وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    السيطرة الكاملة على 8 حرائق مسجلة الخميس في المغرب    ضغوطات دولية تكشف المستور.. الجزائر تأمر البوليساريو بإرجاع أسلحة إيرانية لتفادي تصنيفها إرهابية    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    انطلاق منافسات القفز على الحواجز للحرس الملكي تحت الرعاية الملكية بالرباط    تعزيز الشراكات جنوب جنوب خيار استراتيجي لنمو مستدام في إفريقيا    رئاسة النيابة العامة تنظم دورة تكوينية لتعزيز قدرات القضاة المكلفين بالأحداث    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    بتنسيق مع "الديستي".. توقيف 10 أشخاص ضمن شبكة للاتجار بالمخدرات في الناظور    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأرصاد تحذر من موجة حر تصل إلى 45 درجة تمتد إلى غاية الثلاثاء    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    وفاة طبيبة شابة في طنجة بعد سقوط مروع من سطح منزل قرب مستشفى محمد الخامس    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    غوتيريش يستقبل آمنة بوعياش بنيويورك لتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في القرار الدولي    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي    المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    ديغات: المغرب يوفر للاجئين بيئة داعمة .. والموارد الأممية محدودة    كوت ديفوار تعبر عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تندوف وتطالب بإحصاء سكان المخيمات        الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    المغرب يجدد الدعم للحق في الصحة    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    انتقادات تلاحق هدم السكن الجامعي لمعهد الزراعة والبيطرة ومخاوف من تشريد 1500 طالب    قرض أوروبي بقيمة 110 مليون أورو لإنعاش البنية الصناعية بإقليم الناظور    خبراء يتدارسون واقع المقاولة الصغرى بالمغرب ورهانات التطوير    مرسوم جديد لتنظيم "التروتينبت" لتعزيز السلامة الطرقية في المغرب    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    مندوبية التخطيط: معدل التضخم خلال ماي سجل ارتفاعا ب0.4 في المائة    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي        تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    ترامب يحسم في دخول الحرب ويهدد ايران بمهاجمتها في بحر أسبوعين    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل كان منزل الأمير الخطابي معتقلا سريا..؟
نشر في هسبريس يوم 27 - 09 - 2010

هل كان منزل الأمير الخطابي معتقلا سريا، أم معقلا لوطنية التحرر؟
طلعت علينا جريدة "العلم" لسان حال حزب الاستقلال الحاكم (عدد 16 / 9/ 2010) بالعنوان التالي " رصد 10 ملايين درهم لحفظ الذاكرة وترميم معتقلات سرية سابقة من بينها منزل عبد الكريم الخطابي ودرب مولاي شريف وأكدز".
كان رد فعلي الأولي عن هذا العنوان صادما، لم أتردد في طرح تساؤل استغرابي: هل كان منزل الأمير الخطابي فعلا معتقلا سريا، مثله كمثل معتقلات قلعة مكَونة وأكدز ودرب مولاي شريف وتزمامارت السيئة الذكر في زمن الاستقلال الوطني، بل مثله كمثل قصر الكَلاوي في تمتّاغت الذي سجنت فيه زوجة أوفقير وأبناؤها بعد محاولة انقلاب لسنة 1972؟
وقبل أن أسلم أو أرفض ما جاء في خبر "العلم" التي نسبت إلى السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان تأكيده "على أهمية ترميم مراكز الاعتقال السرية، وتصنيفها كتراث وطني مثل درب مولاي شريف، ومنزل عبد الكريم الخطابي، وأكدز، وسكورة، وقلعة مكونة."رجعت إلى قصاصة وكالة الأنباء المغربية، بصفتها وكالة رسمية تنقل كلام موظفي الدولة بأمانة أكثر من أي وسيلة إعلامية أخرى.
