بوريطة: إفريقيا الأطلسية قطب استراتيجي    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية    المكتب الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان فرع العرائش يدين سرقة شركة النظافة للكهرباء    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    الحكومة تراجع مدونة الشغل و تتجه نحو التأطير القانوني للعمل عن بعد    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    بعد عام .. "الاستقلال" يترقب اختيار بركة الأربعة المبشرين باللجنة التنفيذية    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    مجلس عمالة طنجة أصيلة يعقد دورة استثنائية ويصادق على منح دعم لاتحاد طنجة ب1.4 مليارا    إيقاف شخصين يشتبه ارتباطهما بشبكة تنشط في الاتجار الدولي للأقراص المهلوسة وحجز 1170 قرص طبي مخدر    ترامب: الاتفاق التجاري مع لندن شامل    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    توقعات بإنتاج 4800 طن من الورد العطري هذا الموسم    الدخان الأسود يتصاعد من الفاتيكان.. الكرادلة لم يتوصلوا لاختيار البابا الجديد    "كان" الشباب... المنتخب المغربي ينتظر وصيف المجموعة الأولى لمواجهته في ربع النهائي    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    محاكمة ناشطيْن من "حراك الماء" بفجيج    مهندس سابق ب"غوغل": غزة تشهد أول "إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"    تعزيزا للسيولة.. بورصة الدار البيضاء تستعد لإطلاق سوق جديدة للمشتقات المالية    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    ديكلان رايس بعد خسارة آرسنال ضد باريس سان جيرمان: "بذلنا قصارى جهدنا.. وسنعود أقوى"    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    الذكرى ال22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن: مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشقياء بين مطرقة اغتيال الدبلوماسية وسندان سياسات الازدراء
نشر في لكم يوم 01 - 10 - 2012

الوقت مساء يوم من أيام الخريف لربيع عربي. المكان سكن قديم في حي فقير من أحياء بنغازي الليبية. أصوات وقع أقدام تنزل السلم. صوت امرأة تحاول إقناع ابنيها الشابين بالعدول عن الخروج أو على الأقل الرجوع باكرا لتناول العشاء مع أبيهما المريض. أصوات تغريد العصافير تمتزج بصوت مقرئ مصري معروف يتلو آيات مكية من القرآن ينبعث من مذياع ما في شقة ما في طابق ما من البناية. صوت نحنحة يتبعها تكبير للشروع في صلاة تختلط ببكاء رضيع وصراخ أطفال يلعبون في الطابق السفلي.أصوات منبهات وصفارات إنذار لسيارات إسعاف تمر بسرعة تخترق الجدران والأبواب . أصوات بلبلة وصخب لكثلة من الغاضبين يهتفون بشعارات غير مفهومة تنقر بإلحاح على طبول الآذان من أمكنة غير بعيدة. أصوات أمواج البحر تسد فراغ الصمت بين كل تلك الأصوات .
.شابان في العشرينيات من عمرهما يلوحان بثقة لأمهما التي تقفل الباب ورائهما.. ينزل الشاب الأصغر قبل أخيه بخفة وتفاؤل ويتأخر الأكبر في السلم لكي يتفقد مسدسا أوتوماتيكيا في الجيب الخلفي لسروال جينز تحت جاكيت عسكرية قديمة ليجدا اثنان من أصدقائهما ينتظران بمدخل العمارة وفي يد أحدهما بندقية كلاشنكوف قديمة . يسلم الكل على الكل مع تصنع عنف ورجولة مبالغ فيها في المصافحة ورنة الصوت. بعد السلام والسؤال عن الأحوال ٫ تنطلق المجموعة نحو هدف متفق عليه ليلة ما قبل البارحة.
