مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    حريق مهول يلتهم سوق المتلاشيات بإنزكان    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    طقس الثلاثاء.. أمطار الخير بهذه المناطق من المملكة    الأمن المغربي والإسباني يفككان خيوط "مافيا الحشيش"    ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لأوروبا    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    الجيش الملكي يرد على شكاية الرجاء: محاولة للتشويش وإخفاء إخفاقاته التسييرية    وزارة الفلاحة: عدد رؤوس المواشي المعدة للذبح خلال عيد الأضحى المقبل يبلغ 3 ملايين رأس    مطار الصويرة موكادور: ارتفاع بنسبة 38 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    خمري ل"الأيام24″: الإستقلال مطالب بإيجاد صيغة جديدة للتنافس الديمقراطي بين تياراته    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    أمن فاس يلقي القبض على قاتل تلميذة    بلينكن: التطبيع الإسرائيلي السعودي قرب يكتمل والرياض ربطاتو بوضع مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية    رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي    المحكمة تدين صاحب أغنية "شر كبي أتاي" بالسجن لهذه المدة    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    غامبيا جددات دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب وأكدات أهمية المبادرة الملكية الأطلسية    الملك يهنئ بركة على "ثقة الاستقلاليين"    تحرير ما معدله 12 ألف محضر بشأن الجرائم الغابوية سنويا    "التنسيق الميداني للتعليم" يؤجل احتجاجاته    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ونظيره الجزائري    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    نيروبي.. وزيرة الاقتصاد والمالية تمثل جلالة الملك في قمة رؤساء دول إفريقيا للمؤسسة الدولية للتنمية    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    اتفاق بين الحكومة والنقابات.. زيادة في الأجور وتخفيض الضريبة على الدخل والرفع من الحد الأدنى للأجور    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين        إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار ساخن ..ألان ميشيل رئيس منظمةرجال الكلمة المنظمة لمؤتمر الأئمة والحاخامات في المغرب يصرح ل"التجديد: أخطأت لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد المؤتمر
نشر في التجديد يوم 02 - 06 - 2004

ألغي في اللحظة الأخيرة مؤتمر الأئمة والحاخامات الذي كان سيعقد في بلادنا بين 31 ماي و3 يونيو الجاري بمدينة إفران، وذلك بعد موجة الرفض التي عبرت عنها جمعيات مغربية لهذا المؤتمر الذي كان سيعد الاول من نوعه في بلادنا وجسرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني في وقت يواصل فيه هذا الأخير جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ويواصل فيه الحاخامات منح الصهاينة التزكيات اللاهوتية لقتل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. وقد تبنت الدعوة إلى هذا المؤتمر الذي كان سيعقد تحت عنوان:الإسلام واليهودية كوسيلتين لتحقيق السلام: الاعتراف بالآخر واحترامه مؤسسة تدعىرجال الكلمة التي يرأسها الفرنسي ألان ميشال، وقد أجرينا حوارا مع هذا الأخير بغرض التعرف على خلفيات التحضير للمؤتمر وأهدافه وهوية المؤسسة المذكورة ووضع القارئ المغربي في الصورة الكاملة للمؤتمر الذي أثار غضب جزء كبير من الرأي العام المغربي، وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجريناه باللغة الفرنسية وحاولنا ترجمته بموضوعية بحيث نحافظ على مقاصد صاحبه:
ما هي مؤسسةرجال الكلمة وما هي الأهداف التي تشتغل عليها وبرنامجها؟
هدف المؤسسة هو خلق فضاء للحوار يسمح لمختلف الفاعلين والمؤثرين في النزاعات المختلفة بالحوار والنقاش واللقاء لإيجاد نقاط التفاهم والتقارب ولكن في إطار محايد، والمؤسسة ليست هيئة سياسية أو دينية ولا تتبع لأي هيئة دولية ولا لأي دولة أو قوة سياسية معينة، إنها مؤسسة محايدة ولكن حيادا فاعلا ومؤثرا، أي حياد بناء وإيجابي لا حياد سلبي، إنها تمنح للناس فرصة للقاء والتواصل، كما هو الشأن مع هذا المؤتمر، بعيدا عن الضغوط السياسية أو الدينية أو السلطوية، ليتحدثوا باعتبارهم أشخاصا ومواقع وبرامج، ويجدون في المؤسسة فضاء رهن إشارتهم. وهذا ما نسعى إليه في هذا المؤتمر الذي نجمع فيه حاخامات وأئمة من مختلف البلدان، كما فعلنا العام الماضي فيكو بسويسرا حيث جمعنا بين أربعين شخصية فلسطينية وإسرائيلية لكي يتمكنوا من النقاش والعمل في إطار ما يوحد بينهم وصنع السلام.