والقصاصة تتحدث عن الاتفاقية التي وقعها رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مع وزير الثقافة بقصد ترميم مراكز الاعتقال كإجراء يستجيب لتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة بشأن " جبر الضرر الجماعي". فما ذا جاء في القصاصة بشأن منزل الخطابي؟
ربطت ترميمه فعلا بترميم المعتقلات السرية، وليس بصفته قلعة للوطنية التحررية ومعْلما وطنيا جديرا بتخليده؛ وذلك حين كتبت تقول: "ستعمل (أي وزارة الثقافة) على ترتيب المباني ذات الحمولة الرمزية وتصنيفها كتراث وطني (مراكز الاعتقال أكدز وسكورة وقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف ومنزل عبد الكريم الخطابي.. ) وكما نلاحظ جاء ذكر منزل الأمير الخطابي ضمن مراكز الاعتقال ومعطوفا عليها في زمن الاستقلال وسنوات المهانة والجمر.
وحسب علمنا لم يصدر إلى الآن أي تكذيب أو توضيح يتعلق بمنزل الأمير الخطابي ومكانته في سلسلة المعتقلات التي تقرر ترميمها من قبل وزارة الثقافة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. مما يجعل المغاربة يضيفون إلى سجل مراكز الاعتقال غير القانونية المشهورة مركزا آخر وهو بيت الخطابي. وإذا لم يكن هناك توضيح رسمي لمكانة هذا المنزل في تاريخ المغرب المستقل فإننا سنوجه الشكر لهيأة الإنصاف والمصالحة على رفع السرية التي لم تكن تخطر على بال أحد. فالمغاربة كانوا يعتقدون أن مركز الاعتقال الشهير في الحسيمة إبان السنوات الأولى للاستقلال هو المعهد الديني فقط.
وللتذكير وللتاريخ أيضا، وبغض النظر عن التصنيف الجديد لمقر قيادة الحرب التحريرية في عشرينيات القرن الماضي، نؤكد أن مقر هذه القيادة، الذي هو منزل الخطابي في أجدير الحسيمة في الوقت نفسه، كان نبراسا للوطنية المغربية التحررية قبل وطنية اللطيف ووطنية الشرعية الاستعمارية، لم يتبق منه اليوم إلا بعض أنصاف الأسوار. وكانت جريدة "الاتحاد الاشتراكي" قد نشرت سنة 2003 مقالا وصورا لحال البيت المتهدم. وتوجد إحدى صوره في ص 32 من الطبعة الثانية لكتاب " عبد الكريم الخطابي: التاريخ المحاصر.
ونؤكد كذلك وجود لبس متعمد أو غير متعمد عند بعض المغاربة في شأن منزل الخطابي؛ فهذا البعض حين يتحدث عن منزل الخطابي يقصد ما كان يعرف ب" oficina"، أو الفيسينا بالدارجة المسنبنة، وهي عبارة عن بناية إسبانية كانت مقرا للمراقب الإسباني إبان الاحتلال لشمال المملكة بنيت على الجانب الجنوبي الغربي لمنزل الخطابي، كما لا يزال هنالك بقايا بناء سجن الأطفال في عهد الاستعمار أيضا على الجهة الشرقية للمنزل. وفي زمن الاستقلال بنيت مكاتب القيادة الممتازة أو دائرة بني ورياغل بين إدارة المراقب والسجن، ودامت قائمة هناك فترة تتجاوز عقدين من الزمن، قبل أن تنقل إلى مركز بلدة أجدير. ولا ندري إن كان هذا الخلط يراد به شيء آخر، أم هو مجرد جهل بطبيعة الأشياء.
وإن كنا نرى من الواجب كذلك ترميم سجن الأطفال والمحافظة علية كشهادة على طبيعة الاستعمار "الحضارية" التي كان يتبجح بها؛ فهو لم يكتف باختطاف أطفال الريف ليجندهم في الحرب الأهلية الإسبانية فحسب، بل بنى لهم سجنا على جانب منزل الخطابي الذي خرجت منه فكرة التحرر الوطني، بل التحرر الإنساني من بعبع الاستعمار.
مهما يكن من أمر لا نستبق الأحداث، ولكن نرى من الواجب التذكير ببعض الأمور التي يتداولها بعض الناس عندما يتحدثون عن منزل الخطابي والتنويه أيضا قبل أن يحصل الغلط، كما نرى من واجبنا استفسار الجهات المعنية بالترميم عن سبب إدراج هذا المنزل في قائمة المعتقلات السيئة الذكر؛ لأن المغاربة كانوا يعرفونه ويفتخرون به معقلا للوطنية التحررية وليس معتقلا سريا في زمن لاستقلال.
