المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    تعديلاتٌ للأغلبية تستهدف رفع رسوم استيراد غسّالات الملابس وزجاج السيارات    قضاء فرنسا يأمر بالإفراج عن ساركوزي    وياه يقود حملة ضد العنصرية بالملاعب    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    ابتداء من اليوم.. طرح تذاكر المباراة الودية بين المغرب وأوغندا إلكترونيا    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    متجر "شي إن" بباريس يستقبل عددا قياسيا من الزبائن رغم فضيحة الدمى الجنسية    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيوخ الفتنة يأكلون الغلة ويسبون الملة .. الشيخ الدكتور رشيد نافع نموذجا 2/2


ثالثا: الشريعة وسوء الفهم:
انه لم يعد مقبولا ولا ممكننا لأي شخص له أدنى اطلاع على الفكر البشري، ويحتكم إلى العقل في تدبير أمور حياته أن يعتقد (مثلا) بصواب ما يكتبه ويطرحه الشيخ نافع من الأفكار والآراء السياسية والفكرية التي يصبغها بالإسلام من أجل كسب ثقة ومصداقية الناس، وبالتالي حصوله على " الشرعية " اللازمة والضرورية لعمله كإمام. والغريب في أمر هذا الشيخ هو أنه يقدم كلامه على أساس أنه كلام الله ورسوله وليس كلامه ، ومن ثم فكل ما يقوله هو كلام الله ورسوله " حرفيا " ، بينما أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. فالرجل يقدم فقط فهمه " الخاص " لكلام الله ورسوله، ولعل الفرق بين الأمرين واضح، ومن ثم فإن تعدد زوايا النظر إلى هذا الموضوع - كلام الله ورسوله - وارد وقائم، بل أنه موجود عبر تاريخ الإسلام.
ربما، سيرد علينا البعض بالقول: لكنه كلام(= خطاب) مبني على قواعد فقهية وأصولية مستمدة من الدين، وهو بالتأكيد كلام صائب وصحيح دون شك، لكن الفرق بيننا وبين من سيرد علينا بمثل هذا القول هو أننا نجري تمييزا ضروريا بين " الشريعة " التي هي عبارة عن مجموعة من القواعد والمبادئ الكلية الموحى بها من الله، وبين " الفقه" الذي هو اجتهادات بشرية عبر مختلف العصور والإرجاء لفهم هذه القواعد والمبادئ أولا، ولتنزيلها على الوقائع الفعلية ثانيا. ونتيجة لذلك، نرى أن التأويل والتأويل المضاد يعتمد كلاهما على النص الديني أولا، وعلى قدرة الإنسان على فهم وتفسير وتأويل النص الديني ثانيا.
ونتيجة لذلك أيضا نرى أن الشريعة، أو ما يصطلح عليها كذلك عند بعض الفقهاء ب " الإحكام الشرعية " غير ثابتة وجامدة كما يعتقد – للأسف – أغلبية الشيوخ ، وإنما تتغير باستمرار مع تطور المجتمعات البشرية . فعلى سبيل المثال يعتبر الحكم الشرعي الصادر الآن في قضية معينة صائبا وصحيحا وفق الظروف والشروط التي نعيشها الآن ، لكن بعد مرور عقد أو عقدين من الزمن مثلا سيصبح هذا الحكم ( نفس الحكم) غير مجدي بالمرة، وذلك نتيجة التطورات التي سيعرفها المجتمع في مرحلة ما بعد صدور الحكم الشرعي. ولهذا السبب بالذات أوقف الخليفة الثاني - عمر بن الخطاب – العديد من الأحكام الشرعية التي وردت فيها نصوص قطعية الدلالة ؛ أي انها لا تحتمل التأويل أو الشك حسب شيوخ الوهابية، بناءا على القاعدة " لا اجتهاد مع وجود النص "، ومنها مثلا توقيفه عام الرمادة ( عام الجوع) تنفيذ حكم السرقة، لكن لكونه ؛ أي عمر بن الخطاب، فهم واستوعب جيدا مقاصد الشريعة في كليتها مما جعله يعمل على توقيف العديد من الأحكام الشرعية كما أسلفنا القول. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا، وبقوة، هو : إذا كان شرعا لا يجوز حسب الشيخ نافع، وغيره من شيوخ الفتنة، الاجتهاد في الأحكام الشرعية مع وجود النص الثابت والقطعي الدلالة ، فكيف يفسر(ون) اجتهادات عمر ابن الخطاب في العديد من المجالات والقضايا التي فيها أحكام قطعية الدلالة؟ وإذا كان يعتبر كل من يتناول هذا الموضوع ؛ أي الاجتهاد في ظل وجود الأحكام القطعية ، زنديقا وكافرا لكونه تعدى على شرع الله، فهل ينطبق موقفه هذا على عمر بن الخطاب أيضا باعتباره اجتهد مع وجود النص كما أسلفنا القول؟

رابعا : خطاب الشيخ نافع بين إنكار الحقيقة وزرع الكراهية:
تجدر بنا الإشارة هنا إلى أن معظم مداخلات( خطب) وكتابات هذا الشيخ الفاضل ، الذي يدعى – بشكل مباشر أو غير مباشر - العلم والمعرفة المطلقة ، حيث أن كل من يختلف معه في الرأي يعتبره إما " جاهلا " أو " متخلفا "، لا علاقة له - بشكل عام - بواقع المواطنين المغاربة بهولندا، ولا علاقة له أيضا بالقيم التي ينادى بها الإسلام في جوهره وعمقه الإنساني ، ومنها قيم التواضع، التسامح، التعايش والمساواة..الخ، وإنما هي كتابات سياسية بالدرجة الأولى، حيث أن ظاهرها هو الإسلام وباطنها هو تمرير مواقف سياسية محضة. لهذا فأنها لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الإسلام في المواضيع والقضايا التي يعمل الشيخ نافع على إثارتها دون أن يقدم لنا أي جديد يذكر بخصوصها. فالرجل لم يخرج بعد من دائرة " المؤامرة والتأمر " كما هو شائع ومتداول في أدبيات الفكر الإسلامي عموما، والفكر العربي خصوصا. وبالتالي فإنه يحاول تبرير فشل المسلمين بأية وسيلة كانت. ومن ثم فانه يحاول تقديم الإسلام والمسلمين كضحايا للعلمانيين والحداثيين " أعداء " الله والرسول حسب كلامه. ومن هنا فكل المصائب والمشاكل التي يعيشها المسلمون - وفق هذا التحليل - آتية من العلمانيين والحداثيين، بينما أن الواقع الموضوعي والتاريخي للمسلمين يؤكد العكس تماما. فالانجازات التي حققتها تركيا على سبيل المثال خلال السنوات الأخيرة تحت قيادة حزب العدالة والتنمية كانت بفضل تطور النظام العلماني القائم في تركيا وليس لكون أن حزب العدالة والتنمية هو حزبا إسلاميا كما يشاع في خطاب الإسلاميين. كما أنه يكفي أن نلقي نظرة قصيرة، وخاطفة، على المستوى المعيشي في البلدان العلمانية ( هولندا، فرنسا، بريطانيا، النرويج، السويد..) والبلدان الإسلامية ( السعودية، السودان، المغرب، مصر، ليبيا ..) لنكتشف الفرق المذهل بينهما؛ أي أننا سنكتشف أين وصل العلمانيون والحداثيون في مستواهم المعيشي وأين يقبع المسلمون!!.
