برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان التشكيلي عفيف بناني    نشرة إنذارية: موجة حر من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية المالديف بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    فاعلون يناقشون "العقوبات البديلة"    تسريب 72 ألف صورة لنساء من "تطبيق أمريكي للمواعدة"    إنفانتينو يُدشن مقر "فيفا" الإقليمي لإفريقيا بالرباط بحضور فوزي لقجع وباتريس موتسيبي    المنتخب المحلي المغربي ينهزم أمام بوركينا فاسو في مباراة إعدادية لل"شان    تحالف أسطول الحرية: مسيرات تحلق فوق سفينة "حنظلة"    "إعلان طنجة" يحث على تسريع التحول للاقتصاد الأخضر وتحقيق الحياد الكربوني في المدن الأفريقية    إدارة الدفاع: المنصات التي تعرضت للاختراق السيبراني هي تلك التي لم تخضع مسبقاً للافتحاص الأمني    "كان السيدات" المنتخب المغربي يواجه نيجيريا بهدف التتويج بأول لقب قاري وتحقيق الإنجاز التاريخي    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب بابوا الغربية بإندونيسيا    وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني    وفاة الموسيقار زياد الرحباني نجل السيدة فيروز بعد مرض طويل    تفوق على معايير الفيفا .. مسؤول بالكاف ينبهر بتطور ملعب طنجة الكبير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    بين تراجع المتعثر وارتفاع المعدوم.. البنوك المغربية تعدّل استراتيجيتها لتقليص المخاطر    الدرهم يرتفع بنسبة 0,6 في المائة مقابل الدولار خلال الفترة من 17 إلى 23 يوليوز الجاري    وفاة الفنان زياد الرحباني نجل السيدة فيروز عن عمر يناهز 69 عامًا        كيوسك السبت | افتتاح مكتب "الفيفا" بالرباط وسط أجواء نهائي كأس إفريقيا للسيدات    مصرع سائق دراجة نارية في حادثة سير ضواحي بركان    وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني عن عمر 69 عاما        الأخوان الشبلي يرفضان زيارة ممثلين عن مجلس حقوق الإنسان بالسجن ويتهمانه بالتواطؤ    رصد أصغر نوع من الأفاعي في العالم من جديد في بربادوس    استوديو إباحي داخل شقة بالمغرب... والمقاطع تُباع لمواقع عالمية    لقجع: تحديد ملاعب مونديال 2030 يخضع للتفاوض بين "الفيفا" والدول الثلاث    ""التوحيد والإصلاح" تستنكر قرار ضم الضفة الغربية وغور الأردن وتعتبره جريمة سياسية وأخلاقية    صور مزيفة بالذكاء الاصطناعي تجمع ترامب وإبستين تحصد ملايين المشاهدات    مقتل 8 أشخاص في هجوم بإيران    تخصيص 150 مليون درهم لإنشاء أكبر محطة طرقية للحافلات جنوب المغرب    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    إيقاف ميسي وألبا لعدم مشاركتهما في مباراة كل النجوم (رابطة الدوري الأميركي)    بنك المغرب.. الودائع البنكية تبلغ 1275 مليار درهم في 2024    تركيا.. حرائق الغابات تهدد المدينة الأثرية "بيرغي" جنوب البلاد    أخنوش: تعميم تغطية التراب الوطني بشبكات المواصلات حاجة ملحة لا تقبل التأجيل أو الانتظار    عصيد: النخبة المثقفة تركت الساحة فارغة أمام "المؤثرين وصناع المحتوى"    التجمع الوطني للأحرار يشيد بالحكومة ويجدد دعمه للوحدة الترابية ويدين العدوان على غزة    سجلماسة: مدينة وسيطية بتافيلالت تكشف عن 10 قرون من التاريخ    الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش على مزاعم بيع النقط وتسجيلات مسلك الماستر    أخنوش: تعميم التغطية بشبكات المواصلات حاجة ملحة ولا تقبل التأجيل أو الانتظار    الملك يعزي أسرة الفنان الراحل عفيف بناني    للجمعة ال86… المغاربة يهبون لمساندة غزة ضد سياسة التجويع والإبادة    غزة تموت جوعا.. وفاة 9 فلسطينيين بسوء التغذية خلال 24 ساعة    ولد الرشيد يلتقي رئيس الجمعية الفيتنامية    تقرير رسمي يفضح أرباح شركات المحروقات في المغرب    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    2298 شكاية من زبناء مؤسسات الائتمان خلال سنة 2024    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جنوب المحيط الهادئ    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نقد ثقافة الجوائز الأدبية
نشر في هسبريس يوم 06 - 05 - 2014

تداولت بعض المواقع، على استحياء، رأيا ليوسف القعيد بخصوص الجائزة التي صار يقام لها ولا يقعد، أعني ”البوكر“ . وقد سبق للأستاذ أحمد بوزفور، قبل أشهر قليلة أن أدلى برأيه حول ”القضية الإبداعية“ وتأصيل الوعي الأدبي الخالص. غير أنه، كالعادة، لم يتم مناقشة رأي القعيد، أو بالأحرى، مناقشة هذه الظاهرة التي أصبحت تملأ فضاء العالم كله، وخاصة في وطننا العربي، وذلك يكشف عن تواطؤ خطير بين الفئات التي تحسب على الإبداع، وأقصد غالبية الشباب المبتدئين، وبين ”مصانع النمط الثقافي والمعرفي“ الذي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه إمبريالي ملطخ بفساد البترودولار و ”ثقافة محاربة الإرهاب“!.
لا أحد يجادل في أهمية الجوائز ومدى أثرها الإيجابي على الحياة الإبداعية، لكن حين تصبح الجائزة هدفا و ”قضية“ آنذاك ينبغي التوقف لمراجعة المسألة. فالجميع تصله أخبار الكواليس التي تضع المتتبع أمام موقف ومشاعر يصعب عليه فهمها. فمنهم من يتفاوض مع ناشره بأن يقدم عمله ويدعمه مقابل أن يقتسم معه ”المبالغ المالية“، ومنهم من يبحث عن ”القنوات الناجعة“ التي ستضمن له الفوز، ومنهم من يكتب ويحدد سقفا زمنيا لإنهاء العمل كي يضمن المشاركة. وشخصيا أعرف ”أحدهم“ كتب نصا في أسبوعين ونال العمل ”المهلهل“ الجائزة!!!
يتحدث البعض عن أن الأهم بالنسبة إليهم ليست المبالغ وإنما ارتفاع عدد المبيعات، ومن ثم تهذيب الذائقة الفنية. بينما يرى البعض أن الهدف هو أن يترجم عمله إلى لغات أجنبية!؟ وفي كل الأحوال، فالأعذار أكبر من الزلات!
إذا كان من حق الجميع أن تكون له طموحات، مادية أو معنوية مرتبطة بالشهرة وضمان حياة مستقرة، والهجرة إلي اللغات الأخرى، فإن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب ”أصالة الإبداع“، والالتزام بقيم ورسالته داخل المجتمع وضمن الصيرورة التاريخية أيضا. فإذا كنا نسمع رأيا لماركيز بخصوص الترجمة، وحرصه على التعامل مع مترجم إنجليزي -مثلا- الذي سيمكنه من إيجاد قاريء ”عالمي“، فهذا كان بعد أن استطاع إبداع عمل روائي خالد، وبعد أن أخلص للفن والإبداع والأدب، وحتي إن كان -لنفترض هذا- وضع نصب عينيه التطلع إلي جائزة نوبل، فذاك لم يؤثر على صنعته الإبداعية، وقد استطاع أن يضمن استقلالية وحيادا للعمل الخالد!
والحال أن عددا كبيرا من النصوص، العربية وأضف إليها حتى الغربية -التي نحن في العالم العربي لا نعمل سوي علي تقليد النموذج الرأسمالي الفاسد في هذا المجال الذي يُخضع كل شيء لاقتصاد السوق!- التي نالت الجوائز، ومنها من حصل علي البوكر، تنقصها الكثير من القوة ”الأدبية“ التي ينتظرها القارئ المتمرس. والواقع أنني وصلت الصفحة المائة، في إحدى النصوص ”البوكيرية“ بصعوبة، في الوقت الذي قرأت نصا - لشاب مغربي صعب علي معرفة معلومات عنه ولم ينفعني حتى غوغل!- التهمته بين ليلة ويوم، فيما القيت بالعمل المتوج في المهملات من غير أن تبقي لدي الرغبة في قراءته، خصوصا بعد أن اطلعت على كواليس التتويج!
