بعد البداية المتواضعة إن لم نقل الضعيفة جدا لفريق الاتحاد الرياضي لطنجة ضمن منافسات البطولة الوطنية الاحترافية لهذه السنة ، تمكن بفضل عوامل مختلفة أبرزها تحمل الإطار المغربي الكفء السيد إدريس المرابط زمام الإدارة التقنية ، من العودة من بعيد ليتسلق سلم سبورة الترتيب ، و ينهي مرحلة الذهاب في المركز الثاني عن جدارة و استحقاق ، الأمر الذي أثار انتباه جل المعنيين بالشأن الرياضي الوطني ، و دفع بالجماهير إلى الحضور المكثف بملعب ابن بطوطة الكبير . فلماذا هذه البداية المتعثرة ؟ لا أحد يشك في قدرة و كفاءة الإطار الوطني السيد بادو الزاكي الذي أسندت إليه مهمة التدريب في مستهل مرحلة الذهاب ، إلا أن العطاء الرياضي للفريق الأزرق تحت إمرته أضحى شبه كارثي نتيجة و أداء ، مما نفر الجمهور من المدرجات ، و ألقى بغيوم الشك و الريبة في سماء ناد لا نريده إلا أن يكون متألقا ، و سواء أكانت أسباب هذه البداية المحتشمة الطريقة " الصارمة " التي ينهجها السيد بادو الزاكي ، أو الخطة غير الموفقة في انتدابات عدد كبير جدا من اللاعبين دون رؤية فنية واضحة المعالم ، فالنتيجة واحدة ؛ تراجع مخيف في المنجز الرياضي الملموس على أرضية الملعب ، و انحدار نحو الخط الأحمر الذي يشير إلى المصير المجهول لا قدر الله . فكيف تبلورت هذه " الريمونتادا الطنجوية " و في وقت وجيز ؟ بعد إقالة المدرب السابق ، أسندت مهمة القيادة الفنية للسيد إدريس المرابط الذي استطاع أن يعثر على التوليفة " السحرية " ، و يعيد الروح إلى عناصر الفريق الشابة ، و يخاطب فيهم نزعة حب الانتصار و الانضباط و الإصرار على النهج القتالي و التمثيلية المخلصة لجماهير تواقة للفرجة و المتعة الرياضية إلى أبعد حدود ، حيث استطاع أشبال " السي ادريس " أن يحصلوا و بشكل مدهش على تسع عشرة نقطة في سبع مقابلات ! فتحية لربان فارس البوغاز و لكل المسؤولين الإداريين و اللاعبين الذين ساهموا في وضع القطار على سكته الحقيقية لإنجاز التفوق المأمول . لكن ما العمل من أجل الحفاظ على الصورة المشرفة التي ظهر بها الاتحاد الرياضي ، و الاستمرار في نهج النجاح و التميز ؟ ليس أمامنا سوى العمل الجماعي المحكم التنظيم ، و القائم على احترام الأدوار و المهام ، و التسلح الفعلي بالذهنية الاحترافية المتعارف عليها دوليا ، إذ على المكتب المسير و نخص بالذكر السيد عبد الحميد أبرشان أن يتواصل في الزمان و المكان المناسبين مع الأطراف المعنية بشأن الفريق من لاعبين و صحفيين و مساعديه على التسيير ، حتى نضع حدا لكل ما من شأنه الإساءة للروح الجماعية التي تخيم على اللاعبين ، و أن يوفر المجال المناسب للطاقم التقني ليشتغل وفق منظوره الفني دون تدخل من أية جهة ، و على اللاعبين أن يدركوا أنهم أنداد حقيقيون للاعبي الفرق الوطنية الرائدة مثل الوداد و الرجاء ، و ربما أفضل ، لكن يجب الحفاظ على التواضع و الاجتهاد المستمر لتحسين الأداء و الحصول على الرسمية ، خاصة و أنهم يمثلون مدينة استثنائية بكل المقاييس . أما الجمهور الطنجوي فهو ليس في حاجة إلى دروس في هذا السياق ، فيكفيه فخرا أنه أعاد الدفء للمدرجات الرياضية الوطنية بمشاهد تشجيعية غير مسبوقة ، إلا أنه يجب الاستمرار في المساندة الحضارية المألوفة دون ضغوط غير سليمة ( فمن الحب ما قتل ) ، و المطلوب الآن هو الأداء المقنع و الممتع ، و ملء جنبات ملعب ابن بطوطة دون تراخ ، فالجماهير الطنجوية الأسطورية هي الرأسمال المادي و المعنوي لفارس البوغاز ، أما الألقاب الوطنية و القارية فإن لم تأت هذه السنة فقد تتحقق في المستقبل القريب ، و كل عام الاتحاد الرياضي لطنجة بألف خير ، و سنة سعيدة لكل المغاربة داخل و خارج أرض الوطن .