الخط : يكمن ضعف الحكومة في كل القضايا ذات الأولوية القصوى، وقد ارتأينا أن نرصد الأشغال الكبرى التي على الحكومة ورئيسها تدبيرها، في أفق تحسين المناخ الاجتماعي ومناخ الأعمال والمناخ المؤسساتي. غير جازمين بأنها تملك مواصفات القيام بها حقا..!. 1 المدرسة.. غير حلوة ! لعل المدرسة التي تستأثر باهتمام قطاعات واسعة وسط الشعب تعتبر العنوان الأبرز إلى حد الآن، حيث فتح الأساتذة فصولا في الهواء الطلق لمدة أسابيع بل شهور، واتضح العجز بشكل كبير في تدبير هذا الملف. وبمعزل عن رهانات الأطراف الخارجية، والتي ترى فيه نقطة استقطاب كبيرة، فإن التدبير الحكومي ما زال إلى حد الساعة لم يجد الوصفة الناجعة في حل المعضلة، وازداد الملف تشابكا مع مرور ثلاثة أشهر من السنة. وإلى حد الساعة فإن الحكومة تهدر الزمن التعليمي والسياسي بدون إيجاد الحل.. والحلول التي تعرضها إلى حد الآن ليست مقنعة لا بالنسبة للآباء والأولياء ولا بالنسبة للمدرسين من كل الأصناف. 2 الماء، يجعل من كل تدبير حكومي امتحانَ فشل! مرت قرابة ثمانية أشهر على آخر جلسة ترأسها جلالة الملك حول قضية الماء، ذات الطابع الاستراتيجي، «والتي كانت، على الخصوص، موضوع التوجيهات الملكية الهامة التي تضمنها خطاب افتتاح البرلمان في أكتوبر الماضي وثلاث جلسات عمل ترأسها جلالته» كما ورد في بلاغ الديوان الملكي. ومنذ تلك الجلسة، لم نسمع أو نر أو نتلق أية إشارة حكومية حول مستجدات الوضعية، إلى حين صدر بلاغ عن السلطات المسؤولة حول اللجوء إلى قطع التزود بالماء لمعالجة الوضع الاستعجالي الحالي. وحتى الطريق السيار للماء الذي تم القيام به جاء متأخرا طبعا وعلى إثر تحفيز إجباري.. وكان ملك البلاد قد توجه إلى الحكومة والسلطات المعنية خلال الاجتماع المذكور أعلاه وخلال جلسة العمل تلك، بتوجيهات واضحة وضوح الماء أو وضوح الشمس في مناخ جاف، تمثلت أساسا في: - تسريع مشروع الربط بين الأحواض المائية لسبو وأبي رقراق وأم الربيع. – برمجة سدود جديدة، وتحيين تكاليف حوالي 20 سدا يتوقع إنجازها، والتي ستمكن من الرفع من قدرة التخزين ب 6.6 مليار متر مكعب من المياه العذبة؛ - تسريع مشاريع تعبئة المياه غير التقليدية، من خلال برمجة محطات لتحلية مياه البحر، والرفع من حجم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة؛ - تعزيز التزود بالماء الصالح للشرب في العالم القروي، من خلال توسيع التغطية لتشمل المزيد من الدواوير وتعزيز الموارد اللوجستية والبشرية المعبأة. ولنا أن نطرح السؤال أو الأسئلة المتمحورة حول هذه الأهداف الواردة في بلاغ الديوان الملكي، وأين الحكومة منها وقد بدأت صرخات الاستغاثة تصدر من العديد من المناطق؟ ليس هناك إنجازا ملموسا يمكن وضعه أمام أنظار الرأي العام.. بل إن تحلية مياه البحر ما زالت في مستواها الذي دخلت عليه الحكومة وقد انقضى نصف الولاية. وفي ارتباط مع نقطة الماء، يتمثل التحدي الثاني في الظروف المتعلقة بالفلاحة والزراعة في مغرب سنة 2024 3 الفلاحة.. سنة أصعب من سابقتها لا يتردد الفاعلون والمهنيون في قطاع الفلاحة في التعبير عن تخوفات كبيرة وكثيرة بالسنة للسنة الفلاحية. وإذا كانوا يعبرون بوضوح عن كون السنة المنصرفة كانت صعبة فإن رئيسهم في الكونفدرالية الفلاحية كوماضير رشيد بنعلي يعتبر بأن السنة القادمة ستكون أفدح! بالنسة للحبوب لا تخفى معاناة الفلاحة والمستهلك معا. ومؤشرات تفاقم الوضع تزداد مع تأخر الأمطار، والعديد من المواد الفلاحية والمنتجات تعرف زيادة في الأزمنة.. 