وزارة التربية الوطنية تطوي أحد الملفات الثقيلة بإصدار مذكرة حول الترقية        إفران تحتضن المؤتمر الدولي الأول للسياحة البيئية والاستثمار المستدام                شيشاوة.. مصرع 5 أشخاص 4 منهم من أسرة واحدة اختناقا داخل "مطمورة" للصرف الصحي    "التقدم و الاشتراكية ينبه الحكومة إلى التخلي عن "خطاب التعالي و إنكار الواقع الصعب    سوريا تكشف عن سجن سري جديد تحت الأرض في ريف حمص    الخطاب السياسي في المغرب : من الوطنية إلى الشعبوية    مونديال أقل من 20 سنة.. وهبي: جئنا بطموحات كبيرة ونسعى للجاهزية الكاملة لمواجهة إسبانيا    بتهمة إهانة موظف عمومي ابتدائية سطات تحكم ب 180 ساعة خدمة اجتماعية في مستشفى بدل السجن شهرين    الحسيمة تتصدر المدن الأغلى وطنيا في أسعار الاستهلاك    اعتقال مستشار جماعي نواحي اقليم الحسيمة للاشتباه في ارتباطه بتجارة المخدرات    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    وفد اقتصادي أمريكي يزور ميناء طنجة المتوسط لتعزيز التعاون مع المغرب    مدرب جيرونا يشيد بأداء أوناحي بعد تألقه أمام بلباو    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    مهرجان "عيطة بلادي" يكشف تفاصيل نسخته الأولى في الدار البيضاء    الصراع مستمر بين المغرب وإسبانيا على استضافة نهائي مونديال 2030    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق قسما إخباريا حول الذكاء الاصطناعي ضمن منصتها الرقمية    بزشكيان: إيران لا تريد أسلحة نووية    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    عضو الكونغرس الأمريكي 'جو ويلسون': البوليساريو منظمة إرهابية تزعزع السلم والأمن العالميين    تقرير: "آلية تعديل الكربون الأوروبية" ستؤثر على صادرات المغرب وتدفع نحو تسريع إزالة الكربون من الاقتصاد الوطني    المغرب يجدد بنيويورك تأكيد دعمه لحل الدولتين بشأن القضية الفلسطينية    أخنوش من منبر الأمم المتحدة: حان الوقت لطي صفحة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية في احترام تام لسيادة المملكة ووحدتها الترابية    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    توقيف حركة السير بعدد من المحاور الرئيسية يوم 28 شتنبر الجاري بالدار البيضاء            سباق الفضاء الثاني .. الولايات المتحدة تتقدم نحو القمر    استئنافية طنجة تدين "البيدوفيل الألماني" وشريكه المغربي ب12 سنة سجنا نافذة    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد            نزيف الطرق متواصل.. 33 قتيلا و3058 جريحا في أسبوع واحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    الدفاع الجديدي يعلن رسميا استقبال الرجاء بملعب الزمامرة    أخنوش: "المغرب الرقمي 2030" استراتيجية تراهن على استثمار الفرص الاقتصادية الواعدة    سفيرة المغرب في فرنسا سميرة سيطايل بالكوفية الفلسطينية وفي بيت سفيرة فلسطين في باريس.. بعد اعتراف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين            دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        ترامب يسخر من الأمم المتحدة: كل ما تقوم به هو صياغة رسائل شديدة اللهجة لكنها مجرد كلمات فارغة            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذين هم عن صلاتهم ساهون
نشر في هسبريس يوم 27 - 03 - 2024

من خير ما يشتغل به الصائم في هذا الشهر الفضيل هو التدبّر في كتاب الله لقوله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. وهكذا كنت ومازلت أتوقف عند قوله تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ متسائلا عمن يكونوا حقا وقد توعدهم الله بالويل أي بالهلاك. فلا يتعلق الأمر طبعا بالساهين في الصلاة. ذلك السهو معذور، لقوله تعالى ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾. ومن ثمّة لا يتوعدهم الله بالويل أي بالهلاك. إلا أن معظم التفاسير إلّم أقل كلها، فسرت ذلك السهو عن الصلاة في الآية الكريمة بإخراج أدائها عن وقتها. وبما أن الله قد توعّد المصلين الساهين عنها بالويل أي بالهلاك أتساءل قائلا أليس المقصود بهم كذلك صنف من الذين يؤدونها في وقتها؟ أليس المقصود بتلك الصلاة موضوع السهو عنها، هو الدعاء، ما دام معنى الصلاة لغة هو الدعاء prière؟ فمن يكونوا يا ترى مع كونهم لا يخرجون صلاتهم عن وقتها؟
الصلاة المقامة كلها دعاء حين القيام والركوع والسجود. ولذلك سماها الله صلاة. ولبّ الدعاء في كل ركعة تتضمنه سورة الفاتحة التي لا تجوز الصلاة من دون تلاوتها جهرا أو سرا. فيقول المصلون في كل ركعة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾. وطلبُ الحصول على تلك الهداية ليس بطبيعة الحال أثناء أداء الصلاة، وإنما من بعد الخروج منها إلى الحياة اليومية بين الناس. يطلب المصلون الحصول عليها في حياتهم المعيشية بين الناس ما بين كل صلاة والتي تليها. وذلك وفق متطلبات الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.
وهكذا أتساءل قائلا أليس المصلون الساهون عن صلاتهم في الآية الكريمة هم كذلك الذين لا يخرجون الصلاة عن وقتها ولا يتركونها ولكنهم ساهون في حياتهم اليومية عن صلاتهم فيها بمعنى عن دعائهم فيها بقولهم في كل ركعة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ...﴾. وذلك لما يراؤون من طرف الناس وهم يتّبعون عكس ذلك تماما. يتبعون سُبل المغضوب عليهم والضالين بظلمهم للعباد وفق متطلبات أهوائهم وشهواتهم وأحيانا مع العزة بالإثم؟ أليس أولئك هم الذين يصدق عليهم قوله تعالى ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ...﴾ الآية، على الرغم من عدم إخراجهم الصلاة عن أوقاتها؟ أليس هم من استحقوا بذلك من الله أن يتوعهم بالويل؟
وإلا أليس من واجب المصلين الصادقين في دعائهم بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم في كل صلاة أن يسعوا إليها من بعد قضاء كل صلاة في واقعهم المعيش بين الناس، كي يتقبّل الله دعاءهم فيزيدهم هدىً من بعد ما اهتدوا كما قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾؟ وإلا كيف يهديهم الله إلى ما طلبوه من هداية في كل صلاة وهم في واقعهم المعيش يسلكون سبل المغضوب عليهم والضالين بظلمهم للعباد وفق متطلبات أهوائهم وشهواتهم؟
فبالإضافة إلى من يُخرجون الصلاة عن أوقاتها، كما جاء في كل التفاسير، لا تزال تلك هي القراءة التي يطمئن إليها قلبي في قوله تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. لأن الذين يُخرجون الصلاة عن وقتها لا يراؤون كما قال تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾. بل كما تقدم، الذين يراؤون في الواقع المعيش هم الذين يتبعون سبل المغضوب عليهم والضالين بظلهم للعباد من بعد القيام بالصلاة ولو في وقتها. وقد قال تعالى ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
فتوعد سبحانه بالويل المخالفين لذلك الأمر يوم القيامة ولو جاءوه بصلاتهم وصيامهم وزكاتهم وقد أدوها شكلا ومظهرا على أحسن وجه. فالله غني عنها وعن العالمين إلم تنفعهم في حياتهم الدنيا بين الناس. وتأمل ذلك في الحديث الشريف الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وَقَذَفَ هذا، وأكل مال هذا، وسَفَكَ دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه، ثم طرح في النار".
فنسأل الله في هذا الشهر الفضيل وفي كل وقت وحين الهداية إلى صراطه المستقيم مع التوفيق منه في الاهتداء إليه إثر كل صلاة، مستحضرين دعاءنا أي صلاتنا فيها بقولنا ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ...﴾. فلا نظلم ولا نعتدي على حرمات أحد، حتى لا نكون بذلك من المصلين الساهين عن صلاتهم أي عن دعائهم ذاك، ونعوذ بالله من الويل الذي توعدهم به. آمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.