المغرب يحتضن المؤتمر الثامن لجمعية المحاكم العليا الفرنكوفونية بمشاركة 30 دولة    مطار الحسيمة ينتعش مجددا.. ارتفاع ب12 في المئة وعدد الرحلات في تصاعد    ألا يحق لنا أن نشك في وطنية مغاربة إيران؟    وفاة غامضة لسجين في "خلية شمهروش" داخل زنزانته بالعرائش    تفكيك شبكة نصب واحتيال خطيرة استهدفت ضحايا بهويات وهمية بجرسيف    موجة حر مع الشركي وزخات رعدية قوية مع تساقط محلي للبرد وهبات رياح مرتقبة بعدد من المناطق    توقيف يوسف بلايلي في مطار باريس بعد شجار مع طاقم طائرة فرنسية    فيلدا يؤكد جاهزية اللبؤات لبطولة أمم إفريقيا ويراهن على التتويج    تحالف دول الساحل يشيد بالمبادرات الملكية لصالح تنمية إفريقيا    شرعوا في تنفيذ مشروعهم لزعزعة الاستقرار .. تفكيك خلية من 4 متطرفين بايعوا زعيم داعش    بحث يرصد الأثر الإيجابي لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر على الأسر المغربية    مع اعتدالها قرب السواحل وفي السهول الداخلية .. يوعابد ل «الاتحاد الاشتراكي»: درجات الحرارة في الوسط والجنوب ستعرف انخفاضا انطلاقا من غد الجمعة    5 أعوام سجنا للرئيس السابق للرجاء محمد بودريقة مع المنع من إصدار الشيكات    تجاذب المسرحي والسرد الواقعي في رواية «حين يزهر اللوز» للكاتب المغربي محمد أبو العلا    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    موجة الحرارة تبدأ التراجع في أوروبا    إيران تعلق التعاون مع الطاقة الذرية    بنسعيد: معرض الألعاب الإلكترونية يتحول إلى محطة لبناء اقتصاد رقمي مغربي    في قلب الولايات المتحدة.. ربع الملعب مغاربة و"ديما بونو" تصدح والسعوديون يحبون المغرب            "المنافسة": سلسلة التوزيع ترفع أسعار الأغذية وتتجاهل انخفاضات الموردين    سعر النفط يستقر وسط هدوء مؤقت    نتائج بورصة البيضاء اليوم الأربعاء    مطالب برلمانية للحكومة بالكشف عن المكاسب التنموية للمغرب من استضافة كأس العالم 2030    الوزارة تمدد أجل طلبات دعم الصحافة    تفكيك خلية "داعشية" بين تطوان وشفشاون شرعت في التحضير لمشروع إرهابي        إخماد حريق أتى على 16 هكتارا في غابة "بني ليث" بإقليم تطوان    "الاستقلال" يدين استهداف السمارة    تيزنيت تستعد لاحتضان الدورة الجديدة من «الكرنفال الدولي للمسرح»    ندوة توصي بالعناية بالدقة المراكشية    ‬بعد جدل "موازين".. نقابة تكرم شيرين        32 قتيلا في غارات على قطاع غزة    صحيفة "الشروق" التونسية: ياسين بونو قدم أداء "ملحميا بكل المقاييس" في كأس العالم لأندية كرة القدم    أنغام تخرج عن صمتها: لا علاقة لي بأزمة شيرين وكفى مقارنات وظلم    الأمني: حضور رئيس الحكومة في البرلمان.. بين مزاعم بووانو وحقيقة الواقع    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عُطل مفاجئ يصيب منصة "إكس" ويثير شكاوى المستخدمين عبر مواقع التواصل    اعتراف دولي متزايد بكونفدرالية دول الساحل.. مايغا يدعو إلى تمويل عادل وتنمية ذات سيادة    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.    ممثل وزارة الخارجية في المناظرة الوطنية: الذكاء الاصطناعي أداة لبناء شراكات جنوب-جنوب مبنية على القيم والمصالح المشتركة    التنسيقية المهنية للجهة الشمالية الوسطى للصيد التقليدي ترفع مقترحاتها بخصوص '' السويلة '' للوزارة الوصية        دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل للنثر قصيدة


اعتذار لا بد منه
أبدأ مقالتي بالاعتذار مقدما لكثير من أصدقائي الأعزاء الذين يكتبون قصيدة النثر، فأبين أن وجهة النظر التي تعرضها هذه المقالة ليست انتقاصا من جهودهم، ولا تقليلا من قيمة نصوصهم الرائعة في كثير من الأحيان، ولكن لضرورة أراها ملحة، حتى يمكن للأجيال الصاعدة من القراء أن تفرق بين الشعر والنثر، وحتى لا يختلط عليها الأمر، ولا تستطيع التمييز بين النوعين، خاصة قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر لما بينهما من تشابه ظاهري، لمن لا يمتلك الأذن الموسيقية التي تميز الشعر من النثر، فيصبح النوعان سيّان لدى غالبية القراء.. ولا أعتقد أن تسمية هذه النصوص الأدبية النثرية الراقية بمسمياتها الحقيقية ينقص شيئا من قيمتها، وليكن لكتاب هذا اللون الأدبي أسوة حسنة بمحمد الماغوط، أحد أبرز رواد هذا الفن عندما قال: ( أنا أكتب نصوصا، فليسمها النقاد ما يشاؤون، ولن أغضب إذا قيل لي لست بشاعر، وإنما كاتب نصوص ) .
تمهيد:
قد يبدو السؤال الذي يمثله العنوان مناقضا لنفسه للوهلة الأولى، حيث أن الشعر شعر والنثر نثر، ولا يلتقيان أبدا من حيث الشكل. فالكتابة في جوهرها تنقسم إلى نوعين رئيسين: هما الشعر والنثر، أما الشعر فهو الكلام الموزون المقفى في تعريفه الأولي، وإن كان هذاالتعريف قاصرا، ولا يشتمل على جمال الصورة، وصدق العاطفة، وعمق الفكرة وأصالتها وجدتها، ويخرج منه النظم العلمي والشعر التعليمي كألفية ابن مالك، وما شابهها من نظم في علوم اللغة والفقه وكل الشعر التعليمي، لكنه يظل شعرا من الناحية الشكلية.
أما النثر فهو ما سوى ذلك من الكتابة المرسلة، وهو أيضا يتفرع إلى فرعين رئيسيين: النثر العلمي وهو الكتابة التي تدون بها العلوم والمعارف لنقل المعلومات، دون تركيز على جمال الصياغة الفنية والأسلوبية، وإنما تركز على نقل المعلومة سليمة خالية من الأخطاء مؤدية للمعنى المراد فقط. أما النثر الأدبي فهو الذي يهتم بالصياغة الأدبية شكلا ومضمونا، وهو يندرج تحت فنون متعددة منها: المسرحية والخطبة والمقالة والخاطرة والقصة الطويلة ( الرواية ) والقصة القصيرة والأقصوصة والقصة القصيرة جدا ( الومضة ) ، ويعتمد على براعة الكاتب وجودة أسلوبه في عرض نصه ضمن الفن الأدبي النثري الذي اختاره وعاء له. ولست أدري أي ضير يلحق بالكتابة الإبداعية النثرية، التي تقطر رقة وعذوبة وصدق عاطفة وجمال تصوير، إن سميت مقالة أو خاطرة أو نصا نثريا؟ وما الذي يعيبها أو ينتقص من قيمتها، إن نسبت إلى جنسها وهو النثر الأدبي، وما الذي تكسبه هذه النصوص من التسمية المتناقضة (قصيدة النثر) فهل للنثر قصيدة؟ .
إن الوزن الشعري والموسيقى العروضية هي أول شروط القصيدة، وبدون الوزن لا يمكن أن يسمى الكلام شعرا. ومن الذي قال إن النثر ليس فيه من الجمال ما يوازي الشعر، و يتفوق عليه؟ ألم يقدمه رسول لله – صلى لله عليه و سلم- على الشعر عندما قال: ( إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة) .
فقد نسب سحر القول للبيان وقصد به النثر، ونسب الحكمة للشعر، لما فيه من إيجاز العبارة، واشتمالها على العبرة والموعظة، وسهولة الحفظ.
وهل ما نشأنا عليه، وتربت عليه أذواقنا، وتدربنا على أن ننسج على منواله في موضوعاتنا الإنشائية الأولى أيام فتوتنا، من تقليد لرومانسية المنفلوطي في ( عبراته و نظراته ) ، ورقة جبران خليل جبران وتدفق العاطفة في كتبه: مثل ( الأجنحة المتكسرة ) و ( دمعة و ابتسامة) وغير ذلك من روائعه، يقل في روعته وجماله عن الشعر؟
لكن أصحابه لم ينسبوه للشعر، بل سموه باسمه الحقيقي نثرا أدبيا جميلا ، فما عابه ذلك ولا انتقص من مكانته، وسنعرض فيما يلي لنماذج من هذا النثر الأدبي الذي ما ادعى قائلوه أنه شعر وإن كان أجمل من الشعر:
فهذا مقتبس من نص لجبران خليل جبران بعنوان( أغنية) من مجموعته (أغاني) ضمن
( المجموعة الكاملة) . انصت إليه يقول:
( في أعماق نفسي أغنية، لا ترتضي الألفاظ ثوبا، أغنية تقطن حبة قلبي، فلا تريد أن تسيل مع
الحبرعلى الورق، وتحيط بعواطفي كغلاف شفاف، فليست تنسكب على لساني كالرضاب.
كيف أتنهدها وأنا أخاف عليها من دقائق الأثير؟ ولمن أنشدها، وقد تصدرت سكنى بيت نفسي، فأخشى عليها من خشونة الآذان؟ ) .
ألا نجرب أن نعيد كتابتها على طريقة قصيدة النثر، لنرى ما الذي ستضيفه إليها هذه الإطلالة الجديدة:
في أعماق نفسي
أغنية
لا ترتضي الألفاظ ثوبا
أغنيةتقطن حبة قلبي
فلاتريد أن تسيل
مع الحبر على الورق
وتحيط بعواطفي
كغلاف شفاف
فليست تنسكب على لساني
كالرضاب
كيف أتنهدها
وأنا أخاف عليها
من دقائق الأثير؟
ولمن أنشدها؟
وقد تصدرت سكنى بيت نفسي
فأخشى عليها
من خشونة الآذان
هل أصبحت الآن قصيدة، وازدادت جمالا عما كانت عليه وهي نص نثري بديع؟
لست أدري؟ وأترك تقدير ذلك لكل قارئ ليقارن بين الحالتين . ) . . .
* نقلا عن كتاب : سوانح شاردة في اللغة والأدب . مقالات نقدية . المؤلف فيصل سليم التلاوي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.