توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    الإعلان عن موعد مقابلتين للمنتخب المغربي برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    بنموسى يكشف العقوبات ضد الأساتذة الموقوفين    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    اتفاقية مع "عملاق أمريكي" لتشغيل 1000 مهندس وباحث دكتوراه مغربي    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    كيف بدأت حملة "مقاطعة المشاهير" التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي؟    أمل تيزنيت يكتفي بالتعادل خارج ميدانه أمام إتحاد سيدي قاسم    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الصحافة الإسبانية تتغنى بموهبة إبراهيم دياز    ميراوي محذرا طلبة الطب: سيناريو 2019 لن يتكرر.. وإذا استمرت المقاطعة سنعتمد حلولا بخسائر فادحة    القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي    انقلاب سيارة يخلف إصابات على طريق بني بوعياش في الحسيمة    "إسكوبار الصحراء".. هذه تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء    وزير التربية متمسك بالمضي في "تطبيق القانون" بحق الأساتذة الموقوفين    المكتب المديري لأولمبيك آسفي يرفض استقالة الحيداوي    الأمثال العامية بتطوان... (597)    جماهري يكتب: هذه الحكومة لا بد لها من درس في الليبرالية...!    جائزة أحسن لاعب إفريقي في "الليغ 1" تعاكس المغاربة    تنظيم الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة"    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    الأساطير التي نحيا بها    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام لهيئة علماء المسلمين بالعراق يطالب بجدولة انسحاب الاحتلال وبالتدخل العربي والدولي
نشر في التجديد يوم 22 - 11 - 2005

طالب السيد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين بجدولة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق، كما طالب الجامعة العربية بأن تكون أكثرحضوراً وفاعلية في القضية العراقية
لا سيما فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان،ودعا الأمم المتحدة أيضاً إلى أن تنهض بواجباتها في حماية المدنيين حال الحرب وحقوقهم الإنسانية والقانونية إسوة بما تفعله الآن في قضايا دولية أقل خطورة مما يجري في العراق.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي بدأ أعماله السبت 19/11 في العاصمة المصرية القاهرة، وهيأت له جامعة الدول العربية وأشرفت عليه، ورعاه رؤساء الدول العربية وملوكها، وحضره وزراء خارجيتهم وممثل الأمين العام للأمم المتحدة.
وقد استهل الشيخ الضاري كلمته بتوجيه شكره إلى المسؤولين قائلاً: "نسجل شكرنا أولاً لجامعة الدول العربية ممثلة في شخص أمينها العام الأستاذ عمرو موسى والسادة رؤساء الدول العربية والملوك الذين رعوا هذا الاحتفال بأشخاص وزراء خارجيتهم الذين حضروا هذا المؤتمر وهذا الجمع مشكورين ثم شكرنا إلى السيد ممثل رئيس جمهورية الجزائر الشقيقة الأستاذ بلخادم ثم لممثل الأمين العام للأمم المتحدة".
وقال د. الضاري موضحاً مكانة العراق الطبيعية والقيادية بين إخوانه العرب: "إنه قد آن الأوان ليعود العراق إلى الحضن العربي وإلى واقعه الطبيعي ومركزه القيادي في هذه المنطقة، فهذا عمقه وبه هويته وأي مسعى خارج هذا الإطار وهْم؛ لأن ذلك سيكون بمنزلة إخراج الشوك من كومة الصوف الذي سيدمي يد الفاعل ولا يتحقق له ذلك في النهاية حتى يتمزق الصوف كله!!".
وبين الأمين العام للهيئة أن هذه المبادرة من الأهمية بمكان؛ لأنها تمهد لأول لقاء جامع بين القوى العراقية المختلفة في مواقفها ونظرتها من الاحتلال وما ترتب عليه، مؤكداً على أن هذا اللقاء ينبغي أن يتسم بالموضوعية وبالصراحة وبعدم التشنج من عرض الأمور الساخنة في بلدنا، وأن يعتمد ذلك كله على الحوار الصريح، وأن يضع أصحابه نصب أعينهم مصلحة العراق من شماله إلى جنوبه فوق كل اعتبار.
وأكد على ضرورة الابتعاد عن المصالح الخاصة للأشخاص والفئات والأحزاب والدول، وأن يبتعد الجميع عن استغلال هذا اللقاء لمآرب ينبغي الحصول عليها قبيل الانتخابات القادمة التي ستتم في ظل الاحتلال للبلاد.
