مداخل تنزيل مبادرة الحكم الذاتي المغربية بالصحراء    مكونات المعارضة النيابية تنادي بتحرير الجماعات الترابية من "سلطة الوصاية"    تقرير: المغرب يحافظ على المركز 120 عالميا في مؤشر التنمية البشرية 2025    دوري أبطال أوروبا (إياب نصف النهائي).. لويس إنريكي يؤكد جاهزية ديمبيلي للمشاركة ضد أرسنال    المنتخب المغربي يختتم تحضيراته استعدادا لمواجهة تونس    توقيف خليفة قائد بعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    ابتداءً من 8 ماي خط بحري جديد يربط المغرب بإسبانيا في أقل من ساعة    العثور على جثة "غريق" في شاطئ رأس الماء بعد يوم من البحث    فوضى الملك العمومي تساءل مسؤولي جماعة الدشيرة الجهادية    جناح المغرب في معرض باريس يشهد اقبالا كبيرا!    متى كانت الجزائر صوتا للشرعية البرلمانية العربية؟ بقلم // عبده حقي    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    ارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوى    تفاصيل الهزة االأرضية بثلاث نيعقوب    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    "قفطان المغرب" يكرم التراث الصحراوي    وزير إسرائيلي: "غزة ستدمر بالكامل"    بحث وطني يشمل 14 ألف أسرة لفهم تحولات العائلة المغربية    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    وجهة غير متوقعة تُهدد انتقال سفيان أمرابط إلى الدوري السعودي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    رونار يكشف: هكذا تصالحت مع زياش في 5 دقائق    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    حادث اختناق جماعي في مصنع "كابلاج" بالقنيطرة بسبب تسرب غاز    منطقة الغرب.. توقع إنتاج 691 ألف طن من الزراعات السكرية    العزيز: الحكم الذاتي في الصحراء لن ينجح دون إرساء ديمقراطية حقيقية    قمة الأبطال.. حلم النهائي يشعل مواجهة برشلونة وإنتر ميلان فى إياب دوري أبطال أوروبا    اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر: لا أحد فوق أخلاقيات المهنة    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    طانطان تحتضن ندوة الاستثمار الأخضر على هامش موسمها ال18    صادرات المغرب من الحوامض.. إجراءات حكومية جديدة لتعزيز التنافسية في السوق الأوروبية    العصبة تلزم فرق البطولة بحذف جميع إشهارات الشركات المتخصصة في نقل الأشخاص والوساطة في النقل    جمهور فنربخشة يطلق صافرات استهجان ضد يوسف النصيري    "أونروا": مئات الآلاف في غزة يعيشون على وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    زوربا اليوناني    الرجاء يحتج على التحكيم في مواجهة اتحاد تواركة ويطالب بفتح تحقيق    المغرب ‬ضمن ‬نادي ‬الدول ‬المنتجة ‬لتقنيات ‬الطيران ‬الحربي ‬المتقدم ‬    وزير العدل الفرنسي: السلطات الجزائرية أطلقت تحذيراً كاذبا بوجود قنبلة على متن طائرة متجهة من فرنسا إلى موريتانيا    لقجع: الطلب العمومي الأخضر محور أساسي في استراتيجية التنمية المستدامة بالمملكة    الجنون الاستبدادي لقيس سعيّد: رئيس يقوّض أسس الديمقراطية التونسية    المعارضة البرلمانية تؤجل إجراءات حجب الثقة عن حكومة أخنوش    اتفاق مغربي-مصري لرفع وتيرة التبادل التجاري وتعزيز الصادرات الصناعية    مايكروسوفت توقف تطبيق الاتصال عبر الإنترنت "سكايب"    بحث وطني جديد لرصد تحولات الأسرة المغربية بعد ثلاثة عقود    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    الأميرة للا حسناء تلتقي بباكو السيدة الأولى لجمهورية أذربيجان ورئيسة مؤسسة حيدر علييف    نقابة تعليمية تحشد لعودة التصعيد    هكذا يستغل بنكيران القضايا العادلة لتلميع صورته وإعادة بناء شعبية حزبه المتهالكة    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة البريكولاج
