أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    رسميا.. الرجاء يجدد عقد مدافعه عبد الله خفيفي    النصر السعودي يجدد عقد النجم البرتغالي رونالدو    وجدة… من حجز 10 آلاف و820 قرصا طبيا مخدرا وتوقيف شخصين يشتبه في ارتباطهما بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    المياه والغابات تطلق خرائط لتحديد المناطق المهددة بحرائق الغابات    تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان في صلب ندوة عقدت بمدريد        الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    مديرية الدراسات والتوقعات المالية…ارتفاع الرواج التجاري بالموانئ بنسبة 10,2 بالمئة    قرب تصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية من طرف واشنطن: تحول سياسي كبير يربك حسابات الجزائر    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    المدني: دستور 2011 يعكس تعددية المرجعيات وتفاوت موازين القوى بين الملكية وباقي الفاعلين    الجزائر تفشل في السيطرة على الأرض فتحاول اختراق الثقافة الحسّانية المغربية    أمريكا تدفع باتجاه اتفاقات تطبيع جديدة بين إسرائيل ودول بينها سوريا ولبنان    كيوسك الجمعة | الاتحاد الأوروبي يتمسك بدعم شراكته الإستراتيجية مع المغرب    موجة حر بالمغرب ابتداء من الجمعة    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    الدرهم يرتفع بنسبة 0,5 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 19 إلى 25 يونيو    تفكيك شبكة بالحسيمة تنشط في تنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    مجلس الحكومة يُصادق على مشاريع مراسيم تهم مجموعة من القطاعات    جو ويلسون يُقدّم مشروع قانون إلى الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية    أمير المؤمنين يبعث بطاقات تهنئة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    اتصالات المغرب وإنوي تعلنان إنشاء شركتي "Uni Fiber" و"Uni Tower"    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر        عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطائع يرصد غليان "الإخوان" .. حربائية الصقور و"شماتة" بنكيران

أهم ما جرى نهاية الأسبوع الذي نودعه هو تشكيل الأغلبية البرلمانية الجديدة التي أعلنها رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة الجديد المكلف بتشكيلها، سعد الدين العثماني. وهي الأغلبية التي أعلن عنها سعد الدين العثماني مساء أمس السبت بالمقر المركزي للحزب بحضور قيادات أحزاب التحالف الحكومي الجديد، وهم ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومحمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، وعزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ونبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إلى جانب امحند لعنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية.
وكان الغائب الأكبر في هذا الحدث السياسي البارز هو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الاله بنكيران. وهذا الغياب ليس طبيعيا، ويحمل دلالات كثيرة وغاية في الأهمية، وهي من باب المسكوت عنه.
بنكيران بين الغضب و"الشمتة"
قبل وقوف السيد العثماني مساء السبت بجوار كل من السادة لشكر وساجد واخنوش وبنعبد الله ولعنصر، حضر السيد بنكيران صباحا إلى مقر الحزب، وحرص على افتتاح اجتماع هيئة المرشحين للاستوزار. بنكيران تكلم بمرارة. ورغم المجهود الكبير الذي بذله لإخفاء غضبه مما يجري وإقصاءه من المشهد الحكومي، كان باديا للجميع أن الرجل لم يتجاوز بعد صدمة سحب التكليف الملكي منه، بعد عجزه عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات 7 أكتوبر، ومنحه للسيد العثماني.
بنكيران كان أقرب إلى أن يقول لإخوانه في الحزب "أحس بأنني مشموت من طرف قيادة الحزب"، وهي القيادة التي قال عنها في اللقاء ذاته ما مجمله "كنت سأعيد المفاتيح للملك بعد اشتراطات اخنوش الأولى وطلب مني العثماني، الرميد، العمراني، يتيم، عدم فعل ذلك، وحتى عندما امتنعت عن دخول الاتحاد الاشتراكي كانت القيادة بجانبي، فكيف حصل كل هذا وماذا أرى"؟
كبرياء بنكيران وعناده وإصراره على رفضه لكل ما يجري، دفعه إلى الانسحاب من اجتماع اختيار وزراء الحزب، داعيا الجميع إلى استحضار أهمية وحدة الحزب ومصداقيته. رد فعل السيد بنكيران بالنسبة للذين يعرفونه عن قرب، اعتبروا الأمر عاديا من قيادي صدامي لم يتجرع بعد إبعاده من تشكيل الحكومة والدفع به إلى مغادرة المشهد الحزبي والسياسي، وحتى تحميله مسؤولية فشل تشكيل الحكومة.
