أعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن قلقه من تكرار حوادث انهيار البنايات السكنية، معتبراً إياها "مساسا مباشرا بمقتضيات الحق في السكن اللائق كما حددته المعايير الدولية". وشدد على أن هذه الحوادث "تستدعي اعتماد استراتيجية وطنية شاملة تقوم على الاستباقية، والمراقبة المنتظمة والصارمة، وتطوير آليات الرصد والتنبؤ". جاء ذلك في بيانٍ للمجلس، طالب فيه "بنشر نتائج التحقيق القضائي حول هذا الحادث الأليم، مع ترتيب المسؤوليات، تكريساً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". كما أكد على "ضرورة تعزيز التنسيق المؤسساتي بين القطاعات الحكومية المعنية، والإدارة الترابية، والمجالس المنتخبة، في إطار التزام جماعي يضع الحق في السكن اللائق وسلامة المواطنات والمواطنين في صلب البرامج والسياسات العمومية".
وحثّ المجلس على "الإسراع في تنفيذ برامج تأهيل الأحياء والمباني المتدهورة، خاصة داخل المدن العتيقة والمناطق التاريخية، مع ضمان انخراط فعلي للجماعات الترابية، واحترام معايير السلامة أثناء عمليات الترميم أو الهدم أو إعادة الإسكان". ودعا إلى "وضع آلية مشتركة دائمة للتدخل السريع عند رصد تشققات أو أخطاء وعيوب إنشائية، بما يسمح بالتدخل الاستباقي قبل وقوع الحوادث، حمايةً للأرواح وضماناً للأمن العمراني". وأكد المجلس على "ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات قانون التعمير وما يرتبط به من قواعد تنظيم البناء والتجهيز، ولا سيما إلزامية رخص البناء وربطها بالمراقبة التقنية الصارمة وجودة التصميم الهندسي". كما طالب المجلس "المواطنات والمواطنين بالتفاعل الإيجابي مع توجيهات السلطات المختصة، خاصة فيما يتعلق بإخلاء المباني الآيلة للسقوط، والتبليغ عن أي تصدعات أو مؤشرات تهدد سلامة البنايات التي يقطنونها، والانخراط في برامج إعادة الإيواء". وجدد المجلس دعوته "لكافة الفاعلين المعنيين لاعتماد سياسة عمومية مستدامة لإعادة إيواء الأسر القاطنة في المباني المهددة بالسقوط، تقوم على توفير بدائل سكنية لائقة ومتكاملة، وفق مقاربة اجتماعية قائمة على الكرامة والإنصاف والعدالة المجالية، ولا تقتصر على حلول ظرفية أو مؤقتة". وذكّر المجلس بأن "لجنة الأممالمتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، في تعليقها العام رقم 4، تعتبر أن السكن اللائق لا يقتصر على توفير مأوى، بل يشمل السلامة الإنشائية، والحماية من الأخطار، وجودة البنايات، والولوج إلى الخدمات الأساسية، وأمن الحيازة، والموقع الملائم، بما يضمن صون كرامة الإنسان". يُذكر أن حادث انهيار بنايتين سكنيتين ليلة الثلاثاء–الأربعاء بحي المسيرة في منطقة بنسودة بمدينة فاس، أودى بحياة 22 شخصاً وأصاب 16 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وفق حصيلة أولية أعلنتها السلطات المحلية.