قدر أحمد لحليمي أن يواجه في كل مرة سيلا من الانتقادات من وزراء في الحكومات المتعاقبة منذ أن تولى مسؤولية تسيير المندوبية السامية للتخطيط بسبب تقاريره التي لا ترق في كثير من الأحيان الفاعلين الحكوميين. فبعد حكومتي جطو وعباس الفاسي، يأتي الدور اليوم على حكومة بنكيران التي دشنت حلقة جديدة من مسلسل الصراع مع هذا الموظف السامي ومع مندوبيته . الصراع دشنه هذه المرة، محمد نجيب بوليف صاحب التصريحات النارية حين كان في المعارضة، لأنه لم ترقه الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط، حول تأثير نظام المقايسة في أسعار بعض المحروقات الذي أقرته الحكومة المغربية، وخلصت نتائج الدراسة إلى أن اعتماد هذا النظام سيكون له أثر إيجابي على ميزانية الدولة، لكنه سينعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن المغربي. الدراسة ووجهت بانتقادات شديدة من طرف وزير الشؤون العامة و الحكامة، نجيب بوليف، الذي صرح أمام وسائل الإعلام بأنه لا يعقل أن يتم إنجاز دراسة عن تأثيرات نظام المقايسة، بعد أقل من يومين على اعتماده، معتبرا أن المندوبية لها أبعاد سياسية تسعى إلى التشويش على الحكومة، مما حذا بالمندوبية السامية للتخطيط إلى أن ترد بأن الدراسة ليس لها "أي هدف سياسي، وأنها تندرج في إطار برنامج دراسات الأثر التي دأبت هذه المؤسسة على القيام بها كلما تم اتخاذ تدابير للسياسات العمومية، وذلك لتقييم أثرها على المستوى الماكرو- اقتصادي وعلى مستوى معيشة السكان". نذكر، في رسالة الأمة أننا كنا سباقين إلى نشر فصول أول انتقاد واجهه لحليمي وفصول أول صراع بينه وبين الوزير الأول آنذاك عباس الفاسي، حيث شكك هذا الأخير في أرقام وتوقعات المندوبية السامية للتخطيط حول النمو فما كان من لحليمي إلا أن رد بالقول إن المندوبية السامية للتخطيط تتكلم بالأرقام وعباس الفاسي يعبر عن الأماني . ينسحب نفس السيناريو اليوم على بوليف وهو الأستاذ الجامعي في الاقتصاد، أنه هو الأخر يعبر عن الأماني ويتجاهل الأرقام ودراسات الأثر والمحاكاة لأنه يزن الأمور اليوم بالميزان السياسوي الذي يجعل الفاعل الحكومي يتغاضى عن رؤية حقيقة الأرقام ويغطي الشمس بالغربال .