من فوضى المطالب إلى الأفعال: هكذا تواجه الحكومة حراك "GenZ 212" ....    مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب ينجح في الإفراج عن عزيز غالي وعبد العظيم بن الضراوي بعد احتجازهما في إطار أسطول الصمود    المملكة المغربية ترحب بإعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة (وزارة الشؤون الخارجية)    المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار.. الدعوة إلى وضع إطار قانوني موحد لتحديث القطاع وتقوية تنافسيته    نتائج ضعيفة لدعم السكن.. أزيد من 198 ألف طلب وعدد المستفيدين أقل من 67 ألفا    سفير باريس بالرباط: فرنسا تدعم استثمارات شركاتها في الصحراء    بعد فترة توقف.. "جيل زد" يعود للشارع مطالبا بإسقاط الحكومة    فدوى طوقان : القصيدة الفلسطينية المقاوِمة        تفكيك شبكة للاتجار غير المشروع في الأنواع الحيوانية المحمية بسيدي بوقنادل    استئنافية الرشيدية ترفع عقوبة قاتل أستاذة أرفود إلى السجن المؤبد    فوز المجري لازلو كراسناهوركاي بجائزة نوبل للآداب    الملك محمد السادس يترأس غداً افتتاح السنة التشريعية الجديدة ويلقي خطاباً سامياً أمام البرلمان    المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي : الأقاليم الجنوبية، قطب نمو جديد في صلب التعاون المغربي الفرنسي (زيدان)    إصدار القرار الرسمي لتحديد مؤسسات المجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة    طوفان الذاكرة    قصة قصيرة : الكتَابُ الذي رفضَتْه تسع وثلاثون دار نشر    منتجون مغاربة يتسلحون ب"الصمت" وتنويع الأسواق أمام غضب فلاحي أوروبا    حل بالمرتبة 47 عالميا.. تقرير يصنف المغرب ضمن فئة "الجوع المنخفض" ويوصي بدعم الفلاحين الصغار    جامعة الدول العربية ترحب بالتوصل إلى اتفاق لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة السلام في غزة    الزاوية الناصرية تكشف تفاصيل منح "إسكوبار الصحراء" شهادة انتساب    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    المغرب وبلجيكا يبحثان آفاق شراكة اقتصادية جديدة    الأوقاف تحرر خمسة ملايين مغربي من الأمية وتقلص المعدل الوطني بأكثر من 29%    اللجنة المنظمة تدعو الجماهير إلى الحضور المبكر لمباراة المغرب والبحرين وضمان الانضباط داخل المدرجات    حركية كروية بين الودي والرسمي.. أربع فئات لأسود الأطلس في الميدان اليوم    نادي أنجيه الفرنسي يتعاقد مع أمين السباعي لمدة موسمين    الأميرة للا حسناء في مؤتمر أبوظبي العالمي للحفاظ على الطبيعة    أولى مراحل اتفاق غزة.. التنفيذ في 5 أيام وترامب يزور مصر وإسرائيل    سكت دهرا ونطق اتهاما    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    محمد وهبي: مستعدون لمواجهة كوريا وسنحافظ على نفس النهج الجماعي والتركيز العالي    سنة 2025 شهدت ثالث أكثر شهر شتنبر حرا على الإطلاق    أمن طنجة يوقف فرنسياً من أصول جزائرية مبحوثاً عنه دولياً بتهم خطف واحتجاز وتهديد بالقتل    إسرائيل: اتفاق غزة لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة مجلس الوزراء    ترامب: العالم توحد حول "اتفاق غزة"    الأميرة للا حسناء تبرز جهود حماية البيئة في مؤتمر عالمي بأبوظبي    ناشطة سودانية تدعم سحب نوبل كرمان    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    رابطة الدوري الإسباني تعلن إقامة مباراة برشلونة وفياريال بميامي كأول مواجهة أوروبية تقام خارج القارة    الأرجنتين وكولومبيا والنرويج وفرنسا تواصل مسيرتها في مونديال الشباب        لوروا: المغرب نموذج للكرة الإفريقية    تطوان تحتضن ملتقى الشعر العربي    سلاليون يحتجون على عامل مديونة    مفكرون يراجعون أثر الترجمة في تشكيل نظرة الغربيين إلى الذات الشرقية    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي            أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله الثاني في رام الله!
نشر في بيان اليوم يوم 02 - 12 - 2011

زيارة الملك الأردني، عبد الله الثاني، إلى رام الله (21/11/2011)، فضلاً عن كونها تأتي في ظل أوضاع ذات حساسية سياسية خاصة، فإنها تندرج في سياق علاقات متميزة تربط بين الأردن والمناطق الفلسطينية.