لا شك أن هذا النوع من الخطاب هو خطاب انتهازي أولا، وانهزامي ثانيا . فبالإضافة إلى نكرانه للجميل يتغاضى أيضا على الواقع الموضوعي عبر محاولة القفز عليه وتجاوزه. فإذا تجردنا عن مواقفنا وخلفياتنا وفحصنا مثلا - وبشكل موضوعي صرف- خطاب الشيخ نافع تجاه العلمانيين والحداثيين سنصاب بالذهول والغيثان، فالرجل يقدم خطاب مليء بالعنف اللفظي والحقد من جهة، ومليء بالنفاق والتزييف من جهة ثانية . فهو ينكر على العلمانيين والحداثيين – بالمرة - إحرازهم انجازات علمية ومعرفية، بالرغم من أنه ينعم بمنجزاتهم وخيراتهم كما أوضحنا ذلك أعلاه (في الجزء السابق)، بل وأكثر من ذلك يصفهم بأبشع الأوصاف والنعوت وهو ينعم بحمايتهم ورعايتهم.
فإذا كان معظم الأئمة والشيوخ يتصرفون على هذا النحو تجاه الآخر المختلف عنا دينيا ومذهبيا وسياسيا ..، فماذا سننتظر من الناس البسطاء الذين يتخذون هؤلاء الأئمة والشيوخ قدوة لهم؟ فالعديد من السلوكيات والممارسات التي ينهجها المسلمون يجدون مبرراتها في خطابات هؤلاء الشيوخ ، وبالتالي فإنه ليس من الغريب أن نجد على سبيل المثال أن معظم الذين يترددون على مساجد هولندا يعيشون على المساعدات الاجتماعية، المحرمة دينيا ، * ، كيف لا يمارسون هذا النوع من السلوك المنافي لقيم الإسلام وهم يشاهدون سلوك وممارسة شيوخهم؟ فمعظم الأئمة والشيوخ بهولندا يشتغلون بغير ما يصرحون به رسميا لدى السلطات المعنية ، لنفترض مثلا أن إمام مسجد " أ " يتلقى مقابل اشتغاله كإمام مبلغ 1700 يرو في الشهر ، لكنه عمليا، وقانونيا، يصرح فقط بمبلغ 1200 يرو بينما يتقاضى المبلغ الإضافي (=الباقي) بطريقة غير قانونية، وذلك من اجل حصوله على المساعدات المالية التي تقدمها الدولة الهولندية في إطار دعمها للمواطنين دوي الدخل المحدود، ولهذا النوع من السلوك والتصرف تأثيره البليغ على تصرفات ومواقف المسلمين بهولندا. فالكثير من الكلام الرزين والجميل يخبئ وراءه حقائق مزعجة ومرعبة في ذات الوقت.
مما لا ريب فيه هو أن الشيخ نافع ينعم في ظل النظام العلماني الديمقراطي الهولندي على سبيل المثال بحرية تامة في ممارسة شعائره الدينية وقناعاته الفكرية والسياسية؛ وهي الحرية التي لا يتمتع بها في أي بلد إسلامي على الإطلاق. بالإضافة إلى استمتاعه كذلك بالنظام الصحي والاجتماعي والأمني الموجود في هذا البلد (هولندا) العلماني بامتياز ، كما أنه يستعمل أيضا احدث ما أنتجه " الكفار " والعلمانيين في مجال الاتصال والتواصل ( مثل الانترنت، الفيسبوك، الاميل، الكاميرا، الميكرفون، القلم، الورقة ..الخ ) في نشر أفكاره ومشروعه الاسئصتالي والطائفي. علاوة على هذا فالرجل يستعمل في حياته اليومية كذلك ؛ أي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس( حتى ذهابه إلى الفراش )، كل ما أنتجه وصنعه " الكفار " والعلمانيين أعداء الله ورسوله حسب كلامه، انطلاقا من ملابسه الداخلية والخارجية، ومعجون الأسنان، والأكل، وآلات الطبخ والغسل، والتنظيف، والفراش ، والبيت ، و التدفئة التي ينعم بها في الشتاء البارد ..