الرميد يدعو لإحالة المسطرة الجنائية على القضاء الدستوري والتعجيل بإخراج قانون الدفع بعدم الدستورية    نقابة: استمرار التأخر في الإصلاحات يحد من مشاركة مغاربة العالم في التنمية    المغرب بين أكبر خمس دول مصدرة للتوت الأزرق في العالم        "حماس": خطة السيطرة الإسرائيلية على غزة تعني "التضحية بالرهائن"            العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    سان جرمان يتوصل الى اتفاق مع ليل لضم حارسه لوكا شوفالييه                واشنطن تعلن عن جائزة 50 مليون دولار مقابل معلومات للقبض على الرئيس الفنزويلي    وفاة الفنان المصري سيد صادق    العقود الآجلة لتسليم الذهب ترفع السعر    العقود الآجلة للذهب تقفز إلى مستويات قياسية بعد تقارير عن رسوم جمركية أمريكية على السبائك    مدرب الرجاء يمنح فرصة لأبريغوف    وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر ناهز 80 عاما    المؤشرات الخضراء تسيطر على افتتاح بورصة الدار البيضاء    مسؤول أممي يرفض "احتلال غزة"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الفرقة الوطنية تستدعي الكاتب العام لعمالة تارودانت على خلفية شكاية البرلماني الفايق    وقفة احتجاجية بمكناس تنديدا ب"سياسة التجويع" الإسرائيلية في غزة    مئات الأطباء المغاربة يضربون عن الطعام احتجاجا على تجويع إسرائيل لغزة    المغرب على رادار البنتاغون... قرار أمريكي قد يغيّر خريطة الأمن في إفريقيا    كتاب إسباني يفجر جدلاً واسعاً حول علاقة مزعومة بين الملك فيليبي السادس وشاب مغربي بمراكش (صورة)    أطروحات يوليوز    كيوسك الجمعة | المغرب يحرز تقدما كبيرا في الأمن الغذائي    الدرهم المغربي بين الطموح والانفتاح النقدي... هل يطرق أبواب "العملات الصعبة"؟    استخدام الذكاء الاصطناعي للتحقق من الصور يؤدي إلى توليد أجوبة خاطئة    المال والسلطة… مشاهد الاستفزاز النيوليبرالي    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    عمليتا توظيف مالي لفائض الخزينة    ضمنهم حكيمي وبونو.. المرشحين للكرة الذهبية 2025    المنتخب المغربي المحلي يستعد لمواجهة كينيا    تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي        تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات        صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصمت على الحصار حصار!
نشر في التجديد يوم 26 - 12 - 2008


لو أن مسؤولاً عربيًّا عاش بضعة أيام في غزة، وأكل من دقيق أو علف الحيوانات بعد أن يخبزه في أفران القش والخشب البدائية، وعجز عن أن ينتقل من مكان إلى مكان بسبب نفاد وقود السيارات، وبات ليلَه في ظلمة دامسة بسبب فقدان الكهرباء، وطلب الدواء الضروري فلم يجده.. لَمَا سكت عن الحصار الهمجي المتوحش الذي يفرضه الغزاة الصهاينة على أهل غزة وسكانها، منذ عام وبعض عام، ويشاركهم فيه بالتواطؤ أو الموافقة بعض المسئولين العرب. لقد وصلت الوقاحة بالصهاينة إلى الحد الذي رفضوا فيه السماح بدخول بعض السفن أو القوافل التي تحمل دعمًا رمزيًّا لسكان القطاع، ومنعوا السفينة الليبية، وسفينة أهل فلسطين ,1948 من الوصول إلى السكان الجوعى والأفراد المرضى والشعب البائس! أما مصر الكبيرة فقد أصرت على منع حملات كسر الحصار التي قام بها ناشطون مصريون، بل رفضت تنفيذ حكم القضاء في توصيل المعونات إلى شعب غزة، وتمادَت في القبض على بعض الأفراد المشاركين في حملات كسر الحصار، وكأنهم ارتكبوا جريمةً تعادل أو تفوق المبيدات المسرطنة، والدم الملوَّث، وعبَّارات الغرق، وأتوبيسات الموت ونهب الأموال العامة. والمضحك أن القوم أعلنوا عن القبض على تنظيم يتكون من 3 أفراد؛ يمثّل خليّة مصرية من خلايا دعم حماس وشعب غزة، ولا أعلم مدى تأثير هؤلاء الأشخاص أو قدراتهم في تحريك الأحداث، وصنع مشكلات للدولة المصرية الكبيرة! وبعدئذٍ نسمع من يتساءل ببراءة شديدة عن سرِّ عدم ثقة الناس فيما يقوله المسؤولون، وما يعلنونه؟!! إن الحصار المزدوج لغزة نشأ بسبب الإسلام، فالإسلام مستهدف في السياسة الأمريكية الاستعمارية خاصة وسياسة الغرب الاستعمارية عامة؛ بل إن الجيوش الغربية الاستعمارية لم تخرج من بلاد العرب والمسلمين، إلا يوم ضمنت أن الوكلاء المحليين سيحاربون الإسلام بصورة أفضل وأكثر نجاعةً. وإذا كان المستعمرون الحمر قد أخلوا أماكنهم للمستعمرين السمر، فقد اطمأنوا تمامًا إلى أنهم سيوفرون كثيرًا من الجهد والمال في