انتقد التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2018 القيود المفروضة على الصحافة وحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي بالمغرب. واعتبر التقرير الذي جاء في 38 صفحة، أنه بالرغم من تنصيص الدستور المغربي على حرية التعبير، لكن التعاطي مع بعض المواضيع الحساسة مثل الإسلام والملكية يمكن أن يجر صاحبه إلى القضاء ،حيث تتراوح العقوبات بين الغرامات والسجن، ذلك أن السلطات تستخدم مجموعة من الآليات المالية والقانونية لمعاقبة الصحفيين المنتقدين.
وبحسب التقرير تم تغريم اثنين من الصحفيين بموجب قانون الصحافة خلال العام الماضي، مقارنة بثلاثة في عام 2017، فيما توبعا الصحفيان توفيق بوعشرين وحميد المهداوي بالقانون الجنائي. واستند التقرير على أرقام صادرة عن وزارة الاتصال أشارت فيها أن 28 صحفياً واجهوا تهمًا خلال عام 2018 بموجب قانون الصحافة، ويعود ذلك في معظمه إلى الشكاوى المتعلقة بالتشهير ونشر معلومات كاذبة وعدم احترام الحياة الخاصة. وانتقد التقرير الحكم الصادر ضد محامي معتقلي حراك الريف ” عبد الصادق البوشتاوي” ، الذي حكمت عليه المحكمة الابتدائية في الحسيمة بالسجن لمدة 20 شهرًا ، بتهم إهانة المسؤولين وممثلي السلطة أثناء تأديتهم لواجبهم ، والتحريض على ارتكاب جرائم ، والتحريض العلني عبر Facebook للمشاركة في الاحتجاجات والمشاركة في الاحتجاجات غير المصرح بها. كما تطرق التقرير إلى أوقات الانتظار الطويلة التي يحتاجها الصحفيون للحصول على الاعتماد بموجب قانون الصحافة لعام 2016، معتبرا أن الصحفيين المقربين من الحكومة و “القصر” تلقوا بطاقة الصحافة في وقت قصير مقارنة مع الصحفيين المستقلين. وأعطى التقرير المثال بموقع ” يا بلادي” و “لوديسك” اللذان حرم مدراؤهما من البطائق الصحفية التي تأخرت لمدة سبعة أشهر، وبعد إثارة الموضوع عبر تغريدة على “تويتر” أصدرت الحكومة بطاقات لهم بعد يومين عندما تدخل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني واجتمع مديرا الموقعين بمسؤول بوزارة الاتصالات وحل بعدها المشكل. الترهيب والتضييق وأشار التقرير إلى الحكم الصادر ضد ” عبد الكبير الحر” مؤسس ورئيس تحرير موقع “رصد”، والذي أدين بالسجن أربع سنوات بتهم مختلفة من بينها التحريض على مظاهرات غير مرخصة ، وإهانة السلطات العمومية، حيث أكدت السلطات أن الحر لم يكن صحفياً مسجلاً في عام 2017 أو 2018 وحاكمته بموجب القانون الجنائي. وأكد التقرير أن السلطات فرضت إجراءات صارمة اتجاه الصحفيين الأجانب الذين يحتاجون إلى موافقة وزارة الاتصال للدخول والعمل في البلاد، لكنهم لم يحصلوا عليها دائمًا، حيث طردت السلطات 3صحفيين دوليين على الأقل خلال العام الماضي بسبب عدم توفرهم على اعتماد. وتطرق التقرير كذلك إلى محاكمة أعضاء “الجمعية المغربية للصحافة التحقيق” “امجي”، ومن بينهم هشام المنصوري و “المعطي منجب”، اللذان تتأجل محاكمتهما منذ عام 2015 ،وتم اتهامهم بتلقي أموال أجنبية مخصصة لأعمال تهدد الأمن الداخلي والسلامة الإقليمية للمغرب ، وإدارة جمعية تمارس أعمالًا غير مصرح بها ، وقبول أموال أجنبية غير مصرح بها، وبالرغم أن أعضاء الجمعية ظلوا أحرارًا ولكنهم أبلغوا عن مصاعب عديدة تعرضوا لها بسبب القضية التي لازالت المفتوحة. وأكد التقرير أن بعض الصحفيين أقروا بتعرضهم للمضايقة والترهيب ، بما في ذلك محاولات لتشويه سمعتهم من خلال شائعات ضارة عن حياتهم الشخصية. القيود والرقابة الذاتية وأبرز التقرير أن الرقابة الذاتية والقيود على المواضيع الحساسة تبقى عقبات خطيرة أمام تطوير صحافة حرة ومستقلة بالمغرب، فيمكن للسلطات أن تصادر المنشورات التي