، وصولا إلى الطائرات والسيارات والقطارات التي يركبوها في تنقلاته..، وغيرها من الأمور التي لا يتسع لنا المجال لذكرها بالتفصيل. رغم كل هذه الخيرات التي يتمتع بها الشيخ نافع وغيره بطبيعة الحال، ينفي على العلمانيين والحداثيين تحقيق أية انجازات علمية ، كما ينفي عليهم العلم والمعرفة، بل ويتهمهم " بالجهل والتخلف " ، فقط لكونهم لا يدينون بدينه ولا يوافقونه نفس القناعات والمرجعيات التي يتبناها هو!!. فهل كل هذه الانجازات التي حققها العلمانيون والحداثيون في شتى المجالات حققوها بالكسل والشعوذة أم حققوها بفعل العلم والعمل المسؤول والجاد؟ سوف لا نطرح هنا ذالك السؤال الذي يطرحه البعض حول ماذا قدم المسلمون للبشرية، حيث أن الجواب معروف سلفا ، لكن سوف نطرح سؤالا من نوع آخر ، هو في حقيقة الأمر سؤالين، الأول: لماذا لم يرحل الشيخ ( وأمثاله) من بلاد العلمانيين والحداثيين إلى حيث بلاد المؤمنين ( إلى السعودية، أو السودان، أو الصومال مثلا) ويقوم هناك بنشر أفكاره ومشروعه ؟ والثاني هو: لماذا يستعمل الشيخ كل ما أنتجه واخترعه العلمانيون والحداثيون وهم " أعداء " الله والرسول ؟ لماذا لا يستعمل فقط ما أنتجه المسلمون ؟
هذا بخصوص نوعية الكتابات التي يكتبها الشيخ نافع، أما مسألة مضمون ما يكتبه، وكذلك مدى التزامه وإيمانه بما يقوله ويكتبه فهذا شيء آخر. فالرجل يتحدث مثلا عن مكارم الأخلاق في الإسلام، حيث يدعوا الناس إلى التسامح، والتواضع، والابتعاد عن الفساد ومال الحرام ..الخ ، ولكنه في نفس الوقت يمارس العكس تماما بل أنه يمارس النقيض أحيانا ، كيف سنسمى هذا النوع من السلوك: هل هو نفاق أم انفصام في الشخصية؟ لا ندري ؟

خامسا : خلاصان نهائية:
لعل المتتبع لمقالات وتصريحات( خطب) الشيخ نافع يلفت نظره ثلاثة أمور متلازمة :
* دعوته المستمرة إلى التواضع بينما يمارس هو عمليا عبر خطبه وكتاباته التعالي والعجرفة ضد مخالفيه في الرأي والانتماء، فكل من يخالفه في الانتماء والرأي يعتبره أما دجالا وزنديقا ( موقفه من إبراهيم عدنان وعمرو خالد مثلا) أو ملحدا وكافرا ( موقفه من الشيعة مثلا). أما الذين يخالفونه في التوجه الفلسفي والسياسي ، وبالتالي يخالفونه في التصور والمرجعية ، فهمم أما كافرون ( موقفه من لشكر مثلا) وأما " جاهلون " ؛ أي بمعنى لا معرفة لهم ولا علم لهم، وبالتالي فكل العلماء والفلاسفة العلمانيين الكبار، المسلمين و الغير المسلمين، جاهلون لا علم ولا معرفة لهم ، فقط هو (وأمثاله) من له العلم والمعرفة الشاملة. هذا بالإضافة إلى وصف مخالفيه بأوصاف لا تليق بشخص يدعى العلم والمعرفة أولا، ويدعي الدفاع عن الله والرسول (ص) ثانيا، من قبيل وصفهم مثلا: بالبهائم، الأقزام، المتخلفين، المجرمين، الفاجرين، الخونة وغيرها من الأوصاف القدحية التي يطلقها الرجل ضد مخالفيه دون مبرر يذكر غير أنهم يختلفون معه في التقديرات والتصورات لا غير.
* دعوته إلى المرونة والوسطية بينما يمارس عمليا التطرف والاستئصال ضد خصومه، وموقفه من الشيعة والحداثيين خير دليل عما نقوله هنا.
* ادعاؤه العلم والمعرفة بينما أن معظم خطبه وكتاباته تكرس الجهل والتخلف بشتى الوسائل، فإلى جانب دعوة خصومه إلى المناقشة العلمية ومقارعة الرأي بالرأي، والحجة بالحجة، لا يقدم هو أية حجة - على الإطلاق - فيما يقدمه من الآراء إذا ما اعتبرناها كذلك، ماعدا الشتم والسب كما قلنا. بالإضافة إلى تأكيده للجهل الديني من خلال تأكيده مثلا على وجود السحر والجن الذي يسكن الإنسان وغيرها من الأمور التي لا تليق بمن يدعى العلم والمعرفة.
فهكذا يعتبر أن كل ما يقدمه الآخر ( العلمانيين والحداثيين) مجرد " جهل وأوهام والظن .." بينما يتحدث عن الأنا ( المسلمين) باليقين المطلق" في حين أن أهل الإسلام يقولون عكس ذلك، فهم لديهم إجابات معروفة وأدلة عقلية ووضوح ونور وهداية وعلم وبصيرة وحكمة .." . كلام في غاية الجمال والروعة على مستوى الورق ، ولكونه كذلك، دعونا نطرح بعض الأسئلة الاستفسارية بخصوص ما قدمه لنا الشيخ من " الحقائق " ، لعله يعمل في المرة القادمة على إثبات كلامه بالحجج والأدلة المادية ؛ وهي أسئلة تطرح نفسها بقوة : ما هو العلم الذي يقصده الرجل؟ أو بعبارة أخرى هل يتحدث عن العلم الإلهي الأخروي (الديني) أم عن العلم البشري العلمي والتجريبي؟ فإذا كان يقصد بكلامه السابق العلم الأخروي كما قلنا فهذا لا يهمنا في شيء لسبب بسيط جدا؛ وهو أن ما يعتبره الرجل " علم " يعتبره الأخ ( المسيحيين، اليهود، الهندوس، الغرب، الصينيون..) مجرد هرطقة وكلام فارع لا أساس له من الصحة علميا، وبالتالي لا يعتبرونه علم ينتفع به الإنسان في الحياة الدنيا ، فإذا استطاع مثلا الشيخ نافع، أو غيره من شيوخ الإسلام، على مختلف توجهاتهم ومرجعياتهم أثبات حقيقة ما يحتوى عليه القرآن فإن ذلك لا يجدي الإنسانية في شيء نتيجة السبب الذي ذكرناه سابقا، وبالتالي فإنه لا يقدم أية إضافات جديدة للمشهد العلمي والمعرفي، خاصة أن الأغلبية المطلقة من البشرية لا تؤمن بالقرآن. أما إذا كان يقصد به العلم البشري التجريبي فعلى فضيلة الشيخ أن يحدد لنا - وبشكل دقيق - إجابات هذا العلم عن القضايا الاقتصادية والطبية والإنسانية كما قلنا في الجزء الأول، خاصة أن المسلمين لهم إجابات جاهزة لكل قضايا ومشاكل الحياة وفق ما يقوله الشيخ نافع.
سنكتفي بهذا القدر من الملاحظات والتساؤلات مع أملنا أن يتواضع الشيخ نافع في المرات القادمة وان يعمل على تقديم حججه فيما يدعيه من " الحقائق " أولا، وما يدعيه من التهم الباطلة في حق مخالفيه ثانيا.
محمود بلحاج: لاهاي/ هولندا
للتواصل: [email protected]
* المشكلة هنا ؛ أي في موضوع المساعدات الاجتماعية التي يحصل عليها معظم مغاربة هولندا، هو التحايل والكذب الذي يمارسونه من اجل الحصول على هذه المساعدات وليس في قانون المساعدات الاجتماعية نفسه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.