فالتاريخ يؤكد أن الضفة الشرقية كانت جزءاً من فلسطين، اقتطعها الاستعمار الغربي في إطار عملية تفتيت المنطقة العربية إلى دويلات ودول قطرية. وقد حاولت الحركة الصهيونية أن تستغل هذه النقطة لصالحها بالادعاء أنها، بقبولها بقيام مملكة أردنية، تكون قد قدمت تنازلاً تاريخياً عن جزء من الأرض المسماة. «أرض إسرائيل». هذا الترابط التاريخي بين فلسطين والأردن، مازالت أسسه قائمة جغرافيا واجتماعيا وديمغرافياً.
بعد النكبة الوطنية الكبرى، وفي مؤتمر أريحا، ضم الأردن فلسطين الوسطى إليه، وباتت تسمى بالضفة الغربية، في إشارة إلى أن المملكة تتشكل من ضفتي نهر الأردن، الشرقية والغربية. هذا الضم صنع مفاعيله السياسية والديمغرافية والاقتصادية، والتي مازالت علاماتها قائمة حتى الآن.
صحيح أن الأردن أعلن فك ارتباطه الإداري والقانوني بالضفة الفلسطينية في نهاية تموز 1988، لكن الصحيح أيضاً أن هذا لم يلغ الوقائع الدامغة التي مازالت تربط الضفة الفلسطينية بجارتها الشرقية. فالنهر يربط بينهما، وعند قيام الدولة الفلسطينية سوف يدخل الطرفان بالضرورة في مباحثات تتعلق بالحدود، والمياه، والبحر الميت، والعلاقات الاقتصادية والأمنية.. لأن الأردن سيبقى الرئة العربية التي تتنفس منها الدولة الفلسطينية الهواء العربي، والبوابة التي منها ستعبر نحو العالم العربي، ومنها تستقبل القادمين العرب.
والأردن معني بمفاوضات الحل الدائم، من عدة زوايا. فعلى أرضه يقيم أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين. وهناك قضايا الحدود والمياه، والمستوطنات، والقدس، التي كان قد اتفق بشأنها مع الجانب الإسرائيلي في معاهدة وادي عربة، لابد من إعادة النظر بالبنود والفقرات الخاصة بها، بعد أن تشهد المنطقة التغير الكبير المتمثل ببسط الدولة الفلسطينية سيادتها على أرضها، وقيامها، جنبا إلى جنب، مع باقي الدول العربية في المنطقة.
بهذه العناصر وغيرها، يفترض أن تكون العلاقة الفلسطينية الأردنية مميزة، مقارنة مع علاقات كلا الطرفين مع باقي دول الجوار العربي.
***
الزيارة تمت في وقت تعيش فيه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وضعاً شديد التعقيد. ففي الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس محمود عباس عن استعداده لاستئناف المفاوضات إذا ما توفرت متطلباتها (وقف الاستيطان، اعتماد خط الرابع من حزيران أساساً للمفاوضات..) تواصل حكومة نتنياهو التحايل على عروض اللجنة الرباعية، بما في ذلك رفضها تقديم اقتراحاتها بالحل (بناء على طلب «الرباعية») إلا إلى طاولة المفاوضات: أي تريد هذه الحكومة أن تلتف على مواقف «الرباعية»، ومواقف الفلسطينيين لفرض استئناف المفاوضات كأمر واقع، وكأن المفاوضات، (وليس الوصول إلى اتفاقات ملزمة) باتت هي الهدف: أي أن المفاوضات هي كل شيء، والوصول إلى اتفاق، لا شيء.
وتدرك عمان خطورة مثل هذه اللحظة، خاصة وأنها تترافق مع دعوات وقحة تدعو لاعتماد «الخيار الأردني» بديلاً لبرنامج م. ت. ف. أي تحويل الأردن (ولو عبر الحروب الأهلية) إلى بديل للدولة الفلسطينية. لذلك من الطبيعي أن يتشاور الملك عبد الله الثاني مع الرئيس عباس حول الموقف الإسرائيلي وتداعياته على مجمل الحالة في المنطقة. وأن يتدارس الاحتمالات كافة التي من الممكن أن تصيب الضفة الفلسطينية، إذا ما استمرت العملية التفاوضية معطلة بسبب من التعنت الإسرائيلي، وفي ظل انهماك المجتمع الدولي بشؤون عربية أخرى على حساب القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل. إذ ليس من يضمن أن يستمر الهدوء في الضفة الفلسطينية وأن يطول صبر الشارع الفلسطيني إلى الأبد، ولابد لكل ضغط أن يحدث مفعوله، الذي سيترك آثاره، ليس فقط على أوضاع السلطة الفلسطينية ومستقبلها، بل وكذلك على أوضاع المملكة الأردنية ومستقبلها هي الأخرى.