ومهما يكن من أمر كذلك، فإننا نتمنى أن يصدق وزير الثقافة ورئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان فيما أعلنا عنه وألا يكون وعدهما كوعد مصطفى لكثيري، المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، في الحسيمة بتاريخ 28 يوليو 2004 حين وعد أمام الملأ ببناء متحف لجمع وحفظ ما تبقى من مرحلة حرب التحرير التي قادها الخطابي؛ إذ حتى هذه اللحظة لا يوجد أي أثر أو أرشيف عن تلك المرحلة إلا ما يوجد عند أفراد أو في المتاحف الأجنبية، وبخاصة في فرنسا وإسبانيا .
أما الوعد الثاني فكان لاحقا من قبل هيأة الإنصاف والمصالحة في اجتماع مع المرحوم سعيد الخطابي ومجموعة البحث محمد عبد الكريم الخطابي في مقر الهيأة بالرباط ربيع 2005 ببناء متحف وملاحقه الخاصة بالبحث التاريخي والاجتماعي على أنقاض بيت الخطابي الذي استعصى على الخينرال سلبيستري الذي وعد ملكه بأن يشرب فيه أتاي بالنعناع فأشربه المجاهدون كأس المنية مستويا على الروح الوطنية في أنوال عظمت في الكائنات ذكراها. ونشير بالمناسبة إلى أن المرحوم سعيد الخطابي عبر عن أمله أن يتم إعادة بناء المنزل المتحف بالمواد المحلية حتى يحافظ على الأصالة المعمارية والثقافية للمنطقة.
وإلى جانب هذه الوعود كان هنالك قبل ذلك مشروع أخر تتولاه المؤسسة الإدريسية برئاسة المؤرخ الأستاذ أحمد الطاهري، وكان سعيد الخطابي قد أعطي موافقته على منح مساحة الأرض اللازمة لبناء المتحف وملاحقه، كما كانت ميزانية المشروع جاهزة بفضل تعاطف مؤسسات خارجية وإعطاء موافقتها على المشروع. عير أن وزارة الثقافة على أيام الشاعر الأشعري وجهات أخرى نافذة عرقلت إنجاز المشروع، وفقا لرواية المؤرخ الطاهري، ووفقا لما يتم تداوله هنا وهناك.
واليوم نُخبر مجددا بأن المنزل "سيرمم" في إطار جبر الضرر الجماعي، ودون أن نعيد طرح السؤال لماذا الإصرار على ربط موضوع الأمير الخطابي بمهام هيأة الإنصاف والمصالحة التي حددت مهمتها في الكشف عما جرى من تجاوزات ضد المعارضين لنظام الحكم ما بين 1959 و 1999، خاصة وأن العالم كله يعرف أن الرجل لم يكن معارضا للنظام في بلده، وإنما كان صاحب مشروع تحرري من الاستعمار ومن التخلف ليس للمغرب الأقصى فحسب، بل لكل أقطار المغرب دون أن نعيد طرح السؤال نتمنى أن يكون هذا الترميم بداية للاهتمام الرسمي بإحدى أنصع لحظات تاريخنا المعاصر وإنشاء متحف عبد الكريم الخطابي لسد بعض ثقوب ذاكرتنا المشتركة، ومقاومة ثقافة النسيان، وإغناء عناصر هويتنا التحررية.
وفي الأخير نذكِّر، إن نفعت الذكرى، أن سلطات الاستقلال أغلقت كهفا يوجد في السفح الشمالي للهضبة التي يقع فيها بيت الأمير الخطابي. وكان هذا الكهف سجنا للأسرى الإسبان العسكريين، إبان حرب التحرير، يصعب الوصول إليه برا أو جوا بسبب مناعة موقعه. ولا ندري لمصلحة من تم إخفاء معالمه بغلق مدخله ومخرجه وجعلهما مفرغا ومزبلة لسكان مقر دائرة بني ورياغل الذين لا يزالون يقيمون هناك ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.