نشر في هسبريس يوم 20 - 07 - 2009

لا يحمل لفظ "البريكولاج" هنا أي معنى انتقاصي. فلا يتعلق الأمر مطلقاً بقياس ثقافة ملفقة "مرقعة" بثقافة محبوكة متقنة. ""
نستخدم هنا لفظ "بريكولور" في المعنى الذي يستعمله فيه كلود ليفي- ستروس حينما يجعله في كتاب "الفكر المتوحش" مقابلاً للمهندس. فبينما يتمكن هذا الأخير من بناء لغته في كليتها تركيباً ودلالات، وبينما يشكل المهندس الذات الفاعلة التي هي المصدر المطلق لخطابها الذي تستطيع أن تبنيه وتتيقن منه قطعة قطعة لكونها تقيمه على منهج، وتبنيه وفق قواعد، وتسنده إلى معيار، فإن البريكولور لا ينطلق من "الطبائع البسيطة" التي ينتهي إليها التحليل الديكارتي، والتي يدركها العقل بداهة، وإنما مما يتوافر له من أدوات، وما يقع تحت يديه من وسائل لم تكن مهيأة بالضرورة كي تستخدم من أجل العملية التي يستخدمها فيها، والتي يتحايل لتكييفها معها، وهي وسائل وأدوات يكون على أتم استعداد لهجرها والتخلي عنها إن تبدى أن أدوات أخرى أكثر منها ملاءمة.
في ثقافة البريكولاج إذاً لا يذهب الفرد بعيداً، بل يتأقلم مع ما يتوافر له من وسائل كي "يبني" حقائقه وعلائقه وأخلاقه وهويته. انه لا يركن إلى معيار ولا يعوّل على سند. فلا تخطيطات ولا مفاضلات، بل ربما لا تفكير.
والأدهى من ذلك، لا تعلق بمستقبل واعد. فالأحلام والمشاريع لا معنى لها هنا إن لم تجد تحققها المباشر، أي بالضبط إن لم تعد أحلاماً ومشاريع. مفاهيم كالأفق والانتظار والمشروع لا محل لها هنا. ما يتبقى للفرد هو أن "يدبر حاله"، و "يخترع" ذاته، لكن لا استناداً إلى مرجع وتحقيقاً لهدف ونشداناً لقيمة، وإنما باستعمال ما يتوافر، وما يوجد «تحت» اليد، وليس "فوق"، لا فوق اليد ولا فوق الواقع.
تستعمل اللغة الفرنسية كلمة مركبة هي ربما الأقرب إلى ما يفيد هذا المعنى الذي تتوخاه هذه الثقافة، وهي كلمة le bien être. فلا يتعلق الأمر هنا بالانشداد إلى ممكنات، وتشبث بقيم وتعلق بما من شأنه أن يتجاوز الواقع ويعلو عليه و «ينفيه». لا يتعلق الأمر بتحقيق "سعادة" وسعي وراء مرام وأهداف، ولا باستهداف مشاريع وتطلع إلى آفاق. فربما لا تجد مفاهيم كالمستقبل والأفق والمشروع مكانها في هذه الثقافة. إذ يبدو وكأنها لا تتم في زمان. وحتى إن كان ولا بد من حشرها في زمانية، فهي زمانية مكثفة. زمان "الآن وهنا". فهذه الثقافة هي ثقافة ما "تحت اليد"، إنها ثقافة ال "تحت"، وثقافة "اليد"، هي إذاً ثقافة "المحايثة" بلا منازع. فالبريكولاج هو السبيل الوحيد لتحدي الأبدية.
تتداول أوساط الشباب المغربي كلمة دارجة تكاد تفي بهذا المعنى للثقافة، وربما هي المقابل الممكن للكلمة الأجنبية المركبة التي أشرنا إليها. تلك هي كلمة "الهناوات"، أو "الدنيا هانية"، وهي تعني أنهم في "أتم الأحوال"، وأنهم يتركون لأجيال سابقة تعلقها بتحقيق سعادة فعلية، وتشبثها بقيم تعلو على الواقع وتنفيه، وتطلعها إلى آفاق مغايرة، وعقد آمالها على مستقبل يسوده عدل ورخاء.
(الحياة اللندنية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.