من هم أعضاء هذه المؤسسة، هل ينتمون إلى بلدان مختلفة وأصول متعددة؟
نعم، هم أشخاص من بلدان مختلفة وأصول مختلفة وانتماءات سياسية مختلفة، هناك أشخاص من اليمين ومن اليسار، من المتدينين وغير المتدينين، وهم أشخاص لهم نوايا حسنة يشعرون بأن الصمت هو مؤامرة مع الشر، وهذا هو المنطلق الذي انطلق منه المؤتمر، فنحن نلاحظ أن رجال الدين لا ينددون بإرهاب الدولة مثلا والذي يتم باسم الدين نفسه، فإذن عليهم أن ينخرطوا ما دام أن هذا العنف يتم باسم الدين، لأنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي بل بشكل فردي وبشكل عابر، وعليهم أن يدينوا إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد كذلك، فالإرهابي الفلسطيني في غزة مثلا الذي يقفز بمتفجراته في حافلة بتل أبيب...
(مقاطعا) نحن لا نرى في الفلسطيني إرهابيا، هو مناضل يدافع عن أرضه ضد الاحتلال وعن كرامته وحقوقه، الإرهاب هو الذي يمارسه الطرف الآخر.
(مقاطعا) أنا لا أتدخل في قيمه، ما أقوله فقط هو أنه ما دام يوجد في وضع مأساوي فهو إذن في وضع الضحية، وتلك طريقته الخاصة في الثورة والقتال، ولكنه يرتكب خطأ في رأيي الشخصي لأنه يقوم بذلك باسم الله، والله لم يطلب منه قتل المدنيين ولكن الدفاع عن حقوقه، وعليه أن يدافع عن حقوقه.
سوف نعود إلى الموضوع لاحقا السيد ميشال، لكن أود أن أسألك هل يوجد في مؤسستكم شخصيات عربية أو مسلمة تعمل معكم لهذا الغرض؟
نعم طبعا، هناك أئمة ومفكرون إسلاميون مثل محمد أركون والورديغي الذي يعمل مسؤولا عن مسجد جنيف ودليل أبو بكر رئيس مسجد باريس ومحمد بن الشيخ وغيرهم، وهناك فلسطينيون من مؤسسي المؤسسة.
لماذا وقع اختياركم على المغرب لتنظيم مؤتمر الأئمة والحاخامات؟
لأن المغرب يعتبر دائما كأرض للقاءات والتعايش، واليهود في المغرب يشكلون جزءا من البلد ومن تركيبته الحضارية، فهو البلد الذي عاش فيه اليهود مع المسلمين في انسجام، والمغرب في ثقافته وتقاليده لديه هذه الخصوصية وهذا البعد، بعد احترام الآخر والاعتراف به والضيافة والانفتاح، وبالنسبة لي فهو البلد المثالي والأكثر قوة من الناحية الرمزية لاحتضان مثل هذا المؤتمر، وملك المغرب هو أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، فإذن أن نجمع خمسين إماما وخمسين حاخاما وعددا من المسيحيين الذين وافقوا على المشاركة فهذا يعني أن رئيس لجنة القدس سيكون حاضرا الآن هذا الحدث يجري في بلاده وفوق أرضه، إنه أمر مهم جدا، ولدينا الثقة في أن هذا اللقاء سوف يحرك شيئا في وعي كل فرد، من هنا أهمية الإعلام والصحافة، لأننا لا نريد للمؤتمر أن يكون مؤتمر شخص أو مؤسسة بل مؤتمر الجميع، فنحن فيرجال الكلمة مجرد أدوات ولسنا الفاعلين الحقيقيين، والمؤتمر ليس ملكية أحد، بل هو للجميع، لك أنت ولي أنا ولجلالة الملك وللأئمة وللحاخامات، ومن هنا أهميته.
هناك شيء لفت انتباهي في اللقاء الذي نظمته أمس(الخميس الماضي) مع الصحافة، فأنت قدمت نفسك على أنك مسيحي غير متدين، لكنك تسعى إلى عقد مؤتمر للحوار بين رجال الدين، أليس في هذا الأمر مفارقة أو تناقضا ؟
لا، لا، أعتقد أنني مسيحي وأنني وسيط بين الأديان، عندما أقول إنني لست متدينا فأعني أنني لا أدافع عن نظام من القيم الدينية ولست منغلقا في نظام، فأنا اخترت طريقي من خلال التربية التي تلقيتها، فتربيتي جعلت مني مسيحيا لأنني نشأت وسط أسرة مسيحية وفي بلد مسيحي، وأنا لست نادما ولا أكره نفسي، وأعتقد أن البعد المسيحي هو أيضا بعد الانفتاح والحوار والتسامح، مثل الإسلام ومثل اليهودية، والأديان بالنسبة لي هي طرق مختلفة تسير نحو الأهداف نفسها، فالتربية هي التي تجعلنا في هذا المكان أو في ذاك المكان، ولكنها طرق مختلفة لهدف واحد.
عندما اخترتم المغرب لعقد هذا المؤتمر ألم تضعوا في توقعاتكم ردود الفعل السلبية، خاصة في بلد مسلم وفي فترة تتميز بتزايد الجرائمالإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني؟
لا أبدا، لم أفكر ولو لثانية واحدة أنني يمكن أن أتلقى رد فعل سلبي، أنا إنجيلي (angelique) ولكن لم تكن لدي أدنى فكرة عن ذلك، ففي ظروف التوتر في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط التي هي البؤرة رقم واحد للعنف قلت لنفسي: يجب بأي حال من الأحوال تنظيم هذا المؤتمر الآن وبدون انتظار، لأنه رد على الانقسام وعلى العنف، رد قائم على السلام والتسامح والحوار، وقلت لنفسي إن المغاربة منفتحون ومضيافون ولذلك لن يكون هناك رد فعل سلبي، غير أنني لم أكن أتوقع أن تصل الأوضاع في الشرق الأوسط إلى ما هي عليه اليوم، وقلت إن على رجال الدين أن يصبحوا رجال دين لا رجال سياسة، بمن فيهم حاخاماتإسرائيل الذين عليهم أن يكونوا رجال دين وأن يوافقوا على أن يتخلوا عن أدوارهم السياسية، وأعتقد أن المؤتمر يمكن أن يساعدهم على ذلك، فالمؤتمر هو الفرصة الوحيدة للتحاور والنقاش بين الجميع لمدة أربعة أيام، أن يتناولوا الأكل جميعا ويناموا جميعا ويتحدثوا جميعا، لذلك دعونا عددا كبيرا من الحاخامات والأئمة من منطقة الشرق الأوسط بالخصوص وكذا من خارجها، وقد قررنا أن لا يتم التطرق للقضايا السياسية في المؤتمر بل أن يتم الاقتصار على الشؤون الدينية
والأخلاقية، ولكنني أخطأت ربما لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد حضورإسرائيليين، إنه خطأ ديبلوماسي إن صح القول، وأعتقد أنه لو كان سيحضر فقط الحاخامات الذين هم من خارجإسرائيل لما كانت هناك هذه الردود أو معارضة، بل ربما كان هناك ترحيب.
ولكن ألا تعتقد السيد ميشال أن الكرة هي في ملعب الحاخامات في إسرائيل كما نقول، فهم الذين يصدرون أوامرهم الدينية أو كما نقول نحن الفتاوى الدينية لقتل الفلسطينيين وهدم منازلهم والاستيلاء على أراضيهم، كما شهدنا مؤخرا، بينما الفلسطيني يوجد فوق أرضه وليس هو البادئ بالعدوان؟
أنا متفق معك تماما، وهذا أمر غير مقبول، وهذا يعني أن على الحاخامات أن يخرجوا من مواقفهم تلك، إنه أمر غير مقبول، ولذلك تدخلت وجاء هذا المؤتمر ليشعر الحاخامات بهذه المسألة، ولكن أعتقد أن الإمام الذي يرسل أشخاصا للقيام بأعمال إرهابية باسم الدين له نفس المسؤولية، فبالنسبة لي هناك تطرف لدى الجانبين...
(مقاطعا) لكن هؤلاء الأئمة الذين تتحدث عنهم في البلدان العربية ليسوا مسؤولين ولا يمثلوننا ولا يمثلون الإسلام والمسلمين بإجماع العلماء أنفسهم (المقصود أشباه العلماء الذين يفتون بعمليات إرهابية في البلدان الإسلامية)، لكن الحاخامات يمثلون اليهود في فلسطين وهم مع الاحتلال ويلقون القبول، وهم مسؤولون في الدولة؟
وهذه هي المأساة لأن رجال الدين هنا يشكلون جزءا من الدولة، وهذا نتيجة الجمع بين الدين والسياسة، لكن الأمر نفسه يقع في الإسلام، فهناك حكومات دينية، فإذن الأئمة أيضا يعبرون عن رأي الحكومات. هذا مشكل التحريف الذي يقع في الخلط بين الديني والسياسي، ولا أقول التحريف لأنني لا أريد أن أصدر أحكاما، ولكن أقول سوء التدبير بين الإثنين، لأن السياسة للجميع ولا ينبغي أن ندخل الله في التاريخ، هذه قناعتي، ولكن يجب أن يتوقف الحاخامات عن التدخل في الشؤون السياسية وفي عدد المستوطنات التي يجب أن تبنى وأين ومتى، وأن يبقى دورهم قاصرا على الجانب الروحي، إنه أمر غير مقبول كما قلت في البداية.
ألا ترى أن المؤتمر بهذه الأهداف التي رسمها يخرج الصراع في المنطقة عن إطاره الصحيح وينكر الأسباب الحقيقية له، لأن السبب لما يقع في فلسطين سياسي يتعلق باحتلال لأرض الفلسطينيين وبلادهم، هو مشكل استعمار، وليس مشكلا دينيا؟
هذا صحيح أيضا، ولكن الدين يتم توظيفه كذريعة أو وسيلة، فكما أنه لا يجب أن نقول إنه يجب أخذ هذه الأرض أو تلك والتوسع فيها لأن الله يأمر بذلك، كذلك لا يجب أن نقول إننا يجب أن نقاتل لنحتفظ بهذه الأرض لأن الله أمر بذلك، فنحن أمام واقع وهو أن الحاخامات يتخذون مواقف سياسية غير عادلة وعليهم أن يدركوا بأن هذا ليس دورهم، وأن نقول لهم: ليس لكم ما تفعلونه كحاخامات وعليكم أن تلبسوا قبعات نواب برلمانيين أو ما تشاؤون لكن ليس قبعات الحاخامات.
ما هو موقف مؤسستكم مما يحدث في فلسطين وما يقع حاليا في رفح والأراضي الفلسطينية؟
المؤسسة ليس لها موقف، كل شخص فيها له موقفه الخاص وأنا لي موقفي الشخصي، وأنا شخصيا لا أؤيد أعمال العنف وهذه الممارسات، وأعتقد أن ما هو مهم وما يجعل المؤسسة تحظى بالاحترام ومقبولة هو أنها لا تعبر عن مواقف، لأنني إذا عبرت عن موقف باسم المؤسسة يؤيد الممارساتالإسرائيلية فإنني سأحدث قطيعة مع جميع المشاركين من العالم الإسلامي، وإذا عبرت عن موقف مؤيد للفلسطينيين فإنني لن أستطيع أن أقنع يهوديا واحدا بالحضور.
