اجتماع تنسيقي لأغلبية مجلس النواب يثمن "الانتصارات" الدبلوماسية ويؤكد "أولوية" الحق في الصحة    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    يوفنتوس يكتسح العين بخماسية نظيفة قبل مواجهة الوداد    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    ست ميداليات منها ذهبيتان حصيلة مشاركة الرياضيين المغاربة في ملتقى تونس للبارا ألعاب القوى    إدارة سجن بني ملال تنفي ادعاءات توفير "ظروف استثنائية" لنزيلة متهمة بالنصب    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    بعد هدف الزرهوني.. أعمال شغب خطيرة تُوقف "ديربي طرابلس" في الدوري الليبي    غامبيا تجدد دعمها لمخطط الحكم الذاتي لتسوية قضية الصحراء المغربية    كيوسك الخميس | إسبانيا تشيد ب"التنسيق النموذجي" مع المغرب في إطار عملية مرحبا    عمال أوزون يحتجون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر صرف الأجور ومنحة العيد    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    أجواء حارة في توقعات طقس الخميس    اصابة دركي اصابات بلغية في عملية لاحباط عملية للتهجير السري وتوقيف 30 حراكا    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    ياسين بونو يهدي الهلال تعادلا ثمينا أمام ريال مدريد رياضة    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    صواريخ إيران تُشرد 2000 عائلة إسرائيلية    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    كومنولث دومينيكا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء    الأمم المتحدة/الصحراء.. سيراليون تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية    المغرب يستعد لإحصاء وطني جديد للماشية ويعد بشفافية دعم الكسابة    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    فطيمة بن عزة: برامج السياحة تقصي الجهة الشرقية وتكرس معضلة البطالة    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة ببرد وهبات رياح    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    مباحثات رئيس مجلس النواب و"سيماك"    معرض باريس الجوي.. مزور: 150 شركة طيران تتوفر على وحدة إنتاج واحدة على الأقل بالمغرب    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا خسرت حركة التوحيد والإصلاح بعد فوز العدالة والتنمية؟
نشر في هسبريس يوم 22 - 10 - 2016

يبدو أن محاولة الضرب على وتر حظ الدعوة والتربية لدى حركة التوحيد والإصلاح بعد انتخابات السابع من أكتوبر وفوز العدالة والتنمية بأغلب المقاعد البرلمانية يكتسي طابعا "منغصا" على قلوب بعض محترفي السياسة، ومن تضخم لديهم هم المناصب والامتيازات.
فحركة التوحيد والإصلاح، باعتبارها جمعية دعوية، وواحدة من التنظيمات الإسلامية المغربية، ومساندة بأي وجه من الأوجه لحزب العدالة والتنمية، مدعوة أكثر من أي وقت مضى أن تجيب عن أسئلة مصيرية في حياتها التربوية والدعوية، وتحديد علاقاتها بشركاء الوطن الواحد في محاولة للقطع مع عقليات السبعينات، التي منحتها نتائج السابع من أكتوبر "ريعا" سياسيا بامتياز.
وزاد من استفزازنا لكتابة مثل هاته المقالة بعد أن تكرس هذا المعطى بتحول جريدة "التجديد"، الناطقة بلسان حال الحركة، إلى ناطق باسم سياسة حزب العدالة والتنمية، وأصبحت تتقن السباحة في مياه غير مياه التربية والدعوة بالحسنى.
وإذا كان لمقالتنا علاقة بجزء مما سبق أن ألمحنا إليه في مواضيع ومقالات سابقة، مثل الحاجة إلى "الروسيكلاج التربوي"، و"الرابحون والخاسرون بعد مؤتمر حزب العدالة والتنمية"، فالحاجة إلى التنبيه والتحذير تبقى قائمة حتى يحصل المراد.
مظاهر وتجليات
قبيل الانتخابات شنت حملات شعواء حول ترشح أسماء ذات مسحة دعوية وتربوية (عبد الحميد القباج، محمد الأمين بوخبزة...) للبرلمان، وشنت حروب إعلامية وسياسية لإقبار هذه الأصوات وغيرها ومنعها من التغريد تحت القبة الحمراء، حتى استسلمت الغالبية لضجيج دهاقنة السياسة، واطمأنت بأنه فعلا يجب التخلي عن مثل هؤلاء، لأنهم يعبرون بصدق عما يعتقدون به وما يعتبرونه صوابا، لأن الحاجة الانتخابية وقتها تفضل من يتمسحون بأي وضع حتى يحافظوا على امتيازات السياسة والبرلمان.
