يعرف شهر الصيام إقبالا كبيرا على المواد الاستهلاكية، إذ تسجل النفقات الغذائية أعلى مستوياتها خلال الشهر الفضيل على حساب النفقات الأخرى ويصاحب هذه الزيادة ارتفاع ملحوظ في الأسعار. وتكثف المحلات التجارية استعداداتها قبل ومع حلول الشهر الفضيل الذي أضحى شهر الاستهلاك بامتياز، عن طريق تفعيل نقاط البيع وزيادة العاملين لضمان تلبية طلب الزبناء وكذا لتجنب تكدس الأسواق حتى لا يعوق الازدحام حركة البيع والشراء. يقول الحاج محفوظ صاحب مركز تجاري، "نستعد كل سنة لشهر رمضان الذي نعتبره فأل خير علينا لما يدر من أرباح. فنملأ المخازن بكل ما يتطلبه العرض ونزيد من عدد العاملين لضمان خدمة الزبناء على أكمل وجه وتجنبا لتكدس الأسواق". وتهم الزيادة في الاستهلاك بالخصوص المواد الغذائية الغنية بالبروتينات الحيوانية والنباتية، إذ ترتفع نفقات الأسر المغربية على الفواكه الطرية والحليب ومشتقاته واللحوم والدواجن والأسماك. وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، في آخر بحث أجرته حول نفقات استهلاك الأسر المغربية ما بين يوليوز 2013 ويونيو 2014، بأن هذه النفقات ارتفعت بمتوسط نسبته 16,3 في المئة خلال شهر رمضان. وأكدت مذكرة للمندوبية حول "آثار شهر رمضان على نمط وأسعار الاستهلاك" بأنه بالموازاة مع هذا الارتفاع يبقى شهر رمضان مصدرا لتغيير كبير يطال نمط الاستهلاك. وأوضحت، في هذا الصدد، أن إنفاق الأسر على التغذية يزيد بنسبة 37 في المئة، مشيرة إلى أن هذه الزيادة تمس جميع فئات المجتمع، وتتطور بشكل تدريجي حسب تطور المعيشة، إذ تنتقل من 22,5 في المئة كأدنى نسبة، إلى 40 في المئة. ويؤدي التهافت على شراء المواد الغذائية الى ندرة بعض هذه المواد وارتفاع الأسعار، برغم جهود المراقبة التي تقوم بها السلطات العمومية. وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط في هذا الاطار أ ن تغير السلوك الاستهلاكي للمغاربة خلال شهر رمضان يؤثر على تطور أسعار السلع، خاصة خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ سنة 2006، إذ ترتفع بشكل ملحوظ. ولا يقتصر الإنفاق الزائد على المواد الغذائية فحسب، بل يكتسي رمضان حلة تقليدية متميزة حيث تتألق النساء والرجال، باختلاف طبقاتهم الاجتماعية، في أزيائهم التقليدية ويتنافسون على آخر صيحات القفاطين والجلابيب. ولمواجهة نفقات هذا الشهر الصاروخية، التي تربك ميزانية الأسرة، تلجأ بعض الأسر إلى التخطيط المالي المسبق لتجنب الغرق في دوامة الاقتراض والديون التي لا تنتهي، والذي لا يكون دائما كافيا لتأمين المصاريف المتزايدة. وصرحت السيدة فاطمة العاملة البسيطة، لوكالة المغرب العربي للانباء، أنها تعمد إلى ادخار جزء من راتبها طيلة أشهر السنة، لأن المتطلبات في ارتفاع، كي تتمكن من مجابهة المصاريف الزائدة وغلاء الأسعار في شهر الصيام. وتجد بعض الأسر المغربية في قروض الاستهلاك التي تعرضها البنوك والاستدانة، حلا وحيدا وخيارا لا محيد عنه في مواجهة ميزانية شهر رمضان أمام غلاء أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات، التي يفرضها نمط الحياة الحديث الذي تغيرت معه الطقوس والعادات في شهر الصيام. يقول محمد، رب أسرة عامل في تصريح مماثل "أتقاضى راتبا زهيدا لا يكفي للعيش حتى في الأيام العادية لذا أجد في القروض الاستهلاكية حلا مناسبا لتحقيق التوازن بين ضعف قدرتي الشرائية وغلاء الأسعار في شهر رمضان". وتجدر الإشارة إلى أن الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، محمد الوفا، قد أكد أن الحكومة اتخذت كل الإجراءات الضرورية لضبط أسعار السلع ومراقبة جودتها خلال شهر رمضان، و تهم هذه التدابير، وبشكل استباقي، تأمين كميات كافية من الحبوب والبيض، لافتا أيضا إلى وجود احتياطي كاف في ما يخص المواد التي يرتفع الطلب عليها خلال هذا الشهر الفضيل من قبيل السمك والحمص والعدس والحليب.