لا يعني أنني متحامل على الجوائز، بقدر ما يعني هذا أنه ينبغي لنا أن نترك الجائزة تبحث عنا، لا أن نهرول وراءها، بحيث ينبغي أن يكون النص مشبعا بالعناصر الفنية والإبداعية التي ستدافع عنه وعن أدبيته! ويعني هذا، أيضا، أن قضية هجرة النص لا ينبغي أن تكون هما في ذاته، وأن لا يهرول المبدع العربي من وراءها، لأن ذلك لا يدخل في مجال اختصاصه، ذلك أن الترجمة لن تسير بالمبدع العربي نحو العالمية، وإنما -في أحس الأحوال- ستكون مادة في قسم للدراسات الشرقية، كي تبقى عملية ”الشرقنة“ متحكم فيها؛ وحتي هذا الحظ سيكون مشروطا باعتبارات لا داعي لذكرها الآن!
وفي هذا السياق لم تتوقف الكثير من المواقع والصحف الوطنية المغربية كما العربية، عن الحديث عن ”الإقصائيات“ وبلوغ نصوص من هذا القطر أو ذاك إلى المراحل النهائية! ألم يخطر ببال هؤلاء سؤال ساذج وبسيط، وهو ما يتلفظ به المغاربة لاختبار قضية أوموقف ما ” «وماذا بعد؟!». ربما
هم في ذلك يصارعون “الشرق الثقافي“/ المركز التاريخي، ويحاولون أن يبرهنوا أن ”المغرب“ -مثلا- قد صار منافسا قويا وقد صار متوجا!؟
ثم ماذا بعد هذا المنطق الكروي!؟
ما هي القيمة المضافة لقضايانا وإشكالاتنا الأساسية؟! ماذا يمكن لهذا الخطاب كله أن يقدمه للتخلص من اختلالاتنا!؟
الملاحظ أن لا أحد يحرج هذا الوعي، ومن يجرؤ يعتبر شاذا في موقفه وفكره، وقد تلصق به تهم من قبيل الحسد والغيرة وعدم الكفاءة. لكن هذا ”الوعي الكروي“ الذي ألحق بعالم الفكروالإبداع، لا يزيد، في العمق، إلا من فضح ”الآلة الجهنمية“ التي تشتغل من وراء كل هذا الوضع التسطيحي الهش. بحيث صار الشرق العربي اليوم، وتحديدا دول البترو-دولار، يروج من خلال بعض ”المثقفين والمبدعين“صورة للازدهار الحضاري والعمراني، ومركزا لإشاعة الحداثة والأدب الرفيع والترجمة، وذلك بفعل مؤسسات تنشر أعمالا مترجمة أو تصدر مجلات ذات جودة طباعية قل نظيرها في الغرب! والأهم من ذلك كله، أنها مدفوعة الأجر!
لا أحد يعود محملا بصور البؤس والقمع واليباب الديمقراطي الذي يعم فضاء الشرق. ولا أحد حدثنا عن العوالم السفلى وما يحدث في البيوت والأزقة وكيف يفكر المجتمع البطرياركي المتهالك. ولا أحد تساءل عن رمزية وجود الفنادق الفخمة والطرق السيارة، والمنصات والخدمات الفندقية التي تكفيهم كي ينسون كل الشرق ووجهه الظلامية التي تؤثر سلبا علي حاضرنا ومستقبلنا!