والغريب بخصوص هذين المظهرين التقريبين، وقصدنا هنا التحديد حتى لا تتيه المعنى ويضيع المقصود، أن أعضاء من حركة التوحيد والإصلاح، بل ومن قيادييها أيضا، فضلوا الصمت المطبق، لأن الأولى بقبة البرلمان هم أهل السياسة، وليسوا أهل الدعوة أو اللحية، وحتى من رشح لمثل هاته المسؤوليات، يبقى، إن نجح، في الحقيقة والجوهر الفكري "داعية بعقل السياسة".
وحده العالم الجليل أحمد الريسوني من دبج مقالا بعنوان: "منع القباج من الترشح، هل تم تعليق العمل بالدستور والقانون؟" عسى أن يجد له آذان واعية، لكن الحركة، والجريدة معها، لزما حكمة "الصمت حكمة"، حتى لا تفسدان على أهل السياسة نشوتهم وآمالهم العريضة.
في وقت اهتمت فيه الجريدة الناطقة باسم الحركة بالتغني بالسياسة، تاركة ساحة الدعوة بالحسنى وابتغاء الخير لدى كل السياسيين إلى وقت لاحق، ناسية أن الدعوة إلى دين الله تسع الجميع، أفرادا وأحزابا، وليست "أصلا تجاريا" محتكرا لحزب واحد أو أشخاص معينين، وذوو الفهوم السياسية يعرفون المقصود بذكائهم السياسي النابغ.
تذكير منهجي
لقد شنت في وقت سابق حروب ثقافية وإعلامية ممنهجة حول كتابات الدكتور فريد الأنصاري، رحمه الله، وتنبيهاته حول التضخم السياسي لدى الحركة الإسلامية، في محاولة لإقبار تحذيراته، بل تبجح البعض بوصف الشخص، رحمه الله، بأنه يعاني من "اضطراب نفسي" في ما ذهب إليه، لأنه فقط أراد لساحة الدعوة والتربية أن تبقى بيضاء ناصعة تجرد الإخلاص لله وحده وتبتغي الخير للجميع بدون حجره على فئة من فئات المجتمع.
ولم يعرف أصحاب العقل السياسي المضخم بأن محاولاتهم تلك لإقبار بعض أفكاره الكبيرة باءت بالفشل، فاتجه الناس متيقنين أن القرآن السبيل الوحيد لبناء العمران، علهم يبقوا ثابتين على العهد النبوي في ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.
وبعد مرور 20 سنة على الوحدة المباركة، بين حركتي "رابطة المستقبل الإسلامي" و"الإصلاح والتجديد"، ما يزال سؤال: "الفصل" بين الحزب السياسي والحركة الدعوية يتجدد بإلحاح، ليس تشفيا في محدودية التأثير السياسي لفائدة التدين والدعوة، الذي قد ينتهي تأثيره على مدى خمس سنوات تقريبا، ولكن فقط من أجل بلوغ تنشئة متوازنة لأجيال مقبلة تعرف أن حركة التوحيد والإصلاح، ومعها باقي الحركات الإسلامية الأخرى، هي بمثابة الأم أو الشجرة التي تؤتي الثمار الطيبة للجميع وكل حين، سواء تعلق الأمر بمجال السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام أو الاجتماع.
فأغلب من نظر لضرورة "الوصل"، باعتباره خيارا استراتيجيا بين الهيئتين، انفصل عن الحركة وركب سفينة الحزب الآمنة والمغرية، إما مستشارا أو برلمانيا أو مساندا لهما، بل بلغ من أمر الحزب وبعض قادات الحركة أن أصدروا بلاغات تتبرأ من كل من تسول له نفسه الترشح أو دعم اختيار غير العدالة والتنمية (قضية محمد الأمين بوخبزة نموذجا)، وقد كان أولى بالحركة أن تكون حكما شريفا ومحايدا في مثل هاته النوازل، وتؤكد أنها تزكي كل الصالحين، وتبقى في منأى عن تجاذبات السياسة وكواليسها "النتنة".
وهو المطلب المأمول بأن تتخذ الحركة المسافة واحدة بين كل الهيئات المجتمعية والسياسية الأخرى، بدون حزبية مقيتة، أو تعصب يخدم أصحاب العقل السياسي أكثر من الدعوة والتربية.
