الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية بولندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    حزب أخنوش يدين استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة    ضربة أمنية قوية بضواحي أولاد تايمة.. حجز أزيد من 4 أطنان من الشيرا وتوقيف مشتبه به في شبكة دولية للتهريب    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    "الأحرار" يطلق جولة تواصلية جديدة ويشيد بالحوار الاجتماعي وبمكتسبات الشغيلة    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    "هِمَمْ": أداء الحكومة لرواتب الصحفيين العاملين في المؤسسات الخاصة أدى إلى تدجينها    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينهي تحضيراته استعدادا لمواجهة نيجيريا وسط شكوك حول مشاركة الزبيري وأيت بودلال    إسرائيل تقحم نفسها في اشتباكات بين السلطات السورية والدروز    استقدمها من علبة ليلية بأكادير.. توقيف شخص اعتدى على فتاة جنسيا باستعمال الضرب والجرح بسكين    فريق طبي مغربي يجري أول عملية استئصال للبروستاتا بالروبوت عن بعد بمسافة تجاوزت 1100 كلم    تنظيم يوم وطني لخدمات الأرصاد الجوية والمناخية الاثنين المقبل بالرباط    لماذا أصبحت فلسطين أخطر مكان في العالم على الصحفيين ؟    ألمانيا تهتز على وقع حادث دموي في شتوتغارت.. سيارة تدهس حشداً وتصيب 8 أشخاص    الحكم بالسجن 34 سنة في حق رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض    كبرى المرافئ الأميركية تعاني من حرب ترامب التجارية    تونس تسجن رئيس الوزراء السابق العريض 34 عاما بتهمة تسهيل سفر جهاديين لسوريا    أجواء حارة مرتقبة اليوم السبت بعدة أقاليم    كيوسك السبت | الحكومة تكشف بالأرقام تفاصيل دعم صغار الفلاحين و"الكسابة"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الموت يغيّب المنتج المصري وليد مصطفى    قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    زيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت تعزز "العلاقات الممتازة" بين الولايات المتحدة والمغرب (الميداوي)    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الجديد فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.. ( 2 – 2 )

عن الجديد فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.. ( 2 - 2 ) هل تستبدل السعودية الزواج الأمريكي .. بالغرام الإسرائيلى ..؟
بشير صقر
تنويه :
يتضمن موضوعنا عن ( الجديد فى السياسة الأمريكية ) شقين ؛ الأول : هو المقدمات والمبررات التى غيرت من وزن الشرق الأوسط فى هذه السياسة وأحلت جنوب وشرق آسيا وجزئيا أمريكا اللاتينية محله استنادا إلى النشاط والصعود الواضح للصين وروسيا ودول ال B.R.I.C.S فى العالم عموما وفى آسيا تحديدا.. وتضمنه المقال الأول المعنون (درء المخاطر الماثلة للنشاط الصينى والروسى ودول البريكس). والثانى : هو ما يجرى فى الشرق الأوسط بين أربع من دوله ( السعودية وإسرائيل وإيران ومصر) بعد التحول الجارى فى السياسة الأمركية .. وبالذات بعد التنازل المباغت عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة السعودية وتداعياته الدرامية.. وهو ما يسجله هذا المقال.
ونظرا لطول الموضوع بشقيه رأينا أن نقسمه لقسمين ليسهل على القارئ متابعته وإبداء ملاحظاته عليه.
مقدمة :
لا يخفى على المتابعين لتطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط ما أسفرت عنه ثورات الربيع العربى من محن ألمت بشعوب المنطقة ومكاسب هائلة سقطت مباشرة فى " حصالة " الدولة العبرية.
كما تفجرت فى نفس الفترة أزمة تخصيب اليورانيوم فى إيران والتى اعتبرتها وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية تشكل خطرا داهما فى حالة التوصل لإنتاج أسلحة نووية فتخلق توازنا نوويا حاسما فى المنطقة ؛ وما يستتبعه من هيمنة إيرانية محتملة على دول الخليج العربى البترولية وتهديد مباشر للمملكة السعودية .
هذا وتفيد الأخبار أو التسريبات المقصودة - منذ التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية- عن شروع عملى و سافر لتحالف وشيك بين السعودية وإسرائيل.. مردّه ابتعاد الولايات المتحدة المباشر عن المنطقة من جانب واحتياج السعودية لبديل يتولى القيام بالدور الأمريكى القديم من جانب آخر.
توقيت ومبررات التقدير الأمريكى الجديد بشأن الشرق الأوسط ووزن المخاطر الإيرانية :
لقد تصور الكثيرون أن اعتراض السعودية على الاتفاق الأمريكى الإيرانى بشأن النشاط النووى هو بادرة الخلاف بينهما.. لكن الحقيقة أن الخلاف نشأ قبل ذلك لرغبة الولايات المتحدة فى التخفف من أعبائها بالمنطقة للحاق بما فاتها فى مناطق أخرى من العالم صارت أكثر أهمية منها . وهو ما حاولنا توضيحه فى الجزء الأول من هذا المقال المعنون (درء المخاطر الماثلة للنشاط الصينى والروسى ودول البريكس) .
هذا ومن وجهة النظر الأمريكية فإن مخاوف السعودية وهلعها من " الغياب " الأمريكى - من انفراد إيران بالمنطقة - لا تشكل سوى هواجس من اعتاد على حياة لا يرغب فى تغييرها وليس على استعداد لتفهم ما تفرضه مصالح الشركاء وضرورات الزمن من تغيرات يتحتم التكيف معها ..بالذات وأن هذه التغيرات لن تنتقص شيئا من الاحتياجات المطلوبة لمواصلة التوجهات السعودية أو لاستمرار الحياة. ولذلك لم تلتفت إدارة الرئيس أوباما لما تبديه المملكة من تذمر أو لما تعلنه أحيانا من احتجاج أو تهديد ، وتدرك أنها نوع من " العشم العائلى" المتولد من امتداد المعاشرة سنوات طويلة.. والاعتياد .. الذى يشبه ما يحدث بين الأزواج .
ولأن كرامة المملكة "نقحت عليها " ولأن إحساسها بالغبن والخطر معا مبالغ فيهما فقد اتجهت أنظارها لفتى الولايات المتحدة المدلل فى المنطقة " إسرائيل" ليكون ملجأ لها وحضنا دافئا بديلا فهو وحده القادر على القيام بدورالزوج الغائب الذى تخلى عنها بعد كل ما قدمت له من رعاية وعناية وأشياء كثيرة يصعب الحديث عنها على الملأ . ولم تتصورالمملكة أن هذا أيضا هو رأى الولايات المتحدة بشأن الدور القادم للفتى المدلل .. وأن ما تدعيه - المملكة - بشأن إيران وخطرها تم نزع فتيله ( بالاتفاق النووى) أما مشاكلها ( أى إيران ) فى المنطقة فسيتم حلها بتنازلات متبادلة وتوافقات مشتركة بين أطرافها ، وما يتبقى منه سيتكفل الفتى المدلل بصده عنها فهو - موضوعيا - شرطى المنطقة.
هذا ويمكن تلخيص ذلك الوضع فى أن المملكة السعودية أشبه بزوجة شرع زوجها فى تركها بعد حياة مديدة .. ليستدرك ما فاته من مصالح بعيدا عن منزله .. فلم يتخذ قرارا بالقطيعة لكنه اتخذ موقفا بالابتعاد .. ودبر لزوجته صيغة جديدة لاستئناف الحياة " بدونه ".. لكن ليست بعيدة عن رعايته وإشرافه.
تلك الحياة أو المرحلة الجديدة - من وجهة النظرالأمريكية - ستطمئن المملكة على مواجهة الخطر الإيرانى برعاية وكفالة إسرائيلية ؛ وستشكل نوعا من التوازن فى المنطقة بينها وبين إيران بعد إبرام الاتفاق النووى الذى أرجأ اندلاع الخطر الإيرانى إلى حد بعيد.. ولو إلى حين.
المواعدة والغرام الإسرائيلى .. بديلا عن الزواج الأمريكى .. التاريخ والوقائع:
إن ما أدلى به عدد من المسئولين السعوديين فى وقت سابق - إثرإبرام الاتفاق النووى مع إيران- يؤكد حالة الهلع تلك .. ويشير فى نفس الوقت إلى البديل المتوقع .. بل ويرحب بحالة الغرام " المفاجئة " التى هبطت على المملكة ممثلة فى تصريحات مسئوليها : " إيران .. وليست إسرائيل .. هى عدونا " ، " إسرائيل يمكن أن تدافع عن دول المنطقة فى مواجهة التهديدات الإيرانية " .. فضلا عما قاله الوليد بن طلال ونقلته صحيفتا الجيروزاليم بوست الإسرائيلية وعكاظ السعودية : " فخور بكونى سفير فخرى سعودى .. لدى إسرائيل ".
لقد كان الغرام الذى اجتاح الزوجة " الوحيدة المغبونة " نوعا من " رفقة مستورة " أو "إعجابا من طرف واحد" بذلك الفتى فى زمن سابق ؛ بل ورقصا - عن بعد - على نغم مشترك معه .. دللت عليه وقائع تاريخية شتى:
• منذ حصلت المملكة على مباركة الفتى المدلل فى تشكيل تحالفها العسكرى لمواجهة الحوثيين الموالين لإيران فى اليمن عام 2015 بهدف كسر شوكتهم وإبقاء باب المندب - المدخل الجنوبى للبحر الأحمر- تحت سيطرة النظام اليمنى المتعايش قسرا مع المملكة.. وإبعاد إيران عنه.
•وربما منذ تبنت فى مجلس التعاون الخليجى وجامعة الدول العربية إصدار قرار باعتبار حزب الله حزبا إرهابيا ..لمحاربته إسرائيل فى زمن يشهد مصالحة جيرانها لها .. أو مداعبتها ومد الوشائج معها من تحت المنضدة.
•وربما منذ التقى الجنرال السعودى المتقاعد أنورعشقي - مدير مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية في جدة - مع دوري غولد - أمين سر رئيس الحكومة الاسرائيلية وأحد كبار مستشاري ناتنياهو - منذ عقدين من الزمان حيث تقابل الطرفان خمسة مرات أخرى من قبل في واشنطن ، استمراراً للقاءات سابقة شهدتها الهند وجمهورية التشيك وإيطاليا ، وتناول فيها الطرفان سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة.. وأفصحت عنه صحيفتا (بلومبرغ) الأميركية و(اسرائيل اليوم) فى حينه.
•وربما منذ تطوعت بتمويل الجدار الفاصل الذى أقامه الفتى المدلل- بين الجمهورية الصحراوية والمغرب- لحماية الأخيرة من هجمات جبهة البوليزاريو المسلحة منذ أكثر من عشرين عاما .
•أو ربما منذ مولت وفتحت مجالها الجوى للطائرات الإسرائيلية لحمل المؤن والعتاد والمرتزقة وإسقاطهم على حدود اليمن للتسلل مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لقتال الجيش المصرى هناك عام 1963.
آفاق العلاقات المنشودة بين السعودية وإسرائيل :
لقد سعت المملكة لجر مصر للتدخل فى الحرب الدائرة فى اليمن منذ عام 2015 ونجحت فى ذلك متوقعة أن تشارك مصر بقواتها البرية.. وهو ما لم يلق الاستجابة .. وأسفر عن توترالعلاقات معها .. ولم تنفرج أسارير المملكة إلا باتفاقات أخرى فى الخفاء تفرط فى جزيرتين بمدخل خليج العقبة لم تجدا حماية طيلة قرون إلا بدم المصريين.. مؤكدة بذلك تحول خليج العقبة إلى بحيرة إسرائيلية سعودية أردنية .
الزوجة المغبونة والفتى المدلل .. دلائل الهوى والرغبة المكبوتة:
وبمثل ما كان ذلك التفريط المباغت غير المبرر.. بمثابة رأس" الخرّاج " الذى بخدْشِه سال كل ما يحويه من صديد .. تكشفت جملة من الإجراءات والاتفاقات والتآمرات.. تفسر أبعاد المخطط الذى يُحاك فى المنطقة ومنها :
•الإعلان عن أو تسريب عينة من أشكال التعاون السعودى الإسرائيلى بشأن دورات تدريبية لعسكريين سعوديين فى إسرائيل على مهام فى البحر الأحمر فضحها حزب ميريتز الإسرائيلى معلنا عن : [ مذكرة تفاهم سعودية إسرائيلية تشمل إدارة مضيق باب المندب وخليج عدن وقناة السويس والأراضى المشاطئة للبحر الأحمر من خلال فريق مشترك فى قاعدة بولونيوم بحيفا وقعها عام 2015 كل من أحمد بن صالح الزهرانى ( سعودى ) وديفيد سلامى ( إسرائيلى ). يتم بموجبها تدريب 37 سعوديا منهم 10 ضباط ].
•الإعلان عن عقد اجتماع يوم 11 إبريل 2016 بين محمد بن سالمان ولى ولى العهد السعودى وبنيامين ناتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى بمدينة العقبة الأردنية بشأن العلاقات المصرية السعودية انتهى ب " التطابق التام للأهداف التى تسعى الرياض وتل أبيب لتحقيقها ".