وقال: "إن هذا الأفق المحدود في التفكير لن يخرجنا من عنق الزجاجة ولن يحل بالتالي المشكلة العراقية التي ينطوي بقاؤها على إضرار بالجميع القريب والبعيد على حدّ سواء".
وأوضح الشيخ الضاري أنه لدى زيارة السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية لمقر هيئة علماء المسلمين في العراق ودعوته الكريمة لنا بحضور هذا الملتقى أطلعناه على ما عبرنا عنه بالأسس التي ينبغي مراعاتها في أية عملية حوار وطني، وأكدنا له على أن هذه الأسس إذا تمت مراعاتها بالفعل فسنكون في الاتجاه الصحيح وسننجز تقدماً في هذا المسعى.
ثم بدأ فضيلته بذكر هذه الأسس وبيان مضامينها بإيجاز:-
فذكر الأساس الأول:- ( ضرورة تحديد جدول زمني مكفول دولياً لانسحاب قوات الاحتلال أصل المشكلة في العراق ).
ثم أخذ يشرح هذا الأساس قائلاً: "من العبث القول إننا لسنا في حال احتلال، فقد غُزينا خلافاً لمواثيق الأمم المتحدة وإرادة المجتمع الدولي، واتخذ الغازون ذرائع لهذا الغزو تبخرت مع الأيام، وبدا للعالم كله أنها باطلة".
واستدل الأمين العام على كون هذا الغزو عدواناً مسلحاً ضد دولة مستقلة بالقرار الشهير للجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 3314 الصادر في عام 1974 الذي سمّى نظير ما يجري على العراق عدواناً، وعرف هذا القرار العدوان بأنه استخدام دولة ما القوة المسلحة ضدّ سيادة دولة أخرى وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي أو بأية صورة تتناقض وميثاق الأمم المتحدة.
وكانت المادة الثالثة من هذا القرار قد حددت سبع حالات متى توافرت إحداها أو بعضها أو كلها عُدّ ذلك العمل عدوانياً، ومن يراجع هذه الحالات فسيجد أن الغزو الأمريكي على العراق هو عدوان عسكري صريح مستوفٍ لأركان العدوان قانونياً وصوره وحالاته، وهو الوصف القانوني لهذا والفعلي لما اقترفته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ضدّ العراق ابتداء من 20 من آذار 2003 الذي كان من عواقبه وآثاره احتلال دولة كانت مستقلة وذات سيادة منذ أن نالتها عام 1932 باكتسابها عضوية عصبة الأمم المتحدة ثم بمشاركتها في تأسيس الأمم المتحدة بوصفها عضواً أصيلاً ومؤسساً فيها.
أما بالنسبة لقرار 1546 فقد أوضح الأمين العام أنه لم يغير من الواقع شيئاً، فمن يستقرئ الواقع العراقي يجد أن قوات الاحتلال لم تخرج عن هذا الوصف، فقد اشتدت قبضتها بعد هذه المرحلة وازدادت وحشية في تصرف الجنود الأمريكيين وفي المداهمات واعتقال الناس. ويكفي أن الأحداث الدامية في مدينتي الفلوجة والنجف وقعت بعد هذا القرار فضلاً عن العمليات اليومية الوحشية الأخرى في غيرها من مدن العراق مع الاستخدام المفرط للقوة. وكان الأمريكيون في كل هذه العمليات رأس الحربة في حين تقحم قوات عراقية بأعداد محدودة وكفاءة متدنية لغرض التغطية والزعم بأن هذه العمليات تقوم بها قوات عراقية بمساندة أمريكية في تجاهل واضح لعقول الناس وكأن الناس غافلون عن حقيقة ما يجري في بلدهم وعلى أرضهم.
وبناء على ما تقدم أكد الأمين العام على أن الاحتلال الأمريكي ما زال قائماً، وأن هذه القناعة هي قناعة الشعب العراقي مهما حاول من حاول إقناعهم بغير ذلك.
وقال "ومع وجود الاحتلال فمن الطبيعي أن تقوم بوجهه مقاومة، وأن تكون لها حظوة عند الشعب، وكلما ازداد ظلم الاحتلال زاد التأييد لهذه المقاومة".
وأوضح تنامي الدعم الشعبي للمقاومة العراقية وأن ما تتمتع به المقاومة من دعم شعبي في كثير من أنحاء العراق يفوق أضعاف الدعم الذي كانت تحصل عليه المقاومة قبل سنة تقريباً.
وعاد فأكد أصل المشكلة في العراق ألا وهو الاحتلال، "فما لم تعالج هذه المشكلة بحكمة فلن نصل إلى حل قريب".