4 غلاء الأسعار، لا يمكن للصبر أن يحل المشكلة. الاحتجاجات في الشارع المغربي لحد الساعة ما زالت مؤسساتية تعرب عن نفسها قطاعيا. في الهيئة الوطنية للتقنيين وفي الجماعات الترابية، وفي قطاع الصحة ولاسيما صنف الممرضين... ولحد الساعة كذلك ما زال هامش المناورة يزداد ضيقا بالنسبة للحكومة التي تراهن على الزمن والصبر المغربي الشهير!. وسواء في المحروقات أو في الخضراوات لا سيما الطماطم فإن الغلاء سيد الموقف، وكما قال النقابيون في الاتحاد المهني، فإن بعض المنتوجات قد تغيب عن السوق في ظل الأوضاع الحالية.. 5 البطالة.. ناقوس الخطر الذي يهدد الدولة الاجتماعية! في الواقع ما يهدد التغطية الاجتماعية واستكمال بناء الدولة الاجتماعية كما يريدها ملك البلاد هو الضمانة الأساسية لتحصين هذا الهدف ونقصد به الشغل. وقد كان جلالة الملك قد اعتبر في أحد خطبه بأن الكرامة الحقيقية التي يريدها للمغاربة هي الكرامة التي تتحقق عن طريق مناصب الشغل وقد خصص جلالته العديد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف. والمشكلة أن نسبة البطالة ارتفعت إلى مستوى كبير حسب المندوبية السامية للتخطيط، حيث بلغت 13٪. ولم تستطع الحكومة، بالرغم من ميلها المستمر إلى ذلك، تكذيب أرقام المندوبية، لأن الحقيقة أصعب مما يمكن ان تدافع به الجهات الحكومية! 6 تحسين صورة الحكومة : الفساد يمس أغلبيتها ليست مشكلة الحكومة، التي هيأت لها الملكية برنامج عمل استراتيجي قبل ميلادها، ونحن نذكر هنا بالخطاب الملكي عند افتتاح البرلمان التي خرجت منه الحكومة ووضع فيه جدولة مدققة لمشروع الدولة الاجتماعية، ليست مشكلتها فقط في المشاكل القطاعية بل إن الأغلبية الحالية تتآكل صورتها بفعل وجود عناصر برلمانية أو جماعية في عين العاصفة التي تحركت مع قضية ما بات يسمى «إسكوبار الصحراء»... كما أن صورة العديد من الوزراء لا تلمع سوى بغيابهم. أضف إلى ذلك عجزها عن الدفاع عن نفسها أمام كل الأصوات التي تعري نقط ضعفها. 7 العدالة الضريبية .. الكيل بمكيالين! لم يعد هذا المطلب، مقتصرا على المعارضة والمعنيين المباشرين بل إن المديرية العامة للضرائب تشهد على خلل في الجبايات، من خلال ما سطرته لنفسها تحت عنوان المخطط الاستراتيجي. ونجد أنها وضعت أولوية قصوى له، بالتنصيص على «معالجة أي شكل من أشكال عدم الامتثال، بدءا بتحسين سلامة ومصداقية واكتمال سجل دافعي الضرائب» و«المساهمة في تنفيذ الإصلاح الضريبي» بل إن المديرية تعترف بأن التراخي الضريبي للحكومة لا شك أنه سيكون له تأثير على »الإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل السياسات العمومية والمساهمة في صمود المغرب في مواجهة التحولات العديدة في البيئتين الداخلية والخارجية». 