بنك المغرب: ارتفاع القروض بنسبة 3,9 في المائة    تقرير: "تشظي المؤسسات" يعرقل تدبير الأزمات المائية في المغرب    قضيتنا الوطنية.. حين يشيخ الخطاب وتتمرد المرحلة    الاتحاد الاشتراكي يساند الفلسطينيين    تباين الموقف النقابي يربك "الجبهة الاجتماعية" في قطاع التعليم العالي    أمينة بنخضرة: المغرب يؤكد التزامه بدور ريادي في تنمية إفريقيا    الجرف الأصفر : شركة 'كوبكو' تدشن أول وحدة صناعية لمواد بطاريات الليثيوم–أيون بطاقة إنتاجية تبلغ 40.000 طن    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    بورصة البيضاء تتم التداولات بارتفاع    "القرض العقاري والسياحي" يعزز القدرات التمويلية بزيادة رأس المال    قتيلان جراء عواصف قوية في فرنسا    المجر تحذر سفراء أوروبيين من المشاركة في مسيرة محظورة للمثليين    إسرائيل تعتقل طالبا بتهمة التجسس    مونديال الأندية: إنتر يقصي ريفر بلايت ويتجنب مواجهة دورتموند    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    الابتزاز وراء عقوبتين بالكرة النسوية    توقعات طقس اليوم الخميس بالمغرب    حريق غابوي يندلع بغابة "ثندا إفران" بإقليم الحسيمة واستنفار للسيطرة عليه    كيوسك الخميس | المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    دراسة مغربية تعدد صعوبات تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    أكاديمية المملكة المغربية تكرم 25 سنة من الأدب الإفريقي في "غاليمار"    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    تثبيت كسوة الكعبة الجديدة على الجهات الأربع مع مطلع العام الهجري    سوق الكوكايين العالمية تحطم أرقاما قياسية    ما علاقة الإعلام بتجويد النقاش العمومي؟    حريق يُخلّف إصابتين في حي بوحوت بطنجة    تعيين عالمة الأحياء المغربية جنان الزواقي عضوا في الأكاديمية الإيبيرو-أمريكية للصيدلة    وفاة شاب إثر سقوط من سطح منزل بطنجة    طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محكمة ومؤتمر
نشر في دنيابريس يوم 11 - 01 - 2012


نور الدين طويلع
تأبط الراعي إدريس عصاه النخرة التي يتكأ عليها كلما أعياه المسير،ويهش بها على أبقاره،ويقضي بها مآرب أخرى،ووضع حقيبته على ظهره قاصدا حظيرة البقر، وزع نظراته على جماعة الأبقار والعجول والثيران، فشعر بنوع من عدم الارتياح بعدما لحظت عيناه خدوشا بليغة على أجسادها،وهو الذي تركها البارحة سليمة معافاة،وودعها وقلبه مطمئن... من فعل هذا بأبقاري ياترى؟ تساءل إدريس،ثم أردف دون أن ينتظر جوابا: إن هذا لمكر مكره شخص يعرف ما يفعل ويدري جيدا حجم جريمته،لئن ضبطته لأقطعن دابره، أو لأرجمنه، لكن أنى لي هذا وأنا أمام خصم هلامي ربما جاء من كوكب غير كوكبنا ... بعد هذا الوعيد المنذر بالغضب المستطير خلد إدريس إلى تأمل عميق مصحوب بوجوم كأن على رأسه الطير،وسرعان ماتذكر أن الوقت يداهمه وأن أوان إخراج القطيع قد اقترب،ففتح باب الحظيرة الذي لم يكن موصدا بالعناية الكافية آذنا بذلك لقطيعه بمغادرتها والتوجه إلى الحقول والمزارع من أجل ملء البطون الخمصة والالتقاء بصنواتها،ومباشرة العمل بالنسبة إليه، في الطريق لاحظ إقدام الأبقار على تصرفات غريبة لم يعهدها من ذي قبل،كأن الخدوش تطورت إلى لوثات دماغية أصابت عقولها في مقتل، أصدر بعضها خوارا غريبا، ونطح بعضها البعض الآخر،وخثئ آخرون بشكل متواصل ودون توقف ، ورغم كل هذه السلوكات المستفزة حافظ إدريس على توازنه العصبي، فلم يشتم ولم يسب ولم يضرب ولم يطرد أحدا امتثالا لتوصيات مالك الأبقار ، بيد أن صبره هذا لم يدم طويلا، فقد خارت قواه العصبية ونسي ما أفضي به إليه، ولم يجد عزما أمام ثور فسق عن أمره وأتى لوحده بكل ماجاءت به الأبقار مجتمعة،فانهال عليه ضربا وأرغد وأزبد، وكتب تقريرا في الأمر وجهه إلى راعي الرعاة الذي دعا إلى عقد محكمة ومؤتمر للبث في قضية الثور الهائج الناشز،( فقال قائل : لقد كفر) وأتى (بجريمة لاتغتفر)، ورد عليه آخر : دع الأبقار تخوض وتلعب، الذنب ليس ذنبها، بل ذنبنا نحن الرعاة الذين لم نحسن تربيتها وشغلتنا أنفسنا وأموالنا عنها حتى أنستنا ما علينا من حقوق تجاه البقر، فصارت عجافا تدخل البؤس والأسى إلى قلوب الناظرين.
اشتد وطيس النقاش، وفي خضمه رفع ثالث عقيرته قائلا:عجافة الأبقارهذه مردها إلى رداءة عشبها وكلئها اللذين لم تعد لهما أية قيمة غذائية تذكر سوى ملء فراغ البطون بما لا يناسب، كنتيجة حتمية لاستجابتنا لأوامر صناديق وأبناك الأعلاف الآتية من وراء البحار.
تدخل راعي الرعاة لفض اللجاج وتهدئة الوضع قائلا: أتفهم قلق الجميع، وسأضطر لمصارحتكم بأننا لانستطيع اتخاذ أي قرار كيفما كان نوعه، لأن أربابنا أوصوني وأوصوكم عن طريقي بالتزام الصمت تجاه انحراف البقر، وإلا سيتهموننا بالظلم والإجحاف والشطط وشق عصا الطاعة ، لذا سنكتفي بجعل لقائنا هذا تشاوريا خلاصته : جميعا من أجل زرع روح البقر في البقر، ومنحه فرصة أخيرة كي يعود راشدا إلى الحظيرة .
طأطأ الجميع رؤوسهم مؤذنين باستجابة صامتة على قرار لاناقة لهم ولا جمل في صياغته ،لأنه لا طاقة لأحد منهم على مخالفة أمرراعي الرعاة وأسياد راعي الرعاة.
انفض الاجتماع ، وبعد حين من الدهر سمعت حادثة مثيرة، لم ترجع الثيران والأبقار كما أريد لها ، ولكن رمى الرعاة عصيهم وتوجهوا فرادى وزمرا إلى غرفة العناية المركزة رغبة في الخلود إلى الراحة الأبدية.
للحقيقة العلمية : اقتبست بعض المقاطع في آخرالقصة من قصيدة الثور والحظيرة للشاعر أحمد مطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.