الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    البرلمان الياباني يصوت الثلاثاء المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد    المخطط الخماسي الجديد للصين: الأولوية للابتكار في مواجهة القيود الأمريكية    نهضة بركان أمام بيراميدز في نهائي السوبر الإفريقي بالقاهرة    الكوري لي كانغ إن يفوز بجائزة أفضل لاعب آسيوي خارج القارة    إلياس موعتيق ينضم إلى صفوف المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة في مونديال الشيلي    إصابة تلميذ في حادث دهس بالترامواي بعين السبع الحي المحمدي    بالصور.. مدرسة سيدي عبدالله الإيكولوجية تخلد اليوم العالمي للتغذية    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    واشنطن تسمح بزيادة إنتاج "بوينغ 737 ماكس"    مناصب شاغرة برئاسة النيابة العامة    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    بالقاضية.. حمزة رشيد يحقق أول فوز له في السلسلة العالمية للمواي طاي    ذكريات دوري الأضواء حاضرة في قمة مولودية وجدة والمغرب التطواني    لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    "الاتحاد الاشتراكي" من الانتخاب إلى التمديد.. لشكر يمدد لنفسه لولاية رابعة في ظل تراجع قاعدة الحزب وتزايد الانتقادات لقيادته    التحقيق في محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغينية: فارق السن والخبرة أثر في النتيجة لكن الأداء كان مشرفا    طقس اليوم: سحب وضباب بالسواحل وحرارة مرتفعة في أغلب مناطق المملكة    المنتخب المغربي للفتيات ينهزم أمام البرازيل بثلاثية في مستهل مشاركته في كأس العالم    لاعبو الدوري الإسباني يحتجون على إقامة المباريات في الولايات المتحدة الأمريكية    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    محاولة انتحار شرطي بعد ارتكابه جريمة قتل بسلاحه الوظيفي بالدار البيضاء    لشكر: أعضاء الحكومة يختبئون وراء الملك واستقلال القضاء صار "سلبيا"    لشكر يندد ب"قمع أردوغان لحزب الشعب" ويؤكد أن القوى التقدمية تواجه لحظة حرجة    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    بولس: الجزائر ترحب بتحسين العلاقات الثنائية مع المغرب وواشنطن سوف تفتتح قنصلية لها قريبا بالصحراء    المصادقة على 344 مشروعا بالشمال    التديّن الشكلي ببلاد المهجر    السلطات المغربية توقف 5000 مهاجر في الشمال لمنع "الحريك" الجماعي    الخطوط الملكية تعلن عن رحلات مباشرة إلى الشيلي لمساندة "أشبال الأطلس" في نهائي المونديال    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    انطلاق فعاليات مهرجان "جسد" للمسرح بمشاركة نوعية    فاطمة الزهراء لحرش توضح بهدوء أسباب طلاقها وتحسم الشائعات    حاتم عمور يلتقي جمهوره في أمسية فنية بالدار البيضاء    احتجاجا على سياسات ترامب.. توقع خروج الملايين للتظاهر في عدة مدن أمريكية تلبية لدعوة حركة "لا ملوك"    الأمم المتحدة: 80 في المائة من فقراء العالم معرضون لمخاطر مناخية    ألمانيا تجيز استخدام الشرطة للصواعق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    وفاة والدة الفنانة لطيفة رأفت بعد معاناة مع المرض    شركات كبرى تحتكر سوق الدواجن بالمغرب والجمعية الوطنية لمربي الدجاج تحمّل الحكومة المسؤولية    إصابة 11 شخصا جراء غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تيويزي".. نمط عريق للتعاون الجماعي يتجذر في مناطق سوس والجنوب
نشر في هسبريس يوم 20 - 10 - 2021

"تيويزي" عمل جماعي ينبني على التضامن والتآزر والتعاضد بين الأفراد والمداشر والقبائل في مناطق سوس والجنوب وعدد من المناطق الأمازيغية كشمال المغرب. وإن اختلفت التسميات والأمكنة والأزمنة، فإن جوهر العملية يبقى موحدا من حيث مكوناتها وأهدافها؛ فباعتماد "تيويزي" يتحقق التعاون والتآلف بين الساكنة في القرى والبوادي والأرياف والجبال المغربية، ومعها أيضا قضت الساكنة أغراضها في المجال الفلاحي ومجالات أخرى.