ألا يقرأ هؤلاء ما يكتبه ضحايا الاختلاف مع الحكام هناك، وضحايا كل أنواع الفساد، من الأخلاقي إلى السياسي؟ ألا يقرأون ما يكتبه بعض الكتاب من أبناء تلك المجتمعات وهم يتحدثون عن الاضطهاد الثقافي والديني والاقتصادي؟ هل ينسى كتابنا، أن هناك عمالا مغاربة تسحب جوازاتهم، ويزج بهم في الاستعباد ويتجرعون كل صنوف التعذيب والإذلال، هل فكروا يوما في ”صورة المغربي، رجلا وامرأة، لدى هذه المجتمعات! لأننا بحاجة إلى تصحيح الصورالنمطية التي تحط من الفرد المغاربي ككل؟!
حين أشاهد الفنادق والغرف الفاخرة، والسيارات الفاخرة، والأبراج التي لا تربطها بتلك الأرض سوى أنها بينيت عليها، أتساءل: ماذا يخفي هذا الوجه من ألم ودمار؟ أية ثقافة ووعي يمكن أن تنتج مثل هذه ”البلاهات“؟ أين هي خصائص تلك المجتمعات، وماذا يمكنها أن تقدمه لنا من وعي نقدي لتجاوز اختلالاتنا؟ ألا تعري بؤس ”بعض“ ”كتبتنا“ الذين جعلوا من القلم سجلا تجاريا رخيصا يمكن اقتناؤه بإقامة أسبوع في فندق وتناول وجبة عشاء؟! ثم لماذا يصر البعض على التباهي بالتقاط الصور داخل الطائرات والمطارات؟ هل ذلك عائد إلي رغبتهم في تعريف الآخرين على تقدم الحضارة العمرانية في الشرق، أم تعويضا عن شيء ما في النفس؟! من حقنا، جميعا، أن نلتقط صورا في الفنادق والمطاعم والمدارج والأدراج والواحهات الزجاجية، لكن ينبغي أن نحتفط بها لأنفسنا، أما إذاعتها في المجال العام فينبغي أن نتسلح دائما بسؤال:
”لماذا أشرك الناس معي في هذه اللحظة وبهذه الصورة تحديدا!؟“..لأن السفر إلي الشرق أو الغرب، خصوصا بالنسبة إلينا نحن المغاربة، يعني بالنسبة إلينا العديد من الأمور، وهي بالأساس إشكالات ثقافية ومعرفية، وحتى تاريخية، ومن ثم ينبغي أن نعمق أسئلتنا وأن نحرج ”الوضع الثقافي“ السائد انطلاقا من ”أنانا“، خصوصا أن المسافر إلى الشرق لا يسافر من أجل السياحة وإنما، كما يدعي، من أجل حضور ثقافي...
أليس أخطر علينا أن يصبح الترحال بين الأقطار مجرد ترف سياحي وصور لا قيمة لها مع حفنة لا قيمة لها من الدولارات؟
هل مشكلتنا تختزل في مجرد شهوات البطن والتلهف نحو الدولارات؟ أصار ”المبدع“ في بلادنا العربية/المغربية مجرد مروج لنمط ”فكري“ أولى لنا أن نفككه ونحلله وأن نستفيد من سياقه حين نتواجد فيه كي نفهمه أكثر، وليس أن نزداد رخاوة؟
فعن أي حداثة عربية يمكننا أن نتحدث في ظل هيمنة ”شرق“ -أقصد السلط الشرقية الحاكمة التي تشتغل ضن آلة إمبريالية- غارق في القبلية والعشائرية والظلامية الدينية، وتهميش المرأة، والاختلالات الأخلاقية التي نعرفها ونسمع عنها ونقرأ عنها في ما ينتجه شرفاء الشرق المشردين في عواصم العالم!؟
ما قيمة هذه الجوائز التي تعطى للإبداع، الذي من أولي وظائفه، البحث عن جسور الحرية، والتخلص من كل أنواع المساومة والتسلط والاحتواء!؟
متى سندرك أن الإبداع له صلة بالصدق، وأننا في وطننا العربي مانزال نحتاج إل الأدب والفن كي نغير نظرتنا إلي العالم في الاتجاه الحداثي الأصيل، لا أن نغير وظيفتنا من مبدعين ينادون بالحرية والتغيير، إلي مبدعين همهم التقاط الصور والتهافت على موائد الطعام والسؤال عن من يدفع أكثر!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.