ونحن على بعد أيام قليلة من احتضان بلادنا العرس الرياضي الإفريقي البهيج، من خلال تنظيم النسخة الخامسة والثلاثين من بطولة كأس أمم إفريقيا "توتال إنيرجيز"، التي ستمتد فعالياتها من يوم الأحد: 21 دجنبر 2025إلى غاية يوم الأحد 18 يناير 2026، وهي البطولة التي ستجمع بين 24 منتخبا مقسمين على ست مجموعات، تضم كل واحدة أربعة منتخبات في دور المجموعات. وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تكون الجماهير الرياضية المغربية في مستوى الحدث الرياضي البارز، وتحرص جيدا على تسويق صورة مشرقة ليس فقط على جمالية ملاعبنا الرياضية وتطور البنيات التحتية، بل كذلك على مستوى نبلنا وقيمنا الأخلاقية والروح الرياضية العالية، والعمل على تشجيع أنديتنا ومنتخباتنا دون الإساءة إلى باقي الأندية والمنتخبات التي ستحل ضيفة على بلادنا، فإذا بنا نفاجأ بتلك الممارسات المشينة والتجاوزات الهوجاء، التي شهدها ملعب "الأمير مولاي الحسن" بمدينة الرباط، خلال اللقاء الذي جمع بين كل من نادي الجيش الملكي وضيفه نادي الأهلي المصري مساء يوم الجمعة 28 نونبر 2025، برسم الجولة الثانية من دور مجموعات دوري أبطال إفريقيا، حيث خيمت على المباراة أجواء من التوتر أدت إلى إمطار رقعة الملعب بوابل من قنينات الماء البلاستيكية وغيرها، في مشهد مقرف ومستفز. ففي منشور سابق عبر حسابها الرسمي على موقع "X" حرر باللغة العربية، أشادت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم "كاف" بالمظهر الخارجي والداخلي المثير والجذاب للمركب الرياضي "الأمير مولاي الحسن"، حيث اعتبرته من أفضل التحف المعمارية الحديثة في عالم المستديرة الساحرة، مبرزة أنه سيكون من بين الملاعب المغربية التي ستحتضن مباريات كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب. واستمرت ال"الكاف" في نشر صور تعكس مدى جاهزية المملكة، في ظل الاستثمارات الضخمة التي قامت بها في البنيات التحتية الرياضية وتطوير الملاعب وفق أحدث المعايير الدولية، لاستقبال الحدث الرياضي القاري القادم والمتميز، على عكس ما ظلت تدعيه بعض الأبواق الخارجية الرعناء والأقلام المأجورة… بيد أن ما حدث في لقاء يوم الجمعة الماضي بين الجيش الملكي وضيفه الأهلي المصري استفز مشاعرنا جميعا، حيث قام بعض المتهورين المندسين وسط جماهير الفريق المضيف في المدرجات بممارسات لا تمت بأي صلة لأعراف التشجيع الرياضي الإيجابي، الذي ينبغي أن يكون راقيا وحضاريا خلال جميع أطوار المنافسات الرياضية من حيث احترام تجهيزات المنشآت الرياضية واللاعبين والحكام، والالتزام بقواعد السلوك الرياضي السوي، بعيدا عن مختلف مظاهر الشغب والعنف والاستفزاز التي من شأنها إثارة الأعصاب وإفساد أجواء التنافس الرياضي الشريف. فلا أحد ممن يحب وطنه ويعتز بمغربيته يرضى بأن تتلوث سمعة بلاده وصورة ملاعبه الرياضية ومختلف مؤسساته وفضاءاته العامة ب"أوساخ" شرذمة من المتهورين والخارجين عن القانون، الذين ليس لهم من مكان عدا خلف أسوار الإصلاحيات والسجون. كما لا يرضى أحد بأن تقوم بعض القنوات التلفزيونية بتغطيات خاصة لتلك التجاوزات والممارسات المشينة التي يقوم بها بعض "الصعاليك" المحسوبين على أنصار أنديتنا الرياضية، حيث لا يعقل أن يضطر حكام المباريات إلى إيقافها ليس فقط بسبب اشتباكات اللاعبين فيما بينهم، بل كذلك جراء المقذوفات من قنينات ماء أو حجارة أو آلات حادة أو إشعال شماريخ وانتشار الأدخنة في رقعة الملعب، مما يحول دون قدرة اللاعبين على مواصلة اللعب في أجواء رياضية سليمة. ولا ننسى أن ما حدث خلال مباراة الجيش الملكي وضيفه الأهلي المصري من أعمال لا رياضية، من شأنه أن يجر على النادي الأول عقوبات صارمة من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، وذلك نتيجة لسوء سلوك أنصاره وعدم التزامه بلوائح دوري أبطال إفريقيا، التي تقتضي وجوبا توفير شروط الأمن والسلامة داخل الملعب بشكل كاف، ولاسيما أنه سبق أن تم فرض غرامة مالية على ذات النادي بقيمة 20 ألف دولار بالإضافة إلى خوض مباراة واحدة بدون جمهور مع وقف التنفيذ لمدة سنة، بسبب مخالفة لوائح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، إثر تقديم نادي "بيراميدز" المصري شكاية ضده، لمخالفته المادتين: 1.17 و5.17 المنصوص عليهما في لوائح البطولة، لذلك سيتجه الاتحاد الإفريقي حتما إلى تنفيذ العقوبة بشكل رسمي، لعدم التزام النادي المغربي بإيقاف تنفيذ العقوبة عقب أحداث شغب جماهيره الأخير. إننا ندين بشدة كل السلوكات اللارياضية واللا أخلاقية التي تضر بصورة بلادنا وتسيء إلى ملاعبنا، لأن الرياضة عامة وكرة القدم خاصة هي أخلاق وروح رياضية سامية قبل أن تكون "صراعا" على الألقاب والبطولات. وهي تعزيز قيم الاحترام والتآخي قبل أن تكون وسيلة للترفيه والترويح عن النفس. وأن تشجيع الفريق أو المنتخب يقتضي من الجمهور دعمه وتحفيزه على الفوز بالوسائل المشروعة من تصفيقات و"تيقوات" وأهازيج رياضية، وليس بأعمال العنف والشغب عبر رشق اللاعبين بالحجارة وغيرها من المقذوفات التي تشكل خطرا على اللاعبين والمسؤولين… من هنا بات من الضرورة بمكان أن تتضافر جهود الجميع داخل الأسرة والمدرسة وفي الشارع وعبر وسائل الإعلام، في اتجاه حث الجماهير الرياضية على الارتقاء بأساليب التشجيع، مع ما يلزم ذلك من واجب الاحترام للفرق والمنتخبات المنافسة وأنصارها وعدم الإضرار بصورة ملاعبنا الرياضية ومختلف الممتلكات العامة والخاصة، إذ ليس العبرة بتطوير البنيات الرياضية، بل بتطوير العقليات أولا.