هل يهدف المؤتمر إلى تجاوز فشل المشروعات السياسية للسلام ، خاصة بعد فشل اتفاقية جنيف في العام الماضي، والرهان على رجال الدين بعد فشل مبادرات المسؤولين السياسيين، وأن المؤتمر سيخرج بما يشبه اتفاقا أو إعلانا، أو أنكم ستقترحون خطة معينة؟
نحن لن نوقع شيئا، لكن آمل أن يخرج المؤتمر باقتراح معين، وأعتقد كما جاء في سؤالك أن السياسيين أظهروا بالفعل فشلهم المطلق في علاج الصراع والخروج منه، فالشغل الشاغل لدى السياسيين هو الحفاظ على السلطة وعلى الامتيازات وإعادة انتخابهم، فهم يوظفون السياسة لخدمتهم عوض أن يخدموا هم السياسة، فإذن السياسيون فشلوا والدليل نراه في كل مكان، ولا يمكنني أن أعطيك مثالا واحدا لأنك تعرف ذلك مثلي، من هنا يأتي دور رجال الدين، أولا لأن لديهم سلطة على الناس، لرد المعنى للدين وللأخلاق، ويمكنهم بذلك أن يشكلوا ضغطا على السياسيين من خلال الناس الذين سيشكلون ضغطا على السياسيين ويفرضون عليهم اختيار التوجهات الجيدة، لأن أهم ما يشغل السياسيين هو ورقة التصويت، ففي جميع البلدان الديمقراطية ما يحكم هو ورقة التصويت، فإذا فرض المصوتون فعل هذا الشيء أو ذلك في هذا الوقت يأتي دور المجتمع المدني الذي يمكنه أن يختار القرار المناسب إذا كان رجال الدين يحترمون أدوارهم، وأقصد الأئمة الحقيقيين والحاخامات الحقيقيين الذين هم مقتنعون بهذا الدور، وأعتقد أنهم كثيرون، لكن المشكلة هي أنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي، من هنا أهمية
هذا المؤتمر.
ما هو هدف المؤتمر تحديدا في ظل ما تكلمت عنه، يعني كيف سيجسد المؤتمر عمليا هذه الأهداف التي شرحتها؟
في نهاية الأيام الثلاثة التي سيستغرقها المؤتمر يمكن لرجال الدين الذين يتوصلون إلى اتفاق أن يعبروا عن مواقفهم وأن يسحبوا الشرعية من العنف الذي يمارس باسم الدين، وسيوقعون علىنداء إلى جميع المؤمنين ليقولوا لهم: توقفوا، لا تعتقدوا أن ما يقع في أفغانستان أو في العراق يتم باسم الدين، هذا خطأ، لكن هذا لا يعني أن لا يدافع الإنسان عن حقوقه، لكن ليس باسم الدين. فإذا رأى الناس هذا النداء أو هذه الدعوة الموقعة من طرف خمسين إماما وخمسين حاخاما فإنهم سيقتنعون بالفكرة، وسيلحق بهم البوذيون والمسيحيون أيضا، وسيقول الناس: إذن ليس من حق جورج بوش أن يتحدث باسم الدين وأن يقسم العالم إلى محور الخير ومحور الشر، وأن يتحدث عن الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش.
لنعد إلى المؤتمر، نشرت مؤسستكم لائحتين بأسماء الشخصيات التي ستحضر، الأولى تختلف عن الثانية، ولاحظنا أن اللائحة الأولى تضم أسماء لم نجدها في اللائحة الثانية، هل معنى ذلك أنكم فشلتم في إقناع المشاركين بالحضور في المؤتمر، خصوصا وأن البعض ممن وردت أسماؤهم في اللائحة الأولى عبروا عن عدم علمهم بالمؤتمر؟
لقد وضعنا في البداية لائحة بأسماء الضيوف الذين سيحضرون إلى المؤتمر، لنوضح للمدعوين نوعية الشخصيات التي ستشارك، ثم وضعنا لائحة ثانية تضمنت أسماء الذين لبوا الدعوة للحضور، فإذن سيكون هناك فرق بين اللائحة الأولى واللائحة الثانية، لأننا عندما وجهنا الدعوات لم نكن نفرض على الناس المشاركة، لقد اتصلنا بشخصيات عدة. وكثيرون عبروا عن رغبتهم في الحضور لكن لأسباب تقنية أو اقتصادية أو تتعلق بجداول أعمالهم لم يلبوا الدعوة وشرحوا أسباب عدم الحضور، ونحن وجهنا نحو 250 إلى 300 دعوة بينما العدد المحدد للمشاركين في المؤتمر هو 100 فقط، لقد راعينا في اللائحة الأولى أن نضع أسماء الشخصيات ذات التمثيلية، لأننا يمكن أن ندعو أئمة أو حاخامات لكنهم لا يمثلون فئات عريضة ومهمة، لأن الهدف هو أن يكون هناك تأثير وفاعلية، وأعتقد أن تأجيل المؤتمر إلى الخريف سيكون مناسبا للجدول الزمني لكل واحد من هؤلاء حتى يتمكنوا من الحضور، ويجب أن أقول لكم إننا لم نتلق أي رد من الذين وجهت لهم الدعوة بأنهم لن يحضروا لأنهم لا يؤيدون فكرة الحوار، بل بالعكس فالجميع رحب بالحوار، ربما كان البعض منهم في أعماقه غير موافق، لكننا لم نتلق ردا
يرفض فيه البعض الحضور لأسباب إيديولوجية.