•الشروع فى وضع حجر الأساس لعدد من المشروعات السعودية العملاقة لربط بحر العرب بالخليج العربى ، والتمهيد لإقامة جسر برى يصل السعودية بمصر بعد التنازل عن الجزيرتين للسعودية.
•وضع ناتنياهو لحجر الأساس لمشروع إقامة ميناء أشدود الإسرائيلى على شاطئ البحر الأبيض المتوسط والذى بوَصْله بميناء إيلات على خليج العقبة تنشأ قناة ملاحية إسرائيلية تقوم بوظيفة قناة السويس.
•الاعتراف بحقيقة الاتفاق السعودى المصرى بشأن التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير حيث صرح موشيه يعلون وزير الدفاع الإسرئيلى بأن [ مصر تنازلت عن تيران وصنافير مقابل 16 مليار دولار ].
إذن فما جرى بين السعودية وإسرائيل فى الأسابيع الأخيرة هو نتاج عمليات تمهيد طويلة باركتها الولايات المتحدة الأمريكية وأشرفت عليها، كما أن لفت نظر السعودية - لإمكانية استغلال الضائقة المالية والتدهور الاقتصادى فى مصرومعاناتها من إرهاب فصائل الإسلام السياسى فى سيناء تشكل فرصة نادرة لمقايضتها على الجزيرتين- كان مبادرة إسرائيلية بالأساس؛ وهو ما يعنى من زاوية أخرى فى نفس الوقت أن حماية الجزيرتين ستضطلع بها إسرائيل.
جذور الغرام البدوى بأبناء العم فى تاريخ شبه الجزيرة العربية :
ولأن للهوى والعشق أحكامه من قديم الزمن خصوصا فى المجتمعات الصحراوية فقد أعفتنا " صحيفة الحرس السعودية المعارضة " عناء البحث عن جذر الهوى السعودى بأبناء العم العبرانيين حيث نشرت فى 24 يوليو 1994 نص الوثيقة التاريخية التى تعد التصريح الموثق الأول لذلك الغرام القديم والذى لم يكلف صاحبه التنازل عما يملكه لمحبوبه بل التبرع له بما يملكه غيره ويبصم عليه.
تقول الوثيقة - المكتوبة بخط اليد والمبصومة بخاتم كاتبها- بالحرف : [ أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود .. أقر وأعترف ألف مرة للسير " بيرسى كوكس " مندوب بريطانيا العظمى .. لا مانع عندى من أن أعطى فلسطين للمساكين اليهود.. أو غيرهم .. وكما تراه بريطانيا التى لا أخرج عن رأيها حتى تصبح الساعة .] وفى الحقيقة لا نرى تفسيرا لذلك سوى التعبير المصرى القديم :" القلب وما يعشق ".
حيود السياسة الأمريكية الجديدة عن الشرق الأوسط .. إختراع أوبامى .. أم ميول طبقة..؟ :
تضمن تقرير المنتدى السياسى لمعهد واشنطون عن" عقيدة أوباما وسياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط " المنشور فى 25 إبريل 2016 على موقع " السورية نت " الأفكار التالية :
[ ليست لمنطقة الشرق الأوسط الآن أهمية استراتيجية حيوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، وأنّ أمْن إسرائيل لا يشكل مصدر قلق بالغ الأهمية لواشنطون. كما أن اتفاق إيران ( النووى ) هو من أجل تحقيق الاستقرار فى المنطقة وتقليل التزامات الولايات المتحدة فيها. ]
[ خلال الفترة من 1989 وحتى 2014 أى ما بعد الحرب الباردة .. كانت أوربا وشرق آسيا تشهدان فترة سلام لحد كبير.. الأمر الذى سمح لنا بتخصيص المزيد من الموارد والاهتمام بالشرق الأوسط .. أما الآن فالوضع مغاير.. فالتحديات الاستراتيجية الجديدة تتطلب إيلاء الاهتمام بشرق آسيا وأوربا وأجزاء أخرى من العالم .. مما يتطلب إعادة توزيع الموارد.]
[ داعش هى (التهديد) الرئيسى لنا فى منطقة الشرق الأوسط ؛ لكن إيران هى (الخطر) الرئيسى الذى يهدد مصالحنا .. فإيران .. انتقامية - تسعى للهيمنة الإقليمية - وتبقى مصدر قلق متعلق بالأسلحة النووية .. لذا يجب احتواؤها ويجب أن تكون الهدف الرئيسى لنا فى المنطقة.]