مقاومة الإسلام واستئصاله، وهو ما حدث بالفعل حيث صار الإسلام محاصَرًا وملاحَقًا ومطاردًا في كل مكان، مع رميه بالظلامية والرجعية والجمود والتخلف، وربطه بالعنف والدم والإرهاب وقتل الأبرياء!. وحين انتخب الشعب الفلسطيني منظمة حماس عام 2006م في الانتخابات التشريعية بنسبة ساحقة، في شفافية شهد بها العالم أجمع؛ فإن الصهاينة وسادتهم في الغرب الاستعماري أصرُّوا على سحق حماس التي تتبنَّى الإسلام، وقتل روح المقاومة الإسلامية، ليضمن الغاصبون أن الشعب الفلسطيني لن يطالبهم بحقوقه، ولن يكافح من أجل استقلاله وحريته وكرامته. لقد تنكَّر الغرب لما ينعق به صباحًا ومساءً عن الديمقراطية والحرية، ورفض صناديق الانتخابات حين جاءت بحماس الإسلامية، ولو أنها جاءت بحزب دحلان مثلاً، لشجَّعها وأغدق عليها، ونفخ فيها من روحه؛ لسبب بسيط جدًّا، وهو أن دحلان سيحقق مطالب الصهاينة والصليبيين جميعًا، سيطارد الإسلام، ويستأصل المقاومة، ويتنازل عن القدس وثلث الضفة واللاجئين والمياه، ويهيء الناس للتبعية المطلقة لثقافة العدو وإرادته ومشيئته. على العكس مما تمثله حماس من تبني الإسلام تصوُّرًا ومنهجًا وسلوكًا وجهادًا، وهو ما يعني عمليًّا التمسك بفلسطين السليبة وحقوق الفلسطينيين، دون تنازل أو استسلام؛ أي طرد العدو من الأرض المقدسة، واستعادة حريتها وكرامتها واستقلالها. حماس، إذن، خشبة في زور الكيان الغاصب والقيادات العربية التي تكره الإسلام أو تحاربه أو تؤثر الإسلام الأمريكاني. ولذا كان الحصار، والصمت على الحصار، منهجًا يتبناه خصوم الإسلام ولو أبيد شعب فلسطين في غزة عن آخره، ولك أن تفسر على ضوء ذلك الهجمة الصحفية المسعورة التي تشنها أبواق بعض الأنظمة العربية ضد (حماس)، وتصويرها على أنها أشد خطرًا من الاستعمار الصهيوني والاستعمار الصليبي، في حين أنهم يعلمون أن الغزاة لا يوفرون أحدًا من (أصدقائهم!). نسي هؤلاء وأولاء أن الشعوب العربية لن تبيع الإسلام، مهما ارتفع سقف العذاب واشتدَّ وقع الألم، والدليل على ذلك أن المظاهرات التي تنادت إليها بعض القوى الحيَّة خرجت من بعض البقاع العربية يوم الجمعة 19/12/2008م، وهتفت ضد الحصار، ورفعت شعار: السكوت على الحصار حصار، وكان ذلك حافزًا لقوى عديدة أن تعدَّ لمظاهرات جديدة تدعم الشعب الفلسطيني المحاصر، وتعبّر عن تضامنها مع المقاومة ضد العدوان الصهيوني. وقد حاولت مصر الكبيرة أن تقدم تفسيرًا من خلال وزارة الخارجية لموقفها الغريب في إغلاق معبر رفح بأن القطاع أرض محتلة، وأن العدو الغاصب يتحمَّل مسؤولية الاحتلال في توفير لوازم الحياة الطبيعية للشعب الفلسطيني في غزة، وأن المعبر يعدُّ منطقة احتلال تتحمَّل مسؤوليتها قوة الاحتلال، وأنها ملتزمة باتفاق دولي تجاهه، وهذا تفسير يحتاج إلى منطق يجعله مقبولاً، ولا يسوّغ منع حملات كسر الحصار ولا القبض على بعض أفرادها، ولا إغلاق معبر رفح. فلو افترضنا أن القطاع مسؤولية الاحتلال كما يقول القانون الدولي، وهو صحيح، إلا أن العدو الصهيوني لا يعير لها اهتماما؛ فقد هرب مع جنوده ومغتصبيه من المغتصبات بعد أن اصطلى بلهيب المقاومة الباسلة، ورأى أن خسائره أكبر من البقاء في القطاع المحتل، ولكنه من ناحية أخرى تصرَّف بوحشية إجرامية وأغلق منافذ القطاع من ناحيته، وحرم السكان من الماء والطعام والوقود والدواء والعلاج؛ فهل تظل مصر الكبيرة ملتزمةً بإغلاق المعبر الوحيد الذي تسيطر عليه؟! ثم إن رئيس الدولة قال ذات يوم غير بعيد: إنه لن يسمح بتجويع الشعب الفلسطيني، فلماذا تتناقض سياسة الخارجية مع سياسة الرئيس؟ ولماذا تشارك الخارجية في التجويع والإبادة البطيئة؟ ولماذا تلتزم مصر الكبيرة بتصدير الغاز والبترول والحديد والإسمنت وغيره إلى الإسرائيليين، وهم لا يلتزمون بواجبهم في حماية الشعب المحتل؟!! (...). إن الحصار جريمة حرب وإبادة غير مشروعة، ولا تجوز محاصرة غزة لأن غزة تعتنق الإسلام وتؤمن بأن الجهاد دفاعًا عن الدين والوطن واجبٌ شرعيٌّ يجب الالتزام به وعدم إهماله تحت أي ظرف من الظروف. من المؤسف أن تحمل الأنباء موافقة بعض القيادات العربية على خطط العدوِّ الصهيوني لتصفية زعماء حماس والقضاء عليها، واجتياح القطاع في حملة ضخمة مدجَّجة بالقاذفات والدبابات والمدفعية والموافقة على استباحة دماء المدنيين الأبرياء من أجل التخلُّص من طرف لا تستريح إليه بقية الأطراف!! تُرى هل يدرك القوم خطورة موقفهم؟ لا أدري..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.