وبما أن الدعابة محبة, يتجرأ أحد الشباب الأصغر سنا مازحا هامسا في أذن آخر قائلا بتثاؤب ملحوظ: ونحن ما شأننا بفيلم صنعه أحد السفهاء بأمريكا أثار فتنة أنا متأكد من أنها مفتعلة? نحن الذين خرجنا للتو من حرب داخلية كادت تعصف بنا وما زلنا نداوي جراحنا؟ ....سمعه أحد الرفقاء الكبار وأجابه :جميع سكان أمريكا سفهاء وكلهم يستحقون العقاب. يحقدون علينا ويستصغروننا ويحتقروننا ويتآمرون علينا وعلى ديننا. فإلى متى يا ترى نحن لهم صابرون؟
أريد أن أقول إن ديننا ليس بذلك الضعف الذي يتصوره بعض الناس الذين ارتأوا ضرورة الوقوف في وجه كل من يحتقر أسسه وقطع رأس كل من تفوه بكلمة سفيهة في حق النبي صلى الله عليه. الحمد لله وما شاء الله ديننا قوي. ولن يضعف بمشيئة الله أمام الماكرين. والله جل جلاله يقول: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" صدق الله العظيم
أدار حامل الرشاش ذي اللحية السوداء رأسه نحو رفيقه بابتسامة عريضة قائلا: فلسفة أخيك السفسطائية سوف تودينا يوما في داهية .منطق ساذج سوف يخرجنا عن الجماعة ويحرجنا في حينا. شيخنا وفقيهنا نطق بالحق وكلام أخيك لا يتعدى لغوا في لغو إن زاد عن حده سوف ينقلب ضدنا . وقد كاد بعض اللغو أن يكون كفرا لنشره فتنة وضلالة اسأل العلي القدير أن يقينا لهيب نارها في عيشنا...
سمعه الشاب وقال: أستغفر الله أخي وأعوذ بالله من شر أقوالنا وأنفسنا وأفعالنا, ما كنت أقصد ما نويته. إن قولي هذا لا يزيد عن تساؤل بريء عن جدوى مظاهراتنا في وقت خلت أن الثورة ضد الظلم قد انتهت وجماجم كفار زنادقة ومجرمين قد أقبرت. وحان جني ثمار أعمالنا لنقبض ثمن مغامراتنا بحياتنا. أقول قولي هذا وأرجو المغفرة من إمامنا.
ابتسم الأخ الأكبر قائلا: ومن قال لك أن الثورة انتهت? ومن فينا جنى أو سوف يجني ثمارها?ليس بعد يا صغيري. كثير من الأشياء سوف تفهمها في وقتها إن شاء الله.
نظر إليه حامل الرشاش قائلا:الرشاش الذي أحمله ليس ثقيلا ولن يثقل خمسة من أمثاله على كتفي شاب كله قوة ونشاط في مثل سنك.احمله وسوف تحس بالسعادة والطمأنينة والهناء. يا الله كم أغبط أبناء عمي الذين ورثوا عشرين دبابة .لو على الأقل كنت مالكا لواحدة من تلك الدبابات ما كنت أحمل هذا الرشاش الرخيص. أحب السلاح وأنا مستعد للاستشهاد من أجل الدفاع عن نبينا, ولن أتراجع عن موقفي ولو زينت لي الأرض كلها بكل ما يباع ويشترى. أعداء الله في تزايد وديننا الحنيف والحمد لله يحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبهتان. وكل من توارى عن الجهاد في سبيل الله وعن معاقبة من قدح في شخص المصطفى الأمين فهو منافق جبان.
فيلم رديء فنيا وتقنيا غير مكتمل لا يتعدى عشر دقائق, أصله إشاعة لفيلم طويل لم يسجل رسميا في سجل أي ولاية أميركية ولم يرخص إنتاجه أو تسويقه. أخرجه أحد المصريين الأقباط استعمل حقائق أحداث تاريخية وأقاويل مسطرة في كتب كثيرة مستدلة بأفكار وبراهين مبتذلة ومعروفة تبث يوميا على القنوات المسيحية بأسلوب طفولي وسخرية من مرسخات ومقدسات ليست بالجديدة. فيلم لم يتعدى إنتاجه بضعة مئات من الدولارات يثير كل هذا الصخب و يكون له كل هذا الوقع على هذا الخضم الكبير من البشر؟ شيء لا يصدقه العقل!