خاتمة :
تدرك الإدارات المتعاقبة للولايات المتحدة الأمريكية جيدا أن المملكة السعودية هى عائلة تتحكم فى دولة فلامسئول فيها من خارج العائلة المالكة ، وهو ما يعنى أنها دولة استبدادية ( لا حريات ولا أحزاب ولا نقابات ، معادية للمرأة وللمخالفين لها فى العقيدة ) شأنها شأن كل الدول الاستبدادية فى العالم، وهى غنية بالنفط الذى مكنها من تركيم الثروات التى تفوز بها العائلة المالكة وحدها بينما بقية الشعب تحصل على الفتات . كما أنها لا تعادى إسرائيل وتنسج علاقات مستترة معها ، ولا تستثمر من مدخراتها داخل الدولة إلا أقل القليل وتحتفظ بالجزء الأعظم منها لدى البنوك الغربية (الأمريكية )، وأن كثيرا من قادة التنظيمات الفاشية والإرهابية فى العالم من مواطنيها.. ولا يستبعد البعض دورها فى أحداث 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية.
يقول "بين رودس" نائب مساعد الرئيس الأمريكى لشئون الأمن القومى عشية زيارة أوباما الأخيرة للمملكة: [ تنظيم القاعدة تأسس بأموال سعودية ، ومن بين مصادر التمويل موظفون فى الحكومة السعودية ] ويستطرد رودس مؤكدا : [ الأموال الأولى التى أنفقت على مشروع تأسيس القاعدة جاءت من السعودية ] ، وصدور ذلك التصريح من مسئول كهذا فى ذلك التوقيت يعنى إصرار الإدارة الأمريكية على وضع النقاط على الحروف بالنسبة لرأيها فى إدارة المملكة.
هذا ونظرا لما يكتنف السياسة الأمريكية من تغيرات لم يعد فيها الشرق الأوسط مركز اهتمامها الأول ، ونظرا لما سببه هجوم 11 سبتمبر2001 الإرهابى - على برجى التجارة والبنتاجون فى نيويورك وواشنطون- من هلع للأمريكيين مواطنين وحكاما.. لم تزل مواجعه وتبعاته حية فى الذاكرة ، ولأن التحقيقات قد أشارت إلى وجود 13 متهما من 19من منفذى الهجوم من مواطنى المملكة السعودية ، واستنادا للضغوط التى يمارسها الشعب الأمريكى وأهالى ضحايا ذلك الهجوم والناجون منه على الإدارة الأمريكية.. لسن قانون يسمح لهم بمقاضاة مرتكبى الهجوم ودولهم . وحيث طالبت بعض الصحف الأمريكية بذلك على مدار السنوات التى انقضت. فقد جن جنون الإدارة السعودية ولوّحت مؤخرا بأنه فى حالة السماح بصدور مثل ذلك القانون ستسحب أرصدتها فى البنوك الأمريكية بما يعنيه ذلك من أزمات مرجحة تصيب الاقتصاد الأمريكى خصوصا واأن الأرصدة السعودية تبلغ 116,8 مليار دولار وذلك بخلاف الاستثمارات الأخرى.. ويأتى هذا الرقم ثالثا بعد رصيدى الصين واليابان فى البنوك الأمريكية.
ورغم التلويح السعودى بسحب الأرصدة أفادت وسائل الإعلام الدولية مؤخرا بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكى على القانون المعنى والمستند إلى مبدأ " العدالة ضد رعاة الإرهاب" ؛ ولا يبقى لإنفاذه سوى توقيع الرئيس أوباما عليه.
ومع ذلك فإن كثيرا من المراقبين والقريبين من الإدارة الأمريكية قد استبعدوا أن يقوم أوباما بالتوقيع .
إن موافقة مجلس الشيوخ على القانون بعد مرور خمسة عشرعاما على الهجوم.. وفى هذه الفترة تحديدا التى تتغير فيها مراكز الثقل والاهتمام فى السياسة الأمريكية بعيدا عن الشرق الأوسط لا يعنى إلا شيئا واحدا هو احتمال صدوره لدى أية بادرة لاتروق الإدارة الأمريكية من المملكة ، بل ويعنى أيضا استخدام القانون القابع فى أدراج مجلس الشيوخ سيفا مسلطا وأداة تهديد يمكن إنفاذها فى دقائق إن لم تنضبط المملكة لجملة المحاذير التى تضعها الإدارة الأمريكية أمامها .
أما عن دورى مصر وإيران فى التطورات الراهنة فى المنطقة .. فله قصة تالية.. نعود إليها لاحقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.