أعلن قصر الإليزيه، يوم الأربعاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيُعيّن رئيس وزراء جديداً خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات من المعارضة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو استقالة الرئيس نفسه، وسط أزمة سياسية متفاقمة تشلّ البلاد منذ أشهر. وقال بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية إن ماكرون "أقرّ بالاستنتاجات التي توصّل إليها رئيس الحكومة المستقيل سيباستيان لوكورنو، والتي تفيد بأن هناك مساراً ممكناً لاعتماد موازنة قبل نهاية ديسمبر"، مضيفاً أن الرئيس "وجّه الشكر للوكورنو على عمله خلال اليومين الماضيين".
وقال لوكورنو، الذي كان يقود حكومة تصريف الأعمال، في مقابلة مع قناة فرانس 2، إنه يرى أن "الوضع يسمح بتشكيل حكومة جديدة خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة"، لكنه أقرّ بأن "المرحلة الأخيرة ستكون صعبة". وأوضح أن الغالبية في البرلمان "تعارض حله" وأن هناك "أرضية متاحة للاستقرار السياسي". وكان لوكورنو، خامس رئيس وزراء في عهد ماكرون خلال عامين، قدّم استقالته وحكومته الاثنين، بعد ساعات فقط من إعلان التشكيل الوزاري، ما جعل حكومته الأقصر عمراً في تاريخ الجمهورية الفرنسية الحديثة. وطلب ماكرون من لوكورنو مواصلة مشاوراته مع زعماء من يسار الوسط ويمين الوسط في محاولة لتفادي حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهي خطوة حذّرت أحزاب المعارضة من أنها قد تؤدي إلى فوضى سياسية. وتزايدت خلال الأيام الأخيرة دعوات أحزاب المعارضة، وعلى رأسها "التجمع الوطني" اليميني المتطرف وتحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة"، إلى استقالة ماكرون، متهمين إياه "بفقدان السيطرة على المشهد السياسي" بعد استقالة حكومتين متتاليتين خلال أسابيع. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن "التجمع الوطني" لا يزال الحزب الأكثر شعبية في فرنسا، لكن نظام الجولتين الانتخابي يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية ترجمة هذه الشعبية إلى مقاعد برلمانية. واندلعت الأزمة السياسية في فرنسا منذ قرار ماكرون العام الماضي حلّ البرلمان، في محاولة لتجاوز الجمود التشريعي، إلا أن هذه الخطوة أدت إلى سلسلة من الأزمات الحكومية المتتالية، لتضع الرئيس الفرنسي أمام اختبار جديد في سعيه لتشكيل حكومة قادرة على تمرير الموازنة قبل نهاية العام.