ما سمعته هو أن تأجيل المؤتمر كان بسبب رفض عدد كبير من الشخصيات للدعوة، وأنه كان سيواجه الفشل؟
لا أبدا، بل أستطيع أن أقول لكم إن كثيرين من الحاخامات والأئمة عبروا عن رغبتهم في حضور المؤتمر ولكننا رفضنا لأنه لا مكان لهم، وكتبوا لنا يوضحون رغبتهم في الحضور، وأستطيع أن أقدم لك نماذج من هذه الرسائل، واحتجوا على عدم توجيه الدعوة إليهم للحضور، لكن تأجيل المؤتمر كان بسبب ما يقع في غزة ورفح، فإذا نظم المؤتمر وحضر حاخاماتإسرائيل فهذا قد يعني بأن المغاربة وجلالة الملك يبررون هذه الجرائم في نظر العالم، وهذا ليس صحيحا.
ما هي مصادر تمويل المؤتمر؟
جزء من المؤتمر، أي الإقامة والتغذية خلال مدة المؤتمر في المغرب يتحملها هذا الأخير، فالمملكة المغربية وافقت على تحمل مصاريف الإقامة للمؤتمرين، بقي الجزء الآخر المتعلق بمصاريف التنقل وتذاكر الطائرة وكذلك مصاريف عام من التحضير، لأن الأمر يتطلب استعمال الهاتف وطبع الأوراق والتقارير وغيرها من المصاريف الضخمة فقد تحملتها منظمات مختلفة مثل مؤسسةكونراد أديناور ومجموعةأكور الذي أوجد على حسابها في الفندق وإلا كنت أحل في فندق متواضع هنا بالرباط، وهو الذي تكلف بالإقامة والتنقل لعدة شخصيات من الولايات المتحدة وأندونيسيا وغيرهما ومصاريف تحويل الطائرة في باريس مثلا، هناك أيضا مساهمة للبارونروتشيلد الذي لديه هو أيضا مشروع للحوار بين الإسلام واليهودية، وهناك أيضا منظمة الإيسيسكو، وهناك أيضا الخطوط الجوية الملكية المغربية التي وضعت لهذا الغرض تذاكر سفر بأسعار منخفضة خصيصا للمشاركين، وهناك كذلك شخصيات مختلفة ساهمت نوعا ما في التمويل، وبفضل هؤلاء جميعا تمكنا من التحضير للمؤتمر، ولم نغلق نهائيا باب التمويل لأننا ما زلنا نحتاج إلى مساهمات، وقد حاولنا أن نخلق نوعا من التوازن بين ثلاثة أطراف من حيث التمويل،
قسط من العالم اليهودي وقسط من العالم الإسلامي وقسط ثالث محايد أسميه المسيحي وعالم المقاولات ممن ليس لهم تمثيل سياسي.
كم من مقر تتوفر عليه المؤسسة؟
لدينا مقر واحد في جنيف، ولكن لدينا مكاتب في القدس وباريس وبروكسيل ونتمنى أن يكون لدينا مكتب في الرباط، لأننا مؤسسة حديثة العهد، وما كنا نطمح إليه هو أن لا نأخذ طابع دولة معينة أو مكان معين، ولذلك اخترنا جنيف كمقر لأن سويسرا معروفة عالميا بالحياد وبها جميع المنظمات الدولية.
أجرى الحوار: إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.