8 استكمال الهرم المؤسساتي ما زالت العديد من المؤسسات الدستورية تنتظر إخراجها الى الوجود. وإذا كان جلالته قد خص مؤسسة المناصفة بالحديث عند إعطاء توجيهاته السامية لتعديل مدونة الأسرة، ، فإن هناك علاوة على ذلك مؤسسات الشباب والعمل الجمعوي واللغات والثقافة.. التي لم تتقدم الحكومة فيها بأي عرض على الشركاء السياسيين والاجتماعين والمؤسساتيين وفي أوساط المجتمع المدني! 9 تنشيط الفضاء العمومي لأجل الديموقراطية في كل أقطار العالم تكون الحكومة هي المنتج الأول للنقاش العمومي، والدفاع عن الخيارات التي تقترحها كما تكون في قلب عملية التواصل المؤسساتي والمدني. إلا في بلادنا فإن الحكومة تعمل بتطبيقات صامتة (mode silence) ، حتى أن الاجتماع الأخير للأغلبية دفع بوزير العدل والأمين العام للأصالة والمعاصرة نفسه إلى مهاجمة حكومته بسبب العجز عن التواصل... وهو رأي نابع من قطب من أقطاب الأغلبية الثلاثية..! أما في ما يخص تدبير النقاش حول الأزمات الاجتماعية القطاعية فلا تنبس الحكومة بزي قاموس...! 10 مأسسة الحوار الاجتماعي.. لقد كشفت الأزمات القطاعية لا سيما في التعليم والصحة عن عجز في مأسسة الحوار الاجتماعي. ونقصد به الحوار الذي سبق لملك البلاد أن وضع معاييره في خطاب للعرش حيث ورد فيه «أقول للحكومة بأن الحوار الاجتماعي واجب ولابد منه، وينبغي اعتماده بشكل غير منقطع. وعليها أن تجتمع بالنقابات، وتتواصل معها بانتظام، بغض النظر عن ما يمكن أن يفرزه هذا الحوار من نتائج». وفي هذا السياق لابد من التذكير بما تم الاتفاق عليه منذ أبريل من السنة الماضية بخصوص إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي ليتولى مهمة اليقظة الاجتماعية وإنتاج المؤشرات وتتبع وتحيين المعطيات وتنسيق إعداد التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي، إضافة إلى إحداث أكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل ومناخ الاستثمار من أجل الرفع من قدرات الفاعلين في مجال الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية والآليات البديلة لحل وتدبير النزاعات والوساطة الاجتماعية. كما تم الإعلان عن ذلك منذ سنة وثمانية أشهر (عشرون شهرا)! 11 تمويل المشاريع الكبرى : كيف ومن أين؟ لا شك أن أحد الأسئلة الكبرى تظل هي تمويل المشاريع الكبرى حتى لا تتوقف العجلة وتتحقق إرادة الملك، سوى في الاستثمارات أو في التغطية الاجتماعية والصحية أو في تعميم التمدرس والسجل الاجتماعي وما إلى ذلك، ولعلنا لن نجانب الصواب لو قلنا أن هذه التخوفات الجوهرية لا تقدم لها الحكومة وصفة مطمئنه، كما أن الحل الضريبي لم تقدم فيه ثورة تساير الثورات الاجتماعية، وما زالت الحكومة تتردد في الضريبة على الثروة مثلا وفي توفير المورد البشري القادر على الجبايات كلها أو المواطنة الضريبية كما يقال!.. 12 الحوز.. وتفعيل مخطط تأهيل الأطلس أخيرا، سيقاس مؤشر النجاح الحكومي بالقدرة على تفعيل الخطة الملكية في مجال تضميد جراحات الحوز وتفعيل مخطط تأهيل منطقة الأطلس، وهو امتحان عميق وكبير وله أبعاد اجتماعية وتنموية. هل يملك أخنوش مواصفات؟ سؤال يجيب عليه الواقع الحي الذي نعيش تفاصيله كل يوم!