استتباعاً، لابد أن تكون قضية اللاجئين هي الأخرى واحدة من القضايا الكبرى التي تشغل بال الطرفين. وكانت الدوائر الأردنية المعنية قد صرحت في وقت سابق بما معناه أنه عند قيام الدولة الفلسطينية لابد للتجمع السكاني الفلسطيني في الأردن (نازحون، ولاجئون، ومقيمون) أن يحسم أمره وأن يضع حدا للازدواجية، بحيث لا يجمع المواطن الواحد جنسيتين، أردنية، وفلسطينية، فمن أراد الجنسية الأردنية وجب عليه التخلي عن الجنسية الفلسطينية بإقرار رسمي، والعكس صحيح: لأن ازدواجية الجنسية في بلدين متجاورين ثالثهما إسرائيل يرى فيه الأردن خطراً على كيانه.
***
الزيارة تحمل في طياتها عدة رسائل:
هي رسالة إلى الإسرائيليين بأن الأردن يقف إلى جانب المفاوض الفلسطيني، ويرى أن المسؤول عن تعطل المفاوضات هو الجانب الإسرائيلي، وأن الأردن لن يضغط على رام الله كي تعود صاغرة إلى المفاوضات مادامت شروط استئنافها لم تنعقد بعد. كما تهدف هذه الرسالة إلى تحميل الإسرائيليين مسؤولية أية انفجارات شعبية قد تشهدها الضفة «الفلسطينية» وبحيث تنسحب إلى الجانب الأردني، نظراً لوحدة الشعبين الشقيقين.
هي رسالة إلى واشنطن بضرورة تليين الموقف الأميركي من السلطة الفلسطينية وعدم الضغط عليها والزج بها في قضايا تعقد عليها مسؤوليتها، مثل قرار الكونغرس تجميد مبلغ 200 مليون دولار أميركي من المنح المعطاة إلى السلطة، عقاباً لها على دخولها منظمة اليونيسكو أو الصمت على القرار الإسرائيلي بتجميد 100 مليون دولار من إيرادات المعابر، وهي رسالة تؤكد وقوف الأردن إلى جانب المفاوض الفلسطيني في نظرته إلى متطلبات استئناف العملية التفاوضية.
هي رسالة إلى الجانبين الإسرائيلي والأميركي معاً، تفيد أن اللعب على خيار الأردن بديلاً لدولة فلسطين هو إضاعة للوقت ليس إلا، ولعبة لن تنجح. فالأردن هو موطن الأردنيين، والدولة الفلسطينية هي وطن أبنائها، ولا مجال لشطب أحدهما لحساب الآخر.
يعتقد البعض أنها رسالة إلى من يهمه الأمر بضرورة إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية تحت سقف الرؤية السياسية للرئيس عباس، وأن الأردن يرى في الوحدة مكسباً للفلسطينيين، وفي لقاء القاهرة فرصة يجب أن لا تضيع من بين الأصابع، لأن اللعب الأميركي والإسرائيلي على حالة الانقسام يجب أن يوضع له حد بإنهاء الانقسام، فضلاً عن أن الزيارة تشجيع للرئيس عباس للمضي قدماً في المصالحة دون الخضوع لضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل وإنذاراتهما. كما هي أيضا رسالة تطمين لعباس، بأن فتح أبواب الأردن أمام قيادة حماس، للإقامة، في ظل التطورات العربية، لا يعني إعادة النظر بخيارات الأردن الفلسطينية. فالسلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس هي خيار عمان، ولن يتغير هذا الخيار لصالح تفضيل حماس على رام الله.
وأخيراً، وليس آخراً، تأتي هذه الزيارة لتقول إن القدس الشرقية المحتلة، التي للأردن بها صلة وثيقة، خاصة بمقدساتها الإسلامية، هي عاصمة الدولة الفلسطينية وإن أية محاولة لاعتماد الأردن بديلاً للفلسطينيين.. في مسألة القدس وملفها التفاوضي، مناورة لن تجدي نفعاً. فكما عمان هي عاصمة الأردن، التي لا شك فيها، فإن القدس هي الأخرى عاصمة الدولة الفلسطينية، وإن الدولة بدون هذه العاصمة ستبقى مسخاً سياسياً، لن يقبل أي من القوى أن يتبناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.