا الاتفاق مع حماس". وتؤكد هذه التصريحات أن دولة الاحتلال سوف تمارس أقصى ضغوطها على عباس خلال الأسابيع الخمسة المقبلة حتى تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية للتراجع عن اتفاق المصالحة قبل أن تعلن الحرب على السلطة الفلسطينية في حال لم يتراجع.
واتفاق غزة يخلو من أي اتفاق سياسي سواء على استراتيجية التفاوض أم على أي استراتيجية بديلة لها . وقد كان الانقسام السياسي على استراتيجية التفاوض التي تلتزم بها منظمة التحرير من الأسباب الرئيسية للفشل في تنفيذ اتفاقيات المصالحة الموقعة في مكة والقاهرة والدوحة، واتفاق غزة لم يكن حلا للاختلاف الوطني على هذه الاستراتيجية.
لكن مثلما لم يمنع الانقسام الفلسطيني رئاسة منظمة التحرير من الاستمرار في العمل بموجبها، كذلك لم يمنع اتفاق غزة على المصالحة وإنهاء الانقسام الرئيس عباس من إعلان استمراره في الالتزام باستراتيجية التفاوض و"بتحقيق السلام" لأن المصالحة "ستعزز من قدرة المفاوض الفلسطيني على إنجاز حل الدولتين" كما قال.
إن المتغير المستجد الذي يدعو للتفاؤل بنجاح تنفيذ اتفاق غزة حيث فشل تنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة أن استراتيجية التفاوض ذاتها قد استهلكت وأثبتت فشلها وقادت إلى يأس المفاوض نفسه منها وخيبة أمله في راعيها الأميركي ليبدأ في البحث عن بدائل لها وسط متغيرات اقليمية لم تعد القضية الفلسطينية فيها هي الأولوية ما جرد المفاوض والمقاوم كليهما من أي سند عربي أو إسلامي وفتح الباب أمام فرصة فلسطينية جامعة للمشاركة في صياغة بديل لها يعتمد الصمود الوطني في مواجهة كل التحديات التي تواجهها المفاوضات والمقاومة على حد سواء.
غير أن المصالحة سوف تظل مهددة بالرغم من توقيع اتفاق غزة إذا ما قرر أحد طرفيها عدم التعامل معها كرزمة متكاملة والتعامل مع بنودها بطريقة انتقائية تعرقل السير في طريق تنفيذها حتى إقامة "نظام سياسي واحد" وإنشاء "قيادة واحدة" تتوافق على "برنامج وطني" بديل جامع ينهي أي خلاف سياسي حوله ويغلق هذه الثغرة التي منعت تنفيذ اتفاقيات المصالحة السابقة.
إن إصرار دولة الاحتلال وراعيها الأميركي على إجهاض المصالحة سوف يظل سيفا مسلطا يهدد بالتسلل عبر أي ثغرة وطنية للانقلاب على اتفاق غزة كما نسقا الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية قبل ثماني سنوات.
ويندرج في هذا السياق تعليق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير السيد ياسر عبد ربه لإذاعة الاحتلال على اتفاق غزة الذي أنذر فيه بطريقة سلبية لا تدعو للتفاؤل بوجود "مصاعب ستواجهه وستفجره" وعدّ توقيع الاتفاق "اختبارا" ل"نوايا حماس" وليس أساسا لشراكة وطنية تختبر صدقية طرفيه في البحث المشترك عن "برنامج وطني" جامع ينهي الخلاف على استراتيجية التفاوض التي أفشلها الاحتلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.