حلول ومقترحات
قد يعتبر البعض ما أوردناه في ما سبق "تنغيصا" عن الفوز المبين بالمقاعد والأغلبية المؤهلة لحكومة تدير شؤون المغاربة، ولكنه مجرد همس في كل قلب ما يزال يحتفظ ببذرة حياء وغيرة على تدين المغاربة.
فمن حق حزب العدالة والتنمية، ورئيسه بنكيران، أن يتحالف مع لشكر بما تمليه حسابات السياسة، دون أن يطرح على طاولة المفاوضات الموقف من"الإرث" أو "الزواج المثلي" أو "الإفطار العلني"، فذلك من مكر السياسة وترتيباتها.
ومن حقه أيضا أن يتجاوز عمن وصفه ب"داعش" ومناصرتها، فالأغلبية تقتضي غض البصر عن مثل هاته الزلات، لكن من حق أي فرد من حركة التوحيد والإصلاح بالمقابل أن يقول: لا للتحالف مع من لا يثبت على قرار، حتى ولو كان حزب العدالة والتنمية نفسه.
إن حركة التوحيد والإصلاح، وبعد مرور 20 سنة، وبعد أن شب حزب العدالة والتنمية عن الطوق، وأصبح كهلا بشاربين يميلان إلى الشيب، مطالبة اليوم بأن تعود إلى ذاتها، وتحدد ماهية وجودها وحدود علاقاتها الاجتماعية والسياسية من جميع الفرقاء بصوت صريح ومسموع.
وهي مطالبة أيضا بأن تعيد النظر في المجالات الوهمية والثغور الحقيقية، الموكول إليها حمايتها مع إخوتها من الصالحين، سواء كانوا عاملين في الشأن الديني أو من باقي الحركات الإسلامية الأخرى.
وهي أيضا "مجبرة"، إن صح التعبير، على تفويت جريدتها "التجديد" إلى حزب العدالة والتنمية، الذي فشل في إنجاح أية تجربة إعلامية، لأن العقل السياسي يرى ربح اللحظة السياسية أهم من نداء "يا سارية.. الجبل".
قد تكون مثل هذه التحذيرات شديدة اللهجة، لكنها صرخة صادقة، تريد للحركة أن تلزم وظيفتها النبوية، التي ترتفع عن حسابات السياسة المؤقتة والمتغيرة بتغير الظروف، ويكون أثرها غيث رحمة للجميع.
وهي أيضا ملزمة بطرح عوائدها الدعوية والتربوية من الفعل السياسي بقوة السؤال: ماذا حققنا بأسلوب المشاركة السياسية وماذا فقدنا؟ وما الغاية أن تبقى وجوه هي المرشحة الوحيدة دائما للبرلمان دون غيرها ولو تطلب منا الأمر ضرب إرادة القواعد في اختيار من يمثلهم أفضل تمثيل، كأننا نحاول أن نبلغهم بأنهم "سفهاء" يحتاجون إلى من يحجر عليهم؟
ثم ما موقف الحركة من المبادرة الداعية إلى ضرورة قيام تجديد ديني بالمغرب بعد 13 سنة من فتح ورش الإصلاح الحالي؟ وما موقفها مما تتعرض له الأمة الإسلامية اليوم من تقتيل في فلسطين وسوريا وليبيا واليمن وبورما وباقي الدول؟ أية إسهامات للحركة في نصرة المستضعفين عبر العالم والتبشير بدين الإسلام
إنه لمن غريب الأمور أن نقرأ خبرا تم ترويجه مجلة "التايمز" مفاده قيام منظمة "الخوذات البيضاء" بإنقاذ السوريين ونشلهم من تحت الأنقاض، وتنشر تغطية بعنوان "من أحيى نفسا كأنما أحيى الناس جميعا"، ولا نبادر من جهتنا بشكرها على عملها الإنساني الراقي ببلاغ إعلامي يناصر الخير والحق من أي منبع نبع.
أسئلة يضيق المقال عن إيراد غيرها، لكن يبقى الخيط الناظم بينها هو: ما المكاسب الحقيقة والمتوهمة والمحاذير من أن تضع الحركة كل بيضها في "قراب" السياسة، وتغني بأي لحن عزف لها من لدن حزب العدالة والتنمية؟ والله المستعان.
- كاتب وصحافي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.