ووصف د. حارث الضاري من يظن أن القوة والتمادي في البطش هو الحل بأنه يتوهم؛ لأن هذه السياسة ذاتها هي التي تزيد من حجم المقاومة ومناهضة الاحتلال، وقد تم تنبيه الحكومة السابقة والحكومة الجديدة إلى ذلك ولكن دون جدوى.
وقال "إن إنهاء الاحتلال كفيل باستعادة سيادة العراق الحقيقية وعودته إلى محيطه العربي والإسلامي والأسرة الدولية، كما أنه كفيل بعودة الاستقرار والأمن والطمأنينة إليه".
وعبر عن إحساس العراقيين اليوم بجرح أليم في كرامتهم بسبب فضائح أبي غريب واستهداف المصحف الشريف واقتحام المساجد وملحمتي الفلوجة والنجف وغيرهما من المدن العراقية واعتقال النساء وتعذيبهن وما شابه ذلك من الانتهاكات التي لم تبقِ أمام العراقيين سوى سبيل واحد هو المطالبة بإنهاء الاحتلال من بلدهم.
وأضاف الشيخ الضاري أن الزعم بأن خروج قوات الاحتلال سيؤدي إلى فراغ أمني أو فوضى إنما هو "ذريعة يراد بها إطالة أمد واقع غير مشروع ليس إلا".
وقال "إن جدولة الانسحاب يمكن أن تعبر عن حسن نوايا من كل الأطراف" موضحاً أن هذا الانسحاب لا ينبغي أن يكون مفاجئاً "بل نحن نطالب أن يرتب الاحتلال وضعه وينسحب على دفعات ولكنها محددة بزمن".
وفرق بين مطالبة القوى الوطنية بالانسحاب المتدرج وبين مطالبة رئيس المجموعة الديمقراطية في الكونكرس الأمريكي بالأمس بأن تخرج أمريكا من العراق فوراً.
وبيّن النوايا الحسنة للخيرين من العراقيين في المطالبة بجدولة انسحاب قوات الاحتلال، وذكّر بالمشروع الذي سبق للقوى المناهضة للاحتلال أن قدمته إلى الأمم المتحدة وتضمن خروج قوات الاحتلال والمحافظة على أمن البلاد ووحدته واستقلاله.
وشكك الأمين العام في تعليق انسحاب قوات الاحتلال على استكمال القوات العراقية جاهزيتها بأن هذا الكلام عند العراقيين يثير الريبة للغاية وأنهم يرون فيه محاولة لإعداد القوى الأمنية العراقية على نحو تمارس فيه سلوكيات قوات الاحتلال نفسها ضد العراقيين ومدنهم، مستدلين على ذلك بما يحصل الآن على يد هذه القوات في مناطق مختلفة من العراق.
ثم ذكر الأساس الثاني:- ( المقاومة حق مشروع والإرهاب بكل أشكاله جريمة مرفوضة ).
وقال الأمين العام "إن المقاومة المسلحة في العراق نشأت بسبب الاحتلال، وهي حق كفلته لها القوانين الدولية والشرائع السماوية وتأريخ الشعوب قديماً وحديثاً، وهي ليست بدعاً من غيرها".
وذكّر بالتوجه الذي شهده العالم بعد الحرب العالمية الثانية في الفقه والقانون الدوليين الذي أخذ ينحو منحى تصفية الظاهرة الاستعمارية ليس بالقول ببطلانها وعدم مشروعيتها فحسب بل بتأكيد مشروعية مقاومتها وحماية أفراد تلك المقاومة حتى أصبح العالم أمام مدونة قانونية ملزمة وواجبة الاتباع تحكم حالات النزاع المسلح، وهي ما اصطلح عليها القانون الدولي الإنساني أو قانون جنيف المتمثل باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949.
وقال "إن غرضنا من هذه المقدمة التنبيه على أن تجاهل مقاومة عراقية أصيلة وليست إرهابية ليس بنافع، وهو لا يعدو أن يكون مكابرة من شأنها أن تعقد الأمور وتحول بين المشكلة وبين الحل".
وأكد على أن الاحتلال ما دام موجوداً فالمقاومة مشروعة وستبقى تلقى دعماً من أبناء الشعب العراقي، وأن نعت هذه المقاومة بالإرهاب أو عزوها إلى متسللين من الخارج وغير ذلك هروب من الواقع لا يساعد على حل المشكلة العراقية، موضحاً أن محاولة البعض خلط الأوراق - والنظر إلى كل الأعمال المسلحة التي تجري على الساحة العراقية على أنها ضرب من الإرهاب وعلى أنها من صنيع المتسللين عبر الحدود - لن تحل المشكلة العراقية أبداً فيما إذا كانت هناك رغبة صادقة لحلها.