كلمة بنكيران أمام إخوانه تقول بكامل الوضوح إن بعض قيادات حزبه "خانته في الخفاء"، واستطابت السلطة والكرسي ومنافعه. فرصة اللقاء والإصرار على إلقاء الكلمة خارج السياق والإصرار أيضا على نشرها، يريد منه بنكيران التأكيد على أنه كان ضحية توجيهات بعض القيادات القريبة منه، وأنه لازال الأمين العام للحزب ولازال على حاله وطبيعته.
ما لم يفهمه بنكيران وما يؤرقه هو "كيف لقيادات حزبية كانت معي صباح مساء تتصلب معي في كل القرارات والمواقف وتوافق عليها، سرعان ما انقلبت عليّ وعلى مواقفها بهذا الشكل، حتى أصبحت أنا أتحمل وحيدا وزر كل ما وقع؟".
إنه السؤال العريض واللغز الذي يؤرق السيد بنكيران ويفضح بقوة أن الحزب يعيش حربا داخلية طاحنة في الخفاء والكواليس لم تأخذ بعد حقها في الإعلام ويعمل البعض جاهدا في إخفائها، وها هو الأمين العام للحزب يكتوي بها وفي طرف لسانه قول لا يخالف ولا يعارض "شمتوني هادو.. شمتوني هادو".
حرب المنافع وحربائية صقور الحزب
لا شك أن السيد بنكيران مصدوم جدا من إبعاده، ولا شك أيضا أنه بالغ في الثقة في النفس وأصيب بالغرور والارتخاء لليقين التنظيمي. اليوم سيكشر السيد بنكيران، باعتباره أمينا عاما للحزب، على كل مواهبه السياسية والتنظيمية، مما سيعقد سياقات وتحضيرات المؤتمر الوطني للحزب.
بنكيران الداهية سيخرج من قمقمه وسيرد الصاع صاعين لمن ينظر إليهم أنهم "خونة"، وهنا ستكون بداية أخرى لحزب العدالة والتنمية، وسيعيش الحزب مرحلة جديدة بالغة التعقيد. فخلافا لكل اللغة الدبلوماسية والأخوية التي يوزعها إخوان بنكيران ظهرا وفجرا، والتغني بالقوانين الداخلية و"الاحتساب لله"، هناك بالتأكيد حروب خطيرة للغاية حول المواقع والمناصب.
نعم، الحزب مقبل على مرحلة حرجة قد تدفع في اتجاه تفجيره من الداخل، أو على الأقل تراجع شعبيته، خصوصا مع تغول الرغبة في الانتفاع من لذة الحياة الناجمة عن المغانم التي يعتبرها الكثير من أعضاء الحزب لا توزع بالعدل.
هكذا سيجد حزب "المصباح" نفسه في مواجهة مباشرة وربما "ضحية" اكتساحاته للمؤسسات. الكثير من قواعد الحزب في مواقع التواصل الاجتماعي متذمرون من السيد سعد الدين العثماني، ويصطفون إلى جانب السيد بنكيران. وفي المقابل، فالكثير من الجيل الجديد وحتى القديم يرون في بنكيران عائقا تنظيميا ومؤسساتيا وحاجزا نفسيا على كسب مغانم السلطة واللحاق بأقرانهم في الحزب من حيث ما وصلوا إليه من وجاهة وتعدد المكاسب والمغانم.
ألسنة لهب مرشحة للارتفاع في صفوف الحزب، خاصة بعد تواري "الزعيم" "الشيخ"، وهنا أتحدث عن الدور الكبير الذي كان يقوم به بنكيران كأمين عام للحزب ورئيس حكومة في الوقت نفسه. نعم، سيعيش حزب العدالة والتنمية لحظة حاسمة ومفصلية في مستقبل الأيام، والصدام بين بنكيران والعثماني انطلق بتعيين الملك للعثماني خلفا لبنكيران.
بنكيران لن يستسلم.. في انتظار رد الفعل
لن يقبل السيد بنكيران مطلقا بأن يتم ركنه بهذه البساطة في الزاوية والهامش وإحالته إلى "كاراج" كأي سيارة متهالكة. الرجل يعتبر نفسه في عز عطائه وهو صاحب قدرة تواصلية خارقة. أولى خطوات بنكيران الامساك بخيوط الاستوزار حزبيا، وهذه أول معركة له مع السيد العثماني وقيادات العدالة والتنمية التي يعتبرها "خائنة"؛ اذ يتوقع أن يعمل بنكيران جاهدا على منع استوزار الرباح ويتيم والداودي والخلفي.
