لم يكد يجف مداد الرسالة المفتوحة التي وجهها الداعية المغربي الشيخ محمد الفزازي بصفته الشخصية إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حتى انهالت على الرجل أصناف من الشباب والشتائم وأشكال من الاتهامات من لدن منابر إعلامية جزائرية عديدة، ما دفع الفزازي إلى الرد على الواقفين وراء هذه الحملة بوصفهم ب"الشماكرية". وكان الفزازي قد خاطب بوتفليقة، عبر رسالة مفتوحة نشرتها جريدة هسبريس، نصحه فيه بمراجعة نفسه وسياسته في قضية الصحراء، خاصة أنه "قريبا سيلقى ربه" بعد أن بلغ من الكبر عتيا"، مُذكرا إياه بأن "لا شيء سينفعه إلا ما قدم من عمل صالح، ومن العمل الصالح فتح الحدود البرية المغلقة بين المغرب والجزائر فورا، ورفع أيديه عن البوليساريو عاجلا، ومد يد المصالحة مع المغرب سريعا". اتهامات بالجملة ووجد الفزازي نفسه فجأة أمام فوهة بركان جزائري ثائر لا يُبقي ولا يذر، حيث صوبت صحف ومواقع وقنوات تلفزية جزائرية خاصة رصاصاتها إلى صدره، ونعتته ب"الطائش" و"الكاذب" و"إبليس"، وغيرها من الأوصاف والاتهامات، بسبب ما اعتبرته تجاوزا فادحا من طرفه على مقام رئيس الدولة، ومحاولة منه لزرع الفتنة بين الشعبين المغربي والجزائري. وتصدرت قناة "النهار" الجزائرية جوقة الخائضين في عرض الفزازي، حيث أتت بالشيخ الصوفي شمس الدين بوروبي الذي بادر، خلال برنامجه الديني أمس الأربعاء، إلى الهجوم بلا هوادة على الفزازي بنعته بأوصاف لا تليق، منها نعته ب"الشيطان و"الكاذب" و"الإبليس". وقال بوروبي في الفزازي ما لم يقله مالك في الخمر عندما اتهمه بالرغبة في إيغال صدور المغاربة اتجاه أشقائهم الجزائريين، وزرع بذور فتنة نائمة بين البلدين، معتبرا نصائحه لبوتفليقة بأنها "فضيحة" لكونها جاءت في العلن، ولا تجوز من "متطرف يعد مشكلا لعلماء المغرب". وانتقدت منابر إعلامية جزائرية أخرى مضامين رسالة الفزازي لبوتفليقة، معتبرة أنها جاءت بإيعاز من أجهزة الدولة، ومتحدية إياه أن يدبج رسالة بنفس الحمولة العدائية والهجومية، فيوجهها إلى مجرد وزير مغربي أو ضابط عسكري سامي، فبالأحرى أن يوجهها إلى ملك البلاد"، وفق تعبير مهاجمي الفزازي. رد الفزازي ورد الفزازي على الهجمة الجزائرية "الشرسة" في حقه بأنه صار مقتنعا بأن "المعركة مع خصوم وحدتنا الترابية لا يجوز أن تنحصر في التعبئة العسكرية والمالي، بل لا بد للأقلام أن يكون لها وجود في ساحة الصراع"، مُبديا أسفه من "انشغال كثير من المثقفين والكتاب والفنانين بما لا يفيد أرضا ولا عِرضا". وقال الفزازي، على حائطه الفايسبوكي، إن رسالته إلى بوتفليقة جعل منها بعض الجزائريين، وخاصة الإعلاميين منهم، قصة مفزعة ومرعبة، واصفا الذين انخرطوا في حملة السب والشتم والفحش المقزز بأنهم لا علاقة لهم بالشعب الجزائري الأبي، وإنما هم مجرد "شماكرية" قلبت حبوب ُ الهلوسة أدمغتهم". وزاد الداعية المغربي بأن موقفه الذي عبر عنه في رسالته للرئيس الجزائري "ليس من ورائه لا دولة ولا مخزن"، داعيا إلى إسقاط افتعال الأزمات بين البلدين، واختلاق الدويلات والكائنات السياسية الكرتونية"، وفق تعبير الفزازي.