وقال د. الضاري "إن المقاومة العراقية أصبحت آثارها واقعة على الأرض كالشمس في رابعة النهار وضوحاً إلى الحد الذي أجبر قوات الاحتلال على الاعتراف بوجود مشكلة حقيقية في التعامل مع هذه الظاهرة. وتساءل عن الحكمة في تجاهل وجود هذه المقاومة؟!. وما الذي سيجنيه المتجاهلون سوى المزيد من الأزمات وغياب الأمل في انفراج وطني عراقي صحيح؟!.
وعن الإرهاب الذي لم يوضع له مفهوم حتى الآن الأمر الذي يصعب الحديث عنه أوضح الأمين العام أنه إذا كان المراد منه ما توصلت إليه إحدى لجان الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة من استهداف المدنيين فنحن متفقون مع هذا المعنى، مؤكداً على أن هذا الموقف ليس منا بحديث عهد بل إننا كنا أول من أدان هذه العمليات وأول من أصدر بيانات صريحة في شجبها، وقد تلقينا التهديد والوعيد من أصحابها، ولم يمنعنا ذلك من قول الحق أمام كل ظالم وجائر مهما كان ومهما كانت صفته علماً أن الإرهاب متعدد الجهات، "ويجب أن يدان بكل صوره بما في ذلك إرهاب الاحتلال وإرهاب السلطة الذي أصبح واضحاً لكل ذي عينين".
وأدان كل أنواع الإرهاب التي يتعرض لها بلدنا اليوم على أيدي خمس أو ست جهات كلها تستعمل هذا الإرهاب، وكلها تستهدف المدنيين، وكلها والغة في دماء العراقيين.
ثم ذكر الأساس الثالث:- ( العمل على إعادة الجيش العراقي بعد إقصاء العناصر المسيئة منه وحل الميليشيات المسلحة ).
وأوضح الشيخ حارث الضاري تقارب الساسة والعارفين بالوضع في العراق على الاتفاق على أن حل الجيش العراقي كان خطأ قاتلاً مهد للفوضى التي تعم البلاد اليوم.
وأكد على "أن الخروج من المأزق وإعادة الاستقرار للوضع الأمني لا يمكن من الناحية العملية إلا من خلال مؤسسة عسكرية مهنية ونزيهة تنطبق عليها مواصفات قيادية وحيادية وعسكرية من نوع معروف، وتكون بعيدة عن الاعتبارات الطائفية والعرقية لتحظى بثقة الشعب كله وبكل مكوناته"، وبيّن صعوبة إنجاز مثل هذه العملية في مثل هذه الظروف "لا سيما بعد تشكيل الميليشيات التي وطنت نفسها لخدمة الأحزاب دون الوطن وعاثت في الأرض فساداً وامتلأت عليها نفوس الناس غيظاً حتى غدت كالوباء الذي يستجير منه الخلق ويرون في بقائه ما يذكي نار الصراع الدموي الذي تشهده الساحة العراقية اليوم".
وشدد على أنه لم يعد أمام العراقيين سوى خيار واحد هو "إعادة الجيش العراقي المهني بجميع تشكيلاته وصنوفه"، والجيش العراقي كما يعلم الجميع "لم يبنَ على أسس طائفية أو عرقية الأمر الذي يجعل تقبل الناس له ممكناً".
وطمأن الأمين العام تخوف البعض من عودة قيادات في هذا الجيش كانت أداة لتنفيذ مآرب النظام السابق بعيداً عن المصلحة الوطنية بأنه يمكن معالجة ذلك "بالاستغناء عن العناصر التي ثبت عليها سلوك سيء في حق الشعب العراقي بغض النظر عن الانتماء الطائفي أو العرقي على أن يبتّ في ذلك القضاء النزيه والعادل".
ثم ذكر الأساس الرابع:- ( حل الإشكالات المترتبة على وجود الاحتلال ولا سيما قضايا المعتقلين بغير حق في سجون الاحتلال والحكومة العراقية ).
وأوضح الأمين العام أن الاحتلال كانت له آثاره السيئة على المجتمع العراقي وتسبب في تداعيات خطيرة يصعب إجمالها مركزاً تأكيده على القضية التي تشغل بال العراقيين دائماً وهي قضية المعتقلين "الذين امتلأت بهم السجون العراقية سواء كان ذلك في سجون قوات الاحتلال أو السلطة أو السجون الخلفية، فثمة عشرات الألوف أودعوا هذه السجون ظلماً وعدواناً ويتعرضون - يومياً - لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، ويحدث لهم هذا دون توجيه اتهامات لأكثرهم أو إحالتهم إلى القضاء في خرق واضح لحقوق الإنسان".
