ممارسون وباحثون يُبلورون رؤية متجددة للتراث التاريخي للمدينة العتيقة    تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أزيد من ألفي قرص مهلوس    توقيف فرنسي من أصول جزائرية مبحوث عنه دولياً بتهمة الانتماء لعصابة إجرامية وحيازة متفجرات    روبيو يستبعد تقسيما دائما لقطاع غزة    إرسموكن :لقاء يحتفي بالذكرى ال50 ل"ملحمة 1975″ و محاكاة رمزية لها بحضور شاحنة "berliet" ( صور + فيديو )    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    إصابة تبعد الجمجامي عن الكوكب    الحزب الاشتراكي الموحد يستنكرإقصاء مدينة العرائش من الشطر الأول للبرنامج الوطني للنقل الحضري العمومي بواسطة الحافلات    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    المغرب يصطدم بكوريا الشمالية في ثمن نهائي مونديال السيدات لأقل من 17 سنة    بعد 17 سنة على مناظرة الصخيرات.. كرة القدم تصنع مجد الرياضة المغربية    دوري أبطال إفريقيا: الجيش الملكي يتأهل إلى دور المجموعات بانتصاره على حوريا كوناكري الغيني    المنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سنة يتعادل وديا مع نظيره الفنزويلي ( 3-3)    "حماة المستهلك" يطالبون بتشديد الخناق على زيت الزيتون المغشوشة    الملك يهنئ رئيس جمهورية كازاخستان    مشجعون من 135 دولة يشترون تذاكر نهائيات كأس إفريقيا في المغرب    الأمين العام للأمم المتحدة يثمن التعاون النموذجي للمغرب مع "المينورسو"    الأزمي: التراجع عن التغطية الصحية الشاملة في مالية 2026 دليل على إخفاق حكومة أخنوش    البرنامج الجديد للنقل الحضري العمومي للفترة 2025-2029.. استلام 70 حافلة جديدة بميناء أكادير    مسيرة في بروكسل تخليدًا لذكرى والد ناصر الزفزافي ومحسن فكري وإحياءً لذاكرة "حراك الريف"    ترامب منفتح على لقاء كيم ويصف كوريا الشمالية بأنها "قوة نووية نوعاً ما"    قبل أسابيع من انطلاق كأس إفريقيا للأمم.. فشل ذريع للمكتب الوطني للسكك الحديدية في التواصل مع المسافرين بعد عطل "البراق"    وفاة الملكة الأم في تايلاند عن 93 عاما    الأمين العام للأمم المتحدة يبرز التنمية متعددة الأبعاد لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة    فيتنام: المغرب يوقع على المعاهدة الدولية للأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    أمطار مرتقبة بالشمال وانخفاض في درجات الحرارة الأسبوع المقبل    مصرع دركي في حادثة سير مروّعة بضواحي القصر الكبير    شركة فرنسية تطلق خطا بحريا جديدا يربط طنجة المتوسط بفالنسيا وصفاقس    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    زينة الداودية عن صفقة زياش التاريخية: إنها الوداد يا سادة    نور عيادي تفتتح الدورة ال15 لمسابقة البيانو للأميرة للا مريم بأداء مبهر    الكوميديا والموسيقى في جديد هاجر عدنان "طاكسي عمومي"    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    مساعد مدرب برشلونة: الانتقادات ستحفز لامين جمال في الكلاسيكو    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    قمة صينية أمريكية بماليزيا لخفض التوتر التجاري بين البلدين وضمان لقاء ترامب ونظيره شي    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    وزارة المالية تخصص مبلغا ضخما لدعم "البوطة" والسكر والدقيق    طنجة... تتويج الفائزين بجوائز القدس الشريف للتميز الصحفي في الإعلام الإنمائي    تصريحات لترامب تعيد مروان البرغوثي إلى الواجهة (بروفايل)    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    حدود "الخط الأصفر" تمنع نازحين في قطاع غزة من العودة إلى الديار    التوقعات المبشرة بهطول الأمطار تطلق دينامية لافتة في القطاع الفلاحي    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    تقرير يقارن قانوني مالية 2025 و2026 ويبرز مكاسب التحول وتحديات التنفيذ    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    من وادي السيليكون إلى وادي أبي رقراق    من العاصمة .. حكومة بلا رؤية ولا كفاءات    عبد الإله بنكيران والولاء العابر للوطن    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورحل الأستاذ المرشد..