تساؤلات لا تنتهي عن أصل المنتج والمخرج وتضارب المعلومات. فهذا يقول إنه يهودي ماكر اخرجه بأموال إسرائيلية وآخر ينفي علاقة الفيلم باليهود ويبرئهم من المؤامرة ,والأخبار والأقوال تتقاطر وتتكاثر ليخرج ثالث يؤكد بغباء مفتعل علاقة الفيلم بالأجهزة الاستخباراتية والحكومة الأمريكية. قليل من ربط إنتاج الفيلم في هذا الوقت بالذات بمؤمرين من أصل عربي يسكنون ارض العم سام أو أوروبيين يحملون أفكارا نمطية مسبقة وحقد دفين ليسوا كلهم وليدي البارحة يدافعون بدورهم عن تاريخهم وعقائدهم ولن يتواروا عن دفاع مستميت ضد غزو محدق لمعتقداتهم في عقر دارهم من طرف غزاة ملتحين. صور نمطية صيغت وركبت في مخيلاتهم من طرف حكومات ائتمنوها على أنفسهم وأحداث عاشوها رسخت الخوف من تلك الجماعات يقينا في أذهانهم.
وصل الشباب الأربعة إلى مفترق طرق ثم انضم اليهم اثنان محملين برشاشات ثقيلة من صنع روسي.
انطلق الشباب بصمت في اتجاه أصوات مظاهرات تأتي من بعيد. تمر سيارة إسعاف بسرعة مفرطة. يسمع صوت فرامل من عجلات سيارة رباعية الدفع يسوقها احد الأصدقاء تقف أمامهم لتقلهم نحو مصير غير متوقع اكتوى اثنان منهم وعدا أمهما بالرجوع وقت العشاء بنيران مضادة لعاملين وحراس أمن أمام سفارة الولايات المتحدة وماتا على الفور ,بينما تسببت رصاصات انفعال طائشة من فوهة رشاشات وقنابل يدوية من أيادي مجهولة الهوية في مقتل سفير دولة كبرى وقفت لجنب الليبيين لمؤازرتهم ومد يد العون لهم في أوقات شدة للخروج من ويلات مذلة وقهر واستعباد رغم الشكوك والأقوال حول حسن نياتها٫ ورغم تصدير بعض حكوماتها السابقة الخراب ولعبها ألعاب الصبيان بالوعود الفارغة والاستهتار وحسن رقصها على نقر طبول أصحاب الشركات الكبرى لتصدير آلات القتل والتشريد وبضائع السموم البطيئة وإغماض عيونها عن اهتمامات مواطنيها البسطاء البؤساء.
اندفاع عاطفي طائش وهيستيريا شاملة لمجتمعات فقيرة خارت قواها سياسيا ومعنويا تضم ملايين من البؤساء ضحايا يأس وتهميش وجهل مقنن .كثل ضخمة لفاشلين على كل المستويات مادية دراسية اجتماعية ومهنية يرتمون في أحضان مجموعات من أشخاص عانوا من ضجر وسأم سياسات قديمة تقليدية متحجرة تستعمل صورا نمطية جميلة لمواطن نموذجي أسطوري متفائل يبتسم بأسنان بيضاء لتدجين مواطنيها,جنبا لجنب مع يائسين فروا من فقر مقفع في بلادهم ينقبون عن السعادة السهلة الممتنعة في دول استقطبتهم لأهداف سياسية داخلية وسد الخصاص في اليد العاملة. الكل يجد توازنه النفسي في الانتماء للجماعة والارتماء السريع في المخاطرة والمجهول من أجل أحلام ملونة جميلة منحت كطعم لهم ٫ باحثين عن معنى لوجود لهم فقدوه وسط تنقيص واحتقار ولهيب ارتفاع أسعار اكتووا بلسعاته منذ طفولتهم يطمحون في إرواء عطش عاطفي مميت في صقيع مجتمع استهلاكي جديد يعبد الخوصصة والماديات ويفتقر للمعايير الأولية للتوافق الاجتماعي من دفء إنساني مفقود وتمييع للأخلاق ملحوظ, تحت ظل أنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية يبست جذورها تكرس سياسات شادة وتقنن الجهل بأدوات أفيونية تلحن سمفونيات الأوهام وعشق السراب. كل العالم وقف منبهرا لا يجد معنى لصور غضب ثيران خرجت للتو من الظلام موجهة قرونها لكل ما هو أحمر ملوحة بالدماء والموت والخراب. يأس وكآبة يولد التذمر والعنف. عنف يسخر من طرف أجهزة تحكم عن بعد تحت سيطرة سماسرة بائعي الأسلحة وتجار الموت ومهندسي خرائط جيو سياسية
وهوت وتوالت التفسيرات والتعليقات كجلاميد صخور تقع من السماء فوق رؤوسنا يقودها احترافيو بعبعة ألسنة مبهمة عبر قنوات ببغائية في من يكون وراء الرصاصات الطائشة . قلة قليلة منها صدرت منها إشارة لمؤمنين وموالين لموتى نظام سابق حركت مشاعرهم تسلم السلطات الجديدة رمزا من رموزه التحى وكشر عن ابتسامة مكر وخداع, نظام لم يمت مناصروه إلى الأبد شاعت تساؤلات عن ارتباط مقتل السفير بطلب ثأر أقسم أصحابه على الانتقام بكل الوسائل لخزي موت إنسان من أبناء فراعنة القرن العشرين كتب جهلا أسودا في كتاب أخضر عششت تماسيحه وثعابينه الرعب في الصدور لزهاء نصف قرن.