وأشار إلى اعتراف قوات الاحتلال في أكثر من مرة بأن "معظم الذين اعتقلوا لم يمارسوا أعمالا مسلحة!!" بل قال بعض الأمريكان "إن 9 من كل 10 هم على هذه الشاكلة. فلماذا هذا الظلم المستمر الواقع على أبناء شعبنا؟!".
لذلك فقد شدد على ضرورة وضع حل عاجل لهذه المعضلة الإنسانية الكبيرة وإطلاق سراح المعتقلين؛ "لأن هذا الصنيع ينمّي لدى ذويهم الشعور بالنقمة ويدفع الكثيرين منهم إلى التفكير بالثأر والانتقام".
وعرّج د. الضاري بإشارة سريعة إلى قضايا يجب معالجتها وذكر منها على سبيل المثال "قضية الإقصاء التي شملت عدداً كبيراً من موظفي الدولة لأسباب طائفية أو عرقية".
ثم ذكر الأساس الخامس:- ( تشكيل لجان محايدة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال وعناصر الأجهزة الأمنية العراقية وغيرها ).
وقال الأمين العام "إن ما يجري على الساحة العراقية من انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي قوات الاحتلال وعناصر الأجهزة الأمنية العراقية شأن خطير يجب أن يحظى باهتمام دولي".
وطالب الجامعة العربية "بأن تكون أكثر حضوراً وفاعلية في القضية العراقية" ولا سيما ما يتعلق بهذا الأمر الجلل من انتهاكات حقوق الإنسان.
كما دعا الأمم المتحدة إلى "أن تنهض بواجباتها في حماية المدنيين حال الحرب وحقوقهم الإنسانية والقانونية" إسوة بما تفعله الآن في قضايا دولية أقل خطورة مما يجري في العراق، وطالبها بناء على ذلك "بتشكيل لجان دولية محايدة للتحقيق فيما تعرض له العراقيون على يد قوات الاحتلال وعلى يد الأجهزة الأمنية العراقية من اعتقال وتعذيب وتغييب واغتصاب وما إلى ذلك".
وعقب الشيخ الضاري بقوله "هذه هي الأسس التي يمكن مراعاتها، وبمراعاتها نسلك الطريق الصحيح للخروج من الأزمة العراقية، أما الظن بأن العملية السياسية القادمة من الممكن أن تفضي إلى حل هذه النتيجة فليس صحيحاً مع أننا لسنا ضد العملية السياسية ولكن لا نتوقع - من خلال الممارسات الماضية - أن العملية السياسية ستؤدي بنا إلى هذه النتيجة".
وحذر من "أن إجراء العملية السياسية مع تجاهل ما قدمناه أشبه ما يكون بالترقيم على الماء سرعان ما يتلاشى أثره" فنحن نفهم طبيعة الشعب العراقي جيداً. وتمنى أن يستمع العقلاء إلى هذه الأسس ويأخذوا بها.
وأعاد إلى الأذهان تجارب الاحتلال في أكثر من عملية سياسية كان آخرها عملية الاستفتاء على الدستور التي صادرت إرادة الشعب العراقي الحقيقية، موضحاً أن الاحتلال كان في كل مرة يبشر بنجاح عمليته بينما كنا مع بداية كل منها نعلن بشكل مسبق فشلها ليس لعلمنا الغيب - بطبيعة الحال - ولكن لفهمنا الشعب وطبيعة ما يجري في الشارع العراقي.
وفي ختام كلمته دعا الأمين العام الشعب الأمريكي ومشرّعيه "إلى الضغط على إدارتهم لسحب قواتها من العراق؛ لأنها تخوض حرباً خاسرة لا مصلحة فيها للشعبين العراقي والأمريكي".
وعبر أخيراً عن أسفه الشديد مما سمعه من بعض العبارات التي وردت في خطاب السيد رئيس وزراء العراق التي وصفها بأنها مخيبة للأمل في تفاهم واتفاق جدّي بين الأطراف العراقية بسبب روح الإقصاء الواضحة فيها ولعدم الاعتراف بالواقع الذي طغى على هذه الكلمة؛ لأنها عرضت العراق بصورة وردية بينما الحال في العراق ليس كذلك!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.