نشر في لكم يوم 16 - 12 - 2012

الذي رحل عنا بالأمس إلى جوار ربه ليس فقط مرشد جمعية الجماعة الخيرية التي عرفت باسم جماعة العدل والإحسان منذ أن رفعت شعار العدل والإحسان في نهاية الثمانينيات.. الذي التحق بالرفيق الأعلى هو رجل ولد في العام نفسه الذي أسس فيه الشيخ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين بمصر بعد أربع سنوات فقط من إعلان كمال أتاتورك عن سقوط الخلافة العثمانية عام 1924.. هو رجل بدأ حياته معلما وانتهى به المطاف مفتشا في التعليم بعد أن تدرج في وظائفه لعدة سنوات.. هو رجل تاهت نفسه في بحر الضيق والحيرة وأصابته أزمة روحية جد في البحث لها عن مخرج لم يهتد إليه إلا في ظل الزاوية القادرية البوتشيشية التي التحق بها، في عز الأزمة السياسية المغربية بعد إعلان حالة الاستثناء سنة 1965، والتي استراحت فيها نفسه ووجدت ملاذها على يد الشيخ العباس الذي أخد بيده ليسلك طريق العارفين بالله ويتقلب بين أشواق الصوفية وأذواقها.. هو رجل خرج من هدوء الصوفية وسكينتها إلى ضجيج السياسة وصراعاتها فاختار في أول مبارياته أن يدخل ملعب السياسة مهاجما يلعب في المنطقة المحرمة التي لا يغفر النظام ذنب من يحاول الوصول إليها أو اختراقها فتلك كبيرة من الكبائر عقوبتها السجن والحصار والإقصاء والتهميش ما لم يعلن المذنب توبته منها.. هو رجل قرر منذ الفصول الأولى لتشكيل لبنات الجماعة أن يمارس عمله الدعوي والسياسي في العلن نابذا كل أشكال السرية وأن يبلغ رسالته وينشر دعوته بالسلم رافضا كل أدوات العنف.. هو رجل في الفكر والتنظير ساد القوم وتزعمهم فألف بكثرة وكتب بغزارة وإن كان فكره لا يغادر دار الخلافة على منهاج النبوة وقلمه لا يتنكر لإرثه الصوفي الذي انعكس على نهجه التربوي أول الدعامات التي قام عليها تنظيم جماعة العدل والإحسان والذي يمثل محور تماسكه وقوته.. هو رجل ظل وفيا لما يدعو إليه، اختلف معه من اختلف واتفق معه من اتفق، لم يخذل قناعاته وأفكاره وأسلوبه ونهجه في أي لحظة من لحظات صراعه وصدامه مع السلطة الحاكمة، فحتى وهو يرمى به في مستشفى الأمراض العقلية ويزج به في السجن لعدة سنوات ثم يفرض عليه الحصار في بيته لعشرة أعوام، لم يقدم تنازلات أو يتاجر بالجماعة والمحن التي تعرض لها أعضاءها في السجون ليحصل على ما يتهافت عليه القادة والزعماء السياسيون عادة. فلو كانت السلطة غاية في ذاتها لدى الأستاذ عبد السلام ياسين لفعل مثلما فعلت الحركات والتنظيمات الإسلامية واليسارية في المغرب عندما أقدمت على إجراء مراجعات وإدخال تغييرات جذرية في أفكارها وأيديولوجياتها وخاصة موقفها من الملكية فلما أحست منهم السلطة الصدق منحتهم صكوك الغفران وجازتهم بأحسن الذي عملوا وقلدتهم من المناصب فوق ما كانوا يتصورون وأكبر مما يخطر لهم على بال. لو أراد الأستاذ عبد السلام ياسين السلطة لنفسه لأسس جناحا عسكريا وهو يعلم أكثر من غيره أن بقاء جماعته خارج المشروعية القانونية وبأساليب سلمية لن يحقق له مراده. لو أراد السلطة لنفسه وفي حياته لفعل مثلما فعلت أحزاب وتنظيمات راديكالية كانت لها ميليشيات وأجنحة عسكرية ولما أبقى على طابع جماعته المحلي والقطري والمستقل عن كل مد أو ارتباط خارجي. لو أن السلطة كانت وحدها مسعاه، كما سعى إليها غيره حبوا، كانت رسالة واحدة منه تحوز رضا وموافقة البصري كافية ليحصل على حزب سياسي وعلى مقاعد برلمانية وكيف لا على حكومة فيما بعد طالما أن هناك من سبق وجرب هذا المسار وأفلح في نيل ما كان يرجوه.
الذي رحل عنا بالأمس رجل يستحق منا، رحمه الله وتغمده بواسع رحمته، كل الاحترام والتقدير، مهما كان موقفنا من نظريته السياسية في الحكم المتمثلة في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، لأنه رجل لا يمكن اختزاله في صوفيته فقط ورميه بالشطحات والبدع فقد كان مفكرا طبع الحركة الفكرية المغربية بكتبه ومؤلفاته وأدخل إلى الساحة المغربية نموذجا إسلاميا فريدا في طبعه المحلي محتفظا باستقلاليته، عكس الشبيبة الإسلامية والتيارات السلفية التي كانت رهينة الفكر والدعم المشرقيين، ومميزا بنبذه للعنف ومتفوقا في تربية أعضاءه الإيمانية. نموذج أفاد المشهد السياسي المغربي في خلق التوازنات بعد المد الجارف للأفكار والتيارات اليسارية وخطورة الفكر المرجعي الراديكالي الذي اتسم به التيار الإسلامي حينها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.