وتنبني عملية "تيويزي" أساسا، وكما يدل اسمها، على المشاركة الجماعية في إنجاز مهام يستعصي على الفرد الواحد إنجازها؛ إما لقصر ذات اليد، أو لغياب الإمكانيات لدى الفرد الواحد أو لتطلب العمل لسواعد كثيرة. ومن ثم، فقد ابتدع الإنسان الأمازيغي هذا النمط الجماعي في المساعدة والتعاون المشترك؛ وهو ما يسهل إنجاز الأعمال، سواء تلك الخاصة بالفرد أو حتى حينما يتعلق الأمر بعمل جماعي يهم مصلحة الجماعة أي الدوار أو القبيلة بالمفهوم الأنثربولوجي.
خالد ألعيوض، أستاذ باحث في التراث، قال، ضمن تصريح خص به هسبريس، إن مصطلح "تيويزي" هو "كلمة ضاربة في القدم، وهو مكون من فعل "أوس"، أي "تيويسي" وهي الأصل، التي تعني المساعدة. ونظرا لبعض صعوبات النطق، تنطق "تيويزي"، فأصبحت هذه الكلمة ذات سحر خاص، تحيل إلى الفعل والعمل الجماعيين وإلى ثقافة التضامن الضاربة في القدم بربوع سوس، والمنطقة الجنوبية بشكل كبير، بل حتى في شمال المغرب، حيث تم تعريب الكلمة نفسها فأصبحنا نتحدث عن "تويزا"، وفي الأصل هو مصطلح أمازيغي صرف".
"في القديم، نجد أن "تيويزي" كانت دائما حاضرة في المعيش اليوم، حيث لا يمكن للإنسان في بادية سوس ولا في جبال جزولة وحتى في مناطق الأطلس الكبير أن يشتغل دون اعتماد هذا النمط؛ لأن صعوبة الحياة تفرض هذا التعاون"، يورد الباحث ذاته قبل أن يستطرد: "ففي الأطلس الصغير مثلا، حيث تقل المناطق الصالحة للزراعة، تم إصلاح الأراضي باستحداث المدرجات، وهو عمل صعب استغرق قرونا، وهو أحد تجليات العمل الجماعي "تيويزي"، وما زالت هذه الشواهد حاضرة إلى اليوم لتذكرنا بقوة هذا النموذج".
وفي السياق نفسه، أشار خالد ألعيوض إلى أن من النماذج الأخرى وتمظهرات "تيويزي"، أيضا، نجد "إصلاح الطرق والمسالك الوعرة في البوادي والقرى والأرياف والجبال، التي تتعرض لأضرار بليغة بعد التساقطات المطرية، فتهب القبيلة ضمن فعل تضامني عن طريق "تيويزي"، حيث يخرج القادرون على العمل للاشتغال، ويقوم غير القادرين بإعداد الطعام أو دفع قسط المال لتغطية المصاريف، والأمر نفسه في الجانب الفلاحي، حيث سنجد بأن "تويزي" تتم أثناء الحرث، وبشكل أكثر في الحصاد والدرس، حيث يمكن الحديث هنا عن "أدوال"، فالدرس في وقت مضى لا يمكن أن يتم إلا بدواب كثيرة، لا يمكن لأسرة واحدة امتلاكها، وهنا لا بد من الاستعانة بأبناء الدوار ودوابهم، بالتداول بين جميع أسر القبيلة".
وتابع خالد ألعيوض حديثه لهسبريس بالإشارة إلى أن ثقافة التضامن "تيويزي" ستبرز أيضا في أعمال أخرى، كبناء المخازن الجماعية "إكيدار" التي لا يمكن بناؤها إلا بشكل جماعي، وأيضا في مجال تحويل مسارات المياه لتجنيب بعض المناطق الفيضانات أو عبر حفر خزانات تجميع مياه الأمطار "إفرض" التي تصبح مياهها متاحة للاستعمال الجماعي في عدد من الأغراض، خالصا إلى أن "لكل ذلك دلالات على قدرة الإنسان الأمازيغي القروي الجبلي على ترويض الطبيعة وتسخيرها لصالحه بشكل جماعي".
وفي العصر الحالي، فقد عاد مصطلح "تيويزي" مع الحركة الجمعوية التي بدأت فورتها مع بداية التسعينيات، لذلك حضر المصطلح في كثير من التمسميات؛ من بينها "تيويزي ن أدرار، تيويزي ن شتوكة آيت باها، تيويزي ن تكاديرت ن عبادو وغير ذلك، حيث بذلك تعلن عن الاشتغال بهذه الثقافة التعاونية المتأصلة في المنطقة، والتي نريد لها أن تكون نموذجا. وقد حققت هذه الجمعيات نتائج باهرة؛ منها مثلا في اشتوكة بناء الطرق، وبناء مراكز التعليم الأولي في البوادي منذ التسعينيات، والكثير منها لا يزال مشتغلا. واليوم، نرى أن الدولة تراهن على إنجاح ورش التعليم الأولي وتعميمه؛ بل أضيفت تسميته إلى وزارة التربية الوطنية في الحكومة الحالية، أي الجمعيات عبر "تيويزي" علمت على الورش قبل 20 سنة"، حسب المتحدث ذاته.
وأبرز الباحث في التراث أن تجربة جائحة كورونا أعادت هذا الوعي بأهمية العمل الجماعي التضامني؛ "ففي البداية، سادت سلوكات فردانية غير عادية تجلت في التهافت على السلع، وهي ثقافة غربية تفرضها أيضا العيش في المدن الكبرى. وبعد ذلك، بدأنا نعود إلى طبيعتنا المغربية، أي المرحلة الحقيقية، متجليا ذلك في العودة إلى التضامن، فشهدنا توزيع مختلف المواد وغيرها، فمرت الأزمة دون أن نحس بثقلها؛ لأن قيم التضامن حدت بشكل كبير من حدتها، فكانت درسا بكون التضامن يمكن أن يعيد الاعتبار إلى اللحمة وإلى بناء الأنا الجمعية الموحدة بدل الأنا الفردية، وهو نوع من الإحساس بالانتماء إلى الجماعة إلى الوطن، وهي قيم كبيرة يمكن استثمارها في بناء المغرب الجديد".
وفي سنة 2019، أطلقت السلطات الإقليمية بتارودانت عملية "تيويزي" بين الجماعات ال89 الموزعة على تراب الإقليم؛ وهي عملية تهدف إلى "الرقي بكل مظاهر التنمية الشاملة بالمناطق النائية والجماعات الجبلية وفي كل المجالات، خاصة منها الطرق لفك العزلة عن المواطنين وشق عدد من المسالك وتزويد الساكنة بالماء الشروب وصيانة المؤسسات التعليمية وتوزيع المساعدات على المحتاجين وعملية التعقيم وتوزيع الكمامات أثناء الحجر الصحي وتوعية الساكنة بتتبع تعليمات وزارة الصحة والداخلية بكل المداشر والأسواق وغير ذلك".
الحسين ناصري، إعلامي، قال، في تصريح لهسبريس، إن "إقليم تارودانت عرف، بعد تنزيل "تيوزيزي" وسياسة الأقطاب التي أطلقهما الحسين أمزال، عامل الإقليم، مسارا تنمويا متميزا بالنظر إلى خصائص نسيجه المجتمعي والرؤية الإستراتيجية التي طبعت منهجية الفاعلين التنمويين، حيث شهدت الأقطاب الستة: إغرم، تارودانت، أولاد تايمة، سيدي موسى الحمري، تالوين، وأولاد برحيل، طفرة نوعية في كافة المجالات التنموية، تضافرت فيها جهود جميع المتدخلين، الجماعات الترابية وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص والساكنة داخل المغرب وخارجه بشكل تعاوني تضامني".
وأوضح الفاعل الإعلامي الحسين ناصري أن طريقة الاشتغال المعتمدة في توجهات السلطة الإقليمية تجسد المعنى الحقيقي والواقعي ل"تيويزي"؛ وذلك عبر "كون تفعيل مقاربة الأقطاب بتارودانت ترتكز على الاستعمال المشترك للوسائل المتوفرة لدى الجماعات الترابية لكل قطب، أي الاعتماد على قيم التضامن والتكافل والتعاضد عبر تجميع الإمكانيات والوسائل وترشيد استعمالها من أجل تحقيق أعمال ومشاريع مشتركة وبمساهمة جميع المتدخلين والفاعلين".
وأفاد المتحدث بأن تفعيل هذه العملية "ساهم في إعطاء دفعة قوية لكل أوراش التنمية بإقليم تارودانت، الذي أضحى نموذجا في هذا الصدد ويساهم في سد الخصاص في مجموعة من برامج الجماعات الترابية ويعطي الأمل للساكنة بإقليم تارودانت للتغلب على الكثير من الإكراهات التي تعيق مسار التنمية بمناطقهم، وخلق أنشطة مدرة للدخل حسب خصوصيات كل منطقة وتثمين المنتوجات المحلية، كل ذلك، وجب الحفاظ عليه وإقراره سنة عمل لدى المسؤولين الإقليميين اللاحقين، اعتبارا لنجاح "تيويزي" في كل أبعادها بهذا الإقليم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.