أما ‬حان ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬أن ‬ينهي ‬هذا ‬المسلسل ‬؟    تطوان: شركة طيران عالمية تفتتح قاعدة جوية بمطار سانية الرمل    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    تحذيرات من الأونروا "بإحكام المجاعة قبضتها" على قطاع غزة ووفاة الأطفال جراء سوء التغذية    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب الجزائر صبيحة اليوم الخميس تأهبا لملاقاة اتحاد العاصمة    إلزام يوفنتوس بدفع 7ر9 ملايين أورو لكريستيانو رونالدو كرواتب متأخرة    هاتريك رحيمي في مرمى الهلال السعودي يقرب العين الإماراتي من نهائي أبطال آسيا    دي ماريا يتلقى تهديدات بالقتل من عصابات المخدرات في الأرجنتين    توقعات حالة الطقس ليوم الخميس    الفرقة الوطنية تعتقل ثلاثة أشخاص مطلوبين في أمريكا بتهم الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال    إحباط محاولة إغراق المغرب ب"القرقوبي"    زيارة رسمية تقود وزيرة الثقافة الفرنسية إلى المغرب    هل يظهر أول مترو أنفاق في المغرب قريبًا؟    الإطاحة بموظفة أمن فرنسية متورطة في عمليات بيع التأشيرات لمغاربة    توقيف شخص يشتبه تورطه في قضية حيازة وترويج المخدرات بطنجة    نور الدين مفتاح يكتب: سوريالية بالفرنساوية    ما العلاقة التي تربط المغربية كريمة غيث بنجم الزمالك المصري؟    عمر هلال يُخرس وزير الخارجية الجزائري    خوفا من مافيا يتزعمها مغربي.. ولية عهد هولندا هربت إلى إسبانيا (فيديو)    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    الأمم المتحدة.. بمجلس الأمن سجال محتدم بين هلال ووزير الخارجية الجزائري بشأن البحر المتوسط    بلاغ جديد وهام من وزير الداخلية    موهبة كروية جديدة تُشغل الصراع بين المغرب والجزائر    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)    نفاد تذاكر نصف نهائي "كان الفوتسال"    لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري للعلم الفلسطيني؟            نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    ملف "انفصال القبايل" عن الجزائر يصل الأمم المتحدة!    الرياضية: الكاف ما غيعاودش يدير السوبر ليگ الأفريقي    رغم الاستيراد.. توقعات بارتفاع صاروخي لأسعار أضاحي العيد    فرنسا ترمي بورقتها الاقتصادية الثقيلة للمناورة بالمغرب    لقاء مهني إسباني مغربي بطنجة لتدارس استدامة مصايد الأسماك ببحر البوران    "سانت كيتس ونيفيس" تجدد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه وتؤيد الحكم الذاتي    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    أوزين ل"كود": كنتأسفو على هدر الزمن التشريعي بسبب الصراع على رئاسة لجنة العدل والتشريع وكنتمناو من الاتحاد الاشتراكي يستحضر التوافق كيف تافقنا من اللول    الأمثال العامية بتطوان... (575)    الملك محمد السادس يعزي سلطان عمان إثر الفيضانات التي شهدتها بلاده    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    القطاع البنكي المغربي معر ض لمخاطر مناخية مادية    ندوة أكاديمية بالمضيق بعنوان " النقد والتحقيق بحاضرة الثقافة تطوان"    كوثر براني تصدم متابعيها: 99 في المائة من الرجال "خونة"!    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    المغرب يحتضن فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في نسختها الثانية    الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في "حكمة الجنوب"    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    "محطات من تاريخ السينما بالمغرب".. موضوع محاضرة بكلية الآداب بالجديدة    شقيق رشيد الوالي يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    لأول مرة خارج المغرب.. عرض 200 قطعة من الحُلي الأمازيغية التابعة للقصر الملكي    الأمثال العامية بتطوان... (574)    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهل المدَعم
نشر في هسبريس يوم 09 - 07 - 2013

إسبانيا بلد لا يدعم الدقيق والمواد الأساسية، لأنه لا يملك مثلنا صندوق مقاصة، لكنه يدعم مادة واحدة أساسية هي الجهل، اكتشفت مع الوقت أن الجهل مدعوم، قد يبدو هذا الكلام مفاجئا للكثيرين، لكنه الحقيقة عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء، فالإسبانيون الذين يدعمون انفصال الصحراء عن المغرب لا يعرفون في غالبيتهم أي شيء عن القضية، يجهلون كل التواريخ والمحطات، بل إن بعضهم لا يعرف حتى تاريخ خروج إسبانيا من الساقية الحمراء ووادي الذهب، أو السنة التي مات فيها الجنرال فرانكو، ومع ذلك يرفعون علم البوليساريو ويخرجون إلى التظاهر في شوارع مدريد وبرشلونة وإشبيلية...كلما علموا أنني مغربي إلا وفتحوا الملف أمامي وتبدت لي تلك الابتسامة التي يرسمها شخص يوقن أنه حاصر فأرا بين أربعة جدران، لكنني كنت أقلب المعادلة بجر النقاش إلى التاريخ لا السياسة، يبدأ العرق في التصبب من على جبين الإسباني الواقف أمامي ويريد أن ينهي الموضوع بسرعة وينسحب من النقاش، لأنه يجهل القضية التي يناصرها، ولأن مجتمعا بكل ترسانته السياسية والإعلامية يدعم جهله، وينحصر ضبط الموضوع على فئة قليلة من الباحثين.
