وقّعت السعودية وباكستان اتفاقية دفاع مشترك، مساء الأربعاء، في خطوة اعتُبرت تتويجًا لشراكة أمنية ممتدة منذ عقود، لكنها جاءت في ظرف إقليمي مشحون بعد أسبوع واحد فقط من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة القطريةالدوحة، وأثارت صدمة خليجية حول جدوى مظلة الحماية الأميركية. العدوان الإسرائيلي على قطر – التي تحتضن أكبر قاعدة أميركية في المنطقة وتربطها اتفاقيات دفاعية مع تركيا – كشف هشاشة الوضع الأمني الخليجي. فوجود آلاف الجنود الأميركيين في قاعدة العديد لم يمنع الصواريخ الإسرائيلية من ضرب العاصمة القطرية، كما لم تتحرك أنقرة رغم معاهدة الدفاع المشترك الموقعة مع الدوحة. هذه المعطيات دفعت السعودية، ومعها عواصم خليجية أخرى، إلى البحث عن "مظلات بديلة" في الشرق. تأتي أهمية باكستان من كونها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحًا نوويًا، إضافة إلى امتلاكها أحد أضخم الجيوش في العالم الإسلامي. وقد أثبتت سياستها في الردع فاعليتها خلال مواجهاتها الخاطفة مع الهند، حيث جنّب التوازن النووي البلدين حربًا شاملة منذ نهاية التسعينيات. كما برزت إسلام آباد، ولو على مستوى المواقف، إلى جانب إيران في حربها الأخيرة مع إسرائيل، إذ كانت الدولة الإسلامية الوحيدة التي تبنّت خطابًا صريحًا مناهضًا لتل أبيب ومؤيدًا لطهران. وبحسب بيان مشترك، تنص الاتفاقية على اعتبار أي اعتداء على أحد البلدين عدوانًا على كليهما، وعلى تعزيز التعاون الدفاعي والتدريب العسكري وتطوير القدرات المشتركة. مسؤول سعودي قال لرويترز إن الاتفاقية "شاملة وتشمل جميع الوسائل العسكرية"، دون أن ينفي أو يؤكد التزامًا صريحًا بتوفير "مظلة نووية" سعودية عبر باكستان. رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وولي العهد السعودي محمد بن سلمان حضرا التوقيع، إلى جانب قائد الجيش الباكستاني الفيلد مارشال عاصم منير، الذي يُعتبر الشخصية الأقوى في المؤسسة العسكرية الباكستانية. رغم أن السعودية ومعظم دول الخليج تحتضن قواعد أميركية، وتوقّع صفقات سلاح بمليارات الدولارات سنويًا مع واشنطن، فإن الثقة بالحماية الأميركية تراجعت. ويزداد القلق الخليجي حين يتعلق الأمر بعدوان مصدره إسرائيل، التي تُعاملها الولاياتالمتحدة كشريك إستراتيجي لا كطرف يمكن ردعه. هذا التقارب السعودي – الباكستاني يفتح الباب أمام أسئلة أوسع: هل يمهّد الهجوم الإسرائيلي على قطر، والموقف الأميركي المتواطئ، لتحول خليجي نحو البحث عن تحالفات أمنية جديدة خارج المظلة الغربية التقليدية؟ وهل تصبح باكستان – وربما الصين وروسيا – شركاء محتملين في تأمين حدود الخليج وحماية شعوبه؟