قليل منهم ربط حادث الاغتيال بأيادي خفية استغلت ظروف الانجرافات الانفعالية العاطفية ليمرروا جملا وأفعالا من أجنداتهم الإرهابية على أرض الواقع أملا في تخويف الأطفال الكبار أحفاد العم سام أصحاب العلوم والتكنولوجية وصناع القرار لكي ينعم الملتحي السلفي بقدر أكبر من التقدير والحرية والاحترام
آلات سياسية تستخف بعقول الكتلات وتكرس الجهل وتنشر الويلات في دول شتى من العالم . دويلات صغيرة ضعيفة يمضغ سكانها علكة خضراء من إنتاج محلي يعيش فيها بؤساء ويائسون يلعبون ألعابا بهلوانية لسيناريوهات عنف وتسوية حسابات أيديولوجية أطاحت بضحايا انمحت أسمائهم من سجلات الأحياء. يكر ويصول أحد مواطنيها العجزة ,لا يملك دراهم معدودة لاقتناء نعل رخيص يفصل قدميه عن حرارة الأرض الأسفلتية, ملوحا بيده مهددا بالدخول إلى أديرة ورحاب عاصمة أقوى نظام في العالم والانتقام لما صدر منهم من ازدراء بمعتقداته الروحية. أشياء تضحك وتبكي في نفس الوقت.
وآخر أثقلت وجهه لحية كلها نفاق وزور لا يفقه في المبادئ الأولية للدبلماسية يلوح بسبابة يده اليمنى من وسط زوبعة من الأرامل واليتامى المموهين كان جهله سببا في ويلات لحقت بهم وذويهم أثناء إحدى هجمات طائرات إسرائيلية سنوات مضت, بلهجة كلها تحدي وانتقام من كل من استعمل الأنترنيت فوق وجه الأرض بشكل لا يليق بجنابه أو أخرج فيلما دون أن يطلب رخصة من حضرته وفخامته. متجاهلا رائحة عفنة لجثث ضحايا مدنيين أبرياء تلوث فضاء منخريه النقيين تحملها رياح الجنوب تطلب النجدة وما من مغيث.
ضحايا أغبياء يلتوون من فرط آلام معنوية لم يقووا على تحملها ما بين مطرقة البطش والاحتقار والاستعباد وسندان الفقر والجهل والأمراض. صراع إبستيمولوجي في ميزان قوى لا يتكافأ فيه الجانبان ولا يمكن إقناع الواحد الآخر ولو التقى الشمس والنجم والقمر. إرث ورثته جيوش من صانعي القرار عبر التاريخ من شغف برضخ وإذلال الآخر وحب السيطرة والهيمنة عليه وتطبيع طرق تفكيره والتحكم في توازن نفسيته وانطباعاته وسلوكاته في أوطان تقنن محو الهوية ونشر الأمية ولا تستطيع ضمان مستقبل أضحى مخيفا تحت مزايدات لا تنتهي من صنع وتطوير لأسلحة ذات الدمار الشامل سقطت بثقلها في أيادي مرتجفة لن تتماسك ولن تقاوم ضغوط الانفعال لتضغط على زناد رشاش آلي أو زر انفجار.
