«البام» يفشل في مواجهة فريق «التقدم الديمقراطي» المجلس الدستوري يخرس لسان المتحاملين ويلقي بادعاءاتهم في سلة المهملات نزل قرار المجلس الدستوري على فريق الأصالة والمعاصرة، مثل حمام بارد، لم يستفق بعد من آثاره، وألجم ألسنة الكثيرين من أعضائه الذين كانوا ينتظرون أن يوافق المجلس على أهوائهم، ووضع ذات القرار حدا للشائعات التي تسربت إلى الصحافة حول عدم شرعية تأسيس فريق نيابي يشكل نواب حزب التقدم والاشتراكية عموده الفقري. فصل، إذن، المجلس الدستوري في الجدل الذي أثير حول تكوين فريق «التقدم الديمقراطي» بمجلس النواب خلال الجلسة العامة لانتخاب هياكل المجلس وما أعقبها من تضليل إعلامي بهدف تغليط الرأي العام، وأحبطت كل المحاولات اليائسة التي كانت تستهدف حزب التقدم والاشتراكية وفريقه وحلفاءه؛ بعد صدور قرار المجلس الدستوري الأسبوع الماضي القاضي بعدم اختصاصه في البت في الموضوع. وعلى عكس ما أثارته بعض فرق المعارضة، خصوصا فريقا الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري، خلال الجلسة العامة لانتخاب هياكل مجلس النواب، وخلافا لما تداولته بعض الكتابات الصحفية غير البريئة، صرح المجلس الدستوري في قراره الصادر في 14 فبراير الجاري، بعدم اختصاصه بالبت في الطلب الذي تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة. وصرح المجلس الدستوري، الذي يمارس صلاحية مراقبة دستورية قواعد تأليف وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها، أن العريضة التي تقدم بها رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، التي يلتمس فيها من المجلس التصريح بعدم شرعية الإعلان عن فريق التقدم الديمقراطي، وبطلان تأسيسه، غير ذات أساس. وعلل المجلس قراره بأنه «ليس في الدستور ولا في القوانين التنظيمية ما يخول للمجلس الدستوري اختصاص البت في المنازعات المتعلقة بتأسيس الفرق والمجموعات النيابية». وكانت الجلسة العامة بمجلس النواب، المنعقدة في 28 دجنبر 2011، التي خصصها لانتخاب مكتب المجلس وتسمية الفرق النيابية، عرفت جدلا قانونيا، حول شرعية تأسيس فريق «التقدم الديمقراطي» الذي يتكون من 18 نائبا ينتمون إلى حزب التقدم والاشتراكية، ونائبين عن كل من جبهة القوى الديمقراطية، والوحدة والديمقراطية. وبينما كانت أغلبية مكونات المجلس لا ترى في تأسيس فريق «التقدم الديمقراطي» أي خرق قانوني للنظام الداخلي للمجلس، ولا وجود لأي تعارض بين تشكيل الفريق ومقتضيات الدستور الذي منع الترحال السياسي، إلا أن «المتحاملين» على هذا الفريق، وخصوصا الأصالة والمعاصرة، سارعوا إلى اعتبار ذلك مخالفا للمقتضيات الدستورية. وحاولت فرق الأغلبية، خلال تدخلاتها في تلك الجلسة، توضيح عدم وجود أي مساس أو مخالفة للمقتضيات الدستورية، وأن تأسيس فريق التقدم الديمقراطي بعيد كل البعد عن ظاهرة الترحال السياسي، غير أن فريق الأصالة والمعاصرة أصر، على لسان رئيسه، المحامي عبد اللطيف وهبي، على مخالفة التوجه العام للنقاش، وحاول جاهدا تبرير ما اعتبره «عدم شرعية تشكيل فريق التقدم الديمقراطي»، بأسلوب تهريجي، حينا، وبشطحات «قانونية» غير ذات أساس أحيانا أخرى. إلا أن كل تلك المبررات التي لم تقنع الكثيرين وقتها، لم تجد آذانا صاغية في الجلسة، وكانت بدون رجع صدى، ولم يتعظ حتى بعد تدخل فريق الاتحاد الاشتراكي، الذي سار على نفس توجه الجلسة، والذي أكد أن تشكيل الفريق ليس فيه ما يخالف القانون والنظام الداخلي للمجلس. ولم يتردد فريق الأصالة والمعاصرة بعدها في اللجوء إلى المجلس الدستوري للفصل في هذا الموضوع. وخلال المدة الفاصلة لم تتوقف الحملات ضد تأسيس الفريق. وكان لزاما انتظار قرار المجلس الدستوري، الذي صدر الأسبوع الماضي، للحسم في الموضوع، والذي أخرس كثيرا من الألسن التي كانت تمني النفس أن يسير قراره في نفس اتجاه موقف البام ويصرح بعدم قانونية تشكيل الفريق، لكن الأمنية لم تتحقق. وبهذا يكون حزب التقدم والاشتراكية وفريق التقدم الديمقراطي ومعهما الأغلبية المتحالفة وكل النواب الجديين قد نجحوا في تكسير شوكة أطراف من المعارضة غير البناءة، والانتصار بذلك للجدية والمعقول والشرعية.