يوم اندلعت قضية أمناتو حيدر خريف عام 2009، كنت أشعر أنني محاصر بوسائل الإعلام والشارع، أفتح المذياع في الصباح على إذاعة "كادينا كوبي" وأستمع إلى وابل من الشتائم التي تخرج من الميكرفون الذي يجلس خلفه "فيدريكو خيمينيث لوسانتوس"، وحتى عندما أغير الموجة إلى إذاعة "كادينا سير" المقربة من اليسار لا يحدث أي تغيير، تتبدل الكلمات و اللهجة، لكن الرؤية السياسية هي نفسها، يقولون لك بكلمة: إن بلدك أيها الفتى، هو أصل الشرور...ودينك وهويتك وتاريخك هم الشيطان، بل حتى عندما دعاني أصدقاء إيطاليون لجولة ليلية، وجدت شعارات مكتوبة على الحائط كلها شتم لبلد أحمل جيناته وجواز سفره، و عندما دعتني المغنية الشهيرة، الصديقة " روسا ليون" إلى مرافقة وفد ثقافي مغربي-إسباني إلى جزر الخالدات، وجدت قضية الصحراء أمامي بمجرد ما وطئت قدماي مطار جزيرة "لاس بالماس".
كانت جميع صحف الجزيرة تضع منشطات عن إضراب أمناتو حيدر عن الطعام، وظهر التغلغل الكبير للوبيات البوليساريو في كل مرافق الجزيرة، بل حتى عمدة لاس بالماس، الذي شغل منصب وزير للثقافة في عهد الاشتراكي فليبي غونزاليث لم يسلم من طرح سؤال عليه حول هذا الموضوع ونحن جلوس في ندوة عن التقارب الثقافي بين المغرب وإسبانيا، وبما أن الرجل ثعلب سياسي مجرب، فقد تهرب من الجواب ببراعة سياسية كبيرة محيلا على تصريحات وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس الذي أصابته قضية أمناتو بالجنون تلك الأيام.
ستكون المفاجأة عندما سيرفض شاب يدعى توماس مرافقتنا في الزيارة، فقط لأننا مغاربة، ولأنه من أنصار البوليساريو، كانت علامات الغضب بادية على محياه وينظر إلينا بازدراء واضح، وفي النهاية وافق على اصطحاب قبيلة "الأعداء" خلال ذلك اليوم، ظللت أراقبه، وأستمع إلى تعليقاته عن بعد، وعلى طاولة الغذاء كانت الفرصة مواتية لفتح الموضوع، ألقيت في وجهه بأسئلتي المعتادة حتى أتبين درايته بالقضية، واكتشفت أنه لا يختلف عن العشرات الذين التقيتهم في شبه الجزيرة الإيبيرية، وهناك حاصرته برأيي الذي لا يسقط في وطنية عمياء، وأحرجته بسؤالي: كيف لكم أيها الإسبانيون الذين تحاربون الانفصال وكنتم حاسمين في الوحدة في كل شيء بعد وفاة فرانكو أن تناضلوا من أجل الانفصال في بلد هو جار لكم؟
بقي ينظر إلي مشدوها لأنه لا يملك جوابا ولا ثقافة تمكنه من الجواب، وفي تلك اللحظة انقضضت عليه، وبقي صامتا بينما بدت صديقة له مؤيدة لي في كلامي،لأنه منطقي يمزج بين الاقتصاد والاستقرار الجيو-استراتيجي لإسبانيا التي تبعد ب14 كيلومترا عن المغرب، وأمن جزر الخالدات التي لها حدود بحرية مع الصحراء ويهمها استقرارها.
عدت الى مدريد بعدها بأيام، ووجدت ان الأجواء مازالت محتقنة، رن هاتفي ذات مساء، وكان المتصل مدير صحيفة" "si, se puede التي توزع بمترو مدريد، أزوده بمقالاتي لعمود رأي، كلما أسعفني الوقت والعبارة، وقبل أن ينهي مكالمته سألني: كيف تقضي هذه الأيام في مدريد؟، فقلت له دون تردد: أشعر أنني فلسطيني يعيش في قلب تل أبيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.