بعدها سيكرس كل وقته للتنظيم الحزبي في أفق المؤتمر الوطني المقبل مسنودا بشبيبة حزبية نشيطة وقطاعات هامة ومؤثرة في الحزب. ومما يرجح هذه الفرضية بقوة هو أن السيد بنكيران اكتشف متأخرا وجود مؤامرات كبيرة ضده، وهو ما لم ينتبه إليه طيلة فترة رئاسته للحكومة.
السيد بنكيران راهنا، وبصفته أمينا عاما للحزب، سيجد نفسه في وضعية "رد الفعل"، حتى لا نقول الانتقام، وبالتالي متفرغا لثلاثة ملفات كبرى بها سيعود بقوة إلى الساحة السياسية والحزبية؛ أولها ترأسه للفريق الحزبي بمجلس النواب، بغية ضبط منتخبيه على صعيد المؤسسة التشريعية، وثانيا إعادة ربط علاقاته بقوة أكبر مع حركة التوحيد والإصلاح والنقابة (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب) وقطاع الشبيبة الحزبية، إلى جانب إعادة هيكلة الإدارة الحزبية، وثالثا المتابعة الدقيقة للمنتخبين الحزبيين.
ومن نافلة القول إن السيد بنكيران كان غافلا بدوره في إشعاع وقوة ومكاسب الحزب، ومن غير المنطقي أن يكون غافلا أن جهات لا تريده ومنزعجة من حضوره وخطابته وخرجاته الإعلامية، ومن المستحيل أيضا القول إن السيد بنكيران لا يعلم بأن حزبه يعيش حرب مواقع ومنافع تسبب فيها بالأساس احتكار فئة محددة لكل المواقع والمناصب، وعلى رأسهم محمد يتيم وعزيز الرباح ولحسن الداودي وغيرهم، فيما ظهر جيل جديد داخل الحزب يعمل جاهدا بدوره على الدفاع عن هذه الامتيازات، من قبيل مصطفى الخلفي وعبد العالي حامي الدين وحرمه، وهذا مقابل أجيال قديمة وجديدة ممن يمكن تصنيفهم في خانة "غير المحظوظين"، والمقصيين، والمغضوب عليهم حتى.
بنكيران حالة تواصلية وقيادية خاصة؟
جل الطبقة السياسية والنخبة الواعية والمتتبعون الموضوعيون استنتجوا واتفقوا على أن السيد بنكيران لم يكن في يوم واحد من السنوات الخمس التي تقلّد فيها منصب رئيس الحكومة رجل دولة. للرجل أخطاء "دولتية" بالجملة، ولكن وبالإجماع كان بنكيران حالة تواصلية فريدة ومميزة عن باقي الطبقة السياسية.
وفي النهاية، ذهب المختصون في الشأن السياسي إلى أن السيد بنكيران كان عراب إقحام الإسلاميين في مربع السلطة بأعلى مستوياتها، وكان في حكم وزير دولة كامل الصفة وزعيم حزبي في زمن قلت أو انقرضت فيه الزعامات، ولم يكن قط رئيس حكومة والمسؤول الأول عن منصب السلطة التنفيذية بما تفرضه المكانة وأهمية المنصب الحساس كهذا من اتزان يليق بمهام قيادة السلطة التنفيذية.
وإذا كانت مهمة السيد بنكيران الحكومية قد انتهت رسميا، وهذا ما شدّد عليه هو نفسه، فإننا نرى في المقابل وخلافا لكل التوقعات أن السيد بنكيران لن يرفع الراية البيضاء على صعيد التنظيم الحزبي وقد أحس بمهانة كبيرة، وخير دليل على ذلك ما نشره سائقه الخاص "فريد" على حائطه ب"فيسبوك" مباشرة بعد إعلان العثماني للأغلبية، فضلا عما يردده رفاقه وحتى أبناؤه. وفي هذا المستوى، يختلط مستقبل الحكومة المقبلة والمؤتمر المقبل للحزب والمصير النهائي للسيد بنكيران، وكلها مؤشرات تكشف بوضوح مطلق أن حزب العدالة والتنمية يعيش غليانا داخليا جارفا وحارقا رغم شح المعلومات. سنتابع وسنرى.
* صحافي كاتب ومحلل سياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.