شهد الفلسطينيون عام 2018 حالة من الفتور الدولي إزاء وضعهم، في حين زاد الاستياء من قيادة الرئيس محمود عباس في سنة هيمنت عليها مسيرات العودة في غزة. وبعد التدهور الذي شهدته العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة منذ الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل عام، وصلت العلاقات إلى أدنى مستوياتها مع إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ومطالبة عباس بوضع آلية دولية لتحل محلها كوسيط في عملية السلام. وأحيى الشعب الفلسطيني ذكرى مرور 70 عاما على نكبة فلسطين، وتشريد وتهجير شعبها، بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. وعشية هذا اليوم برز مشهدان متعارضان: احتفالية في القدس، أقيمت بحضور ابنة رئيس الولاياتالمتحدة، إيفانكا ترامب، لإزاحة الستار عن المبنى الجديد للسفارة الأمريكية في القدس، ما شكل ضربة موجعة للفلسطينيين، الذين يطالبون بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها الدولة العبرية في يونيو عام 1967، وضمتها عام 1980 في تحد للإجماع الدولي. وفي الوقت نفسه شهدت غزة اليوم الأكثر دموية منذ بدء مسيرات العودة الكبرى -الحشد الأكبر في التاريخ الفلسطيني الحديث- التي بدأت في 30 مارس للمطالبة بعودة اللاجئين وإنهاء الحصار علي غزة، والتي شهدت مقتل أكثر من 200 فلسطيني، 50 منهم من القصر، وفقا لبيانات مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). جاءت فكرة المسيرات بمبادرة من قبل مجموعات اجتماعية -ولاحقا تم استغلالها من قبل حركة حماس الإسلامية التي تسيطر على غزة- كوسيلة من وسائل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ونتيجة للفتور الدولي، وعدم الاستقرار المتزايد الذي تشهده غزة. ومنذ شهر مايو الماضي، تصاعدت أعمال العنف، إذ أطلقت المليشيات الفلسطينية صواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، التي ردت من خلال سلسلة من الهجمات الانتقامية. وتم احتواء الأزمة من خلال الاتفاق علي هدنة هشة توسطت فيها مصر والأممالمتحدة وسط مخاوف من حرب رابعة على غزة خلال عقد. ودفع الوضع الهش والتدهور الإنساني في غزة الوسطاء إلى الدعوة إلى اتفاق طويل الأمد بين الميليشيات الفلسطينية وإسرائيل، لم يتم إنهاؤه بعد، ولكن أدى إلي اختيار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اعتماد لغة التهدئة، بعد أن بلغت أعمال العنف ذروتها في أكتوبر. وتسبب اتفاق وقف إطلاق النار في أزمة في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، واستقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان الذي دعا إلى شن حرب عسكرية واسعة في القطاع. ومن ناحية أخرى، انهار هذا العام اتفاق المصالحة الفلسطينية، الذي وُقع في أكتوبر 2017، إذ حافظت حماس علي سيطرتها على الأسلحة في غزة، وعادت إلى إدارة المعابر الحدودية، بدلا من تمكين أطقم السلطة الفلسطينية التي لازال تواجدها رمزيا. ولم يستطع الفلسطينيون اختيار رئيس جديد في الانتخابات التي تم الاتفاق على إجرائها ضمن اتفاق المصالحة الفاشل هذا العام. وشعر الكثيرون، مرة أخرى، بأنهم خارج عملية صنع القرار. وزاد عباس العقوبات المفروضة على القطاع بهدف الضغط على حماس لتتراجع عن سيطرتها، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات في الضفة الغربية، والتي دعت إليها جماعات مستقلة تنأى بنفسها عن الخلافات السياسية لقيادتها. وتحت شعار "احنا شعب واحد"، خرج آلاف الفلسطينيين، -من الضفة الغربيةوالقدس الشرقية وإسرائيل (عرب 48)- في مسيرات في شوارع رام الله (الضفة الغربية)، استمرت عدة أيام، للتعبير عن استيائهم، وتعرضت إحداها للقمع من قبل قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. كما أدت الموافقة على قانون الضمان الاجتماعي الجديد إلى تصاعد الغضب الداخلي نحو السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تفقد شرعيتها كل يوم. حدث آخر شهدته فلسطين عام 2018، وهو حلول الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقيات أوسلو (1993-1995). كما أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية في أكتوبر قرارها تعليق الاعتراف بإسرائيل وإنهاء التعاون الأمني والعلاقات الاقتصادية، وهو قرار لم يكن له أي تأثير حتى الوقت الراهن. ومن أبرز أحداث العام أيضا إطلاق سراح الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، 17 عاما، التي أدانتها إسرائيل بعد نشرها فيديو تصفع فيه جنديا إسرائيليا، فضلا عن التهديدات الإسرائيلية المستمرة بهدم قرية خان الأحمر الفلسطينية البدوية في الضفة الغربية. *إفي