تخوفات أمام استفزازات لا تنتهي لقوى جديدة, قديمة ,تقليدية تقتني آخر موضة سيارات وطائرات وأجهزة إلكترونية . تتواجد في كل مكان رغم كونها غير مرئية, تلبس أقنعة من كل الأشكال لها ضخ لا يفنى من الأموال, من عائدات ذهب أسود خام٫ تحيك مؤامرات من الوزن الثقيل, تفجر سيارات في أسواق الفقراء في عواصم عربية بئيسة. تهاجم أعدائها بصمت من الخلف وتؤمن بتوصيات خدع الحروب. لن يغمض لها جفن أو يهدأ لها بال حتى توقف عجلة تحرك الزمان, وينتشر الجهل والغباء وتحقق لنفسها الأمان. تنفق المليارات لكي تبرمج عقول مئات الملايين كي ترى العالم بعين واحدة ومنطق يتيم تكراري قديم من منطلق كل من يهب ويدب على الكوكب الأزرق الجميل فان.
أبحاث في سيكولوجيا التحكم الشامل أجريت في الولايات المتحدة خلال فترة ما بين الحربين وصلت إلى نتائج مهمة حول عمق النفس البشرية. خرج الباحثون باقتناع بأن نفس الإنسان شريرة أو بالأحرى أمارة بالسوء في أصلها وجذورها ولذلك وجب تدجينها وتطبيعها والسيطرة عليها ,عبر وسائل علمية وتجارب مختبرات,أدت إلى توجيه لأفكار وتأثير على الأفئدة حققت في قفزات نوعية في تقنيات اللعب السياسية وبلورة معطيات حديثة ذكية صاغوا فيها ما وصلوا إليه لحد صنع احتياجات جديدة ليستهلكها الإنسان لم تكن لتخطر على بال من إدمان الشراء والاستهلاك للوازم بسيطة للاستعمالات الفردية كمشروبات غازية تجهل مواد تصنيعها وشرب دخان لسيجارات تحتوي على مواد كيميائية يصل مفعولها إلى مستوى جانب عميق في المخ يتحكم في الإرادة مدروسة بدقة وعناية في مختبرات كبيرة.
واشتغل صناع القرار الكبار في القرن الماضي في خلق مناهج جديدة تخدم مصالح أصحاب الأموال الضخمة واجتهدوا في تقنيات تطبيع الإنسان ومن ثم الاستحواذ على مفاتيح السيطرة الشاملة على كل البشر الأحياء تحت رعاية مئات من العلماء من كل الأشكال واختصاصين في علوم نفس واجتماع وكيمياء٫ تستعمل فيها كل الوسائل الممكنة من أسلحة فتاكة وآليات جد معقدة في التجسس على الأنظمة والأفراد والسيطرة على الاقتصاد العالمي وتصدير أيديولوجيات مفبركة في علب أفلام وتحكم على أجهزة وشبكات الاتصال.
أيديولوجيات من كل الأشكال والألوان تتنازع حول السيطرة على عقول ضعفت بتجهيل وتفقير وترهيب كتلات بشر ولهان .همها البحث عن سعادة وهمية تمنحها هواية الغطس في الأسطورة والخرافة والانجراف نحو التطبيع وراء أحاسيس مرهفة والتعلق بأوهام سراب لا تسمن ولا تغني من جوع وهبها إياهم وهابون في صحراء تغير لون مياه آبارها إلى أسود قاتم أظلم قلوب أصحابها اغتنوا عن مصدر رزق ضمنه لهم بؤساء وأشقياء يكنون لهم المحبة والمودة لقرون. بدو في خيام اغتنوا فبطشوا وصدروا قنابل في شكل بشر يبعثرون الموت في الأسواق وينشرون الفزع في أفئدة أحبتهم ومستعدة للموت من أجل استهلاك أحلامهم.. عقول كانت ستكون أقوى وأنفع للبشرية جمعاء لو وجهت وصقلت لتحصيل علم ومعرفة وعرفان ,. أمثل من حضارة رعاة البقر الحالية الفارغة من الأخلاقيات والممتلئة بالتمييع والإباحيات والبهتان, من أجل تكريس حضارة ثقة ومحبة واحترام للإنسان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.