الأساتذة المبرزون يصعّدون احتجاجهم ضد وزارة التربية الوطنية ويدعون لاعتصام وطني بالرباط    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    بورصة الدار البيضاء تستهل تعاملات الأسبوع على انخفاض    فيضانات تكساس.. ارتفاع حصيلة القتلى إلى 82    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    الاكتظاظ يحرم نزلاء سجن رأس الماء من حق النوم على سرير.. ينتظرون دورهم للحصول على سرير    إصابة جمال موسيالا تبعده عن الملاعب لفترة طويلة    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    نتنياهو في واشنطن لبحث هدنة غزة    رئيس وزراء ماليزيا: "البريكس" أمل الجنوب العالمي لنظام دولي أكثر عدلاً    فيروس غامض ضواحي الناظور.. والمصابون يشكون آلاما حادة في المعدة والأمعاء    منتج غذائي يتناوله المغاربة كثيرا.. الأطباء: تجنبوه فورًا    المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان يرفض مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعتبره «نكسة دستورية»    طفل يُفارق الحياة غرقاً في حوض مائي أنجزته شركة خاصة قرب الدار البيضاء    لفتيت يكشف أرقاماً صادمة عن الجريمة بالمغرب    حفل بيئي بنكهة فنية يكرّم كزينة عويطة بشاطئ الأمم المتحدة -صور-    ترامب: هناك فرصة جيدة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع    لشكر: المعارضة الاتحادية مسؤولة    قمة "بريكس" تدعم قطاع غزة وإيران    "لبؤات الأطلس" يتدربن في المعمورة    النيجيريات يهزمن التونسيات بالبيضاء    بعد فيضانات مميتة.. ترامب يعلن حالة "الكارثة الكبرى" في تكساس    إقليم النواصر.. وفاة طفل إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس    جيش المغرب في استعراض بموروني    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    "مساندة الكفاح الفلسطيني" تنعى أندلسي    إيلون ماسك يعلن رسميا عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل إسم "أمريكا"    فضيحة.. قناة عمومية تبث خريطة مبتورة للمغرب خلال تغطية كأس أمم أفريقيا للسيدات    طنجة تضع توقيعها في خريطة الصناعة النظيفة .. المغرب يدخل عصر السيارات الكهربائية والحلول الذكية للتنقل    بعد إغلاق "لافوكا".. دعوات لتعميم المراقبة على مقاهي ومطاعم طنجة "المحمية بالشهرة"    الوزيرة السغروشني: الرقمنة والذكاء الاصطناعي قادمان للقضاء على الفساد والرشوة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية القمر الاتحادية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    باسو يشعل الدار البيضاء ب»أتوووووت» بعد نجاح جولته بين باريس ومراكش    لماذا النبش في علاقة الجدلية بين المسرح والديبوماسية، في الدورة 37 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء    جمال موسيالا يغيب لفترة طويلة بسبب كسر في الشظية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على مختلف المستويات وغيَّبت مكافحة الفساد لأنها واقعة في تضارب مصالح    «وليتي ديالي»… إبداع جديد في مسيرة نصر مكري    اللاعب المغربي محمد أوناجم ينضم إلى نادي كهرباء الإسماعيلية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات 'المغرب 2024': المنتخب الوطني المغربي يتعادل مع نظيره الزامبي '2-2'        احتفالات عاشوراء تحول ساحات وشوارع سلا والدار البيضاء إلى مظاهر فوضى واشتباكات مع الأمن(فيديو)    حكيمي يواصل التألق بمونديال الأندية    "الطعريجة".. رمز متجذر في احتفالات المغاربة بعاشوراء    "حزب الله" يرفض التخلي عن السلاح    المغرب يراهن على مليون سائح صيني بحلول 2030    المؤسسات والمقاولات العمومية.. زغنون يدعو إلى حوار إستراتيجي بين القطاعين العام والخاص    القهوة تكشف سرا جديدا.. "إكسير الشباب" يعزز صحة الأمعاء ببكتيريا نافعة    بومداسة يوقع "إثنوغرافيا الدرازة الوزانية"    الوعي الزائف:رسالة إلى امرأة تسكنها الأوهام!    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    جامعة محمد السادس تشارك في ابتكار جهاز ينتج المياه العذبة من الهواء دون مصدر طاقة خارجي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين بني مطهر التي في قلبي خارج مهرجان الذاكرة..؟
نشر في وجدة نيوز يوم 13 - 09 - 2012

يحتاج كل من ألف عين بني مطهر أو" بركم " كما يحلو للكثيرين تسميتها حنين جارف كلما تذكر ماضيها الجميل ينقض عليها بشوق المغتربين عند مطلع كل صباح يبكر لدخول"الفيلاج" حمالون مع المجانين الذين يبيتون على أرصفته يتمسحون بجدرانه كقطط فقدت ذويها ،
لأن هؤلاء مقتنعون بأن عين بني مطهر هي حتما قدرهم و جلدهم الملتصق بهم كما يصبو كل من يعرفها ، يبحث أو يتذكر أناسها يقلب تاريخه معها لأن أمكنتها تترك بالدواخل ما يكفي ليتيم بطبيعتها كل العمر .. يتسابق الحمالون لتسلق أولى الشاحنات لتفريغ شحنتها من الدقيق أو الشعير المدعمين .. بائعو النعناع و ما جادت به ضيعا ت سهب الغار من منتوج فلاحي(قرعة (يقطين) بصل، لفت، طماطم بطاطا، بطيخ و غيرها )و بطيخ غرب البلاد و بائعو السمك و محلات بيع المواد الغذائية بالجملة عربات مجرورة بالحمير و الدواب يعج بهم شارع فاس يتقاطع مع شارع السوق أين كانت ممتلكات اليهود بدءا بمقهى فندق كاطا و متاجر يوسف و بامي و الدريزي الأعرج فضلا عن محلات لصناعة الأحذية و الزرابي و عند زاوية طريق البريد كان الحداد بوجمعة بونوة صانع بنادق الفروسية ، السروج و تسمير الخيول أفران الخبز الطاهر سعود و المير أحمد الفيجيجيين و العربي أين كان كل أسر عين بني مطهر تنضج رغيفها اليومي و روائح الحلوى اللذيذة عند اقتراب عيد الفطر تنبعث من بعيد ، مقهى المهدي التي كانت تعج بالبدو الرحل الذين يبيتون بها ليلة السوق الأسبوعي على مقربة من مقر "الجندرمة " الساحة المقام بها مقهى الجوهرة حاليا كان بها تمثال المارشال اليوطي حاكم البلدة الأول و قائد الحملة الاستعمارية الذي غزا البلدة مطلع القرن الماضي 1904، ذكر شاهد عيان بأن رأس اليوطي نقل بواسطة فرقة عسكرية فرنسية إلى متحف اللوفر بباريس في العام 1959 .. حاليا تغيرت ملامح القرية التي تحولت خلال العشرينية الأخيرة إلى مدينة في أعقاب التقسيم الإداري بداية التسعينيات لتتدرج ضمن المدن السائرة في طريق التنمية البشرية بالرغم من أنها نالت موقع حضري منذ 1927 ..آخرون من أبنائها يتلكئون في الأوبة إليها أو بالأحرى زيارتها لم يعودوا يهفون إليها كما سبق و ما فتئوا يفضلون غربتهم لأنهم لم يجدوا استطاعة في تحمل مشاهد مدينتهم التي شهدت مسقط رأسهم و ترعرعوا في حضنها ، اجتاحها سواد حالك عقب فقدها إشراقتها المعهودة نتيجة التهميش الذي طالها .. بالرغم من المساحيق التي تضفيها عليها التقارير الرسمية كونها ترفل في نعيم الثروتين المائية و الحيوانية .. فذاك لن يزيح عنها الزي الأسود الذي غدت تتشح به من فرط تفاقم الحاجة بشكل أفظع .. همشت من أن تنال حظها بعرض ذاتها على السياح و لو بما يعتريها من بؤس و عجز و تشوهات أريد لها أن تنمو بها ، أبناءها القدامى الذين يودون رؤيتها حينما حلا لهم الجو ، كلما توغلوا بداخلها ، يكتشفون مدينة زاروها أول مرة بعثورهم على عدة أنماط التناقضات باستفحال الدعارة عما كانت عليه آنفا و التزايد المهول لبائعات الهوى و المجانين و شباب المدينة المنحرف الذي ينزوي بالمنتزه و المباني المهجورة ..
لم يجر بخلد أحد أن المدينة التي أنجبت مشاهير شخصيات برزت في ميادين السياسة ، الشعر ، الرياضة و فن الرسم و الصحافة كشهيد صحافة الاتحاد الاشتراكي "عمر بنجلون"و "حسن فاضل" الذي امتشق فانلة الفريق الوطني لكرة القدم و "بومدين المطهري" في الشعر و" بوجمعة حمامة و رمضان بنسعدون " في الفن التشكيلي ، أصبح يستعصي فيها الحكم بهكذا ملكات.. لم يعد يستغرب أحد أن تلتقي فيها مظاهر الثراء الفاحش من قبل خفافيش الظلام مع الفقر المدقع في بحبوحة واحدة لا انفصام فيها.. يتبادلان بينهما لعبة القط و الفأر ، في صمت تبدو المفارقة صارخة يعكسها مشهد رهيب تطاول أثرياء الممنوعات في التعالي ببنائهم إلى عنان السماء و مشاريع تقايضت بغسيل المال مقابل دور متهالكة دون إحساس بالفارق الطبقي .لم يكن أحد يتوقع لمكان يمتلكه الحنين إليه في خلجاته و وجدانه مصيرا مجهولا كالذي يغرق في وحله .. لأن كل من فتح عينيه لأول مرة بهذه البلدة...بوسعه أن يحلم لها بمستقبل أزهر من أن تكون بؤرة تترعرع فيها كل أنماط الخطايا الشاذة و يلتجئ إليها مختلف النازحين من كل حدب و صوب بالرغم مما يلمسه المرء في بلدتي من تمدن إلا أنها تمتزج بالبداوة و روث البهائم المختلط بالغبار و أدخنة المرور .. لقرابة ما لا يقل عن 3 عقود باتت المدينة تعج بالغرباء تبدو في نظرهم مجرد ملجأ بعين بني مطهر صنعت رجالات لا يمكن أن يطويهم النسيان كالحاج بن الطاهر بندقيته لا تفارق كتفه ، عيناه متقدتان تثيران الرعب فيمن يتفرس فيهما كنمر بوجوده كان لا أحد يتجرأ على الاقتراب من الظهراء ، عبد الرحمان الفيوح ، الذي برع في فن المطرك لم يهدأ لحاكم بركنت بال بهدف محاولة إذلال البطل المطهري حتى جلب له أحد أبطال هذا الفن من الرياضات من بشار الجزائرية فبارزه الفيوح أمام جمع غفير من المتابعين 4 ساعات من النزال كانت المباراة في مجملها لفائدة إبن عين بني مطهر كان في الكثير من الأحيان يمد العصا لخصمه البشاري لمواصلة النزال إلى أن هزمه الفيوح فاعترف البطل الجزائري ببطولة الفيوح في هكذا ميدان بحيث أن الفيوح كان يبارز 10 رجال في المطرغ فيهزمهم دفعة واحدة ..عمر بنجلون ، ناضل من أجل بؤساء هذا الوطن حتى نذر حياته لهذه الفئة المسحوقة إلى أن استشهد عقب اغتياله بمدينة الدار البيضاء على يد غادرة .. رجال البلدة سقطوا في فخ إصلاح فلاحي لما يربو عن 1000 هكتار ، بدل من أن تكون لديهم نعمة أصبحت نقمة بحيث لم تفلح مقايضة الماء بالكهرباء بتضليل من المسؤولين.. فاندثرت خلاله عشرات الأشجار المثمرة و بقيت الأرض قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا و لا أمتا ، فيضانات وادي الشارف في سبعينيات آخر قرن من الألفية الثانية لم تشهد لها عين بني مطهر مثيلا ، سوت الأمطار الطوفانية خلالها عدد من الدور السكنية بالأرض فأعلنت المنطقة منكوبة ساعتها ، انحنت البلدة أمام زمجرة الطبيعة ، لجبروت السيل العرم للمياه الفيضانية تارة و تارات أخرى لجبروت الجفاف الذي أتى على الأخضر و اليابس لعقود من الزمن .. و من المآسي عرفت عين بني مطهر جرائم قتل أبرزها الجريمة الشنعاء ، مقتل الطفل كريم بنجلون حوالي 10 أعوام خرج لاقتناء علبة سجائر من نوع (مغرب) لوالده فانقض عليه مجرمان في جنح الظلام فعثر عليه جثة مضرجة بدمائها وسط غابة عقب بحث عميق غير بعيد عن مسكنه داخل بيت مهجور في دجنبر من العام 1975 و قد تزامن مقتله بالجريمة السياسية التي تعرض لها عمه عمر بنجلون في ذات العام و كان من سخرية القدر أن تصاب عائلة بنجلون في فاجعتين اهتزت لها أركان المغرب آنذاك .. أطفال صغار يصادف خروجنا من المدرسة باحتقان الشارع بعين بني مطهر جراء اعتصامات الاستقلاليين أمام قيادة البلدة بغرض إخلاء سبيل مرشحهم المختطف " الميلود" ما لبث الجو يهدأ في سكون سبق العاصفة حتى سمعت لعلعة رصاص المخزن يدوي فوق رأسي و أنا أجوب زقاق القرية ، أطلقت ساقاي للريح غير مبال تحت استبداد الهلع حتى وصلت منهك القوى و محفضتي لا تفارق يدي و كأن رياحا ساقتني على بساطها إلى منزلي بسرعة مذهلة ، بمجرد وصولي يوازي وصول الخبر إلى الجزائر بحيث بث على أثير إذاعتها في حيز مقتضب" إطلاق نار كثيف من قبل المخزن المغربي على خلفية الانتخابات الجماعية خلف 3 قتلى في صفوف الاستقلاليين ببركنت" جرت من هنا سنوات الرصاص عبر عين بني مطهر مرتين عام 1976 و عام 2002 يوم اختطفنا و زميلي محمد فلالي في يوم قائض كوميسير مفوضية شرطة البلدة إلى غابة لعريشة أين مارس علينا صنوف التعذيب الجسدي و النفسي بغرض انتزاع اعترافات عن كيفية المصادر الصحفية التي تعتبر رأس مال الصحفي .. هيئة الإنصاف و المصالحة لا زالت لم تبث بعد ملفنا المطروح لديها منذ 2004 بهدف جبر ضررنا المادي و المعنوي حتى الآن لعل زملاءنا الصحفيين يحركون البركة الراكدة بحجر المؤازرة من خلال و على هامش مؤتمر الرابطة الوطنية للصحافة الإلكترونية المنعقد هذا الأسبوع ببوزنيقة و الرباط ..و قد حان الوقت ليعترف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بذلك و كذا جبر الضرر الجماعي الذي تعرضت له الساكنة خلال أحداث يونيو 1976 الأسود ..
بالرغم مما يثيره ما آلت إليه مدينتي عين بني مطهر من تذمر منذ استقلال بلادنا من ربقة الاحتلال الفرنسي الذي كانت بدايته عبر هذه البوابة ..و عدم رضى في أعقاب ما أسموه مهرجان الذاكرة المثير للجدل من طرف من تصف نفسها بمؤسسة بركنت التي همشت أحرار عين بني مطهر خاصة أولائك المنتمين لقبيلة بني مطهر ، يضل يراودني حلم أن ينهض بها المسؤولون عن تدبير الشأن العام و جعل ساكنتها أقل بؤسا و إعادة الاعتبار لها من خلال جلب الاستثمار لها عن طريق التنمية البشرية و دعم الفلاحين و مربي الماشية في وقت أن البلدة تعد عاصمة للنجود العليا حتى لا تبرحها يوما الساكنة و تدعها قاعا صفصفا و تبقى أثرا بعد عين و مجرد أطلال للمرثيات..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.