تنتهك ما يسمى بالنظام العام أو تنتقد الإسلام أو المؤسسة الملكية، حيث فرضت غرامات باهضة على بعض وسائل الاعلام. وأشار التقرير إلى قيام وزارة الثقافة والاتصال بسحب 25 كتابًا من المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء ، بدعوى أنها تضمنت محتوى يسيء إلى الأديان ، أو لأنها تضمنت صورا وخرائط مجتزأة للمغرب ولم تضمنها “الصحراء الغربية” كجزء من البلاد. وذكر التقرير حالة الصحفي “حميد المهداوي” الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات سجنا نافذا، بتهم عدم التبليغ عن جريمة تمس أمن الدولة، وتمت متابعته بالقانون الجنائي علما أنه صحفي، مشيرا أن السلطات زعمت أن المهداوي تلقى معلومات تفيد بأن فردًا كان ينوي تهريب الأسلحة إلى البلاد لاستخدامها في الاحتجاجات التي كان يغطيها المهداوي في الريف لكنه لم يبلغ الشرطة بهذا. وشدد التقرير على أن السلطات لم تعرقل الوصول إلى الإنترنت، لكن تسمح بعض القوانين، مثل قانون الإرهاب في تصفية بعض المواقع الإلكترونية، إضافة إلى أن صرف أموال الإشهار والإعلانات يتم بطريقة غير عادلة والرقابة الذاتية والمحاكمات المستمرة للصحفيين حالت دون ظهور بيئة إعلامية نشطة على الإنترنت بالمغرب. إلى جانب محاكمة الأفراد بسبب تعبيرهم عن آراء أيديولوجية معينة عبر الإنترنت ، خاصة فيما يتعلق بالاحتجاجات في منطقة الريف. الحد من حرية التجمع السلمي وأكد التقرير أن السطات المغربية حدت من حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وتدخلت قوات الأمن في بعض الأحيان لفض بعض المظاهرات واعتبر المسؤولون أنها تشكل تهديدًا للأمن العام. وأضاف أنه بالرغم من أن القانون ينص على الحق في التجمع السلمي تحتاج مجموعات من أكثر من ثلاثة أشخاص إلى إذن من وزارة الداخلية للاحتجاج علانية، واشتكت بعض المنظمات غير الحكومية من أن السلطات لم تعطي عملية الموافقة بشكل ثابت واستخدمت التأخيرات الإدارية وغيرها من الوسائل لقمع أو عرقلة التجمع السلمي غير المرغوب فيه. وأشار التقرير أنه بالرغم من أن السلطات سمحت بالعديد من الاحتجاجات للمطالبة بالإصلاح السياسي والاحتجاج على تصرفات الحكومة، ولكن في كثير من الأحيان فرقت الاحتجاجات السلمية بالقوة أو منعت المظاهرات. وانتقد التقرير طريقة التعامل مع الاحتجاجات في جرادة التي نظمت فيها 300 مظاهرة وشارك فيها حوالي 55000 شخص ، وأدى التدخل الأمني فيها إلى إصابة 29 مدنياً و 247 من أفراد قوات الأمن في أعمال عنف اندلعت خلال التدخلات، بما فيها دهس قاصر عبر سيارة شرطة والتسبب له بجروح خطيرة. إضافة إلى اعتقال 94 شخصا على خلفية احتجاجات جرادة من ضمنهم قاصرين والحكم عليهم بأحكام سجنية نافذة. وتطرق التقرير كذلك إلى الأحكام الصادر في حق معتقلي حراك الريف والتي وصلت كما هو الحال مع قائد الحراك ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه إلى عشرين سنة سجنا نافذا. التضييق على الجمعيات التقرير أشار أيضا إلى التضييق على الجمعيات، موضحا أنه بالرغم من أن الدستور ينص على حرية تكوين الجمعيات ، فإن السلطات تقيد هذه الحرية في بعض الأحيان، حيث منعت العديد من الجمعيات من وصول التأسيس. إلى جانب القيود المفروضة على التمويل، فالرغم من أن السلطات لا تقيد مصدر تمويل المنظمات غير الحكومية العاملة في البلاد ، لكنها تلزم التي تتلقى تمويلًا من مصادر أجنبية بالإبلاغ عن المبلغ وأصوله في غضون 30 يومًا من تاريخ الاستلام. كما عاقبت السلطات العديد من الجمعيات التي تنتقدها من خلال حرمانها من الوصولات، وأعطى التقرير المثال بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان.