عقدت الجزائر، لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، مجلسا حربيا، بحضور رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي سعيد شنقريحة، والرئيس عبد المجيد تبون، حسب مصادر إعلامية جزائرية. وفي وقت أشار بيان للرئاسة الجزائرية إلى أن الأمر يتعلق بمجلس أمن، اعتبر الصحافي الجزائري المعارض عبدو السمار أنه يتجاوز حدود هذا المجلس، في ظل حضور وحيد لشخصية مدنية في هذا الاجتماع هي الرئيس تبون. الصحافي المنفي في فرنسا قدّم دليلاً على غياب رئيس الوزراء أمين بن عبد الرحمن، ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، ووزيري الداخلية والعدل المعتادين على المشاركة، بموجب قانون مجلس الأمن الأعلى. وأورد الصحافي ذاته: "لم يكن مجلس أمن بل مجلس حرب"، مؤكدا أن "هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين سنة التي يعقد فيها اجتماع بحضور رئيس الجمهورية مع كل قادة الجيش الوطني الشعبي". وذكر السمار جميع المسؤولين الحاضرين، بمن فيهم العميد مهنة جبار، من المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي (DGDSE) (مكافحة التجسس الجزائري). الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عرف مشاركة قادة مختلف قطاعات الجيش الجزائري، وتم خلاله استعراض آخر التقارير الاستخباراتية، ووضع سيناريوهات الوضع. ويشير عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكدال بالرباط، إلى أن السياسة الخارجية للجزائر تميزت خلال الفترة الأخيرة بمجموعة من السلوكيات التي يمكن وصفها ب"الاستفزازية"، وذلك "إما لمواجهة غليان الداخل أو إعادة ترتيب أوراقها مع هيجان الخارج". ويقف المحلل ذاته عند ما اعتبره "تحريضا واستفزازا واضحين خلال بطولة 'الشان'"، مع "التلاعب في المواثيق الدولية للتدخل في شؤون المغرب"، مبرزا أن وكالة الأنباء الجزائرية نقلت تصريحات لمسؤولين تشير إلى أن السلطات تقود أعمالا حربية شرق الجدار الرملي من أجل الذهاب إلى أبعد مما هو موجود، "بقصد إلهاء الداخل وتهيئته للقادم من الأيام". كما يكشف المتحدث ذاته أن "الرئيس تبون قام بتوجيه أربع رسائل إلى السعودية وقطر والكويت والإمارات دون الإفصاح عن مدلولها وسياقاتها"، مبرزا أن حضور رئيس القوات البحرية والجوية، في غياب رئيس الحكومة والمدير العام للأمن الوطني ووزارتي الداخلية والخارجية، عن الاجتماع، "يطرح علامات استفهام بشأن الجنون الجزائري". ويردف صبري بأن خلفيات الرسالة هي أن "هذا الاجتماع جاء بعد زيارة رئيس أركان الجيش الجزائري إلى فرنسا، وبتعليمات من باريس"، متابعا: "عندما زار شنقريحة فرنسا تم إرسال مجموعة من القادة العسكريين إلى موريتانيا لإعادة ترتيب بعض القضايا الأمنية، حيث كان هناك خوف من انقلاب وشيك". وعن سؤال هل يمكن أن تقع مواجهة مباشرة بين المغرب والجزائر؟ يورد الجامعي ذاته: "ما قامت به الجزائر في السنوات الأخيرة من تصرفات عدائية للتغطية على الفشل الذي حصدته، ونجاح الدبلوماسية المغربية، يمكن أن يتحول إلى مواجهة مباشرة". وزاد المحلل ذاته: "في الجيوبوليتيك لا توجد حرب تحقق الرفاه، لكن السلطات العسكرية الجزائرية مصرة على الحرب، وإذا دخلتها مع المغرب